الجيش الإسرائيلي يوقف عمل مروحياته وتدريباته البحرية

بعد تحطم واحدة منها ومقتل ضابطين

أفراد من الشرطة الإسرائيلية يحملون أجزاء من مروحية بعد تحطمها قبالة ساحل البحر قرب حيفا (رويترز)
أفراد من الشرطة الإسرائيلية يحملون أجزاء من مروحية بعد تحطمها قبالة ساحل البحر قرب حيفا (رويترز)
TT

الجيش الإسرائيلي يوقف عمل مروحياته وتدريباته البحرية

أفراد من الشرطة الإسرائيلية يحملون أجزاء من مروحية بعد تحطمها قبالة ساحل البحر قرب حيفا (رويترز)
أفراد من الشرطة الإسرائيلية يحملون أجزاء من مروحية بعد تحطمها قبالة ساحل البحر قرب حيفا (رويترز)

في أعقاب تحطم الطائرة المروحية ومقتل الضابطين اللذين قاداها، قرر سلاح الجو الإسرائيلي وقف عمل مروحياته البحرية بينما قرر سلاح البحرية وقف جميع تدريباته، وقررت وزارة الدفاع إغلاق الشاطئ أمام الجمهور وإعلانه منطقة عسكرية، إلى حين إنهاء التحقيقات.
وسارع الناطق بلسان الجيش الإسرائيلي، ران كوخاف، إلى نفي الأنباء عن أن الحادث حصل جراء عملية عسكرية معادية أو نتيجة لخلل حصل من هجمة سايبر إيرانية. وقال إنها احتمالات ضئيلة جداً، لكننا سنعرف بدقة بعد انتهاء التحقيق.
وأضاف كوخاف: «إننا نفحص الخيارات كافة، لكني لا أعتقد أن هذه كانت عملية معادية، وهذا هو الاتجاه الذي سيتبين أنه صحيح. وقد ترددت أمس تقارير كثيرة، معظمها ليس صحيحاً ومبكرة جداً. عملياً، نحن لا نعرف حتى الآن الإجابة على السؤال حول سبب سقوط المروحية، وما زلنا في بداية التحقيق والاتجاهات كافة مفتوحة أمامنا». وأضاف أنه رأى التقارير حول مشاهدة كرة نار التي ربما تدل على خلل تقني في المحرك أو شيء آخر، «لكني لا أعرف الإجابة بشكل مؤكد على هذه الأمور. لقد ارتطموا بالمياه من دون بلاغ مسبق بجهاز الاتصال». وأشار إلى أن الطيارين لم يتمكنا من إطلاق نداء استغاثة.
من جهته، وعد وزير الدفاع، بيني غانتس، بإجراء تحقيق معمق وشفاف والكشف عن ملابسات الحادث. فيما قال الناطق، إن سلاح الجو كان قد قرر قبل هذا الحادث ومن دون علاقة به، تغيير الطائرات المروحية من هذا النوع واستبدالها بطائرات مروحية أميركية. وأكد خبراء إسرائيليون وقادة سابقون أن الاحتمال الأكبر هو أن تحطم الطائرة نجم عن خطأ إنساني أو خلل فني أو كليهما معاً.
وكانت الطائرة، وهي من صنع شركة «يوروكوبتر» الفرنسية، التابعة لشركة «أيرباص»، قد شاركت في تدريبات ليلية في عمق البحر المتوسط لرصد تحركات معادية ضد سفن حربية إسرائيلية. وقد ضمت فريقاً من 3 ضباط، طيار رئيسي وطيار ثانوي من سلاح الجو، وضابط توجيه من سلاح البحرية. وخلال عودتها، انقطع عنها الاتصال وهي على بعد بضع مئات الأمتار عن شواطئ مدينة حيفا، قبالة مركز البحوث البحرية الواقع بحي «بات غاليم» وشاطئ السباحة العمومي. وارتطمت بالماء، محدثة دوي انفجار صاعق وكتلة ضخمة من اللهيب الناري الذي ظل مشتعلاً في قلب البحر لنحو الساعة. وبما أنها مبنية بطريقة تتيح للطاقم أن يغادرها حال ارتطامها بمياه البحر، فقد كان يفترض أنه يستطيع مغادرتها والنجاة. لكن لسبب غير معروف، لم يتمكن الطياران من الخلاص، فلقيا مصرعهما، فيما تمكن ضابط سلاح البحرية من مغادرتها. وتم تخليصه وهو يعاني من جراح متوسطة.
وأمضت قوات الإنقاذ في الجيش الإسرائيلي ساعات الليل، بإلقاء قنابل ضوئية فوق شواطئ مدينة حيفا، وعملت على جمع حطام الطائرة بمشاركة فريق غواصين، حتى لا تفلت أي قطعة أو وثيقة. وفرضت الرقابة العسكرية الحظر على نشر أي معلومات تفصيلية متعلقة بالحادث. وفي الوقت ذاته، شهدت الساحة السياسية هزة، جعلت مسؤولين كباراً مثل رئيس لجنة الخارجية والأمن، وهو النائب السابق لرئيس الموساد (جهاز المخابرات الخارجية)، ران بن باراك، وعضو اللجنة والوزير السابق، ديفيد عمسالم، يخرقان أمر الحظر ويكشفان أسرار الحادث. فيما غادر رئيس الحكومة، نفتالي بنيت، قاعة الكنيست مهرولاً بعد تلقيه معلومات حول الحادثة عبر سكرتيره العسكري.
يذكر أن هذه الحادثة كانت الثالثة من نوعها التي تصيب «السرية 193» لسلاح الجو الإسرائيلي، التي تدعى في الجيش باسم «حماة الغرب». فقد سبق أن وقعت لها حادثة عام 1996 بعد شهر واحد من إقامة السرية، إذ تحطمت طائرة مروحية وقتل طاقمها المؤلف من 3 ضباط. وخلال حرب لبنان الثانية، عام 2006، أطلق «حزب الله» صاروخاً بحرياً نحو سفينة حربية في عمق البحر، قبالة الشواطئ اللبنانية فأصابها بأضرار بليغة وتسبب في مقتل 4 ضباط، بينهم طياران كانا يستعدان لإطلاق طائرة مروحية من طراز «خفاش».
ومع مرور فترة 25 عاماً على استخدامها، قرر الجيش الإسرائيلي تغيير هذه المروحيات وتم شراء طائرات مروحية أميركية لاستبدالها. وبسبب سعرها الباهظ تم شراء 6 مروحيات مستعملة، جرى تحديثها. وستدخل إلى الخدمة في سنة 2024. وقد بدأ سلاح البحرية الإسرائيلي عملية توسيع مهبط الطائرات في سفنه الحربية لتلائم الطائرات الأميركية، كونها أكبر من الفرنسية.



نزيف بشري للجماعة الحوثية رغم توقف المعارك

مقبرة أنشأتها الجماعة الحوثية لقتلاها في صنعاء (أ.ف.ب)
مقبرة أنشأتها الجماعة الحوثية لقتلاها في صنعاء (أ.ف.ب)
TT

نزيف بشري للجماعة الحوثية رغم توقف المعارك

مقبرة أنشأتها الجماعة الحوثية لقتلاها في صنعاء (أ.ف.ب)
مقبرة أنشأتها الجماعة الحوثية لقتلاها في صنعاء (أ.ف.ب)

شيّعت الجماعة الحوثية خلال الأسبوع الماضي أكثر من 15 قتيلاً من قيادييها العسكريين والأمنيين من دون إعلان ملابسات سقوطهم. ورغم توقف المعارك العسكرية مع القوات الحكومية اليمنية في مختلف الجبهات؛ فإن النزيف البشري المستمر لقياداتها وعناصرها يثير التساؤلات عن أسبابه، بالتزامن مع مقتل العديد من القادة في خلافات شخصية واعتداءات على السكان.

ولقي قيادي بارز في صفوف الجماعة مصرعه، الأحد، في محافظة الجوف شمال شرقي العاصمة صنعاء في كمين نصبه مسلحون محليون انتقاماً لمقتل أحد أقاربهم، وذلك بعد أيام من مقتل قيادي آخر في صنعاء الخاضعة لسيطرة الجماعة، في خلاف قضائي.

وذكرت مصادر قبلية في محافظة الجوف أن القيادي الحوثي البارز المُكنى أبو كمال الجبلي لقي مصرعه على يد أحد المسلحين القبليين، ثأراً لمقتل أحد أقاربه الذي قُتل في عملية مداهمة على أحد أحياء قبيلة آل نوف، التي ينتمي إليها المسلح، نفذها القيادي الحوثي منذ أشهر، بغرض إجبار الأهالي على دفع إتاوات.

من فعالية تشييع أحد قتلى الجماعة الحوثية في محافظة حجة دون الإعلان عن سبب مقتله (إعلام حوثي)

ويتهم سكان الجوف القيادي القتيل بممارسات خطيرة نتج عنها مقتل عدد من أهالي المحافظة والمسافرين وسائقي الشاحنات في طرقاتها الصحراوية واختطاف وتعذيب العديد منهم، حيث يتهمونه بأنه كان «يقود مسلحين تابعين للجماعة لمزاولة أعمال فرض الجبايات على المركبات المقبلة من المحافظات التي تسيطر عليها الحكومة، وتضمنت ممارساته الاختطاف والتعذيب والابتزاز وطلب الفدية من أقارب المختطفين أو جهات أعمالهم».

وتقول المصادر إن الجبلي كان يعدّ مطلوباً من القوات الحكومية اليمنية نتيجة ممارساته، في حين كانت عدة قبائل تتوعد بالانتقام منه لما تسبب فيه من تضييق عليها.

وشهدت محافظة الجوف مطلع هذا الشهر اغتيال قيادي في الجماعة، يُكنى أبو علي، مع أحد مرافقيه، في سوق شعبي بعد هجوم مسلحين قبليين عليه، انتقاماً لأحد أقاربهم الذي قُتِل قبل ذلك في حادثة يُتهم أبو علي بالوقوف خلفها.

في الآونة الأخيرة تتجنب الجماعة الحوثية نشر صور فعاليات تشييع قتلاها في العاصمة صنعاء (إعلام حوثي)

وتلفت مصادر محلية في المحافظة إلى أن المسلحين الذين اغتالوا أبو علي يوالون الجماعة الحوثية التي لم تتخذ إجراءات بحقهم، مرجحة أن تكون عملية الاغتيال جزءاً من أعمال تصفية الحسابات داخلياً.

قتل داخل السجن

وفي العاصمة صنعاء التي تسيطر عليها الجماعة الحوثية منذ أكثر من 10 سنوات، كشفت مصادر محلية مطلعة عن مقتل القيادي الحوثي البارز عبد الله الحسني، داخل أحد السجون التابعة للجماعة على يد أحد السكان المسلحين الذي اقتحم السجن الذي يديره الحسني بعد خلاف معه.

وتشير المصادر إلى أن الحسني استغل نفوذه للإفراج عن سجين كان محتجزاً على ذمة خلاف ينظره قضاة حوثيون، مع المتهم بقتل الحسني بعد مشادة بينهما إثر الإفراج عن السجين.

وكان الحسني يشغل منصب مساعد قائد ما يسمى بـ«الأمن المركزي» التابع للجماعة الحوثية التي ألقت القبض على قاتله، ويرجح أن تجري معاقبته قريباً.

وأعلنت الجماعة، السبت الماضي، تشييع سبعة من قياداتها دفعة واحدة، إلى جانب ثمانية آخرين جرى تشييعهم في أيام متفرقة خلال أسبوع، وقالت إنهم جميعاً قتلوا خلال اشتباكات مسلحة مع القوات الحكومية، دون الإشارة إلى أماكن مقتلهم، وتجنبت نشر صور لفعاليات التشييع الجماعية.

جانب من سور أكبر المستشفيات في العاصمة صنعاء وقد حولته الجماعة الحوثية معرضاً لصور قتلاها (الشرق الأوسط)

ويزيد عدد القادة الذين أعلنت الجماعة الحوثية عن تشييعهم خلال الشهر الجاري عن 25 قيادياً، في الوقت الذي تشهد مختلف جبهات المواجهة بينها وبين القوات الحكومية هدوءاً مستمراً منذ أكثر من عامين ونصف.

ورعت الأمم المتحدة هدنة بين الطرفين في أبريل (نيسان) من العام قبل الماضي، ورغم أنها انتهت بعد ستة أشهر بسبب رفض الجماعة الحوثية تمديدها؛ فإن الهدوء استمر في مختلف مناطق التماس طوال الأشهر الماضية، سوى بعض الاشتباكات المحدودة على فترات متقطعة دون حدوث أي تقدم لطرف على حساب الآخر.

قتلى بلا حرب

وأقدمت الجماعة الحوثية، أخيراً، على تحويل جدران سور مستشفى الثورة العام بصنعاء، وهو أكبر مستشفيات البلاد، إلى معرض لصور قتلاها في الحرب، ومنعت المرور من جوار السور للحفاظ على الصور من الطمس، في إجراء أثار حفيظة وتذمر السكان.

وتسبب المعرض في التضييق على مرور المشاة والسيارات، وحدوث زحام غير معتاد بجوار المستشفى، ويشكو المرضى من صعوبة وصولهم إلى المستشفى منذ افتتاح المعرض.

ويتوقع مراقبون لأحوال الجماعة الحوثية أن يكون هذا العدد الكبير من القيادات التي يجري تشييعها راجعاً إلى عدة عوامل، منها مقتل عدد منهم في أعمال الجباية وفرض النفوذ داخل مناطق سيطرة الجماعة، حيث يضطر العديد من السكان إلى مواجهة تلك الأعمال بالسلاح، ولا يكاد يمرّ أسبوع دون حدوث مثل هذه المواجهات.

ترجيحات سقوط عدد كبير من القادة الحوثيين بغارات الطيران الأميركي والبريطاني (رويترز)

ويرجح أن يكون عدد من هؤلاء القادة سقطوا بقصف الطيران الحربي للولايات المتحدة الأميركية وبريطانيا اللتين شكلتا منذ قرابة عام تحالفاً عسكرياً للرد على استهداف الجماعة الحوثية للسفن التجارية وطرق الملاحة في البحر الأحمر، وتنفذان منذ ذلك الحين غارات جوية متقطعة على مواقع الجماعة.

كما تذهب بعض الترجيحات إلى تصاعد أعمال تصفية الحسابات ضمن صراع وتنافس الأجنحة الحوثية على النفوذ والثروات المنهوبة والفساد، خصوصاً مع توقف المعارك العسكرية، ما يغري عدداً كبيراً من القيادات العسكرية الميدانية بالالتفات إلى ممارسات نظيرتها داخل مناطق السيطرة والمكاسب الشخصية التي تحققها من خلال سيطرتها على أجهزة ومؤسسات الدولة.

وبدأت الجماعة الحوثية خلال الأسابيع الماضية إجراءات دمج وتقليص عدد من مؤسسات وأجهزة الدولة الخاضعة لسيطرتها، في مساعِ لمزيد من النفوذ والسيطرة عليها، والتخفيف من التزاماتها تجاه السكان بحسب المراقبين.