تحية اللبنانيين للعام الجديد «كل عام وأنت بخير وخليك بعيد عني»

بعد أن تسبب «أوميكرون» بحجرهم في المنازل

تحية اللبنانيين للعام الجديد «كل عام وأنت بخير وخليك بعيد عني»
TT

تحية اللبنانيين للعام الجديد «كل عام وأنت بخير وخليك بعيد عني»

تحية اللبنانيين للعام الجديد «كل عام وأنت بخير وخليك بعيد عني»

يعاني اللبنانيون كغيرهم من شعوب العالم من انتشار جائحة «كورونا» في بلادهم. فكما في العام الماضي، كذلك هذه السنة ارتفعت الإصابات بالمتحورين «أوميكرون» و«دلتا» بشكل ملحوظ. وهو ما دفع بعدد من اللبنانيين إلى حجر أنفسهم في بيوتهم احتياطياً، كي لا يلتقطوا العدوى. وفجأة تغير مشهد الحركة العامة في البلاد محدثاً فرقاً كبيراً بين أسبوع الاحتفالات بعيد الميلاد ورأس السنة. في الأول شهدت المراكز التجارية والطرقات والشوارع زحمة ملحوظة. أما في أسبوع التحضيرات لاستقبال العام الجديد، فتبدل المشهد. فرغت الطرقات والمولات من الناس، وصرت تصل إلى أي مكان تريده بظرف دقائق قليلة في غياب الزحمة.
أعداد الإصابات بالعدوى لامست الـ5 آلاف شخص في اليوم الواحد، وقبل 24 ساعة من وداع عام 2021، توقع البعض أن ترتفع الأعداد بعد سهرات رأس السنة. الأمر الذي ولد بلبلة بين اللبنانيين فحزموا أمرهم، وقررت شريحة كبيرة البقاء في المنازل والاحتفال بالعيد «أهلية بمحلية».
أما تحية العيد وعبارات التهاني بمناسبة العام الجديد، فاقتصرت على عبارة «كل عام وأنت بخير وخليك بعيد عني». وتصدرت هذه العبارة (joyeux Noel et b3od 3annee) المكتوبة بلغة «التشات» وسائل التواصل الاجتماعي، وأحاديث اللبنانيين ورسائلهم الإلكترونية.

إقفال 14 مطعماً ومكان سهر
في ظل ارتفاع عدد الإصابات بـ«كورونا»، اتخذت وزارة الداخلية في لبنان إجراءات عديدة للحد من انتشار العدوى. وعممت بيانات رسمية على أصحاب المطاعم والملاهي الليلية تطالبهم بالتقيد بشروط استقبال الزبائن. كما سيرت دوريات أمنية من عناصر قوى الأمن الداخلي والدرك كي يسهر المواطنون بأمان. إضافة إلى ضرورة حصول الساهرين ولو على جرعة أولى من اللقاح، طالبت السلطات المتمنعين بإبراز نتيجة سلبية لاختبار العدوى (بي سي آر) في حال توجههم إلى أي مطعم. كما فرض على محلات السهر التخفيف من قدرتها الاستيعابية. وبناء على ذلك تم تسطير 212 محضراً بحق أفراد ومؤسسات، 33 محضراً في بيروت و179 في باقي المناطق.

المصابون بالعدوى يؤلفون مجتمعات خاصة بهم
استقبال عام 2022 من دون غناء ورقص وتبادل للتهاني، كان أمراً غير وارد لدى شريحة من اللبنانيين مصابة بعدوى «كورونا». فهؤلاء ولا سيما الجيل الشاب منهم، قرروا ولارتفاع أعدادهم إنشاء تجمعات خاصة بهم. وبذلك أقاموا السهرات لاستقبال العام الجديد معاً شرط أن يكون الجميع أصحاب نتيجة إيجابية «بوزيتيف» لاختبار «كورونا». وكثرت التعليقات على هذا الموضوع. وتم تداول فيديوهات وعبارات، من بينها فيديو انتشر بسرعة وتظهر فيه إحدى الصبايا تدعو أصدقاءها إلى حفلة زفافها شرط أن يكونوا مصابين بالعدوى. وبررت ذلك بأن أعداد المصابين ارتفعت في الأيام الأخيرة، بحيث فاقت عدد غير المصابين من المدعوين، فاقتضى أخذ الاحتياطات اللازمة، لا سيما وأن العروسين هما أيضاً مصابان بـ«كورونا».

نكات وطرائف في وداع 2021
كعادتهم في كل مناسبة، تناول اللبنانيون أوضاعهم بالسخرية. فبينهم من نشر صورة تمساح يستلقي مرتاحاً على ظهره وقد أرفق بتعليق «سنة 2022 كوني متل ما بدك نحنا تمسحنا». فيما تم تداول منشور يحمل صورة لمغلف فيه كدسات من الدولارات يحمل عبارة «مررنا بكل الظروف إلا هذا الظرف ما مر علينا، ينعاد عليكم بظرف مثل هذا الظرف».
أما إحدى السيدات فكتبت تقول: «أعرف تماماً أني سأمضي ليلتي في غرفة الجلوس أمام شاشة التلفاز. ولكني احترت ماذا أرتدي للمناسبة، ولذلك أفكر بعدم الذهاب إلى هناك».

برامج الشاشات الصغيرة أثلجت القلوب
من ناحيتها، فإن برامج الشاشات الصغيرة المخصصة لوداع واستقبال عامي 2021 - 2022 أثلجت قلوب البعض، وأسهمت في تخطيهم الحجر المنزلي بسهولة.
شاشة «إل بي سي آي» بدأت منذ الثامنة صباحاً من آخر أيام عام 2021 بتلقي الاتصالات الهاتفية من مشاهديها لتزويدهم بالربح والجوائز. هذه المهمة التي أخذها على عاتقه كل من الممثل وسام حنا والمقدم التلفزيوني إيلي جلادة، جرت تحت عنوان «عيد معنا». ونجحت الفكرة التي وزعت الهدايا على عدد كبير من المتصلين من الصباح ولغاية بداية المساء. وجرى خلالها استقبال عدد من الفنانين، إما عبر تقنية «فيديو كول» أو مباشرة في استوديو القناة. ومن بينهم راغب علامة ونجوى كرم وجورجيت صايغ. وتصدرت عبارة «عيد معنا» التراند على وسائل التواصل الاجتماعي حتى ما بعد منتصف الليل. ومن الهدايا التي تم توزيعها على الفائزين سيارات وعبوات غاز وكوبونات وقود، إضافة إلى أدوات كهربائية وإلكترونية ومجوهرات. وأمضى مشاهدو هذه القناة مساء ساعات منوعة من التسلية مع كارلا حداد التي استقبلت أكثر من نجم غناء. وكذلك الأمر بالنسبة لرودولف هلال الذي استقبل الإعلامية ماغي فرح لتتحدث عن علم الفلك والأبراج بالنسبة للعام الجديد.
محطة «إم تي في» نجحت في جذب مشاهديها من خلال استقبالها ميشال حايك المشهور بتوقعاته لكل عام جديد. كما أطل المطرب عاصي الحلاني مع أنابيلا هلال في سهرة مميزة تحدث فيها عن معاني العيد بالنسبة له، وما إذا كان سيشارك في عملية الانتخابات النيابية المقبلة. فأدى عدداً كبيراً من أغانيه وختمها بـ«بحبك وبغار». وبعد منتصف الليل وقف الفنان الكوميدي عباس جعفر، يتلقى اتصالات المشاهدين في فقرة خاصة بالجوائز والربح، إذ كان يوزع لكل متصل مبلغاً مالياً يلامس الـ10 ملايين ليرة، فاستقبل مشاهدي «إم تي في» بالبسمة والضحك.
ومن رافق قناة «نيو تي في» في أسبوع الاحتفال بعيد الميلاد، لا بد أن يكون قد شاهد قصة الشابة غريتا، التي تم تبديلها مع طفل آخر في المستشفى عند ولادتها فبدأت مأساتها مع الحياة عندما علمت بالأمر. رافقها في الكشف عن تفاصيل قصتها الإعلامي نيشان تحت عنوان «أنا مين؟». وكان موعد عرض الحلقة الثانية والأخيرة من هذه القصة مساء 31 يناير (كانون الثاني). وفي آخر أيام السنة وبعد جهد كبير للتوصل إلى الحقيقة، اختتمت الحلقة على نهاية مفتوحة. وأشار نيشان إلى أن المشاهدين هم على موعد مع حلقة ثالثة في حال حدوث أي تطورات في القصة.



ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
TT

ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)

ستيف بركات عازف بيانو كندي من أصل لبناني، ينتج ويغنّي ويلحّن. لفحه حنين للجذور جرّه إلى إصدار مقطوعة «أرض الأجداد» (Motherland) أخيراً. فهو اكتشف لبنان في وقت لاحق من حياته، وينسب حبّه له إلى «خيارات مدروسة وواعية» متجذرة في رحلته. من اكتسابه فهماً متيناً لهويته وتعبيره عن الامتنان لما منحه إياه الإرث من عمق يتردّد صداه كل يوم، تحاوره «الشرق الأوسط» في أصله الإنساني المنساب على النوتة، وما أضفاه إحساسه الدفين بالصلة مع أسلافه من فرادة فنية.
غرست عائلته في داخله مجموعة قيم غنية استقتها من جذورها، رغم أنه مولود في كندا: «شكلت هذه القيم جزءاً من حياتي منذ الطفولة، ولو لم أدركها بوعي في سنّ مبكرة. خلال زيارتي الأولى إلى لبنان في عام 2008. شعرتُ بلهفة الانتماء وبمدى ارتباطي بجذوري. عندها أدركتُ تماماً أنّ جوانب عدة من شخصيتي تأثرت بأصولي اللبنانية».
بين كوبنهاغن وسيول وبلغراد، وصولاً إلى قاعة «كارنيغي» الشهيرة في نيويورك التي قدّم فيها حفلاً للمرة الأولى، يخوض ستيف بركات جولة عالمية طوال العام الحالي، تشمل أيضاً إسبانيا والصين والبرتغال وكوريا الجنوبية واليابان... يتحدث عن «طبيعة الأداء الفردي (Solo) التي تتيح حرية التكيّف مع كل حفل موسيقي وتشكيله بخصوصية. فالجولات تفسح المجال للتواصل مع أشخاص من ثقافات متنوعة والغوص في حضارة البلدان المضيفة وتعلّم إدراك جوهرها، مما يؤثر في المقاربة الموسيقية والفلسفية لكل أمسية».
يتوقف عند ما يمثله العزف على آلات البيانو المختلفة في قاعات العالم من تحدٍ مثير: «أكرّس اهتماماً كبيراً لأن تلائم طريقة عزفي ضمانَ أفضل تجربة فنية ممكنة للجمهور. للقدرة على التكيّف والاستجابة ضمن البيئات المتنوّعة دور حيوي في إنشاء تجربة موسيقية خاصة لا تُنسى. إنني ممتنّ لخيار الجمهور حضور حفلاتي، وهذا امتياز حقيقي لكل فنان. فهم يمنحونني بعضاً من وقتهم الثمين رغم تعدّد ملاهي الحياة».
كيف يستعد ستيف بركات لحفلاته؟ هل يقسو عليه القلق ويصيبه التوتر بإرباك؟ يجيب: «أولويتي هي أن يشعر الحاضر باحتضان دافئ ضمن العالم الموسيقي الذي أقدّمه. أسعى إلى خلق جو تفاعلي بحيث لا يكون مجرد متفرج بل ضيف عزيز. بالإضافة إلى الجانب الموسيقي، أعمل بحرص على تنمية الشعور بالصداقة الحميمة بين الفنان والمتلقي. يستحق الناس أن يلمسوا إحساساً حقيقياً بالضيافة والاستقبال». ويعلّق أهمية على إدارة مستويات التوتّر لديه وضمان الحصول على قسط كافٍ من الراحة: «أراعي ضرورة أن أكون مستعداً تماماً ولائقاً بدنياً من أجل المسرح. في النهاية، الحفلات الموسيقية هي تجارب تتطلب مجهوداً جسدياً وعاطفياً لا تكتمل من دونه».
عزف أناشيد نالت مكانة، منها نشيد «اليونيسف» الذي أُطلق من محطة الفضاء الدولية عام 2009 ونال جائزة. ولأنه ملحّن، يتمسّك بالقوة الهائلة للموسيقى لغة عالمية تنقل الرسائل والقيم. لذا حظيت مسيرته بفرص إنشاء مشروعات موسيقية لعلامات تجارية ومؤسسات ومدن؛ ومعاينة تأثير الموسيقى في محاكاة الجمهور على مستوى عاطفي عميق. يصف تأليف نشيد «اليونيسف» بـ«النقطة البارزة في رحلتي»، ويتابع: «التجربة عزّزت رغبتي في التفاني والاستفادة من الموسيقى وسيلة للتواصل ومتابعة الطريق».
تبلغ شراكته مع «يونيفرسال ميوزيك مينا» أوجها بنجاحات وأرقام مشاهدة عالية. هل يؤمن بركات بأن النجاح وليد تربة صالحة مكوّنة من جميع عناصرها، وأنّ الفنان لا يحلّق وحده؟ برأيه: «يمتد جوهر الموسيقى إلى ما وراء الألحان والتناغم، ليكمن في القدرة على تكوين روابط. فالنغمات تمتلك طاقة مذهلة تقرّب الثقافات وتوحّد البشر». ويدرك أيضاً أنّ تنفيذ المشاريع والمشاركة فيها قد يكونان بمثابة وسيلة قوية لتعزيز الروابط السلمية بين الأفراد والدول: «فالثقة والاهتمام الحقيقي بمصالح الآخرين يشكلان أسس العلاقات الدائمة، كما يوفر الانخراط في مشاريع تعاونية خطوات نحو عالم أفضل يسود فيه الانسجام والتفاهم».
بحماسة أطفال عشية الأعياد، يكشف عن حضوره إلى المنطقة العربية خلال نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل: «يسعدني الوجود في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا كجزء من جولة (Néoréalité) العالمية. إنني في مرحلة وضع اللمسات الأخيرة على التفاصيل والتواريخ لنعلن عنها قريباً. تملؤني غبطة تقديم موسيقاي في هذا الحيّز النابض بالحياة والغني ثقافياً، وأتحرّق شوقاً لمشاركة شغفي وفني مع ناسه وإقامة روابط قوامها لغة الموسيقى العالمية».
منذ إطلاق ألبومه «أرض الأجداد»، وهو يراقب جمهوراً متنوعاً من الشرق الأوسط يتفاعل مع فنه. ومن ملاحظته تزايُد الاهتمام العربي بالبيانو وتعلّق المواهب به في رحلاتهم الموسيقية، يُراكم بركات إلهاماً يقوده نحو الامتنان لـ«إتاحة الفرصة لي للمساهمة في المشهد الموسيقي المزدهر في الشرق الأوسط وخارجه».
تشغله هالة الثقافات والتجارب، وهو يجلس أمام 88 مفتاحاً بالأبيض والأسود على المسارح: «إنها تولّد إحساساً بالعودة إلى الوطن، مما يوفر ألفة مريحة تسمح لي بتكثيف مشاعري والتواصل بعمق مع الموسيقى التي أهديها إلى العالم».