بدء محاكمة جنرال تونسي في قضية «قتل متظاهري ثورة الياسمين»

المتهم نفى استعمال الجيش السلاح ضد المحتجين

الجنرال رشيد عمار (أ.ف.ب)
الجنرال رشيد عمار (أ.ف.ب)
TT

بدء محاكمة جنرال تونسي في قضية «قتل متظاهري ثورة الياسمين»

الجنرال رشيد عمار (أ.ف.ب)
الجنرال رشيد عمار (أ.ف.ب)

بدأت في العاصمة التونسية، أمس، محاكمة الجنرال رشيد عمار، رئيس أركان الجيش السابق، أمام إحدى دوائر العدالة الانتقالية بالمحكمة الابتدائية بتهمة «المشاركة في القتل العمد عن قصد» أثناء أحداث ثورة 2011 (ثورة الياسمين)، لكن الجنرال عمار نفى نفياً قاطعاً استعمال الجيش التونسي السلاح ضد المتظاهرين، مؤكداً أنه أعطى أوامر لقوات الجيش المنتشرة في 150 موقعاً على كامل التراب التونسي منذ 13 يناير (كانون الثاني) بعدم استعمال السلاح، بعد أن اتضح لقيادة الجيش أن الثورة سلمية، وأن غاياتها اجتماعية واقتصادية؛ على حد تعبيره.
وتتعلق القضية، التي اتهم فيها الجنرال عمار، بسقوط 5 قتلى وإصابة 6 آخرين بجراح متفاوتة الخطورة في الأحداث، التي عرفها شارعا «قرطاج» و«الباساج» وسط العاصمة التونسية.
كما نفى عمار كذلك إصدار أي تعليمات باستعمال السلاح ضد المتظاهرين، وقال إن مواقع الجيش غالباً ما تكون مسيجة، وإن المهمة الأساسية حماية تلك المواقع الحيوية، مؤكداً أنه لم تكن له علاقة وقتها بالجانب الأمني إطلاقاً.
وبمواجهته بشهادة أحمد فريعة، وزير الداخلية الأسبق، التي أكدت تكليفه من قبل الرئيس الأسبق زين العابدين بن علي تسيير قاعة العمليات بوزارة الداخلية، أوضح عمار أن اللقاء الوحيد الذي جمعه مع أحمد فريعة كان في 14 يناير 2011، موضحاً أنه جرى الاتصال به لتأمين وزارة الخارجية، بعد أن انسحبت قوات الأمن من المكان، على حد تعبيره.
وفي رده على سؤال حول خلية الأزمة التي جرى إحداثها في 13 من الشهر نفسه، أكد عمار أنه لا علم له بهذه الخلية، وأنه ليس طرفاً فيها، وكشف عن عدم تنقله لوزارة الداخلية في ذاك اليوم.
وبتوجيه سؤال له من المحامية لمياء الفرحاني، التي تنوب عن عائلات شهداء وجرحى الثورة، حول اتخاذ قرار أو إصدار تعليمات في 9 يناير 2011 بإطلاق النار على المتظاهرين، أوضح الجنرال عمار أن حضوره بوزارة الداخلية خلال أيام 9 و10 و11 من شهر يناير، كان في إطار التنسيق مع تلك الوزارة بخصوص تأمين مواقع الجيش، نافياً علمه بإصدار الداخلية أي قرار بإطلاق النار على المتظاهرين، وأكد في المقابل أنه «إذا لم يسقط نظام بن علي وقتها»، فإن مصيره «سيكون السجن أو القتل»، بعد إصداره قرارات بـ«عدم إطلاق النار على المتظاهرين»، على حد قوله.
من ناحيته، أكد أحمد صواب، محامي الدفاع في القضية في تصريحات إعلامية، أن مثول الجنرال رشيد عمار، قائد أركان الجيوش الثلاثة سابقاً، أمام القضاء «يمثل إساءة له»، على حد قوله.
يذكر أن المحكمة سبق أن أصدرت استدعاءً للجنرال عمار، ورئيس الحكومة آنذاك، ومحمد الغرياني آخر أمين عام لـ«حزب التجمع» الحاكم، لمعرفة ملابسات الوفيات التي وقعت في 13 يناير 2011 وخلال الأيام التي تلته.
وعرف عن الجنرال عمار حين كان رئيس أركان الجيش رفضه إطلاق النار على المتظاهرين في مدن القصرين وبنزرت وقابس، وكذلك خلال اعتصامي «القصبة1» و«القصبة2»، كما زار في 24 يناير 2011 شباب الثورة خلال «اعتصام القصبة الأول» وخاطبهم قائلاً: «أُحيي ثورتكم أيها الشباب وأتعهد بحمايتها».
وكانت تقارير إعلامية عدة قد تحدثت عن إمكانية استيلاء المؤسسة العسكرية على السلطة، بعد هروب الرئيس الأسبق زين العابدين بن علي. غير أن الجنرال عمار رفض ذلك، وانحاز؛ على حد قوله، إلى «الشرعية الدستورية»، ودعم «الخيار الدستوري»، على حد تعبيره.



انخفاض شديد في مستويات دخل الأسر بمناطق الحوثيين

فتاة في مخيم مؤقت للنازحين اليمنيين جنوب الحُديدة في 4 يناير الحالي (أ.ف.ب)
فتاة في مخيم مؤقت للنازحين اليمنيين جنوب الحُديدة في 4 يناير الحالي (أ.ف.ب)
TT

انخفاض شديد في مستويات دخل الأسر بمناطق الحوثيين

فتاة في مخيم مؤقت للنازحين اليمنيين جنوب الحُديدة في 4 يناير الحالي (أ.ف.ب)
فتاة في مخيم مؤقت للنازحين اليمنيين جنوب الحُديدة في 4 يناير الحالي (أ.ف.ب)

بموازاة استمرار الجماعة الحوثية في تصعيد هجماتها على إسرائيل، واستهداف الملاحة في البحر الأحمر، وتراجع قدرات المواني؛ نتيجة الردِّ على تلك الهجمات، أظهرت بيانات حديثة وزَّعتها الأمم المتحدة تراجعَ مستوى الدخل الرئيسي لثُلثَي اليمنيين خلال الشهر الأخير من عام 2024 مقارنة بالشهر الذي سبقه، لكن هذا الانخفاض كان شديداً في مناطق سيطرة الجماعة المدعومة من إيران.

ووفق مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية، فقد واجهت العمالة المؤقتة خارج المزارع تحديات؛ بسبب طقس الشتاء البارد، ونتيجة لذلك، أفاد 65 في المائة من الأسر التي شملها الاستطلاع بانخفاض في دخلها الرئيسي مقارنة بشهر نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي والفترة نفسها من العام الماضي، وأكد أن هذا الانخفاض كان شديداً بشكل غير متناسب في مناطق الحوثيين.

وطبقاً لهذه البيانات، فإن انعدام الأمن الغذائي لم يتغيَّر في المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة اليمنية، بينما انخفض بشكل طفيف في المناطق الخاضعة لسيطرة الحوثيين؛ نتيجة استئناف توزيع المساعدات الغذائية هناك.

الوضع الإنساني في مناطق الحوثيين لا يزال مزرياً (الأمم المتحدة)

وأظهرت مؤشرات نتائج انعدام الأمن الغذائي هناك انخفاضاً طفيفاً في صنعاء مقارنة بالشهر السابق، وعلى وجه التحديد، انخفض الاستهلاك غير الكافي للغذاء من 46.9 في المائة في نوفمبر إلى 43 في المائة في ديسمبر (كانون الأول) الماضي.

وضع متدهور

على النقيض من ذلك، ظلَّ انعدام الأمن الغذائي في المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة اليمنية دون تغيير إلى حد كبير، حيث ظلَّ الاستهلاك غير الكافي للغذاء عند مستوى مرتفع بلغ 52 في المائة، مما يشير إلى أن نحو أسرة واحدة من كل أسرتين في تلك المناطق تعاني من انعدام الأمن الغذائي.

ونبّه المكتب الأممي إلى أنه وعلى الرغم من التحسُّن الطفيف في المناطق الخاضعة لسيطرة الحوثيين، فإن الوضع لا يزال مزرياً، على غرار المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة، حيث يعاني نحو نصف الأسر من انعدام الأمن الغذائي (20 في المائية من السكان) مع حرمان شديد من الغذاء، كما يتضح من درجة استهلاك الغذاء.

نصف الأسر اليمنية يعاني من انعدام الأمن الغذائي في مختلف المحافظات (إعلام محلي)

وبحسب هذه البيانات، لم يتمكَّن دخل الأسر من مواكبة ارتفاع تكاليف سلال الغذاء الدنيا، مما أدى إلى تآكل القدرة الشرائية، حيث أفاد نحو ربع الأسر التي شملها الاستطلاع في مناطق الحكومة بارتفاع أسعار المواد الغذائية كصدمة كبرى، مما يؤكد ارتفاع أسعار المواد الغذائية الاسمية بشكل مستمر في هذه المناطق.

وذكر المكتب الأممي أنه وبعد ذروة الدخول الزراعية خلال موسم الحصاد في أكتوبر (تشرين الأول) ونوفمبر، الماضيين، شهد شهر ديسمبر أنشطةً زراعيةً محدودةً، مما قلل من فرص العمل في المزارع.

ولا يتوقع المكتب المسؤول عن تنسيق العمليات الإنسانية في اليمن حدوث تحسُّن كبير في ملف انعدام الأمن الغذائي خلال الشهرين المقبلين، بل رجّح أن يزداد الوضع سوءاً مع التقدم في الموسم.

وقال إن هذا التوقع يستمر ما لم يتم توسيع نطاق المساعدات الإنسانية المستهدفة في المناطق الأكثر عرضة لانعدام الأمن الغذائي الشديد.

تحديات هائلة

بدوره، أكد المكتب الإنمائي للأمم المتحدة أن اليمن استمرَّ في مواجهة تحديات إنسانية هائلة خلال عام 2024؛ نتيجة للصراع المسلح والكوارث الطبيعية الناجمة عن تغير المناخ.

وذكر أن التقديرات تشير إلى نزوح 531 ألف شخص منذ بداية عام 2024، منهم 93 في المائة (492877 فرداً) نزحوا بسبب الأزمات المرتبطة بالمناخ، بينما نزح 7 في المائة (38129 فرداً) بسبب الصراع المسلح.

نحو مليون يمني تضرروا جراء الفيضانات منتصف العام الماضي (الأمم المتحدة)

ولعبت آلية الاستجابة السريعة متعددة القطاعات التابعة للأمم المتحدة، بقيادة صندوق الأمم المتحدة للسكان، وبالشراكة مع برنامج الأغذية العالمي و«اليونيسيف» وشركاء إنسانيين آخرين، دوراً محورياً في معالجة الاحتياجات الإنسانية العاجلة الناتجة عن هذه الأزمات، وتوفير المساعدة الفورية المنقذة للحياة للأشخاص المتضررين.

وطوال عام 2024، وصلت آلية الاستجابة السريعة إلى 463204 أفراد، يمثلون 87 في المائة من المسجلين للحصول على المساعدة في 21 محافظة يمنية، بمَن في ذلك الفئات الأكثر ضعفاً، الذين كان 22 في المائة منهم من الأسر التي تعولها نساء، و21 في المائة من كبار السن، و10 في المائة من ذوي الإعاقة.

وبالإضافة إلى ذلك، تقول البيانات الأممية إن آلية الاستجابة السريعة في اليمن تسهم في تعزيز التنسيق وكفاءة تقديم المساعدات من خلال المشاركة النشطة للبيانات التي تم جمعها من خلال عملية الآلية وتقييم الاحتياجات.