هل تستعد إثيوبيا لشن حرب على «أرض الصومال»؟

روبن: إسقاط واشنطن لها من الدبلوماسية الأميركية ستكون له عواقب حقيقية

هل تستعد إثيوبيا لشن حرب على «أرض الصومال»؟
TT

هل تستعد إثيوبيا لشن حرب على «أرض الصومال»؟

هل تستعد إثيوبيا لشن حرب على «أرض الصومال»؟

تنعم العاصمة الإثيوبية أديس أبابا الآن بالهدوء، ولكن قبل شهر، كان الجيش الإثيوبي على شفا الهزيمة، قبل أن يتلقى جسراً جوياً من المساعدات الخارجية التي شملت طائرات مُسيرة وذخيرة، وهو ما قلب الموازين لصالح رئيس الوزراء آبي أحمد. ويرى مايكل روبين، الباحث بمعهد «أميركا إنتربرايز»، والمتخصص في شؤون الشرق الأوسط، أن النصر سيكون باهظ التكلفة بالنسبة لآبي أحمد، «الذي يتعرض للانتقادات»، حيث إن الأعمال الانتقامية، وعمليات العقاب الجماعي التي انتشرت على نطاق واسع، أصابت النسيج العرقي في إثيوبيا بضرر واسع يصعب علاجه. ويوضح روبين في تقرير نشرته مجلة «ناشونال إنتريست» الأميركية الموقف بقوله: ببساطة، نادراً ما يكون أي ديكتاتور ينشئ معسكرات اعتقال لأجل الانتقام العرقي، موضع ثناء. ويقول روبين، إنه إذا أراد آبي أحمد الاحتفاظ بالسلطة، عليه أن يبقي على إثيوبيا في وضع أزمة لا ينتهي. ولكن حرب تيغراي أبرزت موطن ضعف آخر: ألا وهو أن إثيوبيا بحاجة إلى ميناء، فقد حرم استقلال إريتريا، وانتصارها في الحرب ضد إثيوبيا، أديس أبابا من منفذ على البحر الأحمر، ولهذا لجأت إثيوبيا إلى جيبوتي.
وقد دعمت الاستثمارات الصينية مشروع إقامة خط حديدي وطريق سريعة، وتستقبل جيبوتي حالياً 95 في المائة من واردات إثيوبيا. ورغم ذلك، عندما اتسع القتال إلى خارج حدود تيغراي، قطعت القوات الخط الحديدي والطريق.
ومن أجل إصلاح الموقف، وإلهاء الشعب بأزمة جديدة، يعد آبي أحمد الساحة لانتزاع ميناء «زيلع»، وهو ميناء خامل، شمال جمهورية صوماليالاند (أرض الصومال)، على بعد نحو 17 كيلومتراً من حدود جيبوتي.
وبدأ مؤيدو رئيس الوزراء الإثيوبي الترويج لسابقة تعود لقرون مضت، عندما كان الميناء يخدم مدينة هرار الإثيوبية. كما يشكل «زيلع» نقطة رئيسية في النقاش الذي يثار بين الحين والآخر بشأن إنشاء أسطول إثيوبي جديد، وهو أمر ليس له معنى لدولة حبيسة.
وإثيوبيا عملاق أفريقي، بعد نيجيريا، وهي أيضاً أكبر دول القارة من حيث عدد السكان، ولكن صوماليلاند أصغر بكثير من حيث الحجم أو السكان. كما أن ميناء زيلع معزول نسبياً، حيث تقع أقرب مدينتين فيه، بروما وبربرة، على بعد نحو 150 ميلاً و170 ميلاً على التوالي. وقد يستغرق الأمر ساعات، وربما أياماً، من صوماليلاند لحشد قواتها وصد غزو إثيوبي للميناء. ورغم أن القوات الإثيوبية، ستواجه أيضاً أراضي وعرة وقاحلة فإنها ستقطع 160 ميلاً فقط بالمركبات للوصول إلى زيلع. ويرى الباحث روبين أن ما يزيد من تعقيد عزلة ميناء زيلع أمر يعود للجغرافيا السياسية. ففي حين أن صوماليلاند من أكثر الدول ديمقراطية في أفريقيا، ما زال انفصالها عن الصومال في عام 1991 لا يحظى باعتراف دولي. وهي تشكل اليوم، مثل تايوان، أكثر دولة فعالة غير معترف بها في العالم، تتمتع بقدرات أكبر ومعدل فساد أقل. ولا تقل التحالفات أهمية عن الجغرافيا السياسية. وقد دفع غضب آبي أحمد من الانتقادات المتواصلة لملف بلاده الحقوقي، رئيس الوزراء إلى أن يعطي ظهره لأميركا والاتحاد الأوروبي، لصالح الصين وتركيا وإيران وإريتريا. ولكن صوماليلاند ذهبت في الاتجاه العكسي، حيث توجد مكاتب تابعة لبريطانيا والدنمارك وكينيا في العاصمة هرجيسا، كما يوجد الاتحاد الأوروبي هناك بشكل متكرر. وبدلاً من أن تقبل رشوة من بكين، كما فعلت دول أفريقية أخرى، اتجهت صوماليلاند إلى تايوان بسبب القيم التي تتشاركها الدولتان. وقد أرسلت بكين وفداً إلى هناك، سعى إلى تقديم رشى من أجل أن تغير هرجيسا سياستها، ولكنه عاد خالي الوفاض. وهناك أسباب تجارية لانزعاج الصين من صوماليلاند، حيث إن التوسعات الجديدة في ميناء بربرة تنافس ميناء جيبوتي بشكل متزايد. ويرى روبين أن آبي أحمد يتوقع أن يحظى بدعم الصين حال تحركه صوب زيلع، إذا لم يكن لمعاقبة تايوان، فليكن لدعم الاستثمارات الصينية في جيبوتي. ويقول الباحث الأميركي كما جاء في تقرير الوكالة الألمانية، إن آبي أحمد، كما هو دأبه، يخلط الواقع بالأمنيات، فالتوترات العرقية بين الصوماليين الذين يحكمون البلاد، وأبناء عرقية العفر المسيحية، ليست بالأمر الغريب على جيبوتي.
وأي تحرك في صوماليلاند من شأنه أن يفاقم هذه التوترات، حيث إن صوماليي جيبوتي لهم أقارب هناك، كما أن العفر لهم أهل في إثيوبيا. وبذلك، من شأن أي هجوم إثيوبي على زيلع أن يشعل فتيل التمرد وأن يزعزع استقرار جيبوتي.
وبحسب روبين، يرى كثيرون في أميركا أنه لا يجب أن تكون لواشنطن مصلحة في القرن الأفريقي، ولكنهم على خطأ، حيث إن مينائي زيلع وجيبوتي يشرفان على مضيق باب المندب، حيث يتدفق جزء كبير من التجارة البحرية العالمية، والأميركية.
ويقول روبين إن زعزعة الاستقرار في صوماليلاند وجيبوتي، أكثر دولتين استقراراً في القرن الأفريقي، من شأنه أن يطلق العنان لموجات هجرة جديدة في الشرق الأوسط وعبر البحر المتوسط، وهو ما يمكن أن يؤدي إلى زعزعة استقرار الدول وتعزيز الإرهاب. وعلى أي حال، فإنه إذا قررت إدارة الرئيس الأميركي أن تتحرك بشكل استباقي، فقد تساعد الدبلوماسية الحكيمة في تجنب اندلاع أزمة. ويقول روبين إنه منذ تعيين جيفري فيلتمان مبعوثاً خاصاً للخارجية الأميركية للقرن الأفريقي قبل نحو ثمانية أشهر، لم يذهب الرجل إلى صوماليلاند، بدعوى أنه ليس لديه وقت.
ويرجح روبين أن السبب هو أن فيلتمان لا يريد أي إشارة قد تفسر على أنها اعتراف أميركي بصوماليلاند، ولكن هذا سبب هش، حيث إن زيارته لن تفعل ذلك، فالدبلوماسيون الأميركيون يزورون تايوان رغم كل شيء. وحتى الآن، أعرب مستشار سابق للأمن القومي في أميركا وثلاثة مساعدين لوزراء خارجية لشؤون أفريقيا علناً عن أسفهم لأنهم لم يعطوا صوماليلاند قدْرها. ويردد آخرون المعنى نفسه، سراً.
كما أنه لا يجب تغليب الحساسية الدبلوماسية على فرص تجنب اندلاع حرب، فإسقاط وزير الخارجية بلينكن وفيلتمان صوماليلاند من الدبلوماسية الأميركية ستكون له عواقب حقيقية إذا فسر آبي أحمد والرئيس الصيني شي جينبينغ تجاهل إدارة بايدن على أنه ضوء أخضر لشن عدوان جديد. وفي الختام، يقترح روبين أن يقوم فيلتمان بزيارة زيلع عبر هرجيسا، فذلك من شأنه أن يحول الضوء الأخضر إلى أحمر، وأن يؤكد أن أميركا تقر بثبات حدود صوماليلاند: فلقد آن الأوان لأن تكون «الدبلوماسية أولاً».



3.5 مليون يمني من دون مستندات هوية وطنية

المهمشون في اليمن يعيشون على هامش المدن والحياة الاقتصادية والسياسية منذ عقود (إعلام محلي)
المهمشون في اليمن يعيشون على هامش المدن والحياة الاقتصادية والسياسية منذ عقود (إعلام محلي)
TT

3.5 مليون يمني من دون مستندات هوية وطنية

المهمشون في اليمن يعيشون على هامش المدن والحياة الاقتصادية والسياسية منذ عقود (إعلام محلي)
المهمشون في اليمن يعيشون على هامش المدن والحياة الاقتصادية والسياسية منذ عقود (إعلام محلي)

على الرغم من مرور ستة عقود على قيام النظام الجمهوري في اليمن، وإنهاء نظام حكم الإمامة الذي كان يقوم على التمايز الطبقي، فإن نحو 3.5 مليون شخص من المهمشين لا يزالون من دون مستندات هوية وطنية حتى اليوم، وفق ما أفاد به تقرير دولي.

يأتي هذا فيما كشف برنامج الأغذية العالمي أنه طلب أكبر تمويل لعملياته الإنسانية في اليمن خلال العام المقبل من بين 86 دولة تواجه انعدام الأمن الغذائي.

لا يزال اليمن من أسوأ البلاد التي تواجه الأزمات الإنسانية في العالم (إعلام محلي)

وذكر المجلس النرويجي للاجئين في تقرير حديث أن عناصر المجتمع المهمش في اليمن يشكلون 10 في المائة من السكان (نحو 3.5 مليون شخص)، وأنه رغم أن لهم جذوراً تاريخية في البلاد، لكن معظمهم يفتقرون إلى أي شكل من أشكال الهوية القانونية أو إثبات جنسيتهم الوطنية، مع أنهم عاشوا في اليمن لأجيال عدة.

ويؤكد المجلس النرويجي أنه ومن دون الوثائق الأساسية، يُحرم هؤلاء من الوصول إلى الخدمات الأساسية، بما في ذلك الصحة، والتعليم، والمساعدات الحكومية، والمساعدات الإنسانية. ويواجهون تحديات في التحرك بحرية عبر نقاط التفتيش، ولا يمكنهم ممارسة الحقوق المدنية الأخرى، بما في ذلك تسجيل أعمالهم، وشراء وبيع وتأجير الممتلكات، والوصول إلى الأنظمة المالية والحوالات.

ووفق هذه البيانات، فقد أفاد 78 في المائة من المهمشين الذين شملهم استطلاع أجراه المجلس النرويجي للاجئين بأنهم لا يمتلكون بطاقة هوية وطنية، في حين يفتقر 42 في المائة من أطفال المهمشين إلى شهادة ميلاد.

ويصف المجلس الافتقار إلى المعلومات، وتكلفة الوثائق، والتمييز الاجتماعي بأنها العقبات الرئيسة التي تواجه هذه الفئة الاجتماعية، رغم عدم وجود أي قوانين تمييزية ضدهم أو معارضة الحكومة لدمجهم في المجتمع.

وقال إنه يدعم «الحصول على الهوية القانونية والوثائق المدنية بين المهمشين» في اليمن، بما يمكنهم من الحصول على أوراق الهوية، والحد من مخاطر الحماية، والمطالبة بفرص حياة مهمة في البلاد.

أكبر تمويل

طلبت الأمم المتحدة أعلى تمويل لعملياتها الإنسانية للعام المقبل لتغطية الاحتياجات الإنسانية لأكثر من 17 مليون شخص في اليمن يواجهون انعدام الأمن الغذائي الحاد، بمبلغ قدره مليار ونصف المليار دولار.

وأفاد برنامج الأغذية العالمي في أحدث تقرير له بأن التمويل المطلوب لليمن هو الأعلى على الإطلاق من بين 86 بلداً حول العالم، كما يُعادل نحو 31 في المائة من إجمالي المبلغ المطلوب لعمليات برنامج الغذاء العالمي في 15 بلداً ضمن منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا وشرق أوروبا، والبالغ 4.9 مليار دولار، خلال العام المقبل.

الحوثيون تسببوا في نزوح 4.5 مليون يمني (إعلام محلي)

وأكد البرنامج أنه سيخصص هذا التمويل لتقديم المساعدات الإنسانية المنقذة للحياة في اليمن، حيث خلّف الصراع المستمر والأزمات المتعددة والمتداخلة الناشئة عنه، إضافة إلى الصدمات المناخية، 17.1 مليون شخص يعانون من انعدام الأمن الغذائي الحاد.

وأشار البرنامج إلى وجود 343 مليون شخص حول العالم يعانون من انعدام الأمن الغذائي الحاد، بزيادة قدرها 10 في المائة عن العام الماضي، وأقل بقليل من الرقم القياسي الذي سجل أثناء وباء «كورونا»، ومن بين هؤلاء «نحو 1.9 مليون شخص على شفا المجاعة، خصوصاً في غزة والسودان، وبعض الجيوب في جنوب السودان وهايتي ومالي».

أزمة مستمرة

أكدت مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين أن اليمن لا يزال واحداً من أسوأ البلاد التي تواجه الأزمات الإنسانية على مستوى العالم، حيث خلقت عشر سنوات من الصراع تقريباً نقاط ضعف، وزادت من تفاقمها، وتآكلت القدرة على الصمود والتكيف مع ذلك.

وذكرت المفوضية الأممية في تقرير حديث أن اليمن موطن لنحو 4.5 مليون نازح داخلياً، وأكثر من 60 ألف لاجئ وطالب لجوء. وهؤلاء الأفراد والأسر المتضررة من النزوح معرضون للخطر بشكل خاص، مع انخفاض القدرة على الوصول إلى الخدمات الأساسية وسبل العيش، ويواجهون كثيراً من مخاطر الحماية، غالباً يومياً.

التغيرات المناخية في اليمن ضاعفت من أزمة انعدام الأمن الغذائي (إعلام محلي)

ونبّه التقرير الأممي إلى أن كثيرين يلجأون إلى آليات التكيف الضارة للعيش، بما في ذلك تخطي الوجبات، والانقطاع عن الدراسة، وعمل الأطفال، والحصول على القروض، والانتقال إلى مأوى أقل جودة، والزواج المبكر.

وبيّنت المفوضية أن المساعدات النقدية هي من أكثر الطرق سرعة وكفاءة وفاعلية لدعم الأشخاص الضعفاء الذين أجبروا على الفرار من ديارهم وفي ظروف صعبة، لأنها تحترم استقلال الشخص وكرامته من خلال توفير شعور بالطبيعية والملكية، مما يسمح للأفراد والأسر المتضررة بتحديد ما يحتاجون إليه أكثر في ظروفهم.

وذكر التقرير أن أكثر من 90 في المائة من المستفيدين أكدوا أنهم يفضلون الدعم بالكامل أو جزئياً من خلال النقد، لأنه ومن خلال ذلك تستطيع الأسر شراء السلع والخدمات من الشركات المحلية، مما يعزز الاقتصاد المحلي.