«هذه آخر مرة أدخن فيها الأرجيلة هنا، لأني لن أحضر إلى المقهى بعد الآن»، بهذه الكلمات علق الشاب سائد على قرار الحكومة منع الأرجيلة في المقاهي والمطاعم، مضيفا أنه يأتي على هذا المقهى منذ سنوات مساء لكي يدخن ويلعب الورق مع أصدقائه.
ويقول الشاب سائد، في الثلاثين من عمره، إنه ضد قرار منع التدخين في المقاهي والمطاعم لأنها حرية شخصية، لكن شابا آخر كان يجلس قريبا منه في مقهى الشريف في عمان، وكان يدخن الأرجيلة، يؤيد قرار المنع لأنه تطبيق للقانون وعلى الجميع الالتزام به.
قرار الحكومة الأردنية تنفيذ قانون الصحة العامة رقم 47، لعام 2008 الذي ينص على منع التدخين في الأماكن العامة المغلقة، أثار جدلا داخل المجتمع الأردني بين مؤيد ومعارض له. القانون الذي مضى عليه سنوات يحظر التدخين في المقاهي والمطاعم.
مقهى الشريف، واحد من المقاهي المشهورة في العاصمة عمان واعتاد على ارتياده المئات يوميا من مثقفين وأبناء الطبقة الوسطى. ويقول مالكه وسام الشريف: «إنه سيغلق المقهى إذا نفذت الحكومة قرارها بمنع الأرجيلة والتدخين فيه». وأشار إلى أن غالبية زبائن المقهى يأتون إليه بسبب تدخين الأرجيلة لذلك قرار منعها سيؤدي إلى انقطاع الزبائن عن المقهى «وأنا شخصيا لن أبحث عن بدائل بل سأغادر البلاد». وأضاف لـ«الشرق الأوسط» أن قرار منع تدخين الأرجيلة سيؤدي إلى القضاء على مهنة المقاهي التي يعتاش منها آلاف العائلات. وقال إنه رفض قبل عام بيع المقهى مقابل مبلغ قدره أربعة ملايين دينار أردني (ستة ملايين دولار) لأن مقهاه له سمعة على مستوى العاصمة. وشدد أن مشروع أي مقهى سيكون فاشلا من الناحية الاقتصادية إذا منعت الأرجيلة منه. ويرى الشريف أن الأرجيلة هي جزء من التراث الشعبي الأردني وأن وجودها في المقاهي ضرورة تراثية، ويقترح حل وسط، وهو أن يتم تقسيم المقهى إلى قسمين واحد للمدخنين والقسم الآخر لغير المدخنين.
كثير من مقاهي عمان الغربية أصبحت ترتادها العائلات، الرجال مع زوجاتهم، وأصبح «الإنترنت» جزءا رئيسا من المقهى، إلا أن السيدة سحر تخبرنا أنها تأتي إلى هنا لتدخين الأرجيلة مع زوجها وأن الإنترنت لا يجذب الزبائن لأنه أصبح موجودا في معظم المنازل. وتقول الطالبة الجامعية وفاء إنها تأتي هنا مع صديقاتها لتدخين الأرجيلة وتصفح الإنترنت، وقالت إنها تعارض قرار المنع.
يهدد تطبيق القانون، الذي عطل لست سنوات ماضية، بإغلاق ما يزيد على ستة آلاف مقهى شعبي وسياحي منتشرة في المملكة وتقدم خدمة تدخين «الأراجيل».
وأسندت الحكومة لوزارة الصحة وأمانة عمان الكبرى تطبيق قرار منع التدخين من خلال فرق تفتيش تمتلك صلاحية إغلاق المحلات التي تخالف القرار. لكن القرار عارضته وزارة السياحة، تخوفا من الأضرار الجسيمة التي سيلحقها بالقطاع السياحي. وعارضه أصحاب المطاعم والمقاهي، الذي يتوقعون أن قيمة الخسائر تصل إلى عشرات الملايين من الدولارات.
وأعلن عقل بلتاجي أمين العاصمة عمان أن الأمانة ستبدأ بتطبيق منع التدخين في المقاهي والمطاعم بما فيها منع «الأراجيل». وأكد بلتاجي أن الأمانة وضعت الاستعدادات اللازمة ليكون هذا القرار حيز التنفيذ.
وقال إن أمانة عمان ستلغي كل التراخيص القانونية لأي مقهى أو مطعم يسمح بتقديم «الأراجيل»، وإنها لن تجدد أي رخصة لمقهى أو مطعم إلا إذا التزم بالقانون. وزارة الصحة أبدت استعدادها لتطبيق القرار، وقال وزير الصحة الأردني في تصريحات أعقبت تفعيل تطبيق القانون: «سأجعل الأردن خاليا من التدخين في عام 2014».
وبحسب دراسات أعدتها وزارة الصحة الأردنية، يقبل ستة في المائة من سكان الأردن على تدخين الأرجيلة، ويبلغ انتشار التدخين بين البالغين 50 في المائة بين الذكور و18 في المائة بين الإناث، ووفقا للدراسة الصادرة مطلع عام 2013 يتجاوز الإنفاق السنوي على التدخين وتبعاته 720 مليون دينار أردني (مليار و18 مليون دولار أميركي).
أصحاب المطاعم والمقاهي هددوا بإغلاق محالهم في حال لم تتراجع الحكومة عن تفعيل القرار، حسب حسن أبو شقرة، أحد أصحاب المقاهي والمطاعم. ويقول أبو شقرة إن المتضررين من القرار سيتجهون للمحاكم لمقاضاة الحكومة التي ستكبدهم خسائر كبيرة تقدر نسبتها بـ65 في المائة من مداخيلهم، نتيجة لقرارها الذي وصفه بـ«غير المدروس». أبو شقرة يؤكد أن القرار يجب ألا يشمل محالهم التجارية كونها منشآت خاصة وليست أماكن عامة، ومحذرا من الآثار الخطيرة على السياحة في الأردن. رئيس لجنة السياحة في مجلس النواب الأردني أمجد مسلماني، شدد على ضرورة تطبيق القانون بشكل تدريجي، وقال على الحكومة في حال منعت الأراجيل في المقاهي إغلاق مصانع التبغ ومنع استيراد السجائر، وهو ما لن تستطيع الحكومة السيطرة عليه.
وكشف النائب عن تشكيل لجنة تضم مندوبين عن وزارتي الصحة والسياحة وعضوية لجنة السياحة النيابية وممثلين عن أصحاب المقاهي لدراسة القرار والخروج بنتائج تعزز السلامة العامة، من دون أن تضر بمصالح المستثمرين. وتوقع المسلماني أن يفشل تطبيق القانون، مستشهدا بتجربة لبنان الذي تراجع عن قرار منع تدخين الأرجيلة في المطاعم، نتيجة للأضرار التي لحقت بالقطاع السياحي.
أما النائب خميس عطية عبر عن تأييده لقرار الحكومة وأمانة عمان بمنع التدخين في المطاعم والمقاهي، وقال على مجلس النواب أن يدعم تطبيق القانون بل إنه لا يجوز من الحكومة عدم تنفيذ قانون أقر قبل ست سنوات.
وأشار عطية إلى وجود أضرار صحية على المجتمع نتيجة التدخين في المطاعم والمقاهي والأماكن العامة.
وحسب آخر إحصائيات رسمية صادرة عن مركز الحسين للسرطان، يسجل الأردن سنويا، خمسة آلاف حالة جديدة من السرطان، وتشكل الوفيات المرتبطة بالتدخين 40 في المائة منها، وبلغت نسبة الوفيات بسبب السرطان في الأردن 15 في المائة.
جدل في الأردن بسبب قانون منع الأرجيلة في المقاهي والمطاعم
https://aawsat.com/home/article/33981
جدل في الأردن بسبب قانون منع الأرجيلة في المقاهي والمطاعم
عطل لست سنوات وتطبيقه يهدد ستة آلاف مقهى بالإغلاق وتعارضه وزارة السياحة
يسجل الأردن سنوياً خمسة آلاف حالة جديدة من السرطان تشكل الوفيات المرتبطة بالتدخين 40 في المائة منها (أ.ف.ب)
- عمّان: ماجد الأمير
- عمّان: ماجد الأمير
جدل في الأردن بسبب قانون منع الأرجيلة في المقاهي والمطاعم
يسجل الأردن سنوياً خمسة آلاف حالة جديدة من السرطان تشكل الوفيات المرتبطة بالتدخين 40 في المائة منها (أ.ف.ب)
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة

