سوق السينما السعودية توالي تسجيل إيرادات متفوّقة

تثبت جدارتها وتهدف للمليار الأول بعد عامين

مبيعات «الملك ريتشارد» في السعودية فاجأت هوليوود
مبيعات «الملك ريتشارد» في السعودية فاجأت هوليوود
TT

سوق السينما السعودية توالي تسجيل إيرادات متفوّقة

مبيعات «الملك ريتشارد» في السعودية فاجأت هوليوود
مبيعات «الملك ريتشارد» في السعودية فاجأت هوليوود

‫حتى زمن ليس ببعيد، كانت المنطقة العربية من بين تلك المناطق الشاسعة حول العالم التي لا يكترث لها المنتجون والموزّعون السينمائيون كثيراً. ‬بعض التقدّم الملموس وقع في العقدين الماضيين في منطقة الخليج، بينما حافظت الأسواق العربية الأخرى على أحد وضعين:
الأول: النسبة ذاتها من المشاهدين (كما الحال في لبنان والأردن ومصر أساساً).
الثاني: عدم وجود أي إيراد يُذكر لأسواق محدودة الإمكانات (تونس، المغرب) أو عدم وجود أسواق على الإطلاق (الجزائر، العراق على سبيل المثال).
هذا، بالطبع، كان حال الوضع السينمائي عموماً حتى ثلاث سنوات مضت. دخول المملكة العربية السعودية مجالات السوق السينمائية، بدءاً من بناء الصالات السينمائية، ووصولاً إلى إقامة مهرجانات متخصصة غير المعادلة على نحو كبير، على الرغم من المحاذير العالمية التي تسببت في جمود إيرادات صالات السينما بسبب الوباء.
إحصاءات المؤسسات الاقتصادية جنباً إلى جنب سجلات شركات التوزيع السينمائية تشير إلى أن إيرادات صالات السينما السعودية وصلت، مع نهاية العام 2021، إلى 454 مليون دولار، هذا رغم البطء الذي الناتج عن التدابير الوقائية التي اعتمدتها المملكة العربية السعودية. في الواقع، معظم هذه التدابير وقعت في العام الأسبق (2020)، وهذه لم تمنع من زيادة قدرها 26 بالمائة سجلتها صالات السينما في المملكة على إيراد سنة 2019.
بمقارنة سنة 2021 بسنة 2020، فإن الارتفاع في نسبة مشتري التذاكر في المملكة بلغت 85 بالمائة لصالح السنة الماضية. هذا يعني 230 مليون دولار زيادة تم لـ«البوكس أوفيس» السعودي تسجيله في العام الماضي فوق ما تم حصاده في العام الأسبق.
صالات وأفلام
مع مثل هذه الأرقام، فإن مكانة السوق السينمائية السعودية عالمياً تعززت لتدخل نطاق أكبر 20 سوقاً عالمية محتلّة المركز 14 بينها.
والتقدّم لا يتوقف حسب موقع Deadline نقلاً عن أحد مسؤولي شركة VOX التي كانت من أوائل الشركات التي سارعت لحجز مكانها في السوق السعودية، حال صدر القرار بفتح هذا المجال سنة 2017، فإن المملكة مقبلة على المزيد من النجاح في هذا الشأن. التوقعات تشير إلى أن إيرادات صالات السينما السعودية ستصل بعد عامين إلى مليار دولار أميركي. هذا يعني نموّاً قدره 926 بالمائة عما كانت الحال عليه سنة 2019.
أكثر من ذلك، فإن عدد صالات السينما آيل إلى ازدياد ليبلغ بنهاية سنة 2025 إلى 1500 صالة. والطموح ، بالتالي، هو دخول سوق المملكة نطاق أكبر خمس أسواق للتوزيع السينمائي حول العالم.
أهمية ذلك كله تلتقي وخطط المملكة المتعددة في هذا المجال. إلى جانب جعل مهرجان البحر الأحمر الذي أقيمت دورته الأولى في ديسمبر (كانون الأول) الماضي نافذة ذات مشهدين؛ واحد تطل منه على العالم، وآخر يطل العالم على المملكة من خلالها، هناك السعي الدؤوب، الذي أشرنا إليه في رسالة سابقة، لتعزيز نطاق الإنتاجات المحلية والإنتاجات المشتركة مع الغرب وجذب الرأسمال الغربي لاعتماد المناطق الشاسعة والمتنوّعة من المملكة لتصوير أفلامها.
والأمر الرائع في هذا الشأن أن لا جانب واحداً من هذا النشاط يؤثر سلباً على أي نشاط سينمائي آخر بل يعززه ويقوّيه اقتصادياً وسياحياً وثقافياً وإعلامياً. وفي حين أن الجهد المبذول من قبل المسؤولين الحكوميين لدعم هذا الاتجاه لا يتوقف بانتظار النتائج، بل ينطلق في مسيرة واثقة، فإن إيرادات الأفلام هي أول ما يعكس نجاح تلك الخطوات عملياً.
في الشهر الماضي، فوجئت هوليوود بأن السعودية تبوّأت الرقم الأول في مبيعات التذاكر لفيلم «الملك ريتشارد» خارج الولايات المتحدة. الفيلم هو بيوغرافي عن حياة لاعب التنس ريتشارد ويليامز (يؤديه ول سميث) يوجّه ابنتيه فينوس (سَنيا سيدني) وسيرينا (دَمي سينغلتون) صوب الرياضة ذاتها، على أمل تحقيقهما البطولة.
في خلال العام الماضي، ونقلاً عن مؤسسة comScore الاقتصادية الأفلام العشرة الأولى التي شهدتها السوق السعودية تجاوزت 60 مليون دولار من الإيرادات في أسابيع عروضها الأولى. هذه الأفلام تقدّمها Cruella، وشملت JOker‪,‬ Bad Boys for Life‪,‬ Wrath of Man‪,‬ No Time to Die‪,‬ Honest Thief‪,‬ Venom‪:‬ Let There be Carnage‪,‬ Tenet و A Quiet Place Part II.
في الشهر الماضي، وفي الأيام الثلاثة الأولى من بدء عرض فيلم «سبايدر - مان: لا طريق عودة» (Spider‪-‬Man‪:‬ No Way Home) سجل أعلى نسبة مبيعات تذاكر لصالات شركة Muvi في السعودية. حسب مديرها أدون كوِن، فإن ذلك الإيراد بلغ 190 بالمائة من أعلى ما سجلته الشركة في تاريخ عروضها في المملكة.
بطبيعة الحال، فإن الأفلام الأميركية تتمتع بالحصّة الأكبر من السوق، شأنها في ذلك شأن العديد من الأسواق العالمية. تتبعها المصرية والهندية بفاصل ملحوظ.
نجاح عروض الأفلام الأميركية الحالي قد يكون تمهيداً لنجاح العروض السينمائية المقبلة من مناطق متعددة حول العالم، من فرنسا وإيطاليا وإسبانيا والصين والدول الإسكندنافية على سبيل المثال. هذه عادة ما تنتظر رواج الأفلام الهوليوودية الكبيرة قبل أن تبدأ بملء المساحات المتبقية عن طريق شركات توزيع مستقلة وصالات ترضى بمبدأ التنويع.
ما هو مؤكد أن النشاطات المدروسة جيداً في جميع مجالات الحياة الاجتماعية والثقافية والفنية تؤتي ثمارها بالفعل بشهادة الجميع، وبسرعة لم يتوقعها بعض المراقبين الذين توقعوا أن يستقر الوضع على نسبة ثابتة من إيرادات السينما لا تختلف كثيراً عن تلك المسجَّلة في باقي دول المنطقة عاماً بعد عام.



«البحر الأحمر السينمائي» يشارك في إطلاق «صنّاع كان»

يتطلّع برنامج «صنّاع كان» إلى تشكيل جيل جديد من قادة صناعة السينما
يتطلّع برنامج «صنّاع كان» إلى تشكيل جيل جديد من قادة صناعة السينما
TT

«البحر الأحمر السينمائي» يشارك في إطلاق «صنّاع كان»

يتطلّع برنامج «صنّاع كان» إلى تشكيل جيل جديد من قادة صناعة السينما
يتطلّع برنامج «صنّاع كان» إلى تشكيل جيل جديد من قادة صناعة السينما

في مسعى لتمكين جيل جديد من المحترفين، وإتاحة الفرصة لرسم مسارهم المهني ببراعة واحترافية؛ وعبر إحدى أكبر وأبرز أسواق ومنصات السينما في العالم، عقدت «معامل البحر الأحمر» التابعة لـ«مؤسسة مهرجان البحر الأحمر السينمائي» شراكة مع سوق الأفلام بـ«مهرجان كان»، للمشاركة في إطلاق الدورة الافتتاحية لبرنامج «صنّاع كان»، وتمكين عدد من المواهب السعودية في قطاع السينما، للاستفادة من فرصة ذهبية تتيحها المدينة الفرنسية ضمن مهرجانها الممتد من 16 إلى 27 مايو (أيار) الحالي.
في هذا السياق، اعتبر الرئيس التنفيذي لـ«مؤسسة مهرجان البحر الأحمر السينمائي» محمد التركي، أنّ الشراكة الثنائية تدخل في إطار «مواصلة دعم جيل من رواة القصص وتدريب المواهب السعودية في قطاع الفن السابع، ومدّ جسور للعلاقة المتينة بينهم وبين مجتمع الخبراء والكفاءات النوعية حول العالم»، معبّراً عن بهجته بتدشين هذه الشراكة مع سوق الأفلام بـ«مهرجان كان»؛ التي تعد من أكبر وأبرز أسواق السينما العالمية.
وأكّد التركي أنّ برنامج «صنّاع كان» يساهم في تحقيق أهداف «مهرجان البحر الأحمر السينمائي الدولي» ودعم جيل جديد من المواهب السعودية والاحتفاء بقدراتها وتسويقها خارجياً، وتعزيز وجود القطاع السينمائي السعودي ومساعيه في تسريع وإنضاج عملية التطوّر التي يضطلع بها صنّاع الأفلام في المملكة، مضيفاً: «فخور بحضور ثلاثة من صنّاع الأفلام السعوديين ضمن قائمة الاختيار في هذا البرنامج الذي يمثّل فرصة مثالية لهم للنمو والتعاون مع صانعي الأفلام وخبراء الصناعة من أنحاء العالم».
وفي البرنامج الذي يقام طوال ثلاثة أيام ضمن «سوق الأفلام»، وقع اختيار «صنّاع كان» على ثمانية مشاركين من العالم من بين أكثر من 250 طلباً من 65 دولة، فيما حصل ثلاثة مشاركين من صنّاع الأفلام في السعودية على فرصة الانخراط بهذا التجمّع الدولي، وجرى اختيارهم من بين محترفين شباب في صناعة السينما؛ بالإضافة إلى طلاب أو متدرّبين تقلّ أعمارهم عن 30 عاماً.
ووقع اختيار «معامل البحر الأحمر»، بوصفها منصة تستهدف دعم صانعي الأفلام في تحقيق رؤاهم وإتمام مشروعاتهم من المراحل الأولية وصولاً للإنتاج.
علي رغد باجبع وشهد أبو نامي ومروان الشافعي، من المواهب السعودية والعربية المقيمة في المملكة، لتحقيق الهدف من الشراكة وتمكين جيل جديد من المحترفين الباحثين عن تدريب شخصي يساعد في تنظيم مسارهم المهني، بدءاً من مرحلة مبكرة، مع تعزيز فرصهم في التواصل وتطوير مهاراتهم المهنية والتركيز خصوصاً على مرحلة البيع الدولي.
ويتطلّع برنامج «صنّاع كان» إلى تشكيل جيل جديد من قادة صناعة السينما عبر تعزيز التعاون الدولي وربط المشاركين بخبراء الصناعة المخضرمين ودفعهم إلى تحقيق الازدهار في عالم الصناعة السينمائية. وسيُتاح للمشاركين التفاعل الحي مع أصحاب التخصصّات المختلفة، من بيع الأفلام وإطلاقها وتوزيعها، علما بأن ذلك يشمل كل مراحل صناعة الفيلم، من الكتابة والتطوير إلى الإنتاج فالعرض النهائي للجمهور. كما يتناول البرنامج مختلف القضايا المؤثرة في الصناعة، بينها التنوع وصناعة الرأي العام والدعاية والاستدامة.
وبالتزامن مع «مهرجان كان»، يلتئم جميع المشاركين ضمن جلسة ثانية من «صنّاع كان» كجزء من برنامج «معامل البحر الأحمر» عبر الدورة الثالثة من «مهرجان البحر الأحمر السينمائي الدولي» في جدة، ضمن الفترة من 30 نوفمبر (تشرين الثاني) حتى 9 ديسمبر (كانون الأول) المقبلين في المدينة المذكورة، وستركز الدورة المنتظرة على مرحلة البيع الدولي، مع الاهتمام بشكل خاص بمنطقة الشرق الأوسط.