زيارة المسؤول الكوري الجنوبي تطغى على مفاوضات فيينا

تشوي ناقش مليارات إيران المجمدة مع روب مالي ومفاوضي الترويكا الأوروبية

جانب من اجتماع روبرت مالي مع مفاوضي 4+1 في صورة نشرها السفير الروسي ميخائيل أوليانوف على تويتر أمس
جانب من اجتماع روبرت مالي مع مفاوضي 4+1 في صورة نشرها السفير الروسي ميخائيل أوليانوف على تويتر أمس
TT

زيارة المسؤول الكوري الجنوبي تطغى على مفاوضات فيينا

جانب من اجتماع روبرت مالي مع مفاوضي 4+1 في صورة نشرها السفير الروسي ميخائيل أوليانوف على تويتر أمس
جانب من اجتماع روبرت مالي مع مفاوضي 4+1 في صورة نشرها السفير الروسي ميخائيل أوليانوف على تويتر أمس

طغت زيارة الوفد القادم من كوريا الجنوبية لمناقشة الأموال الإيرانية المجمدة في سيول، على المفاوضات الجارية في فيينا لإنعاش الاتفاق النووي الإيراني. وعقد الوفد الذي يرأسه نائب وزير خارجية سيول تشوي جونغ كون اجتماعات ماراثونية طوال يوم أمس مع الوفد الأميركي والأوروبيين.
ورغم عدم إعلان أي طرف رسميا عن الاجتماعات، فإن الوفد الكوري توجه صباحا إلى فندق ماريوت في وسط فيينا، المقابل للفندق الرئيسي للمفاوضات «باليه كوبورغ»، والذي يشكل مقرا غير رسمي للوفد الأميركي لعقد اجتماعاته.
وبعد لقاء صباحي دام أكثر من ساعتين بين الوفدين الكوري والأميركي، غادر تشوي ليعود بعد قرابة الساعتين ويلتقي مرة جديدة برئيس الوفد الأميركي المفاوض روبرت مالي الذي شوهد يغادر الفندق بعد اللقاء. والتقى تشوي بعد ذلك برؤساء وفود الدول الأوروبية الثلاث فرنسا وبريطانيا وألمانيا الذين انتقلوا بعد ذلك إلى فندق المفاوضات الرئيسي للاجتماع برئيس الوفد الإيراني علي باقري والمنسق الأوروبي للمحادثات إنريكي مورا.
وكانت كوريا الجنوبية قد أعلنت في بيان صادر عن وزارة خارجيتها أن الوفد جاء بمبادرة من سيول لمناقشة مسألة الأموال الإيرانية المجمدة لديه بقيمة 7 مليارات دولار أميركي. وكانت كوريا الجنوبية قد جمدت الأموال عام 2018 بطلب أميركي بعد أن انسحبت إدارة دونالد ترمب من الاتفاق النووي وأعادت فرض العقوبات على إيران.
وكتب المسؤول الكوري الجنوبي تغريدة أمس على حسابه على تويتر يقول فيها إنه موجود في فيينا «لعقد لقاءات كثيرة مع أصدقاء وشركاء يعملون جاهدا على إحياء» الاتفاق النووي. وأضاف أن «كوريا ستقدم المساعدة الدبلوماسية انطلاقا من مكانها كوصي على الأموال (الإيرانية) المجمدة ومدافع عن اتفاقية عدم الانتشار النووي، وكدولة تسعى لجعل الجزيرة الكورية خالية من السلاح النووي». وعلق مستشار لدى الوفد الإيراني في فيينا، محمد مرندي، على تغريدة تشوي، وكتب متسائلا «وصي على الأموال المجمدة؟ من جعل سيول وصيا على ممتلكات إيران؟»، ليضيف أن «كوريا استهلكت النفط الإيراني، وعوضا عن أن تدفع دينها، استحوذ الرئيس الكوري على ممتلكات إيران بأوامر من ترمب».
ولم تؤكد الخارجية الأميركية اللقاء أو تكشف عن استعدادها لاتخاذ الخطوة الأولى والموافقة على تحرير أموال إيران في كوريا الجنوبية، بل اكتفى متحدث باسم الخارجية الأميركية بالقول إن على إيران «الامتثال المتبادل للشروط إذا أرادت رفع العقوبات». ولكنه لم يشر إلى خطوات «حسن نية» تطالب إيران الولايات المتحدة باتخاذها. وكان وزير الخارجية الإيراني أمير حسين عبد اللهيان قد طالب الولايات المتحدة بالإفراج عن أموال إيران المجمدة في الخارج «كبادرة حسن نية» قبل أن ترسل الحكومة الإيرانية الجديدة وفدها إلى طاولة المفاوضات.
في طهران، قال المتحدث باسم الخارجية، سعيد خطيب زاده إن باقري سيلتقي المسؤول الكوري الجنوبي، لكنه نفى أن يكون وجود المسؤول الكوري بطلب من طهران. وقال: «حضور المسؤول الكوري في فيينا كان قرارا شخصيا»، مشيرا إلى أن «أطراف ثالثة تطلب الحضور في فيينا بسبب قضايا ثنائية أو متعددة» حسبما أوردت وكالة «إرنا». وأوضح أن المسؤول الكوري «طلب لقاء الوفد الإيراني». وأضاف «لا توجد أي صلة بين هذه اللقاءات ومفاوضات إيران و4+1»، لافتا إلى أن اللقاءات التي أجراها المسؤول الكوري مع الوفود المفاوضة «قضية اعتيادية».
في وقت سابق أمس، أشارت وكالة التلفزيون الإيراني إلى أن المفاوضات تجري في «أجواء جدية وبناءة» موضحة أن أطراف المفاوضات تسعى «التركيز على عملها الاحترافي عبر الاستفادة من تجارب الجولة السابعة، وتجنب التأثر بالقضايا الهامشية من بعض اللاعبين المخربين».
وانطلقت الجولة الثامنة من المفاوضات النووية مع إيران في الأيام الأخيرة من العام الماضي، وتوقفت لبضعة أيام في عطلة نهاية السنة لتستأنف مطلع الأسبوع الجاري. وستبقى الجولة مفتوحة لغاية إنهاء المفاوضات، رغم إمكانية مغادرة الوفود لبضعة أيام ثم العودة مجددا. وتريد الأطراف الغربية إنهاء التفاوض في خلال أسابيع قليلة، في مطلع فبراير (شباط) كحد أقصى، «وإلا فإن الاتفاق لن تكون له أي قيمة» بحسب دبلوماسيين غربيين، بسبب استمرار تقدم برنامج إيران النووي. وما زالت مسألة العقوبات الأميركية والضمانات التي يطالب بها الطرف الإيراني، هي العقبة الرئيسية أمام المفاوضين الذين لم يتوصلوا لاتفاق كذلك حول نقاط تتعلق ببرنامج إيران النووي، مثل مصير اليورانيوم الخصب بدرجات مرتفعة وأجهزة الطرود المركزية الحديثة من الجيل السادس التي ركبتها طهران في خلاف للاتفاق النووي.
وذكرت وكالة الأنباء الرسمية «إرنا» أن سعر الدولار «انخفض في السوق الداخلية» تحت تأثير الأنباء عن إطلاق الأموال المجمدة في كوريا الجنوبية والعراق. ونقلت «إرنا» عن متحدث باسم وزارة الكهرباء العراقية أن بغداد «ستدفع قريبا ديونها إلى صندوق ائتمان في بنك التجارة العراقي». وبحسب موقع بونباست. كوم، المتخصص في أسعار الصرف، والذي يتتبع السوق غير الرسمية، فإن سعر الدولار الواحد يساوي 288 ألف ريال أمس، في تراجع عن المستوى القياسي الذي وصله في فترة رئاسة إبراهيم رئيسي، عندما بلغ سعر الدولار 314 ألف ريال، في نهاية الأسبوع الأول من الجولة السابعة الشهر الماضي.



إسرائيل تقصف دمشق... وتُهجّر أهالي قرى في جنوب سوريا

TT

إسرائيل تقصف دمشق... وتُهجّر أهالي قرى في جنوب سوريا

جنود إسرائيليون يعبرون الخميس السياج الذي يفصل مرتفعات الجولان التي تسيطر عليها إسرائيل عن سوريا (أ.ب)
جنود إسرائيليون يعبرون الخميس السياج الذي يفصل مرتفعات الجولان التي تسيطر عليها إسرائيل عن سوريا (أ.ب)

عززت إسرائيل المخاوف من وجودها بشكل طويل في الجولان السوري، بالبدء في تهجير أهالي قرى بالجنوب السوري، بموازاة شن الطيران الحربي غارات على محيط دمشق.

وأفادت وسائل إعلام سورية، الخميس، بأن «جيش الاحتلال دخل الأطراف الغربية لبلدة جباتا الخشب بريف القنيطرة، وطالب الأهالي بتسليمه ما لديهم من أسلحة».

ووفق وسائل الإعلام السورية، فإن «الجيش الإسرائيلي هجّر أهالي قريتي الحرية والحميدية واستولى عليهما، ودخل إلى بلدة أم باطنة مدعوماً بعربات عسكرية ودبابات، فضلاً عن رصد دبابات داخل مدينة القنيطرة جنوبي سوريا».

وشن الطيران الإسرائيلي غارات على محيط العاصمة السورية، وقال سكان في أحياء دمشق الغربية، إنهم سمعوا انفجارَين قويَين يعتقد أنهما في مطار المزة العسكري، وأضاف السكان أنهم سمعوا أصوات طائرات حربية تحلق في أجواء ريف دمشق الجنوبي الغربي.

بدوره أكد رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، الخميس، لمستشار الأمن القومي الأميركي، جايك سوليفان، ضرورة منع «الأنشطة الإرهابية» من الأراضي السورية ضد إسرائيل بعد إطاحة بشار الأسد.

وقال نتنياهو في بيان، إنه التقى سوليفان في القدس، وتطرق معه إلى «الحاجة الأساسية إلى مساعدة الأقليات في سوريا، ومنع النشاط الإرهابي من الأراضي السورية ضد إسرائيل».

إقامة طويلة

وتتوافق التحركات العسكرية الإسرائيلية مع ما كشفت عنه مصادر عسكرية في تل أبيب، بأن الممارسات التي يقوم بها الجيش في الجزء الشرقي من الجولان، تدل على أنه يستعد لإقامة طويلة الأمد في الأراضي السورية، التي احتلها إثر انسحاب قوات النظام السوري من مواقعها في المنطقة العازلة وفض الاشتباك في الجولان.

وتجرى هذه العمليات وسط موافقة أميركية صامتة، وهو ما يُقلق أوساطاً عدة تخشى من فتح الشهية لتدمير خطوط الحدود وتوسيع نطاق الاستيطان في سوريا.

وأشارت المصادر إلى أن هذه العمليات تتم من دون معارضة دولية علنية، باستثناء فرنسا التي نشرت بيان تحذير.

وكان الجنرال مايك كوريلا، قائد القوات الأميركية المركزية في الشرق الأوسط (سنتكوم) زار إسرائيل، الأربعاء، واطلع على تفاصيل العمليات، وعلى نتائج القصف الإسرائيلي، الذي دمر نحو 80 في المائة من مقدرات الجيش السوري، وحطم له سلاح الجو وسلاح البحرية والمضادات الجوية ومخازن الأسلحة، كما أجرى وزير الأمن، يسرائيل كاتس، مكالمة مع نظيره الأميركي، لويد أوستن.

بنية تحتية

وقالت مصادر عسكرية في تل أبيب، إن الجيش الإسرائيلي شرع بتحويل المواقع العسكرية السورية، التي احتلتها الكتيبة 101 من وحدة المظليين، إلى مواقع عسكرية إسرائيلية.

وذكر تقرير عبري أن «الجيش الإسرائيلي بدأ بتأسيس بنية تحتية لوجيستية شاملة، حيث تم إحضار حاويات تحتوي على خدمات مثل الحمامات، والمطابخ، وحتى المكاتب الخاصة بالضباط»، ورجح أن «يتوسع النشاط ليشمل أعمدة اتصالات».

وأفاد بأن الجيش الإسرائيلي أحكم سيطرته على المناطق الحيوية في المنطقة، واحتل قمم التلال التي تكشف مساحات واسعة من سوريا، خصوصاً في المناطق الحدودية، وأقام حواجز عسكرية في التقاطعات داخل القرى السورية، مثل الحواجز المنتشرة في الضفة الغربية.

ومع نشر أنباء تقول إن عمليات الجيش تدل على أنه يخطط للبقاء هناك لمدة سنة على الأقل، قالت المصادر العسكرية لإذاعة الجيش الإسرائيلي إنه «من المبكر تقييم مدى استدامة هذا الوضع، ولكن قادة الجيش يعتقدون أنه لا أحد يعرف كيف ستتطور الأمور الآن في سوريا مع القيادات الجديدة، التي تدل تجربتها على أنها تحمل تاريخاً طافحاً بممارسات العنف الشديد والإرهاب من جهة، وتبث من جهة ثانية رسائل متناقضة حول المستقبل».

وأضافت المصادر: «وفي الحالتين ستواجه إسرائيل تحديات مستقبلية تتطلب بقاء طويل الأمد في المنطقة وتعزيز عدد القوات، ما قد يتطلب استدعاء قوات الاحتياط».

اليمين المتطرف

وتثير العمليات الإسرائيلية في الأراضي السورية قلقاً لدى أوساط عقلانية من أن تفتح شهية اليمين المتطرف على توسيع الاستيطان اليهودي في سوريا. ففي الأراضي التي تم احتلالها سنة 1967 أقامت إسرائيل نحو 30 مستوطنة يهودية، وتبرر إسرائيل احتلالها الأراضي السورية الجديدة بحماية هذه المستوطنات.

وقد لوحظ أن نتنياهو الذي وقف على أرض الجولان يوم الأحد الماضي، وأعلن إلغاء اتفاقية فصل القوات مع سوريا، تكلم خلال محاكمته الثلاثاء عن «شيء بنيوي يحصل هنا، هزة أرضية لم تكن منذ مائة سنة، منذ اتفاق (سايكس - بيكو 1916)».

وبحسب متابعين لسياسته فإنه لم يقصد بذلك إعطاء درس في التاريخ عن اتفاق من عام 1916 بين الدولتين العظميين الاستعماريتين في حينه، بريطانيا وفرنسا، اللتين قُسّمت بينهما أراضي الإمبراطورية العثمانية في الشرق الأوسط، وأوجدت منظومة الدول القائمة حتى الآن؛ بل قصد أنه يضع حداً لمنظومة الحدود في المنطقة.

ولربما باشر تكريس إرثه بصفته رئيس الحكومة الذي وسع حدود إسرائيل مثل دافيد بن غوريون وليفي أشكول، وليس الذي قلصها أو سعى لتقلصيها مثل مناحيم بيغن وإسحق رابين وأرئيل شارون وإيهود أولمرت وإيهود باراك.