رحيل مها أبو عوف يجدد أحزان الوسط الفني المصري

توفيت عن 65 عاماً بعد صراع مع السرطان

مها رفقة شقيقها الراحل عزت وشقيقاتها (حساب أبو عوف على إنستغرام)
مها رفقة شقيقها الراحل عزت وشقيقاتها (حساب أبو عوف على إنستغرام)
TT

رحيل مها أبو عوف يجدد أحزان الوسط الفني المصري

مها رفقة شقيقها الراحل عزت وشقيقاتها (حساب أبو عوف على إنستغرام)
مها رفقة شقيقها الراحل عزت وشقيقاتها (حساب أبو عوف على إنستغرام)

بعد مرور أقل من 24 ساعة على دفن جثمان الموسيقار المصري الراحل أحمد الحجار، ودَّع الوسط الفني المصري، أمس، الفنانة مها أبو عوف، التي وافتها المنية عن عمر ناهز 65 عاماً، بعد صراع مرير مع مرض السرطان.
وحرص عدد كبير من الفنانين على صلاة الجنازة عليها عقب صلاة الظهر، أمس، بمسجد «الرحمن الرحيم» بطريق صلاح سالم (شرق القاهرة)، من بينهم أشرف زكي، نقيب الممثلين، وإلهام شاهين، وأيمن عزب، ومنير مكرم، وريهام عبد الغفور، وغيرهم.
ونعى الفنانة الراحلة عدد كبير من نجوم الفن، عبر صفحاتهم الرسمية على مواقع التواصل الاجتماعي، من بينهم المخرج عمرو عرفة الذي كتب عبر حسابه على «تويتر» قائلاً: «الحنون (أم شريف) في جنة الخلد بإذن الله»، بينما نشرت الفنانة رانيا فريد شوقي، صورة للراحلة عبر حسابها على «فيسبوك»، وعلقت قائلة: «لا حول ولا قوة إلا بالله... الناس الحلوة الطيبة بتمشي وتسبنا... لله الأمر من قبل ومن بعد، الله يرحمك ويغفر لك ويسكنك فسيح جناته».
وقالت الفنانة اللبنانية مادلين طبر: «حبيبتي يا مها يا أم قلب طيب وأدب وذوق وخفة دم: (كورونا) حرمتني من قعدتنا ببيتك بالزمالك... ربنا يكتبلك الجنة».
وكتب صلاح عبد الله عبر «تويتر»: «وتتوالى المفاجآت الحزينة الصادمة، ولكننا راضون بقضاء الله وقدره، وكلنا لها يا مها»، وأضاف: «في رعاية الله يا أطيب قلب، يا أحلى ابتسامة».
ووصفها الناقد محمود عبد الشكور، عبر صفحته الشخصية على «فيسبوك» قائلاً: «مها أبو عوف كانت دوماً جميلة ورقيقة وأنيقة وموهوبة غناءً وتمثيلاً».
وشاركت الفنانة الراحلة في مجموعة كبيرة من الأعمال التلفزيونية، وقدمت خلالها شخصيات اجتماعية وكوميدية متنوعة، منها: «الحرير المخملي، فوق السحاب، نسر الصعيد، هربانة منها، لا تطفئ الشمس، الخواجة عبد القادر، يوميات ونيس، سامحني يا زمن، حقي برقبتي، راجل وست ستات، يتربى في عزو، السندريلا، أنا وهؤلاء، شمس يوم جديد، أين قلبي، فارس بلا جواد، ضبط وإحضار، مرات جوزي، الرجل الآخر، عائلة الديناصورات، شباب رايق جداً».
وقدمت سينمائياً: «من ألف إلى باء، ليلة هنا وسرور، الحفلة، بعد الطوفان، غش الزوجية، أمير البحار، زي النهاردة، معلش إحنا بنتبهدل، حالة حب، أحلى الأوقات، من نظرة عين، المجنونة، الصعاليك، ممنوع للطلبة، الطماعين، أنا لا أكذب ولكني أتجمل»، بينما شهد مسلسل «الحرير المخملي» الذي تم عرضه بالآونة الأخيرة، آخر ظهور تلفزيوني للفنانة الراحلة.
وتنتمي الفنانة الراحلة المولودة في عام 1956، لأسرة فنِّية، فهي ابنه الموسيقار أحمد شفيق أبو عوف، وأخت الفنان عزت أبو عوف الذي رحل عن عالمنا في بداية شهر يوليو (تموز) من عام 2019، وشكَّل معها ومع شقيقاتها: منى، وميرفت، ومنال، فرقة الـ«فور إم» الغنائية، أواخر سبعينات القرن الماضي. لكن مسيرتها كممثلة بدأت منذ مطلع الثمانينات؛ حيث شاركت في أكثر من 130 عملاً تنوعت بين المسرح، والسينما، والتلفزيون. كما شاركت أبو عوف أيضاً في «فوازير فطوطة» مع الفنان الراحل سمير غانم، في منتصف ثمانينات القرن الماضي.
وكشفت أبو عوف في حوار صحافي لها قبل وفاتها، عن رغبتها في الابتعاد عن الفن لعدم تكرار ظهورها على الشاشة بأدوار محددة، وأشارت إلى أنها «تحب انتقاء أعمالها الفنية من أجل الاختلاف».
وأوضحت أنها تأثرت من تداعيات جائحة «كورونا» التي منعتها من التجمعات العائلية ومع أصدقائها، خوفاً من العدوى، ولفتت إلى أنها «عوَّضت ذلك بالمكالمات الهاتفية».
وواجهت مها أبو عوف في بداية حياتها الفنية أزمة رحيل زوجها الأول، عازف الغيتار، عمر خورشيد، في حادث سير عام 1981. وروت أبو عوف في حوار تلفزيوني سابق: «شقيقي الراحل عزت أبو عوف كان رافضاً لتلك الزيجة في البداية، بسبب فارق السن بيني وبين عمر الذي تمكن من إقناع عزت ووالدي بإتمام الزواج».
وبعد وفاته تزوجت مرة أخرى، وأنجبت ابنها الوحيد شريف، وانفصلت عن والد ابنها بعد فترة، وارتبطت للمرة الثالثة بعمر المنزلاوي حتى رحيلها.
وتوقفت أبو عوف عن التمثيل مرتين، وكانت المرة الأولى بعد وفاة زوجها الأول عمر خورشيد؛ حيث غابت عن شاشة السينما المصرية لمدة 3 سنوات، بينما اختفت في المرة الثانية عن الشاشة لمدة 10 سنوات.



رحيل إيلي شويري عاشق لبنان و«أبو الأناشيد الوطنية»

عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
TT

رحيل إيلي شويري عاشق لبنان و«أبو الأناشيد الوطنية»

عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»

إنه «فضلو» في «بياع الخواتم»، و«أبو الأناشيد الوطنية» في مشواره الفني، وأحد عباقرة لبنان الموسيقيين، الذي رحل أول من أمس (الأربعاء) عن عمر ناهز 84 عاماً.
فبعد تعرضه لأزمة صحية نقل على إثرها إلى المستشفى، ودّع الموسيقي إيلي شويري الحياة. وفي حديث لـ«الشرق الأوسط» أكدت ابنته كارول أنها تفاجأت بانتشار الخبر عبر وسائل التواصل الاجتماعي قبل أن تعلم به عائلته. وتتابع: «كنت في المستشفى معه عندما وافاه الأجل. وتوجهت إلى منزلي في ساعة متأخرة لأبدأ بالتدابير اللازمة ومراسم وداعه. وكان الخبر قد ذاع قبل أن أصدر بياناً رسمياً أعلن فيه وفاته».
آخر تكريم رسمي حظي به شويري كان في عام 2017، حين قلده رئيس الجمهورية يومها ميشال عون وسام الأرز الوطني. وكانت له كلمة بالمناسبة أكد فيها أن حياته وعطاءاته ومواهبه الفنية بأجمعها هي كرمى لهذا الوطن.
ولد إيلي شويري عام 1939 في بيروت، وبالتحديد في أحد أحياء منطقة الأشرفية. والده نقولا كان يحضنه وهو يدندن أغنية لمحمد عبد الوهاب. ووالدته تلبسه ثياب المدرسة على صوت الفونوغراف الذي تنساب منه أغاني أم كلثوم مع بزوغ الفجر. أما أقرباؤه وأبناء الجيران والحي الذي يعيش فيه، فكانوا من متذوقي الفن الأصيل، ولذلك اكتمل المشوار، حتى قبل أن تطأ خطواته أول طريق الفن.
- عاشق لبنان
غرق إيلي شويري منذ نعومة أظافره في حبه لوطنه وترجم عشقه لأرضه بأناشيد وطنية نثرها على جبين لبنان، ونبتت في نفوس مواطنيه الذين رددوها في كل زمان ومكان، فصارت لسان حالهم في أيام الحرب والسلم. «بكتب اسمك يا بلادي»، و«صف العسكر» و«تعلا وتتعمر يا دار» و«يا أهل الأرض»... جميعها أغنيات شكلت علامة فارقة في مسيرة شويري الفنية، فميزته عن سواه من أبناء جيله، وذاع صيته في لبنان والعالم العربي وصار مرجعاً معتمداً في قاموس الأغاني الوطنية. اختاره ملك المغرب وأمير قطر ورئيس جمهورية تونس وغيرهم من مختلف أقطار العالم العربي ليضع لهم أجمل معاني الوطن في قالب ملحن لا مثيل له. فإيلي شويري الذي عُرف بـ«أبي الأناشيد الوطنية» كان الفن بالنسبة إليه منذ صغره هَوَساً يعيشه وإحساساً يتلمسه في شكل غير مباشر.
عمل شويري مع الرحابنة لفترة من الزمن حصد منها صداقة وطيدة مع الراحل منصور الرحباني. فكان يسميه «أستاذي» ويستشيره في أي عمل يرغب في القيام به كي يدله على الصح من الخطأ.
حبه للوطن استحوذ على مجمل كتاباته الشعرية حتى لو تناول فيها العشق، «حتى لو رغبت في الكتابة عن أعز الناس عندي، أنطلق من وطني لبنان»، هكذا كان يقول. وإلى هذا الحد كان إيلي شويري عاشقاً للبنان، وهو الذي اعتبر حسه الوطني «قدري وجبلة التراب التي امتزج بها دمي منذ ولادتي».
تعاون مع إيلي شويري أهم نجوم الفن في لبنان، بدءاً بفيروز وسميرة توفيق والراحلين وديع الصافي وصباح، وصولاً إلى ماجدة الرومي. فكان يعدّها من الفنانين اللبنانيين القلائل الملتزمين بالفن الحقيقي. فكتب ولحن لها 9 أغنيات، من بينها «مين إلنا غيرك» و«قوم تحدى» و«كل يغني على ليلاه» و«سقط القناع» و«أنت وأنا» وغيرها. كما غنى له كل من نجوى كرم وراغب علامة وداليدا رحمة.
مشواره مع الأخوين الرحباني بدأ في عام 1962 في مهرجانات بعلبك. وكانت أول أدواره معهم صامتة بحيث يجلس على الدرج ولا ينطق إلا بكلمة واحدة. بعدها انتسب إلى كورس «إذاعة الشرق الأدنى» و«الإذاعة اللبنانية» وتعرّف إلى إلياس الرحباني الذي كان يعمل في الإذاعة، فعرّفه على أخوَيه عاصي ومنصور.

مع أفراد عائلته عند تقلده وسام الأرز الوطني عام 2017

ويروي عن هذه المرحلة: «الدخول على عاصي ومنصور الرحباني يختلف عن كلّ الاختبارات التي يمكن أن تعيشها في حياتك. أذكر أن منصور جلس خلف البيانو وسألني ماذا تحفظ. فغنيت موالاً بيزنطياً. قال لي عاصي حينها؛ من اليوم ممنوع عليك الخروج من هنا. وهكذا كان».
أسندا إليه دور «فضلو» في مسرحية «بياع الخواتم» عام 1964. وفي الشريط السينمائي الذي وقّعه يوسف شاهين في العام التالي. وكرّت السبحة، فعمل في كلّ المسرحيات التي وقعها الرحابنة، من «دواليب الهوا» إلى «أيام فخر الدين»، و«هالة والملك»، و«الشخص»، وصولاً إلى «ميس الريم».
أغنية «بكتب اسمك يا بلادي» التي ألفها ولحنها تعد أنشودة الأناشيد الوطنية. ويقول شويري إنه كتب هذه الأغنية عندما كان في رحلة سفر مع الراحل نصري شمس الدين. «كانت الساعة تقارب الخامسة والنصف بعد الظهر فلفتني منظر الشمس التي بقيت ساطعة في عز وقت الغروب. وعرفت أن الشمس لا تغيب في السماء ولكننا نعتقد ذلك نحن الذين نراها على الأرض. فولدت كلمات الأغنية (بكتب اسمك يا بلادي عالشمس الما بتغيب)».
- مع جوزيف عازار
غنى «بكتب اسمك يا بلادي» المطرب المخضرم جوزيف عازار. ويخبر «الشرق الأوسط» عنها: «ولدت هذه الأغنية في عام 1974 وعند انتهائنا من تسجيلها توجهت وإيلي إلى وزارة الدفاع، وسلمناها كأمانة لمكتب التوجيه والتعاون»، وتابع: «وفوراً اتصلوا بنا من قناة 11 في تلفزيون لبنان، وتولى هذا الاتصال الراحل رياض شرارة، وسلمناه شريط الأغنية فحضروا لها كليباً مصوراً عن الجيش ومعداته، وعرضت في مناسبة عيد الاستقلال من العام نفسه».
يؤكد عازار أنه لا يستطيع اختصار سيرة حياة إيلي شويري ومشواره الفني معه بكلمات قليلة. ويتابع لـ«الشرق الأوسط»: «لقد خسر لبنان برحيله مبدعاً من بلادي كان رفيق درب وعمر بالنسبة لي. أتذكره بشوشاً وطريفاً ومحباً للناس وشفافاً، صادقاً إلى أبعد حدود. آخر مرة التقيته كان في حفل تكريم عبد الحليم كركلا في الجامعة العربية، بعدها انقطعنا عن الاتصال، إذ تدهورت صحته، وأجرى عملية قلب مفتوح. كما فقد نعمة البصر في إحدى عينيه من جراء ضربة تلقاها بالغلط من أحد أحفاده. فضعف نظره وتراجعت صحته، وما عاد يمارس عمله بالشكل الديناميكي المعروف به».
ويتذكر عازار الشهرة الواسعة التي حققتها أغنية «بكتب اسمك يا بلادي»: «كنت أقفل معها أي حفل أنظّمه في لبنان وخارجه. ذاع صيت هذه الأغنية، في بقاع الأرض، وترجمها البرازيليون إلى البرتغالية تحت عنوان (أومينا تيرا)، وأحتفظ بنصّها هذا عندي في المنزل».
- مع غسان صليبا
مع الفنان غسان صليبا أبدع شويري مرة جديدة على الساحة الفنية العربية. وكانت «يا أهل الأرض» واحدة من الأغاني الوطنية التي لا تزال تردد حتى الساعة. ويروي صليبا لـ«الشرق الأوسط»: «كان يعد هذه الأغنية لتصبح شارة لمسلسل فأصررت عليه أن آخذها. وهكذا صار، وحققت نجاحاً منقطع النظير. تعاونت معه في أكثر من عمل. من بينها (كل شيء تغير) و(من يوم ما حبيتك)». ويختم صليبا: «العمالقة كإيلي شويري يغادرونا فقط بالجسد. ولكن بصمتهم الفنية تبقى أبداً ودائماً. لقد كانت تجتمع عنده مواهب مختلفة كملحن وكاتب ومغنٍ وممثل. نادراً ما نشاهدها تحضر عند شخص واحد. مع رحيله خسر لبنان واحداً من عمالقة الفن ومبدعيه. إننا نخسرهم على التوالي، ولكننا واثقون من وجودهم بيننا بأعمالهم الفذة».
لكل أغنية كتبها ولحنها إيلي شويري قصة، إذ كان يستمد موضوعاتها من مواقف ومشاهد حقيقية يعيشها كما كان يردد. لاقت أعماله الانتقادية التي برزت في مسرحية «قاووش الأفراح» و«سهرة شرعية» وغيرهما نجاحاً كبيراً. وفي المقابل، كان يعدها من الأعمال التي ينفذها بقلق. «كنت أخاف أن تخدش الذوق العام بشكل أو بآخر. فكنت ألجأ إلى أستاذي ومعلمي منصور الرحباني كي يرشدني إلى الصح والخطأ فيها».
أما حلم شويري فكان تمنيه أن تحمل له السنوات الباقية من عمره الفرح. فهو كما كان يقول أمضى القسم الأول منها مليئة بالأحزان والدموع. «وبالقليل الذي تبقى لي من سنوات عمري أتمنى أن تحمل لي الابتسامة».