البرلمان الإيراني يمرر الخطوط العريضة للموازنة العامة

رئيسي يتمسك برفع سعر الدولار الحكومي ويتعهد تقديم بدائل معيشية

صورة نشرها موقع البرلمان الإيراني من خطاب رئيسي أمام النواب أمس
صورة نشرها موقع البرلمان الإيراني من خطاب رئيسي أمام النواب أمس
TT

البرلمان الإيراني يمرر الخطوط العريضة للموازنة العامة

صورة نشرها موقع البرلمان الإيراني من خطاب رئيسي أمام النواب أمس
صورة نشرها موقع البرلمان الإيراني من خطاب رئيسي أمام النواب أمس

وافق البرلمان الإيراني أمس على الخطوط العريضة لمشروع الموازنة العامة، وسط انقسام بين الحكومة والبرلمان بشأن رفع الدعم عن سعر الدولار.
وتوجه الرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي إلى مقر البرلمان للدفاع عن مشروع الموازنة، ودافع عن عزم حكومته على وقف الدعم لسعر الدولار، لكنه تعهد بتقديم بديل معيشي للإيرانيين قبل اتخاذ أي خطوة.
وصوّت 174 نائباً بالموافقة على تمرير الخطوط العريضة، قبل التصويت النهائي، وعارض 76 نائباً، وامتنع 6 آخرون، وهؤلاء من بين 260 نائباً حضروا جلسة التصويت أمس، من أصل 290 نائباً في البرلمان الإيراني.
وجاءت الخطوة بعد أكثر من 3 أسابيع على تقديم مشروع الموازنة للبرلمان. وقال رئيسي، أمس، إن استهداف نمو بنسبة 8 في المائة من «ميزات» الموازنة التي تتوقع زيادة صادرات النفط إلى 1.2 برميل يومياً، على أساس سعر 60 دولاراً للبرميل، دون احتساب رفع العقوبات الأميركية.
وأبلغ رئيسي نواب البرلمان أن مبيعات الصادرات غير النفطية الإيرانية «زادت بنسبة 40 في المائة». وقال: «على نقيض العقوبات والتهديدات، اليوم لدينا تزايد في صادرات النفط ومشتقاته»، مشيراً إلى إعادة «موارد النقد الأجنبي للمبادلات التجارية... موارد النقد الأجنبي آخذة في التزايد».
وتبلغ قيمة الموازنة العامة 15052 تريليون ريال؛ أي ما يعادل 50.2 مليار دولار حسب سعر السوق الحرة للعملة الإيرانية لدى تقديم الموازنة الشهر الماضي، وهي أكبر بنحو 10 في المائة عن موازنة العام الحالي الإيراني، الذي ينتهي في 20 مارس (آذار) المقبل.
وحاول رئيس البرلمان، محمد باقر قاليباف، مواجهة مخاوف الإيرانيين حيال الأوضاع المعيشية، قائلاً إن «وثيقة الموازنة تحظى بأهمية لمعيشة الناس. لهذا أطمئن الناس أنه ستتخذ سياسات تعويضية في قضية السعر الحكومي للدولار، والوضع المعيشي، خاصة السلع الأساسية».
وقال عضو لجنة التدقيق في الموازنة إن اللجنة البرلمانية «قد توافق مع حذف السعر الحكومي للدولار بشكل مشروط»، وهو أن تتعهد الحكومة بتوفير السلع الأكثر استخداماً لدى الأسر الإيرانية بـ«سعر ثابت ودون تغيير».
في المقابل، قال رئيسي إن معيشة الناس «خط أحمر» لحكومته، مشدداً على ضرورة ضبط التضخم والعمل على خفضه. ونقلت وكالة «إيسنا» الحكومية قوله لنواب البرلمان: «يجب ألا نرى أن الفقير يزداد فقراً، وأن الغني يزداد ثراء». وأضاف: «اليوم يجب ألا يكون توقع الناس لحلّ العقد والمشكلات المعيشية أملاً وتوقعاً كبيراً».
وقال رئيسي: «على عكس عقوبات العدو وتهديداته، أرى الوضع أفضل من أي وقت مضى لاتخاذ قرارات مهمة». وأضاف: «أرى مستقبلاً مشرقاً»، داعياً البرلمان إلى التعاون مع الحكومة «لاتخاذ قرارات مهمة من أجل حلّ مشكلات البلاد». وتابع أن القرارات «يمكن أن تقربنا من الوضع المطلوب أكثر فأكثر من الوضع الحالي». كما أشار رئيسي إلى عجز الموازنة، خصوصاً ما يتعلق بالدعم المخصص للدولار عندما تولي مهامه بعد حسن روحاني، بقوله: «بدأت العمل في الحكومة، بينما لم يتبق شيء من 8 مليارات دولار، تم رصدها بناء على قانون الموازنة».
وأشارت مواقع إخبارية إيرانية إلى مغادرة رئيسي لمقر البرلمان، قبل عملية التصويت، وإلقاء خطابات النواب المعارضين والموافقين للخطة.
وانتقد أغلب النواب المعارضين خطة الحكومة لزيادة الضرائب. وحذّر النائب كاظم دلخوش من أن الموازنة العامة الجديدة «سترفع الضرائب بنسبة 70 في المائة». وقال النائب مهرداد كودرزوند تشكيني إن الضرائب التي ترصدها الموازنة «ستؤدي إلى إفراغ جيوب الناس».
وقال عضو لجنة الصناعات والمعادن، النائب مهدي عسكري، إن «الناس لن تتحمل الضغوط الجديدة التي ستتسبب في تأجيج المجتمع، لماذا لا تسمعون تكسير العمود الفقري للناس؟!».
وبدوره، قلل عضو لجنة الموازنة والتخطيط، النائب جبار كوتشكي نجاد من قدرة الحكومة على تحقق نمو قدره 8 في المائة، وقال: «لا أساس علمي له».
وفي المقابل، اتهم عضو لجنة الطاقة، النائب مالك شريعتي، معارضي خطة الموازنة باتباع توجه «سياسي». وحذّر النائب محسن دهنوي من أن رفض خطة الموازنة «له تبعات سياسية واجتماعية».



مدير «الذرية الدولية» يحذر: «هامش المناورة» بشأن النووي الإيراني يتقلص

المدير العام للوكالة الدولية للطاقة الذرية رافاييل غروسي
المدير العام للوكالة الدولية للطاقة الذرية رافاييل غروسي
TT

مدير «الذرية الدولية» يحذر: «هامش المناورة» بشأن النووي الإيراني يتقلص

المدير العام للوكالة الدولية للطاقة الذرية رافاييل غروسي
المدير العام للوكالة الدولية للطاقة الذرية رافاييل غروسي

حذَّر مدير الوكالة الدولية للطاقة الذرية، رافائيل غروسي، اليوم (الثلاثاء)، من أن «هامش المناورة» بشأن البرنامج النووي الإيراني «بدأ بالتقلص»، قبل زيارة مهمة يقوم بها إلى طهران.

وقال غروسي لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، على هامش قمة المناخ في باكو: «يجب على الإدارة الإيرانية أن تفهم أن الوضع الدولي أصبح أكثر توتراً، وأن هامش المناورة بدأ بالتقلص، ومن الضروري إيجاد طرق للتوصل إلى حلول دبلوماسية».

ولفت غروسي إلى أن «الوكالة الدولية» تقوم بعمليات تفتيش روتينية في إيران، لكنه قال: «نحن بحاجة إلى رؤية المزيد... نظراً إلى حجم وعمق وطموح البرنامج النووي الإيراني، فإننا بحاجة إلى إيجاد السبل لمنح الوكالة مزيداً من الشفافية».

ويصل غروسي، مساء الأربعاء، إلى طهران، بعد أسبوع من فوز دونالد ترمب بالانتخابات الأميركية، وهي الزيارة الثانية له إلى طهران هذا العام، بعدما أجرى مفاوضات بشأن القضايا العالقة مع الحكومة السابقة برئاسة الرئيس الراحل إبراهيم رئيسي.

وطلب غروسي إجراء مفاوضات مع الرئيس الحالي مسعود بزشكيان، منذ مطلع سبتمبر (أيلول) الماضي.

ويسود ترقب بشأن السياسة التي يتبعها الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب مع إيران، خصوصاً المفاوضات النووية المتعثرة التي أطلقتها إدارة الرئيس جو بايدن في أبريل (نيسان) 2021 للعودة إلى الاتفاق النووي.

ورداً على ذلك، زادت إيران إنتاجها من اليورانيوم المخصب ليبلغ مستويات غير مسبوقة، كما أن مخزونها من المادة آخذ في الازدياد، وفق تقارير الوكالة الأممية التي تتولى مراقبة المنشآت النووية.

وأكد غروسي أنه عمل «بالفعل مع إدارة ترمب الأولى وعملنا معاً بشكل جيد».

وتقول الوكالة الدولية للطاقة الذرية إن طهران زادت بشكل ملحوظ احتياطاتها من المواد المخصبة حتى نسبة 60 في المائة، الأمر الذي يقربها أكثر من نسبة الـ90 في المائة المطلوبة لتطوير سلاح نووي.

ولكن منذ تولى الرئيس الإصلاحي مسعود بزشكيان منصبه في أغسطس (آب) الماضي، أعربت طهران عن أملها في استئناف المفاوضات بهدف إحياء الاتفاق. وتعود آخر زيارة قام بها غروسي لطهران إلى مايو (أيار).

ودعا يومها إلى إجراءات «ملموسة» للمساعدة في تعزيز التعاون حول البرنامج النووي الإيراني، وذلك خلال مؤتمر صحافي في محافظة أصفهان بوسط البلاد، حيث تقع منشأة نطنز لتخصيب اليورانيوم.

ونهاية سبتمبر، أعلن غروسي أن إيران تبدو مستعدة لاستئناف المفاوضات، لكنها لا تزال ترفض عودة مفتشي الوكالة الذرية إلى مواقعها.

وقلصت إيران إلى حد كبير عمليات تفتيش مواقعها النووية منذ 2021. وأزالت في هذا السياق كاميرات المراقبة، وسحبت اعتمادات مجموعة من خبراء الوكالة الذرية. وأعرب غروسي عن أسفه لهذه الإجراءات.

ويُتوقع أن يمارس غروسي خلال زيارته (الأربعاء) ضغوطاً على طهران لتسمح مجدداً للمفتشين الدوليين بدخول مواقعها النووية.

وكانت الناطقة باسم الحكومة الإيرانية، فاطمة مهاجراني، قالت اليوم (الثلاثاء)، إن طهران ستسعى لتحقيق كل ما يحقق «مصالحها»، وذلك رداً على سؤال عن إمكانية إجراء محادثات مباشرة مع إدارة الرئيس ترمب.

وأرسل عدد من المسؤولين في حكومة بزشكيان، والصحف المؤيدة للحكومة، إشارات على مناقشة إمكانية التفاوض مع إدارة ترمب على أعلى المستويات.

وقالت مهاجراني: «الحكومة ستسعى إلى تحقيق كل ما يضمن مصالح البلاد وقيم الثورة»، بحسب وكالة «إيسنا» الحكومية.

ولم ترد تقارير تفيد بتخطيط دونالد ترمب - أو فريقه - لأي محادثات من هذا القبيل، بينما يستعد للعودة إلى رئاسة الولايات المتحدة. ودأب ترمب على انتقاد الاتفاق النووي المبرم بين إيران والقوى العالمية في 2015، حتى أعلن انسحاب بلاده في مايو 2015، وفرض استراتيجية «الضغوط القصوى» على طهران، التي تمحورت حول عقوبات قاسية أثرت بشدة على الاقتصاد الإيراني.

ورأت مهاجراني أنه «فشلت حملة الضغوط القصوى التي شنّها ترمب، حتى لو أثقلت كاهل الناس. المهم هو الأفعال وليس الأقوال، لكننا نوصي ترمب بأخذ فشل سياساته السابقة في الاعتبار».

وبدأت محادثات غير مباشرة بين واشنطن وطهران لإحياء الاتفاق النووي تحت إدارة الرئيس الأميركي جو بايدن، لكنها تعثرت.

ولا تزال إيران رسمياً جزءاً من الاتفاق الذي قلصت التزاماتها الأساسية بموجبه بشكل كبير، رداً على العقوبات. وينتهي القرار 2231 الذي يتبنى الاتفاق النووي في أكتوبر (تشرين الأول) من العام المقبل.

وتقوم إيران حالياً بتخصيب اليورانيوم بدرجة نقاء تصل إلى 60 في المائة، القريبة من نسبة الـ90 في المائة المطلوبة لإنتاج أسلحة نووية.