شكري: مصر استعادت تأثيرها وتلافت الفوضى

قال إن استقرار بلاده سمح لها بوضع «خطوطها الحمراء » لحفظ توازن المنطقة

TT

شكري: مصر استعادت تأثيرها وتلافت الفوضى

اعتبر وزير الخارجية المصري سامح شكري أن بلاده استطاعت أن «تنتقل من مرحلة استعادة التوازن إلى استعادة التأثير، وأن تكون طرفاً مؤثراً في مُحيطها الإقليمي، تضع خطوطها الحمراء التي تنسج بها قوة ردع تحفظ توازن المنطقة، وتحول دون انجرافها إلى هوة الفوضى».
وكتب شكري في مقال بمناسبة الاحتفال بمئوية وزارة الخارجية المصرية، نشرته «مجلة السياسة الدولية»، أن «ما تشهده مصر من استقرار راسخ وتنمية شاملة في إطار (الجمهورية الجديدة) انعكس بالتبعية في تحركات واعية لسياستها الخارجية».
ونوه بأن «الاحتفاء بمرور قرن على إعادة العمل بوزارة الخارجية، يعود إلى 15 مارس (آذار) 1922، يحمل الكثير من الدلالات في مسيرة الاستقلال الوطني، وما تلاها من بناء الدولة المصرية بسواعد أبنائها المُخلصين». واستعرض الوزير محطات من تاريخ الخارجية المصرية خلال قرن، منها «الجهود المضنية للدبلوماسية المصرية في أعقاب العدوان الثلاثي 1956، أو حرب أكتوبر (تشرين الأول) 1973 انتهاءً بعودة مدينة طابا (للسيادة المصرية) عام 1989». وقال شكري، إن «النظرة المُتتبعة لمسار سياسة مصر الخارجية، خلال القرن الماضي، تُبرز بتجلٍ أن القاهرة كانت دوماً صانعة للاستقرار في محيطها الإقليمي عبر سياسة أخلاقية متوازنة تتنزه عن الصغائر، وتسعى إلى تبريد بؤر التوتر ونزع فتيل أزماتها، وتعمل على ترسيخ ركائز السلام». ‌وأضاف أن «النسق الثابت للدبلوماسية المصرية ارتكز على تنويع محاور تحركاتها، ومبادئ الاحترام المُتبادل والندية، ورفض التدخل في الشؤون الداخلية للدول، واحترام سيادتها واستقلال قرارها السياسي». كما استعرض شكري، الاعتبارات الجغرافية والتاريخية التي «فرضت على مصر دوائر تحرك رئيسية في سياستها الخارجية، انصبت بالأساس على الدائرتين العربية والأفريقية باعتبارهما امتداداً طبيعياً لها، فضلاً عما تُمثلانه من ركائز رئيسة للأمن القومي المصري»، مدللاً على ذلك باستضافة «جامعة الدول العربية»، والمساهمة في إنشاء «منظمة الوحدة الأفريقية»، والعمل على «تعزيز فاعلية المنظمتين، واضطلاعهما والأجهزة التابعة لهما بدورهما المحوري في تعزيز أواصر التعاون والتكامل العربي والأفريقي».
وتطرق الوزير المصري كذلك إلى «البُعد الإسلامي» وحضوره في سياسة بلاده الخارجية، مشيراً إلى مشاركة القاهرة في «إنشاء منظمة المؤتمر الإسلامي عام 1969، إضافة إلى استضافتها لعدد من أذرعها وأجهزتها». وقال شكري إنه «رغم استمرار مصر في التحرك في إطار دوائرها التقليدية لسياستها الخارجية، باعتبار ذلك امتداداً أصيلاً لمُقتضيات صون أمنها القومي؛ فإن ذلك لم يَحُلْ يوماً دون تركيز القاهرة على دوائر تحرك أخرى، عبر شبكة مُتشعبة من العلاقات المُتنامية، سواءً الأميركية بدول قارتها الشمالية والجنوبية، أو الأوروبية في إطارها الثنائي أو من خلال الاتحاد الأوروبي، وكذا الدول الآسيوية التي تشهد معها العلاقات طفرات متوالية خلال السنوات الماضية».



«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».