غانتس ولبيد يدعوان إلى تحريك المسيرة السياسية مع الفلسطينيين

مع نشر تقديرات حول اقتراب تفجر الأوضاع

برنامج إذاعي في الخليل يستضيف حلقة عن الأسير المضرب عن الطعام في إسرائيل هشام أبو هواش (أ.ف.ب)
برنامج إذاعي في الخليل يستضيف حلقة عن الأسير المضرب عن الطعام في إسرائيل هشام أبو هواش (أ.ف.ب)
TT

غانتس ولبيد يدعوان إلى تحريك المسيرة السياسية مع الفلسطينيين

برنامج إذاعي في الخليل يستضيف حلقة عن الأسير المضرب عن الطعام في إسرائيل هشام أبو هواش (أ.ف.ب)
برنامج إذاعي في الخليل يستضيف حلقة عن الأسير المضرب عن الطعام في إسرائيل هشام أبو هواش (أ.ف.ب)

يقف الوضع الفلسطيني في خضم نقاشات حادة وتحذيرات من تدهور شامل للأوضاع الأمنية، في المناطق الفلسطينية المحتلة (الضفة الغربية) أو المحاصرة (قطاع غزة)، ما جعل رئيس الوزراء البديل وزير الخارجية، يائير لبيد، ووزير الدفاع، بيني غانتس، يدعوان إلى تغيير التوجه الإسرائيلي بالكامل واستئناف المفاوضات مع الفلسطينيين.
وقال لبيد، خلال مؤتمر صحافي تحدث فيه عن سياسة وزارته في سنة 2022، إنه ملتزم بالاتفاق الذي أبرمه مع رئيس الوزراء، نفتالي بنيت، وغيره من قوى اليمين المتطرف، وينص على ألا يتم تحريك المفاوضات السياسية بسبب الخلافات الجوهرية داخل الحكومة. ولكنه أضاف أن مصلحة إسرائيل تقتضي تحريك المفاوضات السياسية، فالأوضاع على الأرض قابلة للانفجار، وسمعة إسرائيل في العالم سيئة، «وهناك قوى عديدة، تستخدم الصراع الإسرائيلي الفلسطيني، لكي تمس بشرعية الدولة العبرية، وتضعنا في خانة واحدة مع نظام الأبرتهايد. والأمر يحتم علينا أن ننظر بعمق وحكمة إلى هذه المشكلة ونعالجها بطريقة التقدم في المسار السلمي».
وأما غانتس، الذي يتعرض لانتقادات بأنه يفرض على الجيش سياسة رضوخ أمام الفلسطينيين، ويزداد الهجوم عليه منذ أن استضاف في بيته الخاص، الرئيس الفلسطيني محمود عباس، فقال: «سأستمر في لقاء أبو مازن. أنا ألتقيه من باب ضرورة الحفاظ على أمن إسرائيل، ومحاربة حمـاس». وكشف غانتس أن لقاءه مع عباس في شهر أغسطس (آب) الماضي، تم في منزل الرئيس الفلسطيني الخاص في رام الله. «وقد اعتقدت، أنه من الصواب أن يكون اللقاء التالي في منزلي». وأعرب غانتس عن خيبة أمله في الوزراء الذين عبروا عن آرائهم وهاجموا اللقاء بما يخدم المصلحة السياسية، وليس المصلحة الأمنية لإسرائيل، بحسب تعليقه.
وكانت أوساط عسكرية واستخباراتية، قد كشفت أمام المراسل العسكري لموقع «واللا» العبري، أمير بوخبوط، أمس الاثنين، عن قلقها من خطر تدهور أمني واسع. وقال المراسل، إن «هناك قلقاً عميقاً لدى قادة المنظومة الأمنية، خصوصاً في الأسابيع الأخيرة، من أن الوضع في الضفة الغربية متفجر. ففي يوم أمس مثلاً (الأحد)، تم تنفيذ أكثر من عشرين هجمة شعبية على أهداف إسرائيلية. وهناك صدامات بين الفلسطينيين، والمستوطنين الذين لا يحرصون كثيراً على الالتزام بالقانون».
يذكر أن قادة الجيش والأجهزة الأمنية في إسرائيل، يتعرضون لانتقادات واسعة من اليمين المعارض والمستوطنين المتطرفين، رغم ممارسات قوات الاحتلال، سلسلة اعتداءات يومية على الفلسطينيين تشمل الاعتقالات والمداهمات والقمع والتنكيل ونصب الحواجز وهدم البيوت وتدمير المزروعات، ورغم حماية المستوطنين في اعتداءاتهم، فإنهم يُتهمون بـ«التراخي وبإعادة الموضوع الفلسطيني إلى مقدمة الأجندة الإسرائيلية، بعدما كنا أخرجناه منها طيلة حكم بنيامين نتنياهو»، وفقاً لرئيس حزب «الصهيونية الدينية»، النائب بتسلئيل سموترتش. وفي يوم أمس امتلأت وسائل الإعلام بالانتقادات للجيش والحكومة، والسخرية منهما، لأنهما لم يردا كما يجب على إطلاق صاروخين باتجاه تل أبيب.
المعروف أن صاروخين أطلقا من قطاع غزة، صبيحة السبت الماضي، وسقطا في البحر. وقد أعلن الجيش الإسرائيلي طيلة ست ساعات، أنه سوف يرد على القصف. ورد فعلاً بغارات على موقع عسكري فارغ تابع لحركة حماس في منطقة خانيونس، وبقصف دبابات لمواقع فارغة قرب الحدود، ثم تبادل الطرفان رسائل التهدئة، مؤكدين أنهما غير معنيين بالتصعيد، واعتبر صحافيون إسرائيليون وخبراء عسكريون وساسة يمينيون، هذا التراشق «لعبة الضربات المحسوبة». وانضم إلى المنتقدين، المتحدث الأسبق باسم الجيش الإسرائيلي، رونين مانليس، فقال: «رد الجيش على إطلاق الصاروخين نحو غوش دان (منطقة تل أبيب) كان عادياً وأقل من عادي». واعتبر عملية حارس الأسوار في مايو (أيار) الماضي، «عملية عسكرية عادية وكانت إنجازاتها محدودة وقصيرة الأمد».
وقال مراسل قناة التلفزيون الرسمي، «كان - 11»، إساف بوزايلوف، إن «الهجوم المحدود ضد غزة، معناه أن إسرائيل قبلت حجة البرق الكاذبة التي يطلقها الفلسطينيون، وهذا يعطي إشارة لحماس بأننا عاجزون ونطلب الشفقة. لقد شاهدوا عجزنا». وقال مراسل الجنوب في القناة نفسها، ماندي ريزل، بسخرية: «حماس تطلق الصواريخ باتجاه البحر، وسلاح الجو يستهدف بالصواريخ الكثبان الرملية، هذا هو المنطق بشكل عام». وكتب مراسل صحيفة «يديعوت أحرونوت»، يواف زيتون، أن «هجمات الليلة الماضية هدفها إيصال رسالة لحمـاس بأن إسـرائيل تطلب عدم الانجرار للتصــعيد، ويتضح حقاً بأن الرد على قصــف تل أبيب هو نفس الرد على قصف سديروت».



نزيف بشري للجماعة الحوثية رغم توقف المعارك

مقبرة أنشأتها الجماعة الحوثية لقتلاها في صنعاء (أ.ف.ب)
مقبرة أنشأتها الجماعة الحوثية لقتلاها في صنعاء (أ.ف.ب)
TT

نزيف بشري للجماعة الحوثية رغم توقف المعارك

مقبرة أنشأتها الجماعة الحوثية لقتلاها في صنعاء (أ.ف.ب)
مقبرة أنشأتها الجماعة الحوثية لقتلاها في صنعاء (أ.ف.ب)

شيّعت الجماعة الحوثية خلال الأسبوع الماضي أكثر من 15 قتيلاً من قيادييها العسكريين والأمنيين من دون إعلان ملابسات سقوطهم. ورغم توقف المعارك العسكرية مع القوات الحكومية اليمنية في مختلف الجبهات؛ فإن النزيف البشري المستمر لقياداتها وعناصرها يثير التساؤلات عن أسبابه، بالتزامن مع مقتل العديد من القادة في خلافات شخصية واعتداءات على السكان.

ولقي قيادي بارز في صفوف الجماعة مصرعه، الأحد، في محافظة الجوف شمال شرقي العاصمة صنعاء في كمين نصبه مسلحون محليون انتقاماً لمقتل أحد أقاربهم، وذلك بعد أيام من مقتل قيادي آخر في صنعاء الخاضعة لسيطرة الجماعة، في خلاف قضائي.

وذكرت مصادر قبلية في محافظة الجوف أن القيادي الحوثي البارز المُكنى أبو كمال الجبلي لقي مصرعه على يد أحد المسلحين القبليين، ثأراً لمقتل أحد أقاربه الذي قُتل في عملية مداهمة على أحد أحياء قبيلة آل نوف، التي ينتمي إليها المسلح، نفذها القيادي الحوثي منذ أشهر، بغرض إجبار الأهالي على دفع إتاوات.

من فعالية تشييع أحد قتلى الجماعة الحوثية في محافظة حجة دون الإعلان عن سبب مقتله (إعلام حوثي)

ويتهم سكان الجوف القيادي القتيل بممارسات خطيرة نتج عنها مقتل عدد من أهالي المحافظة والمسافرين وسائقي الشاحنات في طرقاتها الصحراوية واختطاف وتعذيب العديد منهم، حيث يتهمونه بأنه كان «يقود مسلحين تابعين للجماعة لمزاولة أعمال فرض الجبايات على المركبات المقبلة من المحافظات التي تسيطر عليها الحكومة، وتضمنت ممارساته الاختطاف والتعذيب والابتزاز وطلب الفدية من أقارب المختطفين أو جهات أعمالهم».

وتقول المصادر إن الجبلي كان يعدّ مطلوباً من القوات الحكومية اليمنية نتيجة ممارساته، في حين كانت عدة قبائل تتوعد بالانتقام منه لما تسبب فيه من تضييق عليها.

وشهدت محافظة الجوف مطلع هذا الشهر اغتيال قيادي في الجماعة، يُكنى أبو علي، مع أحد مرافقيه، في سوق شعبي بعد هجوم مسلحين قبليين عليه، انتقاماً لأحد أقاربهم الذي قُتِل قبل ذلك في حادثة يُتهم أبو علي بالوقوف خلفها.

في الآونة الأخيرة تتجنب الجماعة الحوثية نشر صور فعاليات تشييع قتلاها في العاصمة صنعاء (إعلام حوثي)

وتلفت مصادر محلية في المحافظة إلى أن المسلحين الذين اغتالوا أبو علي يوالون الجماعة الحوثية التي لم تتخذ إجراءات بحقهم، مرجحة أن تكون عملية الاغتيال جزءاً من أعمال تصفية الحسابات داخلياً.

قتل داخل السجن

وفي العاصمة صنعاء التي تسيطر عليها الجماعة الحوثية منذ أكثر من 10 سنوات، كشفت مصادر محلية مطلعة عن مقتل القيادي الحوثي البارز عبد الله الحسني، داخل أحد السجون التابعة للجماعة على يد أحد السكان المسلحين الذي اقتحم السجن الذي يديره الحسني بعد خلاف معه.

وتشير المصادر إلى أن الحسني استغل نفوذه للإفراج عن سجين كان محتجزاً على ذمة خلاف ينظره قضاة حوثيون، مع المتهم بقتل الحسني بعد مشادة بينهما إثر الإفراج عن السجين.

وكان الحسني يشغل منصب مساعد قائد ما يسمى بـ«الأمن المركزي» التابع للجماعة الحوثية التي ألقت القبض على قاتله، ويرجح أن تجري معاقبته قريباً.

وأعلنت الجماعة، السبت الماضي، تشييع سبعة من قياداتها دفعة واحدة، إلى جانب ثمانية آخرين جرى تشييعهم في أيام متفرقة خلال أسبوع، وقالت إنهم جميعاً قتلوا خلال اشتباكات مسلحة مع القوات الحكومية، دون الإشارة إلى أماكن مقتلهم، وتجنبت نشر صور لفعاليات التشييع الجماعية.

جانب من سور أكبر المستشفيات في العاصمة صنعاء وقد حولته الجماعة الحوثية معرضاً لصور قتلاها (الشرق الأوسط)

ويزيد عدد القادة الذين أعلنت الجماعة الحوثية عن تشييعهم خلال الشهر الجاري عن 25 قيادياً، في الوقت الذي تشهد مختلف جبهات المواجهة بينها وبين القوات الحكومية هدوءاً مستمراً منذ أكثر من عامين ونصف.

ورعت الأمم المتحدة هدنة بين الطرفين في أبريل (نيسان) من العام قبل الماضي، ورغم أنها انتهت بعد ستة أشهر بسبب رفض الجماعة الحوثية تمديدها؛ فإن الهدوء استمر في مختلف مناطق التماس طوال الأشهر الماضية، سوى بعض الاشتباكات المحدودة على فترات متقطعة دون حدوث أي تقدم لطرف على حساب الآخر.

قتلى بلا حرب

وأقدمت الجماعة الحوثية، أخيراً، على تحويل جدران سور مستشفى الثورة العام بصنعاء، وهو أكبر مستشفيات البلاد، إلى معرض لصور قتلاها في الحرب، ومنعت المرور من جوار السور للحفاظ على الصور من الطمس، في إجراء أثار حفيظة وتذمر السكان.

وتسبب المعرض في التضييق على مرور المشاة والسيارات، وحدوث زحام غير معتاد بجوار المستشفى، ويشكو المرضى من صعوبة وصولهم إلى المستشفى منذ افتتاح المعرض.

ويتوقع مراقبون لأحوال الجماعة الحوثية أن يكون هذا العدد الكبير من القيادات التي يجري تشييعها راجعاً إلى عدة عوامل، منها مقتل عدد منهم في أعمال الجباية وفرض النفوذ داخل مناطق سيطرة الجماعة، حيث يضطر العديد من السكان إلى مواجهة تلك الأعمال بالسلاح، ولا يكاد يمرّ أسبوع دون حدوث مثل هذه المواجهات.

ترجيحات سقوط عدد كبير من القادة الحوثيين بغارات الطيران الأميركي والبريطاني (رويترز)

ويرجح أن يكون عدد من هؤلاء القادة سقطوا بقصف الطيران الحربي للولايات المتحدة الأميركية وبريطانيا اللتين شكلتا منذ قرابة عام تحالفاً عسكرياً للرد على استهداف الجماعة الحوثية للسفن التجارية وطرق الملاحة في البحر الأحمر، وتنفذان منذ ذلك الحين غارات جوية متقطعة على مواقع الجماعة.

كما تذهب بعض الترجيحات إلى تصاعد أعمال تصفية الحسابات ضمن صراع وتنافس الأجنحة الحوثية على النفوذ والثروات المنهوبة والفساد، خصوصاً مع توقف المعارك العسكرية، ما يغري عدداً كبيراً من القيادات العسكرية الميدانية بالالتفات إلى ممارسات نظيرتها داخل مناطق السيطرة والمكاسب الشخصية التي تحققها من خلال سيطرتها على أجهزة ومؤسسات الدولة.

وبدأت الجماعة الحوثية خلال الأسابيع الماضية إجراءات دمج وتقليص عدد من مؤسسات وأجهزة الدولة الخاضعة لسيطرتها، في مساعِ لمزيد من النفوذ والسيطرة عليها، والتخفيف من التزاماتها تجاه السكان بحسب المراقبين.