«حوار عون» بين «أهل البيت» ويكمل لقاءاته اليوم ليقرر توجيه الدعوات من عدمها

فرنجية يشكك في جدواه إذا كان سيجري ضمن فريق واحد

الرئيس ميشال عون خلال لقائه أمس مع الوزير السابق سليمان فرنجية (الوطنية)
الرئيس ميشال عون خلال لقائه أمس مع الوزير السابق سليمان فرنجية (الوطنية)
TT

«حوار عون» بين «أهل البيت» ويكمل لقاءاته اليوم ليقرر توجيه الدعوات من عدمها

الرئيس ميشال عون خلال لقائه أمس مع الوزير السابق سليمان فرنجية (الوطنية)
الرئيس ميشال عون خلال لقائه أمس مع الوزير السابق سليمان فرنجية (الوطنية)

في اليوم الأول للقاءات الثنائية التي خصصها الرئيس ميشال عون للبحث في الحوار الوطني الشامل الذي أعلن عنه، اتضحت الصورة التي ستكون عليها «طاولة المجتمعين» إذا قرر عون المضي قدما في خطوته بحيث إنها ستقتصر على «أهل البيت» و«الثنائي الشيعي» (حزب الله وحركة أمل) بشكل أساسي، إضافة إلى رئيس الحكومة نجيب ميقاتي بصفته الرسمية.
واستقبل الرئيس عون يوم أمس كلا من رئيس كتلة «حزب الله» محمد رعد الذي أعلن دعم الحزب للحوار، على غرار رئيس «الحزب الديمقراطي اللبناني» النائب طلال أرسلان، فيما رفض رئيس «تيار المردة» سليمان فرنجية المشاركة، معتبرا أن الحوار يجب أن يكون بين فريقين برأيين مختلفين، ولا فائدة بأن يكون ضمن فريق واحد، وذلك بعدما سبق لكل من رئيس «تيار المستقبل» رئيس الحكومة السابق سعد الحريري ورئيس «حزب القوات اللبنانية» سمير جعجع رفض تلبية الدعوة، فيما اعتذر رئيس «الحزب الديمقراطي» وليد جنبلاط عن اللقاء الثنائي لأسباب صحية، وهو الأمر الذي سينسحب على المشاركة في طاولة الحوار، بحسب ما قالت مصادر «الاشتراكي» لـ«الشرق الأوسط»، سائلة «ما هي فائدة الحوار في هذه المرحلة؟ وهل سيتم التوصل إلى قرارات بشأن الاستراتيجية الدفاعية واللامركزية الإدارية؟ في حين أن خطة التعافي تحتاج إلى انعقاد جلسات الحكومة التي تبقى الأولوية لها في هذه المرحلة بدل عقد جلسات لا فائدة منها».
وفي هذا الإطار، كتب النائب في «الاشتراكي» أكرم شهيب على حسابه على «تويتر» قائلا: «أولوية الناس مواجهة الانهيار بفك أسر الحكومة أولاً لإطلاق عملها وممارسة دورها في وقف مسار الانحدار وتأمين مستلزمات صمود المواطنين»، وأضاف «إلى دعاة الحوار من أجل غاية في نفس يعقوب وإلى المتحمسين للحوار من أجل الحوار نقول... تأخرتم».
وفي بيان لها قالت رئاسة الجمهورية إن الرئيس عون لقاءاته مع القيادات ورؤساء الكتل النيابية، والتي كان بدأها مع رئيس مجلس الوزراء نجيب ميقاتي يوم الجمعة الفائت، والهادفة إلى التحضير لانعقاد مؤتمر الحوار الوطني، على أن يستكمل اليوم لقاءاته مع وفد «اللقاء التشاوري» (النواب السنة من المحسوبين على «حزب الله»)، ووفد «الحزب القومي الاجتماعي»، وكتلة «نواب الأرمن»، ووفد تكتل «لبنان القوي»، علما بأن المعلومات تشير إلى تأييد كل هذه الأفرقاء، أي «الوطني الحر» ومن يتحالفون معه، للحوار. وتقول مصادر مقربة من الرئاسة لـ«الشرق الأوسط» إنه بعد انتهاء الرئيس من لقاءاته «سيتخذ القرار بشأن الدعوة التي على كل طرف أن يتحمل مسؤولية موقفه تجاهها».
وتحدث النائب محمد رعد بعد اللقاء مع الرئيس عون، وقال إنه تم البحث مع الرئيس عون في الدعوة إلى الحوار الوطني التي أطلقها، وأطلعهم على بنود المقترحة للحوار، معلنا أنه «كان موقفنا مؤيداً لهذه الدعوة، وموافقاً على مشاركتنا في الحوار الوطني المقترح، وأكدنا أن البلد في زمن الشدة والضيق، هو أحوج إلى عدم الانقطاع عن الحوار. أما في زمن الرخاء، فالدعوة إلى الحوار تكون دعوة عادية وضرورية، وفي زمن الضيق والشدة والضغط والمزايدات، عدم الانقطاع عن الحوار هو أكثر من ضرورة»، وتوجه رعد إلى الشركاء في الوطن، داعيا إياهم إلى «التحلي بالعقل والحكمة والتخلي عن المزايدات، لأن هذا البلد هو بلدنا ونحن معنيون بالحفاظ عليه وعدم أخذه إلى الهاوية، ومن يعمره بعد الهاوية هو نحن وليس أي أحد غيرنا، وكل غيرنا سيبقى خارج البلد، ونبقى نحن فقط، آسياد هذا البلد».
من جهته قال النائب أرسلان: «الوضع في البلد لا نحسد عليه، وهو مأزوم والناس تعيش في أوضاع صعبة جداً، وما يحصل هو جريمة موصوفة بحق اللبنانيين جميعاً. إن الترهل الاقتصادي والمالي وفقدان السيطرة على الدولار بهذا الشكل، يحتم على الجميع تحمل مسؤولياتهم بشكل أدق وأوسع ومسؤول. الفوضى العارمة في المؤسسات الدستورية، أفقدت الناس ثقتها بهذه المؤسسات، وهذا أمر خطير ويحمل انعكاسات سلبية على مسار البلد ووحدته».
وأضاف «هناك ثوابت اقتصادية ومالية مرتبطة بلقمة عيش الناس الكريمة لا يجب أن تتعلق بمواقف وتجاذبات سياسية لا يدفع ثمنها إلا المواطن»، مؤكدا «أن الاستمرار بهذا الشكل السوداوي يهدد أمن البلد الاجتماعي بشكل أساسي. انطلاقاً من هذه الثوابت، فإن الحوار يجب أن يكون قائماً بشكل دائم، ومن غير المبرر لأحد رفض مبدأ الحوار». وقال: «نحن سنشارك إذا تمت الدعوة إلى الحوار، وأتمنى على الجميع ترك المواقف السياسية خارج إطار الطاولة، والحديث جدياً لإيجاد حلول للمشاكل المالية والاجتماعية التي يعاني منها المواطن».
في المقابل، وعلى خلاف المعترضين على الحوار الذين قاطعوا اللقاءات الثنائية على غرار الحريري وجعجع، حضر رئيس «المردة» سليمان فرنجية إلى القصر الرئاسي، لكنه أعلن رفضه المشاركة في الحوار.
وقال بعد اللقاء: «لبينا دعوة فخامة الرئيس الشخصية للقاء، ومنذ اليوم الأول لانتخابه سبق أن قلنا إنه عندما يدعونا فخامة الرئيس للقاء، فنحن جاهزون، وأبلغته بأننا سنبقى على هذا المبدأ حتى اليوم الأخير من عهده، كي نعطي رأينا وإذا أراد الأخذ به أو سماعه فهذا يعود إليه. ولكن ليس هناك موقف شخصي مع فخامته، لا بل نلتقي معاً في الموضوع الاستراتيجي».
وأضاف «أما في موضوع الحوار، فهو يجب أن يكون بين فريقين برأيين مختلفين، أما أن يكون ضمن فريق واحد، فلا فائدة من الحوار للشكل فقط. لذلك، تمنينا لهم التوفيق، وأي قرار يتخذه هذا الفريق الذي ندعمه، سنؤيده من دون تردد لعلمنا أنهم لن يتفقوا على أمر نعارضه، ولكن أن نحضر من أجل الحضور فقط فلا فائدة من ذلك. وبالتالي لن نشارك في الحوار».
وفي رد على سؤال عما إذا كان هناك مسعى من «حزب الله» للمصالحة بينه وبين التيار الوطني الحر تمهيداً لتحالف انتخابي، أجاب فرنجية «(حزب الله) لا يعمل إلا للخير بيننا وبين التيار الوطني الحر، ولكن لكل رأيه»، وسأل «لكن يجب معرفة ما إذا كان الوزير جبران باسيل يرضى بأن يتحالف مع الفاسدين»، في إشارة إلى اتهام «الوطني الحر» تيار فرنجية بالفساد. ورفض القول بأن هذا المسعى هو تمهيد له لرئاسة الجمهورية قائلا: «لو كان الأمر صحيحاً لكنت عملت على إرضاء فخامة الرئيس. ولكن أنا قلت قناعتي».



نزيف بشري للجماعة الحوثية رغم توقف المعارك

مقبرة أنشأتها الجماعة الحوثية لقتلاها في صنعاء (أ.ف.ب)
مقبرة أنشأتها الجماعة الحوثية لقتلاها في صنعاء (أ.ف.ب)
TT

نزيف بشري للجماعة الحوثية رغم توقف المعارك

مقبرة أنشأتها الجماعة الحوثية لقتلاها في صنعاء (أ.ف.ب)
مقبرة أنشأتها الجماعة الحوثية لقتلاها في صنعاء (أ.ف.ب)

شيّعت الجماعة الحوثية خلال الأسبوع الماضي أكثر من 15 قتيلاً من قيادييها العسكريين والأمنيين من دون إعلان ملابسات سقوطهم. ورغم توقف المعارك العسكرية مع القوات الحكومية اليمنية في مختلف الجبهات؛ فإن النزيف البشري المستمر لقياداتها وعناصرها يثير التساؤلات عن أسبابه، بالتزامن مع مقتل العديد من القادة في خلافات شخصية واعتداءات على السكان.

ولقي قيادي بارز في صفوف الجماعة مصرعه، الأحد، في محافظة الجوف شمال شرقي العاصمة صنعاء في كمين نصبه مسلحون محليون انتقاماً لمقتل أحد أقاربهم، وذلك بعد أيام من مقتل قيادي آخر في صنعاء الخاضعة لسيطرة الجماعة، في خلاف قضائي.

وذكرت مصادر قبلية في محافظة الجوف أن القيادي الحوثي البارز المُكنى أبو كمال الجبلي لقي مصرعه على يد أحد المسلحين القبليين، ثأراً لمقتل أحد أقاربه الذي قُتل في عملية مداهمة على أحد أحياء قبيلة آل نوف، التي ينتمي إليها المسلح، نفذها القيادي الحوثي منذ أشهر، بغرض إجبار الأهالي على دفع إتاوات.

من فعالية تشييع أحد قتلى الجماعة الحوثية في محافظة حجة دون الإعلان عن سبب مقتله (إعلام حوثي)

ويتهم سكان الجوف القيادي القتيل بممارسات خطيرة نتج عنها مقتل عدد من أهالي المحافظة والمسافرين وسائقي الشاحنات في طرقاتها الصحراوية واختطاف وتعذيب العديد منهم، حيث يتهمونه بأنه كان «يقود مسلحين تابعين للجماعة لمزاولة أعمال فرض الجبايات على المركبات المقبلة من المحافظات التي تسيطر عليها الحكومة، وتضمنت ممارساته الاختطاف والتعذيب والابتزاز وطلب الفدية من أقارب المختطفين أو جهات أعمالهم».

وتقول المصادر إن الجبلي كان يعدّ مطلوباً من القوات الحكومية اليمنية نتيجة ممارساته، في حين كانت عدة قبائل تتوعد بالانتقام منه لما تسبب فيه من تضييق عليها.

وشهدت محافظة الجوف مطلع هذا الشهر اغتيال قيادي في الجماعة، يُكنى أبو علي، مع أحد مرافقيه، في سوق شعبي بعد هجوم مسلحين قبليين عليه، انتقاماً لأحد أقاربهم الذي قُتِل قبل ذلك في حادثة يُتهم أبو علي بالوقوف خلفها.

في الآونة الأخيرة تتجنب الجماعة الحوثية نشر صور فعاليات تشييع قتلاها في العاصمة صنعاء (إعلام حوثي)

وتلفت مصادر محلية في المحافظة إلى أن المسلحين الذين اغتالوا أبو علي يوالون الجماعة الحوثية التي لم تتخذ إجراءات بحقهم، مرجحة أن تكون عملية الاغتيال جزءاً من أعمال تصفية الحسابات داخلياً.

قتل داخل السجن

وفي العاصمة صنعاء التي تسيطر عليها الجماعة الحوثية منذ أكثر من 10 سنوات، كشفت مصادر محلية مطلعة عن مقتل القيادي الحوثي البارز عبد الله الحسني، داخل أحد السجون التابعة للجماعة على يد أحد السكان المسلحين الذي اقتحم السجن الذي يديره الحسني بعد خلاف معه.

وتشير المصادر إلى أن الحسني استغل نفوذه للإفراج عن سجين كان محتجزاً على ذمة خلاف ينظره قضاة حوثيون، مع المتهم بقتل الحسني بعد مشادة بينهما إثر الإفراج عن السجين.

وكان الحسني يشغل منصب مساعد قائد ما يسمى بـ«الأمن المركزي» التابع للجماعة الحوثية التي ألقت القبض على قاتله، ويرجح أن تجري معاقبته قريباً.

وأعلنت الجماعة، السبت الماضي، تشييع سبعة من قياداتها دفعة واحدة، إلى جانب ثمانية آخرين جرى تشييعهم في أيام متفرقة خلال أسبوع، وقالت إنهم جميعاً قتلوا خلال اشتباكات مسلحة مع القوات الحكومية، دون الإشارة إلى أماكن مقتلهم، وتجنبت نشر صور لفعاليات التشييع الجماعية.

جانب من سور أكبر المستشفيات في العاصمة صنعاء وقد حولته الجماعة الحوثية معرضاً لصور قتلاها (الشرق الأوسط)

ويزيد عدد القادة الذين أعلنت الجماعة الحوثية عن تشييعهم خلال الشهر الجاري عن 25 قيادياً، في الوقت الذي تشهد مختلف جبهات المواجهة بينها وبين القوات الحكومية هدوءاً مستمراً منذ أكثر من عامين ونصف.

ورعت الأمم المتحدة هدنة بين الطرفين في أبريل (نيسان) من العام قبل الماضي، ورغم أنها انتهت بعد ستة أشهر بسبب رفض الجماعة الحوثية تمديدها؛ فإن الهدوء استمر في مختلف مناطق التماس طوال الأشهر الماضية، سوى بعض الاشتباكات المحدودة على فترات متقطعة دون حدوث أي تقدم لطرف على حساب الآخر.

قتلى بلا حرب

وأقدمت الجماعة الحوثية، أخيراً، على تحويل جدران سور مستشفى الثورة العام بصنعاء، وهو أكبر مستشفيات البلاد، إلى معرض لصور قتلاها في الحرب، ومنعت المرور من جوار السور للحفاظ على الصور من الطمس، في إجراء أثار حفيظة وتذمر السكان.

وتسبب المعرض في التضييق على مرور المشاة والسيارات، وحدوث زحام غير معتاد بجوار المستشفى، ويشكو المرضى من صعوبة وصولهم إلى المستشفى منذ افتتاح المعرض.

ويتوقع مراقبون لأحوال الجماعة الحوثية أن يكون هذا العدد الكبير من القيادات التي يجري تشييعها راجعاً إلى عدة عوامل، منها مقتل عدد منهم في أعمال الجباية وفرض النفوذ داخل مناطق سيطرة الجماعة، حيث يضطر العديد من السكان إلى مواجهة تلك الأعمال بالسلاح، ولا يكاد يمرّ أسبوع دون حدوث مثل هذه المواجهات.

ترجيحات سقوط عدد كبير من القادة الحوثيين بغارات الطيران الأميركي والبريطاني (رويترز)

ويرجح أن يكون عدد من هؤلاء القادة سقطوا بقصف الطيران الحربي للولايات المتحدة الأميركية وبريطانيا اللتين شكلتا منذ قرابة عام تحالفاً عسكرياً للرد على استهداف الجماعة الحوثية للسفن التجارية وطرق الملاحة في البحر الأحمر، وتنفذان منذ ذلك الحين غارات جوية متقطعة على مواقع الجماعة.

كما تذهب بعض الترجيحات إلى تصاعد أعمال تصفية الحسابات ضمن صراع وتنافس الأجنحة الحوثية على النفوذ والثروات المنهوبة والفساد، خصوصاً مع توقف المعارك العسكرية، ما يغري عدداً كبيراً من القيادات العسكرية الميدانية بالالتفات إلى ممارسات نظيرتها داخل مناطق السيطرة والمكاسب الشخصية التي تحققها من خلال سيطرتها على أجهزة ومؤسسات الدولة.

وبدأت الجماعة الحوثية خلال الأسابيع الماضية إجراءات دمج وتقليص عدد من مؤسسات وأجهزة الدولة الخاضعة لسيطرتها، في مساعِ لمزيد من النفوذ والسيطرة عليها، والتخفيف من التزاماتها تجاه السكان بحسب المراقبين.