ليس بالغذاء وحده... كيف نضمن لأولادنا نمواً صحياً؟

النوم يحسن من تخزين الذكريات

الشعور بالمرح يعزز من نمو صحة الأطفال (أرشيفية - اندبدنت)
الشعور بالمرح يعزز من نمو صحة الأطفال (أرشيفية - اندبدنت)
TT
20

ليس بالغذاء وحده... كيف نضمن لأولادنا نمواً صحياً؟

الشعور بالمرح يعزز من نمو صحة الأطفال (أرشيفية - اندبدنت)
الشعور بالمرح يعزز من نمو صحة الأطفال (أرشيفية - اندبدنت)

يعتقد البعض أن نمو أطفالنا لا يحتاج سوى الغذاء الجيد، لكن عملية النمو تحتاج أيضاً إلى النوم وممارسة الرياضة وحتى تدريب الأطفال على الشعور بالمرح.
ووفقاً لخبراء في صحة الأطفال والأسرة، فإن النوم الجيد والكافي، والغذاء الصحي والحديث عنه لأطفالنا، وتحفيزهم على ممارسة الرياضة حتى ولو 15 دقيقة في اليوم، وأيضاً تحفيز الأفكار الإيجابية لديهم، كلها أمور تعزز من حصولهم على نمو صحي.
* النوم
ويعرف الخبراء في دراسة جديدة أنه على الأطفال الحصول على قسطٍ كافٍ من النوم، إذ إن قلة النوم تساهم في خيارات التغذية الرديئة، والتي بدورها تلعب دوراً في وباء السمنة ومشاكل صحية لاحقة.
وعدت الدراسة التي نشرت في مجلة «سليب» أن النوم هو الأولوية رقم 1 التي تعتقد مؤلفة الدراسة كارا دوراشيو أنه يجب أن تكون في أذهان الآباء والأمهات أثناء محاولتهم ضمان حاضر ومستقبل صحيين لأطفالهم.
وذكرت الدراسة أن «النوم يتقاطع حرفياً مع كل جانب من جوانب حياتنا مثل التحصيل الدراسي والقدرة على الانتباه في الفصل والصحة. وليس فقط الصحة المرتبطة بالوزن، ولكن الصحة المعرفية، والصحة العاطفية، والقدرات الاجتماعية مثل تكوين الصداقات والحفاظ عليها»، وقالت مؤلفة الدراسة إنه «مهما كانت العادات التي نريد تطويرها لتحسين صحة أطفالنا، فإن النوم سيساعد في تعزيزها».

وذكرت الأكاديمية الأميركية لطب الأطفال في عام 2018 أن ثلاثة أرباع طلاب المدارس الثانوية يحصلون على أقل من ثماني إلى 10 ساعات من النوم في الليلة. وقد يحتاج الأطفال الأصغر سناً إلى المزيد بل وحتى أقل.
ويقول الباحثون إن بدانة الأطفال هي الآن «وباء»، وأعربوا عن أسفهم لحقيقة أن ذلك ينتج عنه مشكلات صحية قد تستمر إلى فترة مراهقتهم، ويرجعون تلك السمنة إلى عدم حصول الأطفال على النوم المناسب.
وبينما لا يزال الباحثون يكتشفون معلومات جديدة عن النوم، فإنهم يعتقدون أنه ضروري لمعالجة وتخزين أنواع مختلفة من الذكريات، وكذلك مساعدة الجسم على الراحة والشفاء، من تقوية جهاز المناعة لمحاربة الإصابات والأمراض إلى إصلاح الضرر الذي حدث خلال اليوم.
وينصح خبراء الصحة أنه يجب استخدام الأسرة للنوم فقط للمساعدة في تحسين العقلية. ويجب ألا يقرأ الشباب أو يتصفحوا الإنترنت أثناء وجودهم في السرير. بالإضافة إلى ذلك، يمكن إعادة ضبط إيقاع النوم الطبيعي للمرء بمرور الوقت من خلال الذهاب إلى الفراش قبل 15 دقيقة من المعتاد لمدة أسبوع، ثم 15 دقيقة أخرى في الأسبوع التالي، حتى يحين موعد النوم الذي يطابق احتياجات النوم مع الالتزامات الأخرى مثل الاستعداد للمدرسة.
* الغذاء
الغذاء هو وقود الجسم والدماغ. وتقول الدكتورة ريبيكا جاكسون اختصاصية الغذاء في ولاية نورث كارولينا، إنه عندما ينفد من الجسم الوقود الجيد والموارد التي يحتاجها ليعمل على مستوى عالٍ، فإنه يبدأ في الانهيار والحرق.
ولذلك، إذا أردنا أن يشعر أطفالنا بوافر الصحة، فنحن بحاجة إلى التغذية الجيدة. وأن يوازن الأطفال بين الطعام الصحي والوجبات السريعة التي ينجذبون فيها في كثير من الأحيان.

قال الدكتور بول ويركوس، طبيب الأطفال في موراي بولاية يوتا: «نحن صنيعة مما نأكله بالمعنى الحرفي للكلمة، سواء من حيث العناصر الغذائية أو حتى الشعور بالفرح الذي نحصل عليه من التجمع معاً وتناول الطعام». وأردف: «لا يوجد شيء أكثر حزناً من الأكل الذي يفتقر إلى استيقاظ الذهن والبهجة».
وينصح الأطباء بالحديث للأطفال عن خصائص الأطعمة ومما تتكون، وما تفعله الأطعمة للجسم، مثل الفرق بين «الكب كيك» والدهون الصحية الموجودة في ثمار صحية مثل الأفوكادو، ثم نجعلهم لاتخاذ خيارات أفضل لصحتهم.
* ممارسة الرياضة
وتقول جاكسون، إن ممارسة الرياضة لها آثار هائلة ليس فقط على الصحة البدنية، ولكن أيضاً على الصحة العقلية، وتتابع: «إذا كنت تشعر بالإحباط أو الخمول، إذا كنت تشعر بعدم التركيز، فلديك القوة للتأثير على ذلك. استخدم العضلات لتشغيل عقلك».
وتعد الخبيرة الصحية أن ممارسة الرياضة لا يجب أن تكون طويلة أو مكثفة، مثل 30 دقيقة، وهي كمية كافية للتحسين من عمل القلب والأوعية الدموية. حتى لو استغرقت شيئاً بسيطاً مثل بضع دقائق من الجري صعوداً وهبوطاً على الدرج لرفع معدل ضربات قلبك وتحسين مجموعات عضلية كبيرة، فإن ذلك «يحفز مناطق هائلة من دماغك ويزيد من تدفق الدم والأكسجين الذي يعزز التركيز والذاكرة».

ترى جاكسون اختلافاً في الطاقة والمزاج بعد ممارسة أطفالها للرياضة، وأنها «تشاهدهم بعد التمرين وهم يتحدثون مع بعضهم بعضاً ولديهم الكثير ليقولوه وهم متحمسون للتو. مقابل يوم لا يمارسون فيه الرياضة بعد المدرسة وتلتقطهم ويكونون متعبين وبطيئين في السيارة ثم يريدون الذهاب إلى غرفتهم وإغلاق الباب».
* الشعور بالفرح
وفقاً للباحثة في علم النفس ودراسات الطفل والأسرة بولاية يوتا، جيني هاو، فإن مساعدة أطفالنا للشعور بالفرح يعزز من النمو الجيد للأطفال.
وعدت الاختصاصية أن الفرح لا يعني عدم الشعور بالمشاعر السلبية أحياناً، ولكن الشعور بالفرح والإيجابية هو اختيار نشط لنا، ويمكن أن يعزز من نمو أطفالنا.
وعدت الباحثة جاكسون أن الشعور بالفرح أمر يشبه تمرين عضلة في الجسم، وتفسر: «الأفكار والمشاعر تنطلق في دماغنا بنفس طريقة الفعل، لذلك إذا كنت أريد أن تصبح عضلات رأسي أقوى، فربما سأقوم بمزيد من تمارين الضغط أو تمارين عضلة الرأس. ولذلك، إذا كنت أريد بهجتي أو الشعور الإيجابية يتزايد، فأنا بحاجة إلى القيام بالمزيد من ذلك، وخلق أنماط وعادات تكسبني الشعور بالفرحة».
ويعد الخبراء أن الابتعاد عن الأصدقاء الذين يشكون باستمرار، يساعد في تحفيز نمو صحي للأطفال، وهذا لا يعني أنه يمكن الاعتراف بالحزن والإحباط أحياناً، ولكن يشير الباحثون إلى أن «المهم ألا يبقى تركيزنا على السلبيات فحسب».


مقالات ذات صلة

نصائح لتقليل التعرض للجسيمات البلاستيكية في طعامك

صحتك الجسيمات البلاستيكية الدقيقة قد تتسبب في أضرار صحية خطيرة (رويترز)

نصائح لتقليل التعرض للجسيمات البلاستيكية في طعامك

هناك طرق لتقليل كمية الجسيمات البلاستيكية الدقيقة التي تدخل إلى الجسم من خلال الطعام والشراب

«الشرق الأوسط» (لندن)
يوميات الشرق المشي يومياً يعزز فرص العيش بصحة أفضل (جامعة سيوكس فولز الأميركية)

المشي ساعة يومياً يحسن صحة الناجيات من السرطان

وجدت دراسة أميركية أن المشي لمدة ساعة يومياً يحسن الصحة ويقلل بشكل كبير من خطر الوفاة.

«الشرق الأوسط» (القاهرة )
صحتك مضغ مادة صلبة مثل الخشب يمكن أن يعزز مستويات مضادات الأكسدة الطبيعية في الدماغ (رويترز)

يحسّن الذاكرة... تأثير مفاجئ لمضغ الخشب على الدماغ

قالت دراسة جديدة إن مضغ مادة صلبة مثل الخشب يمكن أن يعزز مستويات مضادات الأكسدة الطبيعية في الدماغ البشري، مما قد يحسِّن بدوره ذاكرة الشخص.

«الشرق الأوسط» (سيول)
صحتك أكدت عدة دراسات على التأثير السلبي للإفراط في استخدام الشاشات على الصحة (رويترز)

الإفراط في استخدام الهاتف قد يصيب هذه الفئة العمرية بالهوس

توصلت دراسة حديثة إلى أن الأطفال الذين تبلغ أعمارهم 10 و11 عاماً والذين يفرطون في استخدام الهاتف والشاشات قد يكونون أكثر عرضة للإصابة بأعراض الهوس.

«الشرق الأوسط» (نيويورك)
صحتك فصيلة الدم يمكن أن تزيد من خطر الإصابة بالسكتة الدماغية المبكرة (رويترز)

فصيلة دمك قد تزيد من خطر إصابتك بالسكتة الدماغية قبل الستين

كشفت دراسة جديدة عن أن فصيلة الدم يمكن أن تزيد من خطر الإصابة بالسكتة الدماغية قبل سن الستين.

«الشرق الأوسط» (نيويورك)

روبوت بحجم راحة اليد ينفذ مهام دقيقة في البيئات القاسية

الروبوت الجديد يعتبر أحد أصغر الروبوتات القادرة على العمل في بيئات معقدة (جامعة يوكوهاما الوطنية)
الروبوت الجديد يعتبر أحد أصغر الروبوتات القادرة على العمل في بيئات معقدة (جامعة يوكوهاما الوطنية)
TT
20

روبوت بحجم راحة اليد ينفذ مهام دقيقة في البيئات القاسية

الروبوت الجديد يعتبر أحد أصغر الروبوتات القادرة على العمل في بيئات معقدة (جامعة يوكوهاما الوطنية)
الروبوت الجديد يعتبر أحد أصغر الروبوتات القادرة على العمل في بيئات معقدة (جامعة يوكوهاما الوطنية)

طوّر مهندسون من جامعة يوكوهاما الوطنية في اليابان روبوتاً بحجم راحة اليد، قادراً على العمل بدقة فائقة في جميع الاتجاهات، حتى في أكثر البيئات قسوةً وتطرفاً.

وأوضحت النتائج، التي نشرت الجمعة، بدورية «Advanced Intelligent Systems» أن الروبوت الجديد يمكنه العمل في البيئات المعزولة، والمختبرات عالية الأمان، وحتى البيئات الفضائية، حيث يصعب على البشر التدخل.

واستلهم الباحثون تصميم الروبوت (HB-3) من خنافس وحيد القرن، وهي حشرات معروفة بحركتها القوية والمتعددة الاتجاهات، ما جعلها نموذجاً مثالياً لتطوير روبوت صغير يتمتع بالاستقلالية والدقة الفائقة. ويبلغ وزن الروبوت، الملقّب بـ«الخنفساء الآلية»، 515 غراماً فقط، وحجمه لا يتجاوز 10 سنتيمترات مكعبة، وهذا يجعله أحد أصغر الروبوتات القادرة على العمل في بيئات معقدة.

ويتميز الروبوت بقدرة فريدة على التحرك في جميع الاتجاهات بدقة عالية، معتمداً على مشغلات كهروضغطية (Piezoelectric Actuators)، وهي تقنية تحول الطاقة الكهربائية إلى حركة ميكانيكية دقيقة للغاية. وتعمل هذه المشغلات بطريقة تشبه العضلات الصناعية، حيث تتمدد أو تنكمش عند تطبيق مجال كهربائي، مما يمنح الروبوت قدرة غير مسبوقة على التحرك بدقة تصل إلى مستوى النانومتر.

ووفق الباحثين، يتم التحكم بحركات الروبوت عبر دائرة قيادة مدمجة تعمل بمعالج متقدم، ما يتيح له تنفيذ مهام معقدة دون الحاجة إلى كابلات خارجية. كما زُوّد بكاميرا داخلية وتقنيات تعلم آلي، وهذا يسمح له بالتعرف على الأجسام وضبط حركاته في الوقت الفعلي وفقاً للبيئة المحيطة به.

بالإضافة إلى ذلك، يمكنه استخدام أدوات مختلفة، مثل ملقط دقيق لالتقاط وتجميع المكونات، وحاقن صغير لوضع قطرات دقيقة من المواد، كما يمكن تحويل أدواته إلى مجسات قياس، أو مكواة لحام، أو مفكات براغي، مما يمنحه مرونة واسعة للاستخدام في نطاقات مختلفة.

وأظهرت الاختبارات كفاءة عالية للروبوت في تنفيذ مهام متعددة داخل بيئات مغلقة، باستخدام أدوات دقيقة مثل ملقاط تجميع الشرائح الدقيقة أو محاقن لتطبيق كميات متناهية الصغر من السوائل، حيث حقق دقة فائقة مع معدل نجاح بلغ 87 في المائة.

بيئات صعبة

ووفق الباحثين، صُمم الروبوت للعمل في بيئات يصعب فيها التدخل البشري، حيث يمكن استخدامه في الجراحة الدقيقة ودراسة الخلايا، إضافة إلى تحليل المواد النانوية داخل البيئات المعقمة، ما يجعله أداة مهمة في مختبرات التكنولوجيا الحيوية والفيزياء المتقدمة.

وفي الصناعة الدقيقة، يساهم الروبوت في تصنيع المكونات الإلكترونية الصغيرة مثل رقائق أشباه الموصلات، مع القدرة على العمل في البيئات القاسية مثل الفراغ أو الغرف ذات الضغط العالي.

وخلص الباحثون إلى أن هذا الابتكار يمثل خطوة نحو روبوتات دقيقة مستقلة، مع إمكانات ثورية في المجالات الطبية والصناعية والبحثية. ورغم إنجازاته، يسعى الفريق إلى تحسين سرعة المعالجة وتطوير كاميرات إضافية لتعزيز دقة التوجيه مستقبلاً.