المهرجان السعودي للتصميم يضع الرياض في طليعة المشهد الإبداعي العالمي

جانب من المهرجان السعودي للتصميم (الشرق الأوسط)
جانب من المهرجان السعودي للتصميم (الشرق الأوسط)
TT

المهرجان السعودي للتصميم يضع الرياض في طليعة المشهد الإبداعي العالمي

جانب من المهرجان السعودي للتصميم (الشرق الأوسط)
جانب من المهرجان السعودي للتصميم (الشرق الأوسط)

أطلق المهرجان السعودي للتصميم فعالياته، وفتح أبوابه للجمهور والزوار، لاكتشاف مساحة فنية وإبداعية تجمع المُهتمين للتعلم والاستكشاف والاحتفاء بما يخص التصميم، وإعادة تصور المستقبل، والتواصل لخلق مساحة خاصة بالسعودية لتكون جزءاً من الثقافة العالمية والخريطة الإبداعية، وخلق منصة ترعى الحوار، وتزود المواهب المحلية بالفرص، وتعزز المساهمة في التنمية الاجتماعية والوطنية.
مهرجان التصميم هو الأول من نوعه في الشرق الأوسط، وتنظمه هيئة فنون العمارة والتصميم، في منطقة جاكس في الدرعية، تحت شعار «تواصل - ابتكار - تعاون» في الفترة من 9 وحتى 29 من يناير (كانون الثاني) الحالي، ليضع العاصمة السعودية في قلب الحوارات الإبداعية للعالم، من خلال التركيز على القوة التحويلية للتصميم، ويضع نواة لصناعة التاريخ الثقافي الإبداعي في المملكة.
ويضم المهرجان مجموعة من المعارض، التي تقدم عدداً من منتجاتها التي تطرح تجارب مبتكرة في التصميم، من أبرزها القسم الخاص بهيئة فنون العمارة والتصميم، ويعرض في جنباته أبرز برامج ومبادرات الهيئة الاستراتيجية، التي تسعى إلى دعم التميز في قطاع العمارة والتصميم ليعكس الثقافة المحلية، وتمكين المواهب الوطنية، للارتقاء بجودة الحياة، وجعل السعودية في طليعة المشهد الإبداعي العالمي.
وتتمثل مشاركة «معهد مسك للفنون» في عرض جماليات الثقافة البصرية المعاصرة من أنحاء العالم العربي، والتعريف بأفضل مائة ملصق عربي، وهي نتائج المسابقة التي تنظم كل عامين وانطلقت من الجامعة الألمانية بالقاهرة، ويسافر معرض الملصقات إلى مختلف البلدان العربية وخارجها، ويشارك الآن من خلال المهرجان السعودي للتصميم، سعياً لتعزيز مكانة الملصق كوسيلة للتواصل في الأماكن العامة، وإثارة المناقشات حول دور الملصق وتكوينه ومحتواه وتقنيات تنفيذه.
كما يشارك مركز الملك عبد العزيز الثقافي العالمي (إثراء)، من خلال مجسم «فسيلة»، احتفاءً من المركز بالإرث الثقافي والجمالي للنخيل من خلال إعادة تعريف جذع النخلة وفسائلها، ويتكون جناح «إثراء» من مجموعة وحدات مستقاة من سعف النخيل، وحين يشع نور الشمس على الجناح، فإنه يترك انطباعاً بصرياً كما لو كان الضوء يمر من خلال سعف النخيل.
ويوفر المهرجان كمنصة للمواهب المحلية والتعاون الإبداعي، فضاءات للقاء المهتمين بمجال التصميم في مختلف قطاعاته، يستثمرون فرصة لقائهم في مكان واحد، لإثراء تجاربهم وخبراتهم، وخلق مساحة حرة من النقاش الثري والمنتج، بالإضافة إلى ورش العمل التي تلقي الضوء على عدد من الموضوعات المتصلة بمحور المهرجان، طوال 21 يوماً.
وينظم المهرجان خلال أيامه، الأسبوع السعودي للتصميم (أفانين)، ويجمع 20 ماركة وعلامة تمثل الثقافة المحلية بطريقة عصرية جميلة تحت سقف واحد، وترمز كلمة «أفانين» إلى غصون متشابكة، التي تمثل جهود الماركات والمبادرات في عالم التصميم التي تقدم الثقافة بطريقة معاصرة، وصممت مساحة العرض لـ«أفانين» لتقدم تجربة فريدة من نوعها تقود الزائر في رحلة معاصرة في عالم الهوية المحلية.
كما يقام على هامش المهرجان، منتدى التصميم الذي يضم قادة الفكر المحليين والدوليين، ومشاريع بقيادة سفراء التصميم السعوديين، إضافة إلى إقامة سوق التصميم للمؤسسات المتوسطة والصغيرة والعلامات التجارية الفريدة من نوعها، فضلاً عن تركيبات التصميم الوظيفي، وورش عمل حية وبرامج مميزة للأطفال، بما يكفل إثراء زيارة الحضور من مختلف الفئات العمرية وتحسين معارفهم في هذا المجال الثقافي الإبداعي المميز.
ومن المقرر أن تعلن، بتاريخ 27 يناير، نتائج النسخة الأولى لجائزة «العلا للتصميم»، التي تمنح لأعمال التصاميم الاستثنائية المستوحاة من التراث والمناظر الطبيعية والموروثات الفنية والثقافية لمنطقة العلا شمال غربي السعودية.



ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
TT

ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)

ستيف بركات عازف بيانو كندي من أصل لبناني، ينتج ويغنّي ويلحّن. لفحه حنين للجذور جرّه إلى إصدار مقطوعة «أرض الأجداد» (Motherland) أخيراً. فهو اكتشف لبنان في وقت لاحق من حياته، وينسب حبّه له إلى «خيارات مدروسة وواعية» متجذرة في رحلته. من اكتسابه فهماً متيناً لهويته وتعبيره عن الامتنان لما منحه إياه الإرث من عمق يتردّد صداه كل يوم، تحاوره «الشرق الأوسط» في أصله الإنساني المنساب على النوتة، وما أضفاه إحساسه الدفين بالصلة مع أسلافه من فرادة فنية.
غرست عائلته في داخله مجموعة قيم غنية استقتها من جذورها، رغم أنه مولود في كندا: «شكلت هذه القيم جزءاً من حياتي منذ الطفولة، ولو لم أدركها بوعي في سنّ مبكرة. خلال زيارتي الأولى إلى لبنان في عام 2008. شعرتُ بلهفة الانتماء وبمدى ارتباطي بجذوري. عندها أدركتُ تماماً أنّ جوانب عدة من شخصيتي تأثرت بأصولي اللبنانية».
بين كوبنهاغن وسيول وبلغراد، وصولاً إلى قاعة «كارنيغي» الشهيرة في نيويورك التي قدّم فيها حفلاً للمرة الأولى، يخوض ستيف بركات جولة عالمية طوال العام الحالي، تشمل أيضاً إسبانيا والصين والبرتغال وكوريا الجنوبية واليابان... يتحدث عن «طبيعة الأداء الفردي (Solo) التي تتيح حرية التكيّف مع كل حفل موسيقي وتشكيله بخصوصية. فالجولات تفسح المجال للتواصل مع أشخاص من ثقافات متنوعة والغوص في حضارة البلدان المضيفة وتعلّم إدراك جوهرها، مما يؤثر في المقاربة الموسيقية والفلسفية لكل أمسية».
يتوقف عند ما يمثله العزف على آلات البيانو المختلفة في قاعات العالم من تحدٍ مثير: «أكرّس اهتماماً كبيراً لأن تلائم طريقة عزفي ضمانَ أفضل تجربة فنية ممكنة للجمهور. للقدرة على التكيّف والاستجابة ضمن البيئات المتنوّعة دور حيوي في إنشاء تجربة موسيقية خاصة لا تُنسى. إنني ممتنّ لخيار الجمهور حضور حفلاتي، وهذا امتياز حقيقي لكل فنان. فهم يمنحونني بعضاً من وقتهم الثمين رغم تعدّد ملاهي الحياة».
كيف يستعد ستيف بركات لحفلاته؟ هل يقسو عليه القلق ويصيبه التوتر بإرباك؟ يجيب: «أولويتي هي أن يشعر الحاضر باحتضان دافئ ضمن العالم الموسيقي الذي أقدّمه. أسعى إلى خلق جو تفاعلي بحيث لا يكون مجرد متفرج بل ضيف عزيز. بالإضافة إلى الجانب الموسيقي، أعمل بحرص على تنمية الشعور بالصداقة الحميمة بين الفنان والمتلقي. يستحق الناس أن يلمسوا إحساساً حقيقياً بالضيافة والاستقبال». ويعلّق أهمية على إدارة مستويات التوتّر لديه وضمان الحصول على قسط كافٍ من الراحة: «أراعي ضرورة أن أكون مستعداً تماماً ولائقاً بدنياً من أجل المسرح. في النهاية، الحفلات الموسيقية هي تجارب تتطلب مجهوداً جسدياً وعاطفياً لا تكتمل من دونه».
عزف أناشيد نالت مكانة، منها نشيد «اليونيسف» الذي أُطلق من محطة الفضاء الدولية عام 2009 ونال جائزة. ولأنه ملحّن، يتمسّك بالقوة الهائلة للموسيقى لغة عالمية تنقل الرسائل والقيم. لذا حظيت مسيرته بفرص إنشاء مشروعات موسيقية لعلامات تجارية ومؤسسات ومدن؛ ومعاينة تأثير الموسيقى في محاكاة الجمهور على مستوى عاطفي عميق. يصف تأليف نشيد «اليونيسف» بـ«النقطة البارزة في رحلتي»، ويتابع: «التجربة عزّزت رغبتي في التفاني والاستفادة من الموسيقى وسيلة للتواصل ومتابعة الطريق».
تبلغ شراكته مع «يونيفرسال ميوزيك مينا» أوجها بنجاحات وأرقام مشاهدة عالية. هل يؤمن بركات بأن النجاح وليد تربة صالحة مكوّنة من جميع عناصرها، وأنّ الفنان لا يحلّق وحده؟ برأيه: «يمتد جوهر الموسيقى إلى ما وراء الألحان والتناغم، ليكمن في القدرة على تكوين روابط. فالنغمات تمتلك طاقة مذهلة تقرّب الثقافات وتوحّد البشر». ويدرك أيضاً أنّ تنفيذ المشاريع والمشاركة فيها قد يكونان بمثابة وسيلة قوية لتعزيز الروابط السلمية بين الأفراد والدول: «فالثقة والاهتمام الحقيقي بمصالح الآخرين يشكلان أسس العلاقات الدائمة، كما يوفر الانخراط في مشاريع تعاونية خطوات نحو عالم أفضل يسود فيه الانسجام والتفاهم».
بحماسة أطفال عشية الأعياد، يكشف عن حضوره إلى المنطقة العربية خلال نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل: «يسعدني الوجود في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا كجزء من جولة (Néoréalité) العالمية. إنني في مرحلة وضع اللمسات الأخيرة على التفاصيل والتواريخ لنعلن عنها قريباً. تملؤني غبطة تقديم موسيقاي في هذا الحيّز النابض بالحياة والغني ثقافياً، وأتحرّق شوقاً لمشاركة شغفي وفني مع ناسه وإقامة روابط قوامها لغة الموسيقى العالمية».
منذ إطلاق ألبومه «أرض الأجداد»، وهو يراقب جمهوراً متنوعاً من الشرق الأوسط يتفاعل مع فنه. ومن ملاحظته تزايُد الاهتمام العربي بالبيانو وتعلّق المواهب به في رحلاتهم الموسيقية، يُراكم بركات إلهاماً يقوده نحو الامتنان لـ«إتاحة الفرصة لي للمساهمة في المشهد الموسيقي المزدهر في الشرق الأوسط وخارجه».
تشغله هالة الثقافات والتجارب، وهو يجلس أمام 88 مفتاحاً بالأبيض والأسود على المسارح: «إنها تولّد إحساساً بالعودة إلى الوطن، مما يوفر ألفة مريحة تسمح لي بتكثيف مشاعري والتواصل بعمق مع الموسيقى التي أهديها إلى العالم».