«رسائل القصف» في سوريا... غير سورية

(تحليل إخباري)

صورة من الأقمار الصناعية تُظهر دخانا فوق المنطقة المستهدفة بالقصف في مرفأ اللاذقية بعد الهجوم الإسرائيلي نهاية الشهر الماضي (بلانيت لابز بي بي سي - أ.ب)
صورة من الأقمار الصناعية تُظهر دخانا فوق المنطقة المستهدفة بالقصف في مرفأ اللاذقية بعد الهجوم الإسرائيلي نهاية الشهر الماضي (بلانيت لابز بي بي سي - أ.ب)
TT

«رسائل القصف» في سوريا... غير سورية

صورة من الأقمار الصناعية تُظهر دخانا فوق المنطقة المستهدفة بالقصف في مرفأ اللاذقية بعد الهجوم الإسرائيلي نهاية الشهر الماضي (بلانيت لابز بي بي سي - أ.ب)
صورة من الأقمار الصناعية تُظهر دخانا فوق المنطقة المستهدفة بالقصف في مرفأ اللاذقية بعد الهجوم الإسرائيلي نهاية الشهر الماضي (بلانيت لابز بي بي سي - أ.ب)

يعود الملف السوري، من بوابة ملف المساعدات الإنسانية، إلى طاولة مجلس الأمن الدولي، الأسبوع المقبل، وسط ترقب الإيقاع الأميركي - الروسي، ذلك بعد جولات تصعيد عسكري في سوريا في الأسابيع الأخيرة، بين أميركا وإيران، واستهدافات إسرائيل لمصالح طهران في سوريا، في تبادل رسائل الضغط عبر «الملعب السوري».
استطاعت أميركا وروسيا بفضل تفاهم الرئيسين جو بايدن وفلاديمير بوتين، في لقائهما في جنيف، يونيو (حزيران) الماضي، التوافق على مسودة قرار دولي لتمديد آلية المساعدات «عبر الحدود»، تحديداً من معبر باب الهوى بين إدلب في شمال غربي سوريا وتركيا، و«عبر الخطوط» بين مناطق النفوذ السورية، لستة أشهر، على أن يتم التمديد لستة أشهر أخرى بعد يومين.
أميركا، فهمت أن تمديد القرار الدولي سيكون تلقائياً، لأنها تنازلت في المفاوضات الثانية، ووافقت على دعم مشاريع «التعافي المبكر» والصمود وتقديم مساعدات «عبر الخطوط». روسيا، فهمت أن التمديد مرتبط بمدى التقدم الملموس في هذه الأمور وتقرير الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش عن الفترة الأولى.
بين التجاذب الأميركي - الروسي، تدخل غوتيريش وأرسل الأسبوع الماضي تقريره. وفي التقرير الذي اطلعت عليه «الشرق الأوسط»، يقول: «لم تبلغ قوافل (المساعدات) عبر الخطوط مستوى المساعدة الذي حققته العملية العابرة للحدود» عند معبر باب الهوى. لكنه قال: «المساعدة عبر الحدود تبقى حيوية لملايين الأشخاص المحتاجين في شمال غربي سوريا، إذ يحتاج حوالي 4.5 ملايين هناك لمساعدة في الشتاء، بزيادة 12 في المائة عن العام السابق» بسبب تفاقم الأزمة الاقتصادية.
هو نصح بتمديد الآلية. لكن جولات استكشافية أظهرت استمرار الفجوة بين الطرفين، أميركا وحلفائها من طرف، وروسيا وشركائها من طرف آخر. واشنطن تقول إن لا تعاون ولا جلسات حوار إضافية مع موسكو حول سوريا قبل التمديد لستة أشهر أخرى، وهي اختبرت احتمال فتح معبر اليعربية بين العراق ومناطق شرق الفرات الخاضعة لسيطرة حلفائها في «قوات سوريا الديمقراطية»، بعدما رفضت روسيا إدراجه في القرار الدولي. وظهر اقتراح بعقد «صفقة صغيرة» تتضمن تشغيل المعبر بتفاهمات بين دمشق والقامشلي برعاية روسية - أميركية. أما موسكو، فإن مسؤوليها يشنون حملة كبيرة على الدول الغربية، بسبب استمرار العقوبات الاقتصادية و«عدم الوفاء بالوعود بتقديم مساعدات عبر الخطوط، ورفض تقديم دعم لمشاريع البنية التحتية في مناطق الحكومة».
الدول الأوروبية، التي أعربت عن خيبتها من عدم مشاركتها بالحوار الأميركي - الروسي حول ملف المساعدات الإنسانية، حافظت على «ثبات» موقفها بـ«رفض المساهمة بإعمار سوريا، ورفض رفع العقوبات، ورفض فك العزلة قبل تحقيق تقدم بالعملية السياسية». كما أنها تشددت في الحدود الذي يمكن أن تذهب إليها فيما يتعلق بتمويل مشاريع «التعافي المبكر».
هذا فتح مجدداً ملف ضرورة تعريف «التعافي المبكر» في شكل مفصل، وكيفية المساهمة فيها من دون الوصول إلى المشاركة في الإعمار. كما أنه فتح الباب على احتمال إدراج «التعافي المبكر» ضمن الأفكار التي يتم تداولها حول بلورة مقترحات «خطوة مقابل خطوة» التي يعمل عليها المبعوث الأممي غير بيدرسن، عبر سلسلة استشارات مع اللاعبين الدوليين والإقليميين في سوريا.
لكن هناك مشكلات حقيقية في ذلك. الغائب الرئيسي في هذه العناوين المتعلقة بتمديد قرار المساعدات الإنسانية أو «التعافي المبكر» وفكرة «خطوة مقابل خطوة»، هو الاتفاق على الهدف النهائي من هذه المبادرات من جهة، وإمكانية مشاركة اللاعبين الحقيقيين من جهة ثانية، وارتباط الملف السوري بملفات أخرى وتحولها ملعباً لتبادل الرسائل من جهة ثالثة.
كل المعلومات تشير إلى أن الاستشارات التي جرت وتجري مع بعض اللاعبين في سوريا حول «خطوة مقابل خطوة»، لم تتطرق بعد إلى الهدف النهائي من هذه المقاربة، وما إذا كانت الأهداف بالفعل ترمي إلى تطبيق القرار 2254 وإقرار تسوية تخص السوريين، أم تخص الأمور الجيوسياسية التي تتعلق بوجود إيران وتركيا وتدخلات إسرائيل والنظام الإقليمي والوجودين الأميركي والروسي.
عليه، إنه أمر طبيعي أن تكون الفجوة كبيرة بين ما يحصل في جنيف إزاء عمل اللجنة الدستورية السورية أو مشاورات نيويورك حول قرار المساعدات الإنسانية وبين ما يحصل في سوريا، التي شهدت في الأيام الأخيرة قصفاً إسرائيلياً للمرة الثانية على «مستودعات أسلحة إيرانية» في ميناء اللاذقية غرب سوريا و«تبادل رشقات القصف» بين أميركا وإيران شرقها. وأوضح تعبير عن ذلك ما نقل عن المتحدثة باسم البيت الأبيض جين ساكي من أن استهداف القاعدة الأميركية شرق سوريا من قبل تنظيمات إيرانية «قد يكون مرتبطاً بالمفاوضات في فيينا (حول الاتفاق النووي) أو الذكرى السنوية للضربة على (القائد السابق لفيلق القدس في الحرس الثوري قاسم) سليماني».



وفد إسرائيلي بالقاهرة... توقعات بـ«اتفاق وشيك» للتهدئة في غزة

طفل يحمل أشياء تم انتشالها من مكب النفايات في خان يونس جنوب قطاع غزة (أ.ف.ب)
طفل يحمل أشياء تم انتشالها من مكب النفايات في خان يونس جنوب قطاع غزة (أ.ف.ب)
TT

وفد إسرائيلي بالقاهرة... توقعات بـ«اتفاق وشيك» للتهدئة في غزة

طفل يحمل أشياء تم انتشالها من مكب النفايات في خان يونس جنوب قطاع غزة (أ.ف.ب)
طفل يحمل أشياء تم انتشالها من مكب النفايات في خان يونس جنوب قطاع غزة (أ.ف.ب)

زار وفد إسرائيلي رفيع المستوى القاهرة، الثلاثاء، لبحث التوصل لتهدئة في قطاع غزة، وسط حراك يتواصل منذ فوز الرئيس الأميركي دونالد ترمب لإنجاز صفقة لإطلاق سراح الرهائن ووقف إطلاق النار بالقطاع المستمر منذ أكثر من عام.

وأفاد مصدر مصري مسؤول لـ«الشرق الأوسط» بأن «وفداً إسرائيلياً رفيع المستوى زار القاهرة في إطار سعي مصر للوصول إلى تهدئة في قطاع غزة، ودعم دخول المساعدات، ومتابعة تدهور الأوضاع في المنطقة».

وأكد مصدر فلسطيني مطلع، تحدث لـ«الشرق الأوسط»، أن لقاء الوفد الإسرائيلي «دام لعدة ساعات» بالقاهرة، وشمل تسلم قائمة بأسماء الرهائن الأحياء تضم 30 حالة، لافتاً إلى أن «هذه الزيارة تعني أننا اقتربنا أكثر من إبرام هدنة قريبة»، وقد نسمع عن قبول المقترح المصري، نهاية الأسبوع الحالي، أو بحد أقصى منتصف الشهر الحالي.

ووفق المصدر، فإن هناك حديثاً عن هدنة تصل إلى 60 يوماً، بمعدل يومين لكل أسير إسرائيلي، فيما ستبقي «حماس» على الضباط والأسرى الأكثر أهمية لجولات أخرى.

ويأتي وصول الوفد الإسرائيلي غداة حديث رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو في كلمة، الاثنين، عن وجود «تقدم (بمفاوضات غزة) فيها لكنها لم تنضج بعد».

وكشفت وسائل إعلام إسرائيلية، الثلاثاء، عن عودة وفد إسرائيل ضم رئيس أركان الجيش الإسرائيلي هرتسي هاليفي، ورئيس جهاز الأمن العام «الشاباك» رونين بار، من القاهرة.

وأفادت هيئة البث الإسرائيلية بأنه عادت طائرة من القاهرة، الثلاثاء، تقلّ رئيس الأركان هرتسي هاليفي، ورئيس الشاباك رونين بار، لافتة إلى أن ذلك على «خلفية تقارير عن تقدم في المحادثات حول اتفاق لإطلاق سراح الرهائن في غزة».

وكشف موقع «واللا» الإخباري الإسرائيلي عن أن هاليفي وبار التقيا رئيس المخابرات المصرية اللواء حسن رشاد، وكبار المسؤولين العسكريين المصريين.

وبحسب المصدر ذاته، فإن «إسرائيل متفائلة بحذر بشأن قدرتها على المضي قدماً في صفقة جزئية للإفراج عن الرهائن، النساء والرجال فوق سن الخمسين، والرهائن الذين يعانون من حالة طبية خطيرة».

كما أفادت القناة الـ12 الإسرائيلية بأنه جرت مناقشات حول أسماء الأسرى التي يتوقع إدراجها في المرحلة الأولى من الاتفاقية والبنود المدرجة على جدول الأعمال، بما في ذلك المرور عبر معبر رفح خلال فترة الاتفاق والترتيبات الأمنية على الحدود بين مصر وقطاع غزة.

والأسبوع الماضي، قال ترمب على وسائل التواصل الاجتماعي، إن الشرق الأوسط سيواجه «مشكلة خطيرة» إذا لم يتم إطلاق سراح الرهائن قبل تنصيبه في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وأكد مبعوثه إلى الشرق الأوسط، ستيف ويتكوف، الاثنين، أنه «لن يكون من الجيد عدم إطلاق سراح» الرهائن المحتجزين في غزة قبل المهلة التي كررها، آملاً في التوصل إلى اتفاق قبل ذلك الموعد، وفق «رويترز».

ويتوقع أن تستضيف القاهرة، الأسبوع المقبل، جولة جديدة من المفاوضات سعياً للتوصل إلى هدنة بين إسرائيل و«حماس» في قطاع غزة، حسبما نقلت «وكالة الصحافة الفرنسية» عن مصدر مقرّب من الحركة، السبت.

وقال المصدر: «بناء على الاتصالات مع الوسطاء، نتوقع بدء جولة من المفاوضات على الأغلب خلال الأسبوع... للبحث في أفكار واقتراحات بشأن وقف إطلاق النار وتبادل الأسرى». وأضاف أنّ «الوسطاء المصريين والقطريين والأتراك وأطرافاً أخرى يبذلون جهوداً مثمّنة من أجل وقف الحرب».

وخلال الأشهر الماضية، قادت قطر ومصر والولايات المتحدة مفاوضات لم تكلّل بالنجاح للتوصل إلى هدنة وإطلاق سراح الرهائن في الحرب المتواصلة منذ 14 شهراً.

وقال رئيس الوزراء القطري الشيخ محمد بن عبد الرحمن بن جاسم آل ثاني، السبت، إن الزخم عاد إلى هذه المحادثات بعد فوز دونالد ترمب بالانتخابات الرئاسية الأميركية، الشهر الماضي. وأوضح أنّه في حين كانت هناك «بعض الاختلافات» في النهج المتبع في التعامل مع الاتفاق بين الإدارتين الأميركية المنتهية ولايتها والمقبلة، «لم نر أو ندرك أي خلاف حول الهدف ذاته لإنهاء الحرب».

وثمنت حركة «فتح» الفلسطينية، في بيان صحافي، الاثنين، بـ«الحوار الإيجابي والمثمر الجاري مع الأشقاء في مصر حول حشد الجهود الإقليمية والدولية لوقف إطلاق النار في قطاع غزة، والإسراع بإدخال الإغاثة الإنسانية إلى القطاع».

وأشار المصدر الفلسطيني إلى زيارة مرتقبة لحركة «فتح» إلى القاهرة ستكون معنية بمناقشات حول «لجنة الإسناد المجتمعي» لإدارة قطاع غزة التي أعلنت «حماس» موافقتها عليها.