صدم إعلان المخرج السينمائي المصري داود عبد السيد، اعتزال الإخراج، السينمائيين المصريين، وطالبه عدد كبير منهم بالتراجع عن قراره، فيما رأى آخرون أن عبد السيد اتخذ القرار الصحيح، في ظل المتغيرات الجديدة التي تشهدها صناعة السينما في مصر، وأن قراره جاء احتجاجاً على الأوضاع التي يرفضها.
وكتبت المخرجة هالة خليل على صفحتها بموقع «فيسبوك»: «الأستاذ يقرر الاعتزال لأنه غير راضٍ عن الأحوال، أنقذوا السينما الجميلة»، فيما كتب المنتج د. محمد العدل: «رغم حزني الشديد على قرارك، لكن لك كل الحق، قرار سليم يتفق والمعطيات الموجودة»، في الوقت الذي اعتبر سينمائيون شباب أن «اعتزال الأستاذ خسارة كبيرة لفن السينما».
وكان داود عبد السيد قد أعلن اعتزال الإخراج نهائياً، مرجعاً قراره إلى تغير ذائقة الجمهور، مؤكداً أنه لا يستطيع التعامل مع الجمهور الموجود حالياً الذي يبحث عن التسلية فقط، ولا يهتم بمناقشة قضايا قائلاً: «أفلام التسلية ممولة بشكل كبير وإنني أفضل أن يكون تمويل الفيلم من خلال تذكرة السينما، وانتقد المخرج الكبير عبر برنامج «المساء مع قصواء» عبر فضائية «سي بي سي» الإنتاجات السينمائية المصرية حالياً، مشيراً إلى أنها «صارت منقولة عن السينما الأميركية التي تقدم فناً تجارياً ولكن بشكل احترافي وحبكة أقوى مما تقدمها الأفلام المصرية»، على حد تعبيره.
ونفى عبد السيد المولود في عام 1946، تعاليه على الجمهور قائلاً: «كيف أتعالى على الجمهور الذي أستهدفه، بل أنا أحسب حسابه، وأستهدف الجمهور العام، لكن الفئات الأكثر ثقافة وتعلماً في سن الشباب هم الأكثر تجاوباً مع أفلامي، ولا أعمل حساب النقاد لأن وظيفتهم تحليل الأفلام».
وأبدى الدكتور وليد سيف، أستاذ النقد في أكاديمية الفنون، دهشته من قرار المخرج الكبير قائلاً لـ«الشرق الأوسط» إن «قرار اعتزال عبد السيد مرتبط بظروف إنتاجية بالدرجة الأولى لأن فترة ابتعاده عن السينما طالت أكثر مما ينبغي، والأمر لا يتعلق بالجمهور لأن مسألة تدهور ذوقه مطروحة في كل العصور، وحتى الأفلام التجارية موجودة طوال عمرها، لكن النسبة زادت في السنوات الأخيرة وأدت لانحسار الأفلام الفنية».
موضحاً أن دور «المبدع مقاومة هذه التغيرات، والعمل على استمالة جمهوره»، لافتاً إلى أن «داود عبد السيد، مخرج كبير، وصاحب بصمة لا تتكرر في السينما المصرية، واعتزاله خسارة لذا نتمنى أن يواصل مسيرته، لكن الأمر يتوقف على مدى رغبته في التراجع عن هذا القرار».
ويعد داود عبد السيد واحداً من مفكري السينما الكبار، إذ كتب أغلب أفلامه بنفسه متبنياً مفهوم سينما المؤلف، ما يجعله أكثر سيطرة على رؤيته الفنية، وتناول القضايا التي يتحمس لها، كما أنه لا يخضع لقواعد وشروط السوق، وقد استغرق تنفيذ فيلمه «رسائل البحر» عشر سنوات حتى ظهر للنور، وقدم داود 9 أفلام روائية طويلة فقط، عبر مسيرة بدأت في ثمانينات القرن الماضي، وهي أفلام: «الصعاليك» عام 1985، و«البحث عن سيد مرزوق» 1991، و«الكيت كات» 1991، و«أرض الأحلام» 1993، و«أرض الخوف» 2000، و«مواطن ومخبر وحرامي» 2001، و«رسائل البحر» 2010، و«قدرات غير عادية» 2014، وتعاون عبر هذه الأفلام مع ممثلين كبار من بينهم فاتن حمامة، وأحمد زكي، ومحمود عبد العزيز، وهند صبري، وصلاح عبد الله.
ومنذ فيلمه الأخير لم يخض داود أي تجارب سينمائية جديدة، فقد ظل مخلصاً للسينما ولم يقدم أعمالاً درامية للتلفزيون، فيما أخرج في بداية مسيرته الفنية ثلاثة أفلام وثائقية مهمة.
وكشف الناقد محمود عبد الشكور، مؤلف كتاب «داود عبد السيد... سيرة سينمائية» أن «عبد السيد لديه سيناريوهات جاهزة كان يستعد لها، وأن هناك فيلماً كان قد بدأ في إجراء معاينات لأماكن تصويره اسمه (رسايل حب)، الذي كتبه بنفسه، وحصل على دعم وزارة الثقافة عام 2012 واختار لبطولته منة شلبي، لكن المشروع تعثر».
وأضاف عبد الشكور في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، أن «عبد السيد يتمتع بقدرات غير عادية كمبدع، ويجب أن نستفيد بقدراته هو وغيره من كبار الفنانين لأن الإبداع ليس له عمر محدد، ولا بد أن تيسر له السبل لتقديم أعماله لأنها إضافة مهمة للسينما المصرية، قبل أن تكون إضافة لمخرجها، منوهاً إلى أن كل فيلم يخرجه يمثل مشقة كبيرة، ولا بد أن نلح على عودته لأن لديه فعلاً ما يقوله، وهناك كثيرون ينتظرون أعماله التي تمثل حدثاً ثقافياً»، مؤكداً أن «السينما سوف تخسر كثيراً باعتزاله».
إعلان داود عبد السيد لاعتزاله يصدم السينمائيين المصريين
مخرج «الكيت كات» قال إنّه لن يتعامل مع التفضيلات الحالية للجمهور
إعلان داود عبد السيد لاعتزاله يصدم السينمائيين المصريين
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة