لبنان: تحذيرات من تدهور الواقع الصحي جراء ارتفاع الإصابات بـ«كورونا»

قلق على الوضع الاستشفائي في ظل الظروف المعيشية

TT

لبنان: تحذيرات من تدهور الواقع الصحي جراء ارتفاع الإصابات بـ«كورونا»

حذر وزير الصحة اللبناني، فراس أبيض، من ازدياد الوضع الوبائي في لبنان جراء ارتفاع أرقام الإصابات بفيروس «كورونا»، مشيراً إلى قلق السلطات على الوضع الاستشفائي، مستبعداً حتى الآن الإقفال العام، قائلاً: «إننا نبذل كل الجهود كي لا نصل إلى هذا الأمر».
وازدادت أرقام الإصابات بفيروس «كورونا» بشكل كبير خلال الأسبوعين الأخيرين، ولامست 5 آلاف إصابة يومية، كما سجلت ارتفاعاً في أعداد الوفيات اليومية لتصل إلى 17 أول من أمس، مما دفع بالسلطات للاستنفار.
وقال رئيس لجنة الصحة النيابية، النائب عاصم عراجي، إن الفيروس «ينتشر بسرعة»، أما المتحور «أوميكرون» فقد تضاعفت سرعة انتشاره خلال اليومين الماضيين؛ أي كل يومين ونصف يتضاعف العدد. وقال: «نحن وصلنا إلى أرقام تدعو إلى القلق، ونتوقع أن يرتفع أكثر». وأضاف خلال جلسة اللجنة النيابية: «المشكلة أنه إذا ارتفع عدد الإصابات عندنا؛ فإنه يؤدي إلى إصابات خطرة؛ لأنها تحتاج إلى غرف عناية فائقة»، موضحاً أنه «لدينا 916 سريراً؛ سواء أسرّة عادية وأسرة (عناية)، ولاحظنا دخول 40 مريضاً إلى غرف الأسرّة العادية أو العناية، وهذا أمر غير مطمئن».
وبلغ عدد المرضى في المستشفيات أول من أمس 700 مصاب، بعدما كان هناك 660 مريضاً، فيما بلغت نسبة الإشغال في المستشفيات 80 في المائة. وقال عراجي: «إذا ارتفعت الإصابات والمرضى الذين يحتاجون إلى غرف عناية، فسنكون أمام واقع صحي صعب».
وعرض رئيس الحكومة نجيب ميقاتي، مع وزير الصحة العامة فراس الأبيض، في السراي الحكومي، التطورات الأخيرة لانتشار فيروس «كورونا». وأعلن الأبيض أن الأعداد اليومية للإصابة بفيروس «كورونا» تزداد، وفي الوقت نفسه «لدينا قلق على الوضع الاستشفائي، مع أن الوضع في المستشفيات لغاية الآن لا يزال تحت السيطرة، ولم يزد عدد المرضى فيها وفي العناية الفائقة بشكل كبير، ولكن المطلوب منا أن نكون على درجة من الجهوزية والاستعداد، في حال ازدياد هذه الأرقام».
وتطرق الأبيض إلى موضوع المستشفيات ورفع جهوزيتها، وقال: «لقد زدنا عدد أسرّة المستشفيات بنسبة 30 في المائة تقريباً لغاية الآن، ونعمل من أجل رفعها إلى أعداد أكبر في حال تطلب الوضع الوبائي ذلك، علماً بأننا نعلم جميعاً أنه للأسباب الاقتصادية والصحية والنفسية، طرح موضوع الإقفال العام ولكن لغاية الآن نبذل كل الجهود كي لا نصل إلى هذا الأمر».
ويبلغ عدد أسرة وزارة الصحة في المستشفيات الخاصة والحكومية حتى الآن 597 سريراً و441 عناية فائقة. وقال مدير العناية الطبية في وزارة الصحة، جوزيف الحلو، إن المتحور «أوميكرون» ينتشر بسرعة، وإن أرقام الإصابات سترتفع، وإن مستشفيات أقفلت أقسام «كورونا» بسبب الهجرة الكبيرة للجهاز الطبي والوضع المادي.
وقال في حديث إذاعي: «السنة الماضية استطعنا المواجهة، لكن في حال ارتفعت الأعداد إلى مستوى السنة الماضية؛ فالمستشفيات غير قادرة على المواجهة، ونتيجة الوضع المالي، بات المرضى يتوجهون إلى المستشفيات الحكومية».
ولم يحسم لبنان بعد مسألة إقفال المدارس جراء انتشار الفيروس. ولفت وزير الصحة في سلسلة تغريدات إلى أنه «في اجتماع وزارة التربية والتعليم العالي، ليس السؤال المهم ما إذا كان ينبغي أن تظل المدارس مغلقة بسبب تسونامي (أوميكرون). السؤال هو: كيف تستأنف الدروس بأمان؛ للطلاب والمعلمين والإداريين والأسر والمجتمع بشكل عام؟».
وقال الأبيض: «يجب على المدارس التأكد من اتباع الجميع تدابير السلامة، وأهمها ارتداء الكمامة. لم يكن سلوك الأهل والمجتمع في الأيام القليلة الماضية مثالاً جيداً. في الشتاء، سيكون من الصعب استخدام التهوية الطبيعية للحفاظ على الهواء نظيفاً ومنع انتشار الفيروس». وأشار إلى أن «معدل اللقاح في المدارس لا يزال منخفضاً، لكن الجهود جارية لمعالجة هذه الموضوع». وإذ لفت إلى أن فتح المدارس «سيؤدي حتماً إلى تسهيل انتشار الفيروس»، سأل: «هل بقدرة النظام الصحي المرهق التعامل مع ذلك؟».


مقالات ذات صلة

«كوفيد» الطويل الأمد لا يزال يفتك بكثيرين ويعطّل حياتهم

صحتك صورة توضيحية لفيروس «كوفيد-19» (أرشيفية - رويترز)

«كوفيد» الطويل الأمد لا يزال يفتك بكثيرين ويعطّل حياتهم

منذ ظهور العوارض عليها في عام 2021، تمضي أندريا فانيك معظم أيامها أمام نافذة شقتها في فيينا وهي تراقب العالم الخارجي.

«الشرق الأوسط» (فيينا)
شمال افريقيا «الصحة» المصرية تنفي رصد أمراض فيروسية أو متحورات مستحدثة (أرشيفية - مديرية الصحة والسكان بالقليوبية)

متحور جديد لـ«كورونا» في مصر؟... نفي رسمي و«تخوف سوشيالي»

نفت وزارة الصحة المصرية رصد أي أمراض بكتيرية أو فيروسية أو متحورات مستحدثة مجهولة من فيروس «كورونا».

محمد عجم (القاهرة)
الولايات المتحدة​ أظهر المسح الجديد تراجعاً في عدد الأطفال الصغار المسجلين في الدور التعليمية ما قبل سن الالتحاق بالمدارس في أميركا من جراء إغلاق الكثير من المدارس في ذروة جائحة كورونا (متداولة)

مسح جديد يرصد تأثير جائحة «كورونا» على أسلوب حياة الأميركيين

أظهر مسح أميركي تراجع عدد الأجداد الذين يعيشون مع أحفادهم ويعتنون بهم، وانخفاض عدد الأطفال الصغار الذين يذهبون إلى الدور التعليمية في أميركا.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
شمال افريقيا الزحام من أسباب انتشار العدوى (تصوير: عبد الفتاح فرج)

مصر: تطمينات رسمية بشأن انتشار متحور جديد لـ«كورونا»

نفى الدكتور محمد عوض تاج الدين مستشار الرئيس المصري لشؤون الصحة والوقاية وجود أي دليل على انتشار متحور جديد من فيروس «كورونا» في مصر الآن.

أحمد حسن بلح (القاهرة)
العالم رجلان إندونيسيان كانا في السابق ضحايا لعصابات الاتجار بالبشر وأُجبرا على العمل محتالين في كمبوديا (أ.ف.ب)

الاتجار بالبشر يرتفع بشكل حاد عالمياً...وأكثر من ثُلث الضحايا أطفال

ذكر تقرير للأمم المتحدة -نُشر اليوم (الأربعاء)- أن الاتجار بالبشر ارتفع بشكل حاد، بسبب الصراعات والكوارث الناجمة عن المناخ والأزمات العالمية.

«الشرق الأوسط» (فيينا)

«سوريو مصر» يفضلون التريث قبل اتخاذ قرار العودة

لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
TT

«سوريو مصر» يفضلون التريث قبل اتخاذ قرار العودة

لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)

بعد مرور نحو أسبوع على سقوط نظام بشار الأسد في سوريا، يفضل اللاجئون والمهاجرون السوريون في مصر التريث والصبر قبل اتخاذ قرار العودة إلى بلادهم التي تمر بمرحلة انتقالية يشوبها الكثير من الغموض.

ويتيح تغيير نظام الأسد وتولي فصائل المعارضة السورية السلطة الانتقالية، الفرصة لعودة المهاجرين دون ملاحقات أمنية، وفق أعضاء بالجالية السورية بمصر، غير أن المفوضية العامة لشؤون اللاجئين في القاهرة ترى أنه «من المبكر التفكير في عودة اللاجئين المسجلين لديها، إلى البلاد حالياً».

وازدادت أعداد السوريين في مصر، على مدى أكثر من عقد، مدفوعة بالتطورات السياسية والأمنية في الداخل السوري؛ إذ ارتفع عدد السوريين المسجلين لدى مفوضية اللاجئين إلى نحو 148 ألف لاجئ، غير أن تلك البيانات لا تعكس العدد الحقيقي للجالية السورية بمصر؛ إذ تشير المنظمة الدولية للهجرة إلى أن تعدادهم يصل إلى 1.5 مليون.

ولم تغير تطورات الأوضاع السياسية والأمنية في الداخل السوري من وضعية اللاجئين السوريين بمصر حتى الآن، حسب مسؤولة العلاقات الخارجية بمكتب مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين في القاهرة، كريستين بشاي، التي قالت في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» إن «السوريين المسجلين كلاجئين لدى المفوضية يتلقون خدماتهم بشكل طبيعي»، مشيرة إلى أنه «لا يوجد أي إجراءات حالية لمراجعة ملف اللاجئين المقيمين بمصر، تمهيداً لعودتهم».

وتعتقد بشاي أنه «من المبكر الحديث عن ملف العودة الطوعية للاجئين السوريين لبلادهم»، وأشارت إلى إفادة صادرة عن المفوضية العامة لشؤون اللاجئين مؤخراً، تدعو السوريين في الخارج لـ«التريث والصبر قبل اتخاذ قرار العودة لبلادهم».

وكانت مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين قد نصحت المهاجرين السوريين في الخارج «بضرورة التحلي بالصبر واليقظة، مع قضية العودة لديارهم». وقالت، في إفادة لها الأسبوع الماضي، إن «ملايين اللاجئين يواصلون تقييم الأوضاع قبل اتخاذ قرار العودة»، وأشارت إلى أن «الصبر ضروري، على أمل اتخاذ التطورات على الأرض منحى إيجابياً، ما يتيح العودة الطوعية والآمنة والمستدامة».

ووعدت المفوضية، في بيانها، بـ«مراقبة التطورات بسوريا، مع الانخراط مع مجتمعات اللاجئين، لدعم الدول في مجال العودة الطوعية والمنظمة، وإنهاء أزمة النزوح القسري الأكبر في العالم»، وأشارت في الوقت نفسه إلى أن «الاحتياجات الإغاثية داخل سوريا لا تزال هائلة، في ظل البنية التحتية المتهالكة، واعتماد أكثر من 90 في المائة من السكان على المساعدات الإنسانية».

وحسب مسؤولة العلاقات الخارجية بمكتب مفوضية اللاجئين في القاهرة، يمثل اللاجئون السوريون المسجلون لدى المفوضية نحو 17 في المائة من تعداد اللاجئين في مصر، بواقع 148 ألف لاجئ سوري، من نحو 863 ألف لاجئ من أكثر من 60 جنسية. ويأتي ترتيبهم الثاني بعد السودانيين.

وباعتقاد مدير عام مؤسسة «سوريا الغد»، ملهم الخن، (مؤسسة إغاثية معنية بدعم اللاجئين السوريين في مصر)، أن «قضية عودة المهاجرين ما زال يحيطها الغموض»، مشيراً إلى «وجود تخوفات من شرائح عديدة من الأسر السورية من التطورات الأمنية والسياسية الداخلية»، ورجّح «استمرار فترة عدم اليقين خلال الفترة الانتقالية الحالية، لنحو 3 أشهر، لحين وضوح الرؤية واستقرار الأوضاع».

ويفرق الخن، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، بين 3 مواقف للمهاجرين السوريين في مصر، تجاه مسألة العودة لبلادهم، وقال إن «هناك فئة المستثمرين، وأصحاب الأعمال، وهؤلاء تحظى أوضاعهم باستقرار ولديهم إقامة قانونية، وفرص عودتهم ضئيلة».

والفئة الثانية، حسب الخن، «الشباب الهاربون من التجنيد الإجباري والمطلوبون أمنياً، وهؤلاء لديهم رغبة عاجلة للعودة، خصوصاً الذين تركوا أسرهم في سوريا»، أما الثالثة فتضم «العائلات السورية، وهؤلاء فرص تفكيرهم في العودة ضعيفة، نظراً لارتباط أغلبهم بتعليم أبنائهم في المدارس والجامعات المصرية، وفقدان عدد كبير منهم منازلهم بسوريا».

وارتبط الوجود السوري في مصر باستثمارات عديدة، أبرزها في مجال المطاعم التي انتشرت في مدن مصرية مختلفة.

ورأى كثير من مستخدمي مواقع «السوشيال ميديا» في مصر، أن التغيير في سوريا يمثّل فرصة لعودة السوريين لبلادهم، وتعددت التفاعلات التي تطالب بعودتهم مرة أخرى، وعدم استضافة أعداد جديدة بالبلاد.

وتتيح مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، مساعدات لراغبي العودة الطوعية من اللاجئين، تشمل «التأكد من أن العودة تتم في ظروف آمنة، والتأكد من أن الأوضاع في البلد الأصلي آمنة»، إلى جانب «تقديم دعم نقدي لتغطية النفقات الأساسية والسفر»، حسب مكتب مفوضية اللاجئين في مصر.

ويرى مسؤول الائتلاف الوطني السوري، عادل الحلواني، (مقيم بمصر)، أن ملف عودة المهاجرين «ليس أولوية في الوقت الراهن»، مشيراً إلى أن «جميع السوريين يترقبون التطورات الداخلية في بلادهم، والهدف الأساسي هو عبور سوريا الفترة الانتقالية بشكل آمن»، معتبراً أنه «عندما يستشعر المهاجرون استقرار الأوضاع الداخلية، سيعودون طواعية».

وأوضح الحلواني، لـ«الشرق الأوسط»، أن «حالة الضبابية بالمشهد الداخلي، تدفع الكثيرين للتريث قبل العودة»، وقال إن «الشباب لديهم رغبة أكثر في العودة حالياً»، منوهاً بـ«وجود شريحة من المهاجرين صدرت بحقهم غرامات لمخالفة شروط الإقامة بمصر، وفي حاجة للدعم لإنهاء تلك المخالفات».

وتدعم السلطات المصرية «العودة الآمنة للاجئين السوريين إلى بلادهم»، وأشارت الخارجية المصرية، في إفادة لها الأسبوع الماضي، إلى أن «القاهرة ستواصل العمل مع الشركاء الإقليميين والدوليين لتقديم يد العون والعمل على إنهاء معاناة الشعب السوري الممتدة، وإعادة الإعمار، ودعم عودة اللاجئين، والتوصل للاستقرار الذي يستحقه الشعب السوري».