انتشار أمني مكثف في شوارع الخرطوم قبيل تظاهرات جديدة

متظاهرون خلال مسيرة في الخرطوم نهاية ديسمبر الماضي (أرشيفية - رويترز)
متظاهرون خلال مسيرة في الخرطوم نهاية ديسمبر الماضي (أرشيفية - رويترز)
TT

انتشار أمني مكثف في شوارع الخرطوم قبيل تظاهرات جديدة

متظاهرون خلال مسيرة في الخرطوم نهاية ديسمبر الماضي (أرشيفية - رويترز)
متظاهرون خلال مسيرة في الخرطوم نهاية ديسمبر الماضي (أرشيفية - رويترز)

انتشرت قوات الأمن السودانية صباح اليوم (الثلاثاء) في أنحاء الخرطوم والمدن المجاورة بالتزامن مع دعوات جديدة للتظاهر ضد ما وصفه متظاهرون بـ«الانقلاب العسكري»، وبعد يومين من استقالة رئيس الوزراء المدني، حسب ما أفاد شهود عيان.
وقال الشهود إنه تم إغلاق الشوارع المؤدية إلى مقر قيادة الجيش في وسط العاصمة وسط وجود كثيف لشرطة مكافحة الشغب والقوات شبه العسكرية وأفراد الجيش، حسبما أفادت وكالة الصحافة الفرنسية.
واليوم (الثلاثاء) انتشرت دعوات للتظاهر والتوجه في مسيرة إلى القصر الرئاسي بوسط الخرطوم «حتى يتحقق النصر».

ويكثف ناشطون سودانيون داعمون لحكم مدني ديمقراطي دعواتهم للاحتجاج على ما وصفوه بـ«انقلاب» الخامس والعشرين من أكتوبر (تشرين الأول) حين تمت الإطاحة بالحكم الانتقالي من المدنيين وأوقف، آنذاك، رئيس الوزراء عبد الله حمدوك وغالبية وزراء حكومته.
وأثار ذلك إدانة دولية وموجة جديدة من الاحتجاجات في الشوارع وموجة مقابلة من العنف الأمني، حيث قتل 57 شخصاً وجرح المئات وتعرضت 13 امرأة على الأقل لحوادث اغتصاب خلال تجدد الاضطرابات، وفقاً لوكالة الصحافة الفرنسية.
وأعاد البرهان رئيس الوزراء حمدوك، خبير الاقتصاد الدولي السابق، إلى السلطة بموجب اتفاق سياسي أبرم في الحادي والعشرين من نوفمبر (تشرين الثاني) لم يرض الجميع ووصفه البعض بأنه «خيانة». وبعد الاتفاق تم الإفراج عن بعض الوزراء والسياسيين الموقوفين وتحديد موعد الانتخابات في 2023.
وفي الأسابيع اللاحقة على الاتفاق، فشل حمدوك في تشكيل حكومة جديدة، وكانت وسائل الإعلام المحلية تتداول أخباراً أنه لم يحضر إلى مكتبه في الأيام الأخيرة.
وليل الأحد، أعلن حمدوك في خطاب متلفز تنحيه في محاولة لمنع البلاد «من الانزلاق نحو الكارثة»، إلا أنها الآن تشهد «منعطفا خطيرا قد يهدد بقاءها».
ويمر السودان بمرحلة انتقالية هشة باتجاه حكم مدني كامل منذ الإطاحة بالرئيس عمر البشير في أبريل (نيسان) 2019 بعد موجة غير مسبوقة من الاحتجاجات التي قادها الشباب.

ومنذ الانقلاب تقوم السلطات السودانية في كثير من الأحيان بقطع خدمة الإنترنت وتعطيل الاتصالات لمحاولة منع التجمعات.
ويثير مرسوم أصدره البرهان الشهر الماضي مخاوف من مزيد من العنف، إذ يمنح قوات الأمن كل الصلاحيات بموجب بنود «قانون الطوارئ» الموروث من عهد البشير، مثل «دخول أي مبنى وتفتيشه وتفتيش الأشخاص الموجودين فيه» و«القيام بعمليات مراقبة ومصادرة».



ما فرص الوساطة الكينية - الأوغندية في إنهاء توترات «القرن الأفريقي»؟

اجتماعات مجموعة شرق أفريقيا في تنزانيا (وكالة أنباء الصومال)
اجتماعات مجموعة شرق أفريقيا في تنزانيا (وكالة أنباء الصومال)
TT

ما فرص الوساطة الكينية - الأوغندية في إنهاء توترات «القرن الأفريقي»؟

اجتماعات مجموعة شرق أفريقيا في تنزانيا (وكالة أنباء الصومال)
اجتماعات مجموعة شرق أفريقيا في تنزانيا (وكالة أنباء الصومال)

دخلت مبادرة وساطة كينية - أوغندية على خط محاولات دولية وإقليمية لتهدئة التوترات بين الصومال وإثيوبيا التي نشبت بعد مساعي الأخيرة للحصول على منفذ بحري في إقليم «أرض الصومال» الانفصالي، وسط رفض حكومة مقديشو.

وتدهورت العلاقات بين الصومال وإثيوبيا، إثر توقيع أديس أبابا مذكرة تفاهم مع إقليم «أرض الصومال» الانفصالي بداية العام الحالي، تسمح لها باستخدام سواحل المنطقة على البحر الأحمر لأغراض تجارية وعسكرية، مقابل الاعتراف باستقلال الإقليم، وهو ما رفضته الحكومة الصومالية بشدة.

وعلى هامش اجتماعات قمة رؤساء دول شرق أفريقيا بتنزانيا، أعلن الرئيس الكيني ويليام روتو، السبت، «اعتزامه التوسط بمشاركة نظيره الأوغندي يوري موسيفيني، لحل الخلافات بين الصومال وإثيوبيا». وقال في مؤتمر صحافي، إنه «سيبحث عقد قمة إقليمية تضم زعماء الدول الأربعة (كينيا وأوغندا والصومال وإثيوبيا)، لمعالجة التوترات في منطقة القرن الأفريقي».

وأشار روتو إلى أن «أمن الصومال يُسهم بشكل كبير في استقرار المنطقة». لكن خبراء تحدّثوا لـ«الشرق الأوسط» يرون أن «التدخل الكيني الأوغندي لا يمكن التعويل عليه كثيراً، في ظل عدم استجابة أطراف الخلاف لهذا المسار حتى الآن، بالإضافة إلى عدم وجود دعم إقليمي ودولي».

ومنذ توقيع مذكرة التفاهم، حشد الصومال دعماً دولياً لموقفه ضد إثيوبيا؛ حيث وقّع في فبراير (شباط) الماضي اتفاقية تعاون دفاعي مع تركيا، ووقّع مع مصر بروتوكول تعاون عسكري في أغسطس (آب) الماضي، أرسلت بموجبه القاهرة مساعدات عسكرية إلى مقديشو. كما تعتزم إرسال قوات عسكرية بداية العام المقبل بوصفه جزءاً من قوات حفظ السلام التابعة للاتحاد الأفريقي، وهو ما أثار غضب إثيوبيا، التي اتهمت مقديشو «بالتواطؤ مع جهات خارجية لزعزعة استقرار الإقليم».

والتقى الرئيس الصومالي حسن شيخ محمود، مع نظيريه الكيني والأوغندي، على هامش اجتماعات مجموعة شرق أفريقيا. وعلى الرغم من أنه لم يتحدث عن وساطة محتملة، نقلت «رويترز» عن وزير الخارجية الصومالي أحمد معلم فقي، أن «القرارات السابقة التي اتخذها زعماء إقليميون لم تلق آذاناً مصغية في أديس أبابا»، مشيراً إلى أنه «يثق بأن جهود الوساطة الجارية من جانب تركيا ستكون مثمرة».

وكانت العاصمة التركية أنقرة قد استضافت جولات من الوساطة بين الصومال وإثيوبيا، لإنهاء الخلاف بين البلدين، كان آخرها في سبتمبر (أيلول) الماضي، غير أن المحادثات دون التوصل لاتفاق.

وبينما تنظر مديرة البرنامج الأفريقي في مركز الأهرام للدراسات الاستراتيجية، أماني الطويل، إلى التدخل الكيني - الأوغندي بـ«إيجابية»، ترى أن «نجاح تلك الوساطة مرهون بأبعاد أخرى تتعلّق بأجندة تحرك الوسطاء ومواقفهم تجاه الخلاف القائم بين مقديشو وأديس أبابا».

وقالت إن «القضية مرتبطة بموقفَي كينيا وأوغندا من السلوك الإثيوبي تجاه الصومال، ومن وحدة الأراضي الصومالية، وإلى أي مدى تؤيّد أو تعارض الاعتراف الإثيوبي بإقليم (أرض الصومال)».

وتعتقد أماني الطويل أن «التحرك الكيني - الأوغندي لا يمكن التعويل عليه كثيراً في حلحلة الخلاف بين الصومال وإثيوبيا، لأن الخلاف بين الطرفين معقد»، مشيرة إلى أن «الإشكالية في نهج الدبلوماسية الإثيوبية التي تركز على أهدافها دون الوضع في الاعتبار الأمن والتعاون الإقليميين».

ورفض الصومال مشاركة إثيوبيا في البعثة الأفريقية الجديدة لحفظ السلام، وأمهل أديس أبابا حتى نهاية العام الحالي، لانسحاب قواتها من البعثة الحالية التي ستنتهي مهامها بنهاية العام الحالي، وقال وزير الخارجية الصومالي، إن «بلاده ستعد وجود قوات إثيوبيا بعد نهاية العام، احتلالاً لأراضيها».

وترى أماني الطويل أن «الوساطة التركية قد تكون أكثر تأثيراً في النزاع بين الصومال وإثيوبيا». وقالت إن «أنقرة لديها تفهم أكثر للخلاف. كما أنها ليست دولة جوار مباشر للطرفين، وبالتالي ليست لديها إشكاليات سابقة مع أي طرف».

وباعتقاد الباحث والمحلل السياسي الصومالي، نعمان حسن، أن التدخل الكيني - الأوغندي «لن يحقّق نتائج إيجابية في الخلاف الصومالي - الإثيوبي»، وقال إن «مبادرة الوساطة يمكن أن تقلّل من حدة الصراع القائم، لكن لن تصل إلى اتفاق بين الطرفين».

وأوضح حسن أن «أديس أبابا لديها إصرار على الوصول إلى ساحل البحر الأحمر، عبر الصومال، وهذا ما تعارضه مقديشو بشدة»، مشيراً إلى أن «العلاقات الكينية - الصومالية ليست في أفضل حالاتها حالياً، على عكس علاقاتها مع إثيوبيا»، ولافتاً إلى أن ذلك «سيؤثر في مسار التفاوض». واختتم قائلاً: إن «نيروبي تستهدف أن يكون لها دور إقليمي على حساب الدور الإثيوبي بمنطقة القرن الأفريقي».