أساتذة المدارس الخاصة اللبنانية الخاصة يعتكفون عن التعليم الحضوري

«لجان الأهل»: لن نقبل بأن يتحمل أولادنا سنة ثالثة من الفشل التربوي

TT

أساتذة المدارس الخاصة اللبنانية الخاصة يعتكفون عن التعليم الحضوري

لن يحضر قسم كبير من طلاب المدارس والثانويات الرسمية والخاصة في لبنان إلى صفوفهم صباح اليوم (الاثنين)، رغم إصرار وزارة التربية وأصحاب المدارس على العودة إلى الصفوف، إذ يعتكف أساتذة التعليم الخاص في بيوتهم، مكتفين بالتعليم عن بعد، في حين يستمر أساتذة التعليم الرسمي بإضرابهم المفتوح وسط تخوف الأهالي من تطيير العام الدراسي، أو من زيادات مجحفة على أقساط المدارس الخاصة تفوق قدراتهم.
ويستمر إضراب روابط الأساتذة والمعلمين ولجان المتعاقدين في التعليم الثانوي والأساسي والمهني الرسمي منذ الشهر الماضي، إلا أن الجديد هو إعلان نقابة المعلمين في المدارس الخاصة الأسبوع الماضي عدم العودة إلى التعليم حضوريا لمدة أسبوع قابلة للتجديد، باستثناء المدارس الكاثوليكية التي أكدت أمانتها العامة في بيان، العودة إلى التعليم الحضوري على اعتبار أنه «السبيل الوحيد لبناء شخصية الطالب». وأوضح الأمين العام للمدارس الكاثوليكية الأب يوسف نصر لـ«الشرق الأوسط» أن المدارس ستفتح أبوابها للتعليم الحضوري مع اللجوء إلى إقفال تلك التي تظهر فيها حالات إصابات «كورونا».
وتركت الأمانة العامة للمدارس الكاثوليكية، لإدارة كل مدرسة اتخاذ القرار المناسب بفتح أبوابها أو الإغلاق بالتنسيق مع مدارس المنطقة الجغرافية الواحدة حيث أمكن، مع الإشارة إلى أن المدارس التي ستفتح أبوابها يجب عليها أن تتشدد وتتقيد بتطبيق البروتوكول الصحي الصادر عن وزارة التربية.
وتخشى اللبنانية ريما وهي أم لثلاثة أولاد في مرحلة التعليم الأساسي في مدرسة خاصة «من أن يمتد الأسبوع إلى أسابيع ويمضي العام الدراسي من دون عودة الأولاد إلى صفوفهم»، حسب ما تخبر «الشرق الأوسط»، وتسأل: «متى كانت الحلول سريعة في لبنان؟ يبدو أننا سنعود إلى الأونلاين هذا العام أيضا». وتضيف: «ضاعت سنتان على طلاب لبنان في التعليم عن بعد الذي أثبت أنه غير مجد ولم يستفد الطلاب منه خصوصا أولئك الذين في الصفوف التأسيسية التي تتطلب جهدا إضافيا».
وتتوقف الأم عند مشكلة أساسية هي أزمة تقنين الكهرباء، وتقول: «في العامين الماضيين كانت الكهرباء تغطي الـ24 ساعة في اليوم، ومع ذلك واجهنا مشاكل في التعلم عن بعد، فما بالكم واليوم التغذية لا تتخطى الست ساعات في اليوم، كيف سنتمكن نحن الأهل من تأمين الكهرباء لأولادنا ليحضروا صفوفهم؟ نتفهم أن الأساتذة يعانون أيضا لكن ما يطلبونه ضرب أنانية لا ينصف الطلاب!».
وفي بيانها، أكدت نقابة المعلمين في المدارس الخاصة أن أحوال المعلمين في المدارس الخاصة لا تخف وطأة عن أحوال زملائهم في التعليم الرسمي، والخطر الاقتصادي والمالي عليهم ليس أقل من الخطر الصحي جراء انتشار وباء «كورونا»، إذ أصبحت الحاجة أكثر بكثير من الحقوق القانونية في ظل الانخفاض غير المسبوق لقيمة العملة الوطنية مقابل الدولار، والتراجع المخيف للقيمة الشرائية للرواتب والأجور.
ويوضح نقيب المعلمين في المدارس الخاصة رودولف عبود لـ«الشرق الأوسط» أن القرار هو تأجيل العودة الحضورية لكن التواصل مع التلاميذ مستمر عبر التعلم عن بعد لأن الأساتذة اليوم يعانون من أعباء أصبحت تفوق قدراتهم وتكاليف الحضور إلى المدرسة وبدل النقل أصبح مرتفعا جدا، أضف إلى ذلك فحوصات الـ«بي سي آر» المطلوبة على نفقة الأساتذة الشخصية والتخوف من إصابتهم وجر الوباء إلى عائلاتهم في ظل عدم إمكانية تحمل نفقات الدخول إلى المستشفيات».
ويقول: «نحن أمام غياب كامل لأشكال الدعم كافة إن كان بفحوصات البي سي آر والاستشفاء أو تطبيق بدل النقل الجديد، أو تطبيق قانون سلسلة الرتب والرواتب بكل مندرجاته في صندوق التعويضات».
ويضيف «هناك مدارس كثيرة لم تعط المعلمين حقوقهم وهناك بعض المدارس قدمت زيادات غير كافية، كما أن نسبة المدارس التي أعطت أساتذتها رواتبهم بالدولار النقدي لا تتخطى الـ20 في المائة في حين أن رواتب أغلبية الأساتذة لا تتخطى الأربعة ملايين ليرة لبنانية (حوالي 150 دولارا على سعر صرف السوق السوداء)».
ويرى عبود أن «هناك أمورا كثيرة ممكن حلها بمعزل عن الدولة وهناك مطالب تستدعي تشريع ومراقبة وإلزام المؤسسة بتطبيق القوانين»، ويشرح أن الرابطة لا تلقي بالمسؤولية كاملة على المدارس بل هناك مسؤولية تقع على عاتق وزارة التربية بمكان وعلى الحكومة بمكان آخر، ويخلص إلى القول إن «الأساتذة لا يريدون الدخول بدوامة تقاذف المسؤوليات، وإلى حين الوصول إلى حلول سيلتزمون بالتعليم عن بعد».
وعن مساوئ التعلم عن بعد، يعترف عبود بأن «الطلاب عانوا منه بالدرجة الأولى، والأساتذة أيضا واجهوا مصاعب وغير متحمسين للعودة إليه ولكنه في إطار تخفيف التكاليف وإلى حين الوصول لشبكة أمان وتضامن اجتماعي تناسب الأساتذة والتلاميذ في آن». ويقول: «أساتذة القطاع الخاص التزموا بإعطاء الصفوف حضوريا منذ بداية العام، ولم يتخوفوا من وباء (كورونا) بل جابهوا المخاطر». وإذ يدعون إلى عدم التهويل بالكلام عن تطيير العام الدراسي أو اللجوء إلى «تخجيل الأساتذة»، يطالب المؤسسات بالقيام بواجباتها.
من جهتها، تؤكد رئيسة اتحاد لجان الأهل في المدارس الخاصة لمى الطويل لـ«الشرق الأوسط»، الرفض القاطع لموضوع عودة التعلم عن بعد، ومطالبة الاتحاد بعودة الطلاب إلى الصفوف حضوريا، شارحة «أننا في لبنان لا نملك مقومات التعلم عن بعد. وإن كانت نسبة 10 في المائة من أهالي طلاب المدارس الخاصة والأساتذة في لبنان يملكون مقومات التعلم عن بعد فهناك 90 في المائة من الأهالي والطلاب لا يملكون لا كهرباء ولا مولدات ولا شبكة إنترنت».
وتوضح: «قبلنا بالتأجيل لأسبوع، أي فعليا ثلاثة أيام تعليم، ريثما تنحسر أعداد الإصابات بـ(كورونا) التي تراكمت بعد الأعياد، لكننا كأهل لن نقبل بأن يتحمل أولادنا سنة ثالثة من الفشل التربوي، فالمستوى التعليم في لبنان تراجع 3 سنوات إلى الوراء بالنسبة لباقي الدول»، محملة كل المسؤولية لوزير التربية والتعليم العالي اللبناني عباس الحلبي وللدولة اللبنانية.
وإذ تشير إلى أن «الأهالي والأساتذة في الخندق نفسه ووضعنا كأهل لا يختلف عن الأساتذة»، تشدد على أن «الأهل لا يتحملون زيادات على الأقساط مبالغ فيها وعشوائية من دون إجراءات تقشفية، بل يجب أن تكون تلك الزيادات مدروسة وعلمية وعقلانية»، وتلفت إلى أن «هناك مدارس زادت نسبة 30 أو 35 في المائة على الأقساط وهي نسبة مقبولة، بالمقابل هناك مدارس تطلب مبالغ تفوق الـ100 في المائة نسبة زيادات وهنا نحمل الدولة والوزارة مسؤولية المراقبة والتدخل».



تقارير حقوقية توثّق انتهاكات الحوثيين في 3 محافظات يمنية

تجمع لمسلحين حوثيين في صنعاء (إ.ب.أ)
تجمع لمسلحين حوثيين في صنعاء (إ.ب.أ)
TT

تقارير حقوقية توثّق انتهاكات الحوثيين في 3 محافظات يمنية

تجمع لمسلحين حوثيين في صنعاء (إ.ب.أ)
تجمع لمسلحين حوثيين في صنعاء (إ.ب.أ)

سلطت أحدث التقارير الحقوقية في اليمن الضوءَ على آلاف الانتهاكات التي ارتكبتها الجماعة الحوثية ضد المدنيين في 3 محافظات، هي العاصمة المختطفة صنعاء، والجوف، والحديدة، بما شملته تلك الانتهاكات من أعمال القمع والقتل والخطف والتجنيد والإخضاع القسري للتعبئة.

وفي هذا السياق، رصد مكتب حقوق الإنسان في صنعاء (حكومي) ارتكاب جماعة الحوثيين نحو 2500 انتهاك ضد المدنيين في صنعاء، خلال عامين.

بقايا منازل فجرها الحوثيون في اليمن انتقاماً من ملاكها (إكس)

وتنوّعت الانتهاكات التي طالت المدنيين في صنعاء بين القتل والاعتداء الجسدي والاختطافات والإخفاء القسري والتعذيب ونهب الممتلكات العامة والخاصة وتجنيد الأطفال والانتهاكات ضد المرأة والتهجير القسري وممارسات التطييف والتعسف الوظيفي والاعتداء على المؤسسات القضائية وانتهاك الحريات العامة والخاصة ونهب الرواتب والتضييق على الناس في سُبل العيش.

وناشد التقرير كل الهيئات والمنظمات الفاعلة المعنية بحقوق الإنسان باتخاذ مواقف حازمة، والضغط على الجماعة الحوثية لإيقاف انتهاكاتها ضد اليمنيين في صنعاء وكل المناطق تحت سيطرتها، والإفراج الفوري عن المخفيين قسراً.

11500 انتهاك

على صعيد الانتهاكات الحوثية المتكررة ضد السكان في محافظة الجوف اليمنية، وثق مكتب حقوق الإنسان في المحافظة (حكومي) ارتكاب الجماعة 11500 حالة انتهاك سُجلت خلال عام ضد سكان المحافظة، شمل بعضها 16 حالة قتل، و12 إصابة.

ورصد التقرير 7 حالات نهب حوثي لممتلكات خاصة وتجارية، و17 حالة اعتقال، و20 حالة اعتداء على أراضٍ ومنازل، و80 حالة تجنيد للقاصرين، أعمار بعضهم أقل من 15 عاماً.

عناصر حوثيون يستقلون سيارة عسكرية في صنعاء (أ.ف.ب)

وتطرق المكتب الحقوقي إلى وجود انتهاكات حوثية أخرى، تشمل حرمان الطلبة من التعليم، وتعطيل المراكز الصحية وحرمان الموظفين من حقوقهم وسرقة المساعدات الإغاثية والتلاعب بالاحتياجات الأساسية للمواطنين، وحالات تهجير ونزوح قسري، إلى جانب ارتكاب الجماعة اعتداءات متكررة ضد المناوئين لها، وأبناء القبائل بمناطق عدة في الجوف.

ودعا التقرير جميع الهيئات والمنظمات المحلية والدولية المعنية بحقوق الإنسان إلى إدانة هذه الممارسات بحق المدنيين.

وطالب المكتب الحقوقي في تقريره بضرورة تحمُّل تلك الجهات مسؤولياتها في مناصرة مثل هذه القضايا لدى المحافل الدولية، مثل مجلس حقوق الإنسان العالمي، وهيئات حقوق الإنسان المختلفة، وحشد الجهود الكفيلة باتخاذ موقف حاسم تجاه جماعة الحوثي التي تواصل انتهاكاتها بمختلف المناطق الخاضعة لسيطرتها.

انتهاكات في الحديدة

ولم يكن المدنيون في مديرية الدريهمي بمحافظة الحديدة الساحلية بمنأى عن الاستهداف الحوثي، فقد كشف مكتب حقوق الإنسان التابع للحكومة الشرعية عن تكثيف الجماعة ارتكاب مئات الانتهاكات ضد المدنيين، شمل بعضها التجنيد القسري وزراعة الألغام، والتعبئة الطائفية، والخطف، والتعذيب.

ووثق المكتب الحقوقي 609 حالات تجنيد لمراهقين دون سن 18 عاماً في الدريهمي خلال عام، مضافاً إليها عملية تجنيد آخرين من مختلف الأعمار، قبل أن تقوم الجماعة بإخضاعهم على دفعات لدورات عسكرية وتعبئة طائفية، بغية زرع أفكار تخدم أجنداتها، مستغلة بذلك ظروفهم المادية والمعيشية المتدهورة.

الجماعة الحوثية تتعمد إرهاب السكان لإخضاعهم بالقوة (إ.ب.أ)

وأشار المكتب الحكومي إلى قيام الجماعة بزراعة ألغام فردية وبحرية وعبوات خداعية على امتداد الشريط الساحلي بالمديرية، وفي مزارع المواطنين، ومراعي الأغنام، وحتى داخل البحر. لافتاً إلى تسبب الألغام العشوائية في إنهاء حياة كثير من المدنيين وممتلكاتهم، مع تداعيات طويلة الأمد ستظل تؤثر على اليمن لعقود.

وكشف التقرير عن خطف الجماعة الحوثية عدداً من السكان، وانتزاعها اعترافات منهم تحت التعذيب، بهدف نشر الخوف والرعب في أوساطهم.

ودعا مكتب حقوق الإنسان في مديرية الدريهمي المجتمع الدولي إلى التدخل العاجل لإيقاف الانتهاكات التي أنهكت المديرية وسكانها، مؤكداً استمراره في متابعة وتوثيق جميع الجرائم التي تواصل ارتكابها الجماعة.