«مفارقة»... رحلة تشكيلية بين دهاليز الدمار والاغتراب

أول معرض فردي للفنان العراقي محمود العبيدي في مصر

عمل نحتي للعبيدي (الشرق الأوسط)  -  الفنان العراقي محمود العبيدي
عمل نحتي للعبيدي (الشرق الأوسط) - الفنان العراقي محمود العبيدي
TT

«مفارقة»... رحلة تشكيلية بين دهاليز الدمار والاغتراب

عمل نحتي للعبيدي (الشرق الأوسط)  -  الفنان العراقي محمود العبيدي
عمل نحتي للعبيدي (الشرق الأوسط) - الفنان العراقي محمود العبيدي

لا يفارق الوطن، وذكريات الطفولة البعيدة، ورائحة المدن القديمة، مخيلة التشكيليين العراقيين في الغربة، فتأتي تعبيراتهم عن ذلك كله وغيره، مما حفره الزمن والغياب في الوجدان، صادقة وعفوية حيناً، وصادمة وموجعة من فرط تأثرها بعذابات الحروب والدمار حيناً آخر، وفي «مفارقة» عنوان أول معرض شخصي له بمصر، وثاني زيارة فنية له بعد مشاركته بـ«بينالي القاهرة الدولي الثالث عشر» 2019، نقل الفنان محمود العبيدي بعضاً من نبض وشجن التشكيل العراقي إلى الجمهور المصري عبر نحو 50 لوحة وقطعة نحتية تحمل موضوعات وخطوطاً وتقنيات استقت الماضي وربطته بسلاسة بالحاضر بعد أن حررها الفنان من قيود الأطر الفنية التقليدية.
تقود الأعمال المُشاهد إلى مناطق غامضة مجهولة محمَّلة بالرموز والدلالات العميقة وثيقة الارتباط بآلام النفس التي أرهقها طول الغياب وبرودة الغربة، وتعكس إلى أي مدى يمكن لمشاعر التشكيلي وتاريخه الشخصي أن يرفضا الانعزال عن تجربته الفنية، فالعبيدي المثقل بهموم وطنه وقضاياه السياسية وهواجسه المعقدة تجاه مستقبله وهويته، نجده قد بعثر دواخله الكامنة على مسطح لوحاته وكتل منحوتاته، فأحالها إلى ميدان حياة مفعمة بالأفكار والمعاني الغنية.
يقول العبيدي، لـ«الشرق الأوسط»: «لا أستطيع تجاهل توثيق العلاقة مع وطني الذي أنتمي إليه، ولا أمتلك حالة من الحيادية الكريهة تجاه من يتخلون عن الوطن باسم الديمقراطية متجاهلين ما لحق به من دمار ونهب وتشويه».
إمعاناً في إبراز المعنى يأخذ العبيدي المتلقي إلى العوالم البدائية فلربما يجد فيها ملاذاً للتعبير بصدق وعفوية عمّا أصاب الواقع من فوضى وتفكك، مصوِّراً مدّعي «الثقافة والوطنية والعولمة الكاذبة» كأنهم أجزاء جسدية مبعثرة هنا وهناك بلا هدف حقيقي سوى مصالحهم الشخصية، وهي في الوقت ذاته تعبّر عمّا تركه المحتل من دمار وسلب لاستقرار المجتمع وأمانه وتراثه؛ ذلك أن فكرة التواصل من خلال الرسوم البدائية في حد ذاتها هي دلالة محفّزة على دراسة المشهد وتحليله لا سيما عند التركيز على عنصر الإنسان الذي تم التصرف في نسب جسده بجرأة ليظهر كما لو أنه بقايا مدمرة من إنسان غير مشذب، أو كما لو أنه نوع من الكائنات الأسطورية المتخيلة، وهو في أثناء ذلك يمزج بين الواقعية والسريالية والرمزية ويضخ سيلاً من الخطوط العنيفة والإشارات والدوائر والعلامات الموحية. لا تتخذ أعمال العبيدي في المعرض المستمر حتى 10 يناير (كانون الثاني) الجاري، بغاليري «مصر» بحي الزمالك (وسط القاهرة)، طابعاً جمالياً رومانسياً، فالمشاعر والرؤى التي يسودها الترقب والقلق تجاه الوطن والغضب من كل ما يمسه قد حالت جميعها دون ترف التنميق اللوني أو الانشغال بمغازلة ذوق المقتني المستقبلي لها.
ويؤكد الفنان العراقي: «أحتفي بقوة الفكرة انطلاقاً من أن الإفراط في انشغالي بجمالها قد يبعدني عن الموضوع الذي أتناوله، ولذلك ربما تفرض طبيعة أعمالي ثقافة بصرية نخبوية بعيداً عن فكرة المتلقي أو المقتني»، لكن رغم اتجاه الفنان في لوحاته ومنحوتاته إلى الحداثة فإنه لا يُنكر أهمية الفن التقليدي الذي ما زال قادراً على التعبير عن واقعنا ومشكلاتنا.
يضم المعرض المقام بعنوان «مفارقة» أعمالاً تتميز بدائرة واسعة من التقنيات، فلا يتمسك الفنان في أعماله بأسلوب فني بعينه، إنما يسعى إلى التمرد على نفسه، حتى يصل إلى حالة من التأقلم مع هواجسه مستكشفاً خلال ذلك أساليب جديدة مبتكرة تضمن خصوصية فنه، من دون أن يكفّ عن البحث في مسارات مختلفة في مجالات الفن البصري، فقد سبق على سبيل المثال أن قدم مجموعة مشاريع إبداعية في أوروبا تتضمن أفلاماً قصيرة ومشاريع تركيبية، وهو ما دفع الفنان محمد طلعت، مدير غاليري «مصر»، إلى وصف المعرض بأنه من المعارض الكبرى على أجندة الغاليري، ومن أهم المعارض التي يشهدها هذا الموسم الفني بمصر بشكل عام؛ تقديراً لمسيرة العبيدي واصفاً إياه بأنه «من مُبدعي العراق الذين يتمتعون بعالم إبداعي شديد الخصوصية، ويقدمون أعمالاً مميزة ومتنوعة».
محمود العبيدي فنان عراقي - كندي وُلد عام 1966، وتخرج في أكاديمية الفنون الجميلة في بغداد عام 1990. غادر العراق عام 1991 وحصل على دبلوم في الإعلام الجديد من جامعة ريرسون، تورونتو 1998، وفي الإنتاج السينمائي من أكاديمية HIF السينمائية، لوس أنجليس. وحصل على ماجستير في الفنون الجميلة من جامعة جيلف، أونتاريو 1998، وعُرضت أعماله الفنية على نطاق واسع في مختلف أنحاء العالم، ومن ذلك متحف الفن الحديث ببغداد 1990، ومتحف الموما، والمتحف البريطاني، وبينالي البندقية، والمتحف العربي للفن الحديث بالدوحة، ومعرض ساتشي في لندن، والمتحف الوطني للبحرين، ومتحف معهد العالم العربي بباريس، والمعرض الوطني للفنون الجميلة بعمان، ومتحف المحطة للفن المعاصر بتكساس.



«يوم 13» يطارد «هارلي» في سباق إيرادات «الفطر السينمائي» بمصر

أحمد داود في لقطة من الفيلم
أحمد داود في لقطة من الفيلم
TT

«يوم 13» يطارد «هارلي» في سباق إيرادات «الفطر السينمائي» بمصر

أحمد داود في لقطة من الفيلم
أحمد داود في لقطة من الفيلم

حقق فيلم الرعب والإثارة «يوم 13» مفاجأة خلال الأيام الماضية في شباك التذاكر بمصر، حيث حصد أعلى إيراد يومي متفوقاً على فيلم «هارلي» لمحمد رمضان، الذي لا يزال محتفظاً بالمركز الأول في مجمل إيرادات أفلام موسم عيد الفطر محققاً ما يزيد على 30 مليون جنيه مصري حتى الآن (نحو مليون دولار أميركي)، بينما يطارده في سباق الإيرادات «يوم 13» الذي حقق إجمالي إيرادات تجاوزت 20 مليون جنيه حتى الآن.
ويعد «يوم 13» أول فيلم عربي بتقنية ثلاثية الأبعاد، وتدور أحداثه في إطار من الرعب والإثارة من خلال عز الدين (يؤدي دوره الفنان أحمد داود) الذي يعود من كندا بعد سنوات طويلة باحثاً عن أهله، ويفاجأ بعد عودته بالسمعة السيئة لقصر العائلة المهجور الذي تسكنه الأشباح، ومع إقامته في القصر يكتشف مغامرة غير متوقعة. الفيلم من تأليف وإخراج وائل عبد الله، وإنتاج وتوزيع شركته وشقيقه لؤي عبد الله «أوسكار»، ويؤدي بطولته إلى جانب أحمد داود كل من دينا الشربيني، وشريف منير، وأروى جودة، كما يضم عدداً من نجوم الشرف من بينهم محمود عبد المغني، وفرح، وأحمد زاهر، ومحمود حافظ، وجومانا مراد، ووضع موسيقاه هشام خرما.
وقال مخرج الفيلم وائل عبد الله في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» إنه ليس متفاجئاً بالإيرادات التي حققها الفيلم، ولكنه كان متخوفاً من الموسم نفسه ألا يكون جيداً، قائلاً إن «إقبال الجمهور حطم مقولة إن جمهور العيد لا يقبل إلا على الأفلام الكوميدية، وإنه يسعى للتنوع ولوجود أفلام أخرى غير كوميدية، وإن الفيصل في ذلك جودة الفيلم، مؤكداً أن الفيلم احتل المركز الأول في الإيرادات اليومية منذ انتهاء أسبوع العيد».
وكشف عبد الله أن الفيلم استغرق عامين، خلاف فترات التوقف بسبب جائحة كورونا، وأنه تضمن أعمال غرافيك كبيرة، ثم بعد ذلك بدأ العمل على التقنية ثلاثية الأبعاد التي استغرق العمل عليها عشرة أشهر كاملة، مؤكداً أنه درس طويلاً هذه التقنية وأدرك عيوبها ومميزاتها، وسعى لتلافي الأخطاء التي ظهرت في أفلام أجنبية والاستفادة من تجارب سابقة فيها.
وواصل المخرج أنه كان يراهن على تقديم الفيلم بهذه التقنية، لا سيما أن أحداً في السينما العربية لم يقدم عليها رغم ظهورها بالسينما العالمية قبل أكثر من عشرين عاماً، موضحاً أسباب ذلك، ومن بينها ارتفاع تكلفتها والوقت الذي تتطلبه، لذا رأى أنه لن يقدم على هذه الخطوة سوى أحد صناع السينما إنتاجياً وتوزيعياً، مشيراً إلى أن «ميزانية الفيلم وصلت إلى 50 مليون جنيه، وأنه حقق حتى الآن إيرادات وصلت إلى 20 مليون جنيه».
ورغم عدم جاهزية بعض السينمات في مصر لاستقبال الأفلام ثلاثية الأبعاد، فقد قام المخرج بعمل نسخ «2 دي» لبعض دور العرض غير المجهزة، مؤكداً أن استقبال الجمهور في القاهرة وبعض المحافظات للفيلم لم يختلف، منوهاً إلى أن ذلك سيشجع كثيراً على تقديم أفلام بتقنية ثلاثية الأبعاد في السينما العربية.