خيمة احتجاج ضد إزالة مقبرة القسام في حيفا

المحتجون أعلنوا أنهم لن يبرحوا المكان إلا إذا تخلت الحكومة عن مخططها

خيمة الاعتصام في مقبرة القسام في حيفا الشهر الماضي (صفحة حراك حيفا)
خيمة الاعتصام في مقبرة القسام في حيفا الشهر الماضي (صفحة حراك حيفا)
TT

خيمة احتجاج ضد إزالة مقبرة القسام في حيفا

خيمة الاعتصام في مقبرة القسام في حيفا الشهر الماضي (صفحة حراك حيفا)
خيمة الاعتصام في مقبرة القسام في حيفا الشهر الماضي (صفحة حراك حيفا)

بمبادرة من لجنة المتابعة العليا للقيادات العربية في إسرائيل (فلسطينيي 48)، أقيمت خيمة احتجاج تعمل على مدار الساعة لمواجهة خطة إزالة المقبرة الإسلامية في قرية بلد الشيخ، غرب حيفا، والتي تسمى أيضاً «مقبرة القسام»، كونها تضم ضريح الشيخ عز الدين القسام، قائد الثورة الفلسطينية ضد الانتداب البريطاني (1936 - 1939).
جاء هذا الاحتجاج، في أعقاب قرار السلطات الإسرائيلية إقامة مشروع تجاري على أرض المقبرة من دون احترام لمئات القبور فيها. ويقول يواف حيفاوي، أحد الناشطين اليهود المتضامنين ضد المشروع: «عندما يموت شخص من المعتاد أن يتمنوا له (أن يرقد في قبره بسلام)، إلا أن الموتى المدفونين في مقبرة بلد الشيخ، يتعرضون للملاحقة من قبل دولة إسرائيل منذ قيامها».
يعود تاريخ هذه المقبرة إلى بداية القرن العشرين، حيث برزت حيفا مدينة صناعية ذات ميناء مزدهر وخطوط سكك حديدية امتدت حتى عمان ودمشق، وكانت مركزاً للعديد من الأحزاب الفلسطينية، مثل عصبة التحرر الوطني وحزب الاستقلال، ومقراً للنقابات العمالية ومنبراً للحياة الثقافية والأدب والشعر والصحف. ومن الشخصيات الرئيسية في ذلك الوقت رجل الدين الشيخ عز الدين القسام، إمام مسجد الاستقلال. وفي ثلاثينات القرن الماضي، تم تخصيص مساحة 44 دونماً في بلد الشيخ لإنشاء مقبرة إسلامية جديدة، لسكان حيفا وقرى المنطقة.
في عام 1936 أعلن الإضراب عن العمل وإطلاق ثورة على الانتداب البريطاني، بسبب تحيزه للصهيونية، وحاول القسام قيادة ثورة مسلحة للسكان الفلسطينيين ضد سلطات الاحتلال البريطاني وضد الهجرة الصهيونية. وقُتل القسام واثنان من شركائه في التمرد، في معركة مع الجيش البريطاني، ودُفنوا في المقبرة الجديدة في بلد الشيخ، كما دُفن فيها مقاتلون استشهدوا خلال المعارك ضد السيطرة البريطانية في 1936 - 1939، فضلاً عن ضحايا أعمال القمع والعقاب الجماعي، وضحايا المجازر التي ارتُكبت في الفترة التي سبقت نكبة 1948، على يد عناصر (التنظيمات الصهيونية) الهاغانا والإتسل وليحي.
وبعد النكبة، ومنذ أن قامت إسرائيل، وهي تحاول الاستيلاء على المقبرة، بواسطة قوانين جائرة، تم سنها خصيصاً لمنع الفلسطينيين من الوصول إليها وإحياء ذكرى الشهداء المدفونين فيها. وفي عام 1954، صدر أمر مصادرة قسم من المقبرة (15 دونماً من أصل 44)، وقعه ليفي أشكول، وزير المالية آنذاك، والذي ينص على أنه بما أن مناطق المقابر «لم تكن في حوزة أصحابها» في 1 أبريل (نيسان) 1952، لأنه «تم تخصيصها للاستيطان والتنمية الضرورية»، فقد تقرر نقلها إلى أملاك «سلطة التطوير».
وقد كانت احتياجات الاستيطان والتنمية المذكورة في القرار، ذرائع لنزع الملكية، ضرورية للغاية لدرجة أنه حتى يومنا هذا، بعد ما يقرب من 70 عاماً، لا تزال الأرض المصادرة كما هي. والأهم منذ ذلك أنها أرض وقفية، لا يجوز لأحد التصرف فيها.
في عام 2014 رفعت شركة «كيرور أحزاكوت» دعوى مدنية في محكمة «كرايوت» ضد أمناء وقف الاستقلال، وطلبت الشركة من المحكمة التحديد بعدم وجود قبور في الأرض التي تدعي ملكيتها. وبدلاً من ذلك، طلبت إلزام أمناء الوقف بإخلاء القبور إن وجدت. أثار الطلب احتجاجاً عاماً مستمراً، وحضر مئات الأهالي إلى المحكمة، فملأوا القاعة، ونُظمت مظاهرات ووقفات احتجاجية حول المبنى، وحكم القاضي شلومو أردمان بوجود قبور في الأرض ينبغي صيانتها، ورفض إخلاءها، وتقدمت عائلات المدفونين بالتماس إلى المحكمة العليا لإعادة الاعتراف بالمقبرة بأكملها. وخلال جلسة الاستماع الأولية، اقترح قضاة المحكمة العليا على المدعين، إلغاء التماسهم، مهددين بقرار حكم ستكون له عواقب وخيمة عليهم.
ومع تزايد الأخبار عن خطط جديدة للبناء التجاري على أرض المقبرة وعن مبادر جديد دخل الصورة، أطلقت لجنة أمناء الوقف، بالتعاون مع أهالي المدفونين وتحت رعاية لجنة المتابعة العليا، خيمة احتجاجية على أرض المقبرة، وأعلنوا أنهم لن يبرحوا المكان، إلا إذا تخلت الحكومة عن مخططها واعترفت بالمقبرة.



سكان في غرب اليمن يكابدون للحصول على المياه النظيفة

انخفاض خصوبة التربة وزيادة الملوحة في اليمن أدى إلى تهديد الزراعة (الأمم المتحدة)
انخفاض خصوبة التربة وزيادة الملوحة في اليمن أدى إلى تهديد الزراعة (الأمم المتحدة)
TT

سكان في غرب اليمن يكابدون للحصول على المياه النظيفة

انخفاض خصوبة التربة وزيادة الملوحة في اليمن أدى إلى تهديد الزراعة (الأمم المتحدة)
انخفاض خصوبة التربة وزيادة الملوحة في اليمن أدى إلى تهديد الزراعة (الأمم المتحدة)

مع دخول الحرب التي أشعلها الحوثيون عامها العاشر، لا يزال ملايين من النازحين يعانون جراء غياب الخدمات ويعيشون في تجمعات تفتقر لأبسط مقومات الحياة، حيث تشكل أزمة المياه النظيفة في مناطق الساحل الغربي لليمن واحدة من صور المعاناة التي يعيشها النازحون بسبب الحرب.

يقول حسن، وهو أب لأربعة أطفال وصل إلى منطقة «يختل» قبل خمس سنوات، إنهم يسيرون لساعات من أجل جلب بضعة صفائح من الماء، وفي بعض الأيام، يعود وأطفاله خالي الوفاض، حيث يبدو أن المياه تفرّ بعيداً عن متناول اليد.

الصراع من أجل المياه في اليمن تفاقم بسبب سنوات الحرب (الأمم المتحدة)

ولأن الحرب أجبرت أكثر من 4.5 مليون يمني على ترك منازلهم، فقد لجأ الكثير منهم إلى قرى ريفية مثل «يختل» القريبة من ميناء المخا على ساحل البحر الأحمر، ومع وصول المزيد من الأسر النازحة، وغالباً لا يحملون سوى الملابس على ظهورهم، زاد الضغط على الموارد الشحيحة بالفعل.

وفي ظل هذه الظروف، يتنافس السكان المتزايدون على الوصول إلى المياه والمأوى والخدمات الأساسية؛ مما يؤدي إلى تفاقم التحديات التي يواجهها كل من النازحين والسكان المحليين. كما أدى انخفاض خصوبة التربة وزيادة ملوحة مصادر المياه وارتفاع مستويات سطح البحر إلى تهديد الزراعة على طول الساحل الغربي، خصوصاً في هذه المنطقة.

لهذا؛ يجد سكان المنطقة، الذين اعتمدوا في السابق على الزراعة على نطاق صغير لإعالة أسرهم، أنه من المستحيل تقريباً زراعة المحاصيل أو إطعام مواشيهم، حيث أصبح المناخ معادياً بشكل متزايد لأساليب الزراعة التقليدية.

كما أن صيد الأسماك على نطاق صغير، الذي كان أيضاً شريان حياة للاقتصاد المحلي، في انحدار. ومع فشل المحاصيل وتناقص مخزون الأسماك، أصبح لدى السكان خيارات أقل.

مهمة صعبة

يقرّ محمد علي، وهو أحد سكان «يختل» بالصعوبة، حيث يستيقظ كل يوم قبل الفجر للبحث عن الماء، وهي مهمة تستهلك صباحاته وتستنزف طاقته، كما أن رحلاته اليومية إلى نقاط المياه المشتركة محفوفة بعدم اليقين، هل سيجد ما يكفي من المياه لأسرته أم لا.

وفق المنظمة الدولية للهجرة، تفاقم الصراع من أجل المياه بسبب سنوات الحرب التي دمَّرت البنية الأساسية التي كانت ذات يوم حيوية للبقاء؛ لأن نظام المياه، الذي تم بناؤه في الأصل لخدمة 200 منزل، أصبح الآن ممتداً إلى ما هو أبعد من حدوده، في محاولة لتلبية احتياجات أكثر من 1500 أسرة، بما في ذلك مئات النازحين الذين هربوا من العنف في مناطق خطوط التماس بين القوات الحكومية والحوثيين.

البحث اليومي عن المياه يستهلك وقت الأسر وطاقتها لفترة طويلة (الأمم المتحدة)

من خلال إعادة تأهيل خطوط الأنابيب وبناء نقاط مياه جديدة، ساعدت تدخلات المنظمة الأممية في تخفيف العبء على الأسر وتخفيف الصراع على الموارد. كما يعالج المشروع المخاطر الصحية من خلال ضمان حصول كل من المجتمعات المضيفة والأسر النازحة على وصول موثوق به إلى المياه النظيفة.

وجزءاً من هذه الجهود في منطقة «يختل»، يتم توسيع شبكة توزيع المياه. ويشمل ذلك تركيب أنابيب أكبر وبناء مرافق تخزين مياه إضافية، وضمان توزيع العرض المحدود بكفاءة عبر المجتمع.

وبحسب المنظمة الأممية، تم إدخال أنظمة ضخ المياه بالطاقة الشمسية؛ مما يوفر مصدر طاقة مستداماً يقلل من الاعتماد على الوقود الباهظ الثمن وغير المتاح في كثير من الأحيان، ومساعدة المجتمعات على تحمل التقلبات الجوية المتطرفة مثل الفيضانات بشكل أفضل.

مساعدة على الصمود

تتضمن جهود منظمة الهجرة الدولية ترقية نظام المياه لتحسين قدرته على الصمود في مواجهة الفيضانات، والتخطيط بعناية لتجنب المناطق المعرضة للفيضانات وإنشاء تدابير وقائية، بالإضافة إلى ذلك، سيتم تركيب أجهزة تعقيم المياه بالكلور الأوتوماتيكية لتطهير المياه.

وبينما يتم إحراز تقدم في منطقة «يختل»، تستمر صراعات مماثلة في أجزاء أخرى من الساحل الغربي اليمني وفقاً للمجتمع الإغاثي، ففي مخيم للنازحين في حيس، يشارك سامي، وهو أب لاثني عشر طفلاً، قصة مألوفة عن المشقة، ويذكر أن معظم الأشخاص الذين يذهبون لجلب المياه هم من الأطفال؛ فهم لا يذهبون إلى المدرسة لأنهم مضطرون إلى المساعدة.

الجفاف يهدد مناطق واسعة باليمن مما يتسبب في شح المياه (إ.ب.أ)

تؤكد المنظمات الإغاثية أن عدم القدرة على الحصول على المياه النظيفة أدى إلى حرمان أطفاله من التعليم؛ مما أجبرهم على القيام بدورة من الأعمال المنزلية اليومية.

وبغرض معالجة النقص الحاد في المياه، تشرف منظمة الهجرة الدولية على بناء بئر جديدة من شأنها أن توفر مياه نظيفة وموثوقة لآلاف الأسر النازحة والمجتمعات المضيفة.

تجزم المنظمات الإغاثية أنه ومن خلال توفير هذا المصدر الثابت للمياه، سيتم تخفيف العبء المادي على الأسر وتقليل المخاطر الصحية المرتبطة بالمياه الملوثة، لكن رغم ذلك، تظل التحديات هائلة، حيث يستمر تغير المناخ والأحداث الجوية المتطرفة في جميع أنحاء اليمن في تضخيم أزمة المياه؛ مما يزيد من ضغوط الصراع والنزوح.