«ليلة تريو» تفتتح العام الجديد من الرياض

14 فناناً شاركوا فيها... وظهور مفاجئ للمطرب عبد المجيد عبد الله

«تريو الرياض» جمع الفنانين في ليلة مميزة (موسم الرياض)
«تريو الرياض» جمع الفنانين في ليلة مميزة (موسم الرياض)
TT

«ليلة تريو» تفتتح العام الجديد من الرياض

«تريو الرياض» جمع الفنانين في ليلة مميزة (موسم الرياض)
«تريو الرياض» جمع الفنانين في ليلة مميزة (موسم الرياض)

شهدت العاصمة السعودية ليلة أسطورية لتوديع عام، واستقبال آخر جديد، ففي الوقت الذي كانت تضيء فيه سماء الرياض بالألعاب النارية التي انطلقت بالتزامن ومن مواقع مختلفة في المدينة بحلول الساعة 12:00 بعد منتصف الليل إيذاناً بدخول عام 2022. كان مسرح محمد عبده أرينا في بوليفارد رياض سيتي محمولاً على متن الأصوات العذبة التي شاركت الجمهور السعودي لحظات غامرة بالمتعة وساعات من الغناء البهيج.
14 فناناً من نجوم الغناء العربي، شاركوا في ليلة تريو الرياض، و«تريو»، تعني العمل الموسيقي، الذي يقوم ثلاثة أشخاص بالاشتراك في تقديمه، وأضفت فرقة الأوركسترا الموسيقية المصرية بقيادة المايسترو وليد فايد، لمستها على صناعة أمسية مبتكرة غير عادية.
الحفلة وهي الأولى من نوعها عربياً، ضمّت فنان العرب محمد عبده، وعبد الله الرويشد، وأنغام، وفهد الكبيسي، وأصالة، وماجد المهندس، وأحلام، ونوال الكويتية، وراشد الماجد، ونبيل شعيل، وعلي بن محمد، ووليد الشامي، وأصيل أبو بكر، وأسماء لمنور، وحظيت بظهور غير متوقع للفنان عبد المجيد عبد الله، الذي غاب عن خشبات المسرح لسنوات، قبل أن تقدمه ليلة تريو الرياض في مفاجأة حولت المدرجات إلى كرنفال من التصفيق لتحية فنانهم الأثير.
ووصف رئيس هيئة الترفيه السعودية، تركي آل الشيخ، الليلة بالتاريخية، وأنها تليق بالرياض التي فتحت أبوابها لهذه النخبة الفنية العربية.
وأزجى آل الشيخ شكره لكل المشاركين، في حديث صوتي بثّ على مسرح محمد عبده أرينا، حيّاه على إثره الجمهور تقديراً له ولكل الأسباب التي صنعت لحظات لا تنسى على مشارف العام الجديد.
وظهر الفنانون الـ14 تباعاً في وصلات غنائية مشتركة، يتبادلون الأدوار لإسعاد الجمهور، ويعيدون ابتكار الأغنيات وإنعاش الذكريات، في أمسية غير مسبوقة من الإدهاش والمتعة المضاعفة.
سماء الرياض التي تزينت بالألوان المضيئة والألعاب النارية ابتهاجاً بحلول العام الجديد، تكرس صورة العاصمة السعودية كوجهة منافسة للسياحة والاحتفالات العالمية، كما تعكس الاحتفالية الكرنفالية التي احتشد لها فنانون من دول عربية مختلفة، وأمّها الجمهور السعودي بشغف للاستمتاع بتفاصيل ليلة موسيقية لا تتكرر، المستوى المتقدم من تطور الحالة الفنية والموسيقية، منذ انضمت هيئة الترفيه وقطاعات حكومية أخرى إلى منظومة دعم المواهب الصاعدة في القطاعات المختلفة ورعاية مرحلة جديدة من الفن والترفيه والثقافة.
وقال الموسيقي السعودي ضياء عزوني إن التطور الذي تشهده السعودية كل عام، خاصة في المواسم الترفيهية، والفعاليات العامة التي تقام خلال المناسبات الوطنية والأعياد ونهاية كل عام، ينعكس على دعم الفنانين في كل المجالات، والمواهب الموسيقية بوجه أخص.
وأضاف في حديث مع «الشرق الأوسط» بتأسيس هيئة الترفيه عام 2017. ودخولها لدعم المجال، لقيت المواهب الصاعدة والمحترفة على حد سواء، كل الدعم والتشجيع، وزاد الاهتمام أكثر من قبل هيئة الترفيه والجهات المختصة الأخرى، عبر الفعاليات، وطرح المنصات التي تفتح الأبواب للجميع، وتمد جسور التواصل مع الشركات المنظمة، للتعامل مع المواهب السعودية المتطلعة.
وأشار عزوني إلى أن الاهتمام بالمواهب، جزء مهم جداً في تنمية القطاع الفني، وتحديداً الموسيقي، وذلك عبر معاهد التدريب المهنية والفنية والتعليم المحترف المفيد، وتثبيت القواعد الضرورية لإنماء هذه المواهب وإثراء الحالة الفنية في السعودية، مثل أخلاقيات الفن والحقوق والتعامل مع الجمهور والمسرح.
وأضاف: «لمست تزايداً في عدد العازفين والفنانين من بقية القطاعات، ونمو شركات الفعاليات، بما يخلق فرص العمل ويرفع إنتاجية المجال ويثري الحركة الفنية عموماً، في ظل الدعم المستمر من منظومة الدولة بالشراكة مع القطاع الخاص».
من جهته، قال مدير عام معهد البيت الموسيقي للتدريب في السعودية الدكتور أيمن تيسير، إن المستقبل الفني واعد في السعودية، وإن مجالاته المختلفة متاحة جداً والسوق متعطشة لكل الكفاءات، في ظل ما تشهده البلاد من تحولات مهمة في القطاع الفني، وبالنظر إلى ما يجده الموسيقي من فرص مشرعة من خلال التعليم، والإنتاج الموسيقي في الاستوديوهات، والـ«دي جي»، والعروض الموسيقية الحية.
وأشار في حديثه مع «الشرق الأوسط» إلى أن المواهب الفنية والموسيقية، التي تتخذ من التدريب والتعليم خطوة مبدئية، ستجد السوق مفتوحة، وفرص العمل متاحة، ومساحات الإبداع جاهزة، لكل من يجد في نفسه الموهبة، بعد أن يصقلها بالعلم والتدريب، واجتياز الدورات المحترفة والتدريس الجاد، ليكون مؤهلاً للدخول في المجال والمنافسة فيه، ويضيف إلى السعودية بعداً آخر من أبعاد التألق والإبداع.



رحيل إيلي شويري عاشق لبنان و«أبو الأناشيد الوطنية»

عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
TT

رحيل إيلي شويري عاشق لبنان و«أبو الأناشيد الوطنية»

عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»

إنه «فضلو» في «بياع الخواتم»، و«أبو الأناشيد الوطنية» في مشواره الفني، وأحد عباقرة لبنان الموسيقيين، الذي رحل أول من أمس (الأربعاء) عن عمر ناهز 84 عاماً.
فبعد تعرضه لأزمة صحية نقل على إثرها إلى المستشفى، ودّع الموسيقي إيلي شويري الحياة. وفي حديث لـ«الشرق الأوسط» أكدت ابنته كارول أنها تفاجأت بانتشار الخبر عبر وسائل التواصل الاجتماعي قبل أن تعلم به عائلته. وتتابع: «كنت في المستشفى معه عندما وافاه الأجل. وتوجهت إلى منزلي في ساعة متأخرة لأبدأ بالتدابير اللازمة ومراسم وداعه. وكان الخبر قد ذاع قبل أن أصدر بياناً رسمياً أعلن فيه وفاته».
آخر تكريم رسمي حظي به شويري كان في عام 2017، حين قلده رئيس الجمهورية يومها ميشال عون وسام الأرز الوطني. وكانت له كلمة بالمناسبة أكد فيها أن حياته وعطاءاته ومواهبه الفنية بأجمعها هي كرمى لهذا الوطن.
ولد إيلي شويري عام 1939 في بيروت، وبالتحديد في أحد أحياء منطقة الأشرفية. والده نقولا كان يحضنه وهو يدندن أغنية لمحمد عبد الوهاب. ووالدته تلبسه ثياب المدرسة على صوت الفونوغراف الذي تنساب منه أغاني أم كلثوم مع بزوغ الفجر. أما أقرباؤه وأبناء الجيران والحي الذي يعيش فيه، فكانوا من متذوقي الفن الأصيل، ولذلك اكتمل المشوار، حتى قبل أن تطأ خطواته أول طريق الفن.
- عاشق لبنان
غرق إيلي شويري منذ نعومة أظافره في حبه لوطنه وترجم عشقه لأرضه بأناشيد وطنية نثرها على جبين لبنان، ونبتت في نفوس مواطنيه الذين رددوها في كل زمان ومكان، فصارت لسان حالهم في أيام الحرب والسلم. «بكتب اسمك يا بلادي»، و«صف العسكر» و«تعلا وتتعمر يا دار» و«يا أهل الأرض»... جميعها أغنيات شكلت علامة فارقة في مسيرة شويري الفنية، فميزته عن سواه من أبناء جيله، وذاع صيته في لبنان والعالم العربي وصار مرجعاً معتمداً في قاموس الأغاني الوطنية. اختاره ملك المغرب وأمير قطر ورئيس جمهورية تونس وغيرهم من مختلف أقطار العالم العربي ليضع لهم أجمل معاني الوطن في قالب ملحن لا مثيل له. فإيلي شويري الذي عُرف بـ«أبي الأناشيد الوطنية» كان الفن بالنسبة إليه منذ صغره هَوَساً يعيشه وإحساساً يتلمسه في شكل غير مباشر.
عمل شويري مع الرحابنة لفترة من الزمن حصد منها صداقة وطيدة مع الراحل منصور الرحباني. فكان يسميه «أستاذي» ويستشيره في أي عمل يرغب في القيام به كي يدله على الصح من الخطأ.
حبه للوطن استحوذ على مجمل كتاباته الشعرية حتى لو تناول فيها العشق، «حتى لو رغبت في الكتابة عن أعز الناس عندي، أنطلق من وطني لبنان»، هكذا كان يقول. وإلى هذا الحد كان إيلي شويري عاشقاً للبنان، وهو الذي اعتبر حسه الوطني «قدري وجبلة التراب التي امتزج بها دمي منذ ولادتي».
تعاون مع إيلي شويري أهم نجوم الفن في لبنان، بدءاً بفيروز وسميرة توفيق والراحلين وديع الصافي وصباح، وصولاً إلى ماجدة الرومي. فكان يعدّها من الفنانين اللبنانيين القلائل الملتزمين بالفن الحقيقي. فكتب ولحن لها 9 أغنيات، من بينها «مين إلنا غيرك» و«قوم تحدى» و«كل يغني على ليلاه» و«سقط القناع» و«أنت وأنا» وغيرها. كما غنى له كل من نجوى كرم وراغب علامة وداليدا رحمة.
مشواره مع الأخوين الرحباني بدأ في عام 1962 في مهرجانات بعلبك. وكانت أول أدواره معهم صامتة بحيث يجلس على الدرج ولا ينطق إلا بكلمة واحدة. بعدها انتسب إلى كورس «إذاعة الشرق الأدنى» و«الإذاعة اللبنانية» وتعرّف إلى إلياس الرحباني الذي كان يعمل في الإذاعة، فعرّفه على أخوَيه عاصي ومنصور.

مع أفراد عائلته عند تقلده وسام الأرز الوطني عام 2017

ويروي عن هذه المرحلة: «الدخول على عاصي ومنصور الرحباني يختلف عن كلّ الاختبارات التي يمكن أن تعيشها في حياتك. أذكر أن منصور جلس خلف البيانو وسألني ماذا تحفظ. فغنيت موالاً بيزنطياً. قال لي عاصي حينها؛ من اليوم ممنوع عليك الخروج من هنا. وهكذا كان».
أسندا إليه دور «فضلو» في مسرحية «بياع الخواتم» عام 1964. وفي الشريط السينمائي الذي وقّعه يوسف شاهين في العام التالي. وكرّت السبحة، فعمل في كلّ المسرحيات التي وقعها الرحابنة، من «دواليب الهوا» إلى «أيام فخر الدين»، و«هالة والملك»، و«الشخص»، وصولاً إلى «ميس الريم».
أغنية «بكتب اسمك يا بلادي» التي ألفها ولحنها تعد أنشودة الأناشيد الوطنية. ويقول شويري إنه كتب هذه الأغنية عندما كان في رحلة سفر مع الراحل نصري شمس الدين. «كانت الساعة تقارب الخامسة والنصف بعد الظهر فلفتني منظر الشمس التي بقيت ساطعة في عز وقت الغروب. وعرفت أن الشمس لا تغيب في السماء ولكننا نعتقد ذلك نحن الذين نراها على الأرض. فولدت كلمات الأغنية (بكتب اسمك يا بلادي عالشمس الما بتغيب)».
- مع جوزيف عازار
غنى «بكتب اسمك يا بلادي» المطرب المخضرم جوزيف عازار. ويخبر «الشرق الأوسط» عنها: «ولدت هذه الأغنية في عام 1974 وعند انتهائنا من تسجيلها توجهت وإيلي إلى وزارة الدفاع، وسلمناها كأمانة لمكتب التوجيه والتعاون»، وتابع: «وفوراً اتصلوا بنا من قناة 11 في تلفزيون لبنان، وتولى هذا الاتصال الراحل رياض شرارة، وسلمناه شريط الأغنية فحضروا لها كليباً مصوراً عن الجيش ومعداته، وعرضت في مناسبة عيد الاستقلال من العام نفسه».
يؤكد عازار أنه لا يستطيع اختصار سيرة حياة إيلي شويري ومشواره الفني معه بكلمات قليلة. ويتابع لـ«الشرق الأوسط»: «لقد خسر لبنان برحيله مبدعاً من بلادي كان رفيق درب وعمر بالنسبة لي. أتذكره بشوشاً وطريفاً ومحباً للناس وشفافاً، صادقاً إلى أبعد حدود. آخر مرة التقيته كان في حفل تكريم عبد الحليم كركلا في الجامعة العربية، بعدها انقطعنا عن الاتصال، إذ تدهورت صحته، وأجرى عملية قلب مفتوح. كما فقد نعمة البصر في إحدى عينيه من جراء ضربة تلقاها بالغلط من أحد أحفاده. فضعف نظره وتراجعت صحته، وما عاد يمارس عمله بالشكل الديناميكي المعروف به».
ويتذكر عازار الشهرة الواسعة التي حققتها أغنية «بكتب اسمك يا بلادي»: «كنت أقفل معها أي حفل أنظّمه في لبنان وخارجه. ذاع صيت هذه الأغنية، في بقاع الأرض، وترجمها البرازيليون إلى البرتغالية تحت عنوان (أومينا تيرا)، وأحتفظ بنصّها هذا عندي في المنزل».
- مع غسان صليبا
مع الفنان غسان صليبا أبدع شويري مرة جديدة على الساحة الفنية العربية. وكانت «يا أهل الأرض» واحدة من الأغاني الوطنية التي لا تزال تردد حتى الساعة. ويروي صليبا لـ«الشرق الأوسط»: «كان يعد هذه الأغنية لتصبح شارة لمسلسل فأصررت عليه أن آخذها. وهكذا صار، وحققت نجاحاً منقطع النظير. تعاونت معه في أكثر من عمل. من بينها (كل شيء تغير) و(من يوم ما حبيتك)». ويختم صليبا: «العمالقة كإيلي شويري يغادرونا فقط بالجسد. ولكن بصمتهم الفنية تبقى أبداً ودائماً. لقد كانت تجتمع عنده مواهب مختلفة كملحن وكاتب ومغنٍ وممثل. نادراً ما نشاهدها تحضر عند شخص واحد. مع رحيله خسر لبنان واحداً من عمالقة الفن ومبدعيه. إننا نخسرهم على التوالي، ولكننا واثقون من وجودهم بيننا بأعمالهم الفذة».
لكل أغنية كتبها ولحنها إيلي شويري قصة، إذ كان يستمد موضوعاتها من مواقف ومشاهد حقيقية يعيشها كما كان يردد. لاقت أعماله الانتقادية التي برزت في مسرحية «قاووش الأفراح» و«سهرة شرعية» وغيرهما نجاحاً كبيراً. وفي المقابل، كان يعدها من الأعمال التي ينفذها بقلق. «كنت أخاف أن تخدش الذوق العام بشكل أو بآخر. فكنت ألجأ إلى أستاذي ومعلمي منصور الرحباني كي يرشدني إلى الصح والخطأ فيها».
أما حلم شويري فكان تمنيه أن تحمل له السنوات الباقية من عمره الفرح. فهو كما كان يقول أمضى القسم الأول منها مليئة بالأحزان والدموع. «وبالقليل الذي تبقى لي من سنوات عمري أتمنى أن تحمل لي الابتسامة».