مواجهات عنيفة في شوارع تعز بين القوات الموالية والمتمردة على الشرعية

مقتل قيادي ميداني حوثي بارز في الضالع.. وقصف عنيف على صنعاء واستهداف القصر الجمهوري

فتاة يمنية تحمل طفلا في أحد الملاجئ في مدينة بساسو الصومالية بعد فرار آلاف اليمنيين بسبب الأوضاع الأمنية أمس (رويترز)
فتاة يمنية تحمل طفلا في أحد الملاجئ في مدينة بساسو الصومالية بعد فرار آلاف اليمنيين بسبب الأوضاع الأمنية أمس (رويترز)
TT

مواجهات عنيفة في شوارع تعز بين القوات الموالية والمتمردة على الشرعية

فتاة يمنية تحمل طفلا في أحد الملاجئ في مدينة بساسو الصومالية بعد فرار آلاف اليمنيين بسبب الأوضاع الأمنية أمس (رويترز)
فتاة يمنية تحمل طفلا في أحد الملاجئ في مدينة بساسو الصومالية بعد فرار آلاف اليمنيين بسبب الأوضاع الأمنية أمس (رويترز)

دخلت تعز، رسميا أمس، على خط المواجهات العسكرية الساخنة، حيث شهدت مواجهات عنيفة بين المقاومة الشعبية وقوات الجيش الموالية للرئيس عبد ربه منصور هادي، من جهة، والميليشيات الحوثية والقوات الموالية للرئيس عبد ربه منصور هادي، من جهة أخرى، وقال شهود عيان في تعز لـ«الشرق الأوسط» إن «قوات اللواء 35 مدرع الموالي للشرعية مسنودة بمقاومة شعبية خاضت مواجهات عنيفة ضد المتمردين الذين يحاولون بسط سيطرتهم على كامل مدينة تعز، وأشارت معلومات ميدانية إلى قيام مسلحي المقاومة بمحاصرة مقر قوات الأمن الخاصة الموالية لصالح، فيما استهدف طيران التحالف بعض المواقع التي يسيطر عليها الحوثيون والقوات المتمردة من الجيش، وحسب شهود عيان فقد استهدفت عدة طلعات جوية القصر الجمهوري في تعز، حيث يعتقد أنه دمر بالكامل جراء تلك الغارات».
وقالت مصادر سياسية في تعز لـ«الشرق الأوسط» إن الحوثيين استقدموا تعزيزات عسكرية من صنعاء والحديدة لدعمهم في السيطرة على تعز ومناطق مجاورة، وأشارت هذه المصادر إلى أن «فتح جبهة تعز، يعني فيما يعنيه خسارتهم الكبيرة على الأرض في جبهات الضالع وعدن وشبوة وأبين ومأرب»، وكانت مصادر محلية في تعز، أكدت أن طائرات التحالف واصلت لليوم الثاني على التوالي قصف إمدادات من قبل الحوثيين وقوات صالح، كانت في طريقها إلى باب المندب في ذات المحافظة، تعز، وكان الحوثيون استخدموا محافظة تعز كجسر لإرسال قواتهم نحو المحافظات الجنوبية عدن، لكن بينت التطورات الراهنة أن عددا كبيرا من القوات العسكرية والأمنية في المحافظة هي موالية للرئيس المخلوع صالح وأنها ساهمت في تحويل تعز إلى جزء من الهجوم على الجنوب، بطريقة أو بأخرى، كما يتحدث بعض الساسة من أبناء تعز، التي تعد من أكبر المحافظات اليمنية من حيث عدد السكان.
وفي صنعاء، كثفت طائرات التحالف في عملية عاصفة الحزم الجمعة قصفها لمواقع عسكرية، حيث استهدفت الغارات المعسكرات الواقعة في جبل فج عطان بجنوب صنعاء وأخرى تقع في جبل نقم بشرق صنعاء وجميعها معسكرات موالية للرئيس السابق علي عبد الله صالح، وقد سمع دوي انفجارات عنيفة كما سمعت سيارات الإسعاف وهي تهرع إلى مواقع الانفجارات، وتشير معلومات محلية إلى أن طائرات التحالف استهدفت، بشكل مباشر، مخازن الأسلحة الهائلة في جبل نقم، حيث استمرت الانفجارات لساعات من ذلك الموقع، وفي السياق ذاته، أشارت المعلومات إلى أن طيران التحالف شن الجمعة أيضا سلسلة من الغارات على مواقع للمسلحين الحوثيين في معقلهم الرئيسي بمحافظة صعدة في شمال البلاد، يأتي ذلك في الوقت الذي تشير فيه المصادر الميدانية إلى تراجع كبير في القدرة الهجومية للمسلحين الحوثيين وقوات صالح في المحافظات الجنوبية، وإلى تقدم ملحوظ للقوات الموالية للرئيس عبد ربه منصور هادي وسيطرتها على مواقع متعددة في عدن وشبوة والضالع.
وفي جبهة مأرب، شهدت منطقة قبائل الجدعان مواجهات شرسة، حيث نفذت القبائل هجوما واسعا على القوات المهاجمة والموالية للحوثيين وصالح، وحسب مصدر محلي لـ«الشرق الأوسط»، فقد استولى رجال القبائل «على نقطة مفرق ماس جنوب غربي المعسكر الماس وأحرقوا دبابة وطقم واستشهد من الجدعان مقاتل إضافة إلى خمسة جرحى ومن عبيدة شهيدين وأربعه جرحى، فيما قتل وجرح عدد كبير من الحوثيين والحرس الجمهوري ولم يعرف بالضبط عددهم، غير أن شهود عيان رأوا ما يزيد على 8 جثث لقتلى منهم في المواقع التي تراجعوا منها في مفرق ماس الذي يسيطر على المعسكر من الخلف والذي أصبح بيد القبائل من الجدعان وقبائل مأرب والجوف الذين يطوقون المعسكر من 3 اتجاهات وعزلوا إمداداته من مواقع الحوثيين بالخرس في خلحلان ومفرق الجوف مأرب»، حسب المصدر الذي أكد أن عددا من المواقع التابعة للحوثيين وصالح في مأرب تعرضت، أمس، لضربات جوية قوية، دون أن تتوفر أي معلومات عن الخسائر.
من ناحية ثانية، لقي قيادي رفيع في جماعة الحوثيين، مساء أول من أمس، مصرعه في محافظة الضالع شمال عدن، وقال مصدر في المقاومة الشعبية لـ«الشرق الأوسط» إن القيادي المكنى بـ«أبو سلمان» لقي مصرعه ومعه مجموعة من عناصر الميليشيا في منطقة الجليلة المحاذية لمدينة الضالع، وذلك أثر هجوم مباغت شنته جماعة من المقاومة الشعبية على مقر عمليات حربية كانت تستخدمه ميليشيات الحوثي وصالح والذي تم مهاجمته بقذائف آر بي جي وبأسلحة متوسطة وخفيفة وأدت العملية إلى مقتل القيادي وآخرين كانوا معه أثناء الهجوم.
من جهة ثانية علمت «الشرق الأوسط» من مصادر وثيقة أن جبهة جماعة الحوثيين وقوات الرئيس الأسبق صالح تعاني من انشقاق واضح في الآونة الأخيرة، وذلك بعد الهزائم المتتالية التي منيت بها هذه القوات خاصة في جبهتي عدن والضالع، وأضاف المصدر أن هذا الانقسام زادت حدته إثر خروج قيادات في جماعة الحوثي عن صمتها معتبرة حربها في محافظات الجنوب بمثابة الانتحار السياسي للجماعة متهمة الرئيس المخلوع وأتباعه بتوريطها في هكذا حرب، وأشار المصدر إلى أن قيادات حوثية أبدت رغبتها واستعدادها لتسليم عتادها والانسحاب من الضالع، لكنها اشترطت هذا التسليم للسلاح إلى جهة في المقاومة الشعبية من غير المنتمية إلى من سمتهم بـ«الدواعش التكفيريين». يذكر أن يوم أمس الجمعة كان قد شهد هدوءا نسبيا؛ فباستثناء تراشقات متقطعة في جبهة الضالع وكذا أعمال قنّاصة وسماع زخات رصاص في نواح مختلفة من عدن يكاد الهدوء يكون هو السائد.
يذكر أن هذه التطورات تأتي في ظل استمرار الأزمة الإنسانية التي يعاني منها المواطن اليمني جراء انعدام التيار الكهربائي والمشتقات النفطية وارتفاع أسعار المواد الغذائية وكافة الخدمات، في هذه الأثناء، بدأت بعض المستشفيات في إغلاق أبوابها أمام المرضى وذلك بسبب انعدام الوقود لتشغيل الأجهزة ولشحة الدواء، وأفادت مصادر محلية في إب لـ«الشرق الأوسط» أن الكثير من المرضى لم يستطيعوا دخول المستشفى الرئيسي في المدينة جراء هذه الأزمة، فيما أكدت مصادر طبية أن مستشفى الأمومة والطفولة مهدد بالإغلاق، أيضا، وأكدت المصادر في إب أن الوقود والمشتقات النفطية متوفرة، غير أن الحوثيين يمنعون صرفها للمستشفيات والمواطنين بحجة أنها «مجهود حربي»، في الوقت الذي كثفت جماعة الحوثي، أمس، من رسائلها عبر الهاتف الجوال تحض الموطنين على التبرع للمجهود الحربي، كما تسميه عبر البنوك أو عبر إجراء اتصالات هاتفية لأرقام محددة.



واشنطن تضرب منشأتين حوثيتين لتخزين الأسلحة تحت الأرض

واشنطن شنت نحو 950 غارة ضد الحوثيين خلال عام (الجيش الأميركي)
واشنطن شنت نحو 950 غارة ضد الحوثيين خلال عام (الجيش الأميركي)
TT

واشنطن تضرب منشأتين حوثيتين لتخزين الأسلحة تحت الأرض

واشنطن شنت نحو 950 غارة ضد الحوثيين خلال عام (الجيش الأميركي)
واشنطن شنت نحو 950 غارة ضد الحوثيين خلال عام (الجيش الأميركي)

بعد يوم من تبني الحوثيين المدعومين من إيران مهاجمة أهداف عسكرية إسرائيلية وحاملة طائرات أميركية شمال البحر الأحمر، أعلن الجيش الأميركي، الأربعاء، استهداف منشأتين لتخزين الأسلحة تابعتين للجماعة في ريف صنعاء الجنوبي وفي محافظة عمران المجاورة شمالاً.

وإذ أقرت وسائل الإعلام الحوثية بتلقي 6 غارات في صنعاء وعمران، فإن الجماعة تشن منذ أكثر من 14 شهراً هجمات ضد السفن في البحر الأحمر وخليج عدن، وهجمات أخرى باتجاه إسرائيل، تحت مزاعم مناصرة الفلسطينيين في غزة، فيما تشن واشنطن ضربات مقابلة للحد من قدرات الجماعة.

وأوضحت «القيادة العسكرية المركزية الأميركية»، في بيان، الأربعاء، أن قواتها نفذت ضربات دقيقة متعددة ضد منشأتين تحت الأرض لتخزين الأسلحة التقليدية المتقدمة تابعتين للحوثيين المدعومين من إيران.

ووفق البيان، فقد استخدم الحوثيون هذه المنشآت لشن هجمات ضد سفن تجارية وسفن حربية تابعة للبحرية الأميركية في جنوب البحر الأحمر وخليج عدن. ولم تقع إصابات أو أضرار في صفوف القوات الأميركية أو معداتها.

وتأتي هذه الضربات، وفقاً للبيان الأميركي، في إطار جهود «القيادة المركزية» الرامية إلى تقليص محاولات الحوثيين المدعومين من إيران تهديد الشركاء الإقليميين والسفن العسكرية والتجارية في المنطقة.

في غضون ذلك، اعترفت الجماعة الحوثية، عبر وسائل إعلامها، بتلقي غارتين استهدفتا منطقة جربان بمديرية سنحان في الضاحية الجنوبية لصنعاء، وبتلقي 4 غارات ضربت مديرية حرف سفيان شمال محافظة عمران، وكلا الموقعين يضم معسكرات ومخازن أسلحة محصنة منذ ما قبل انقلاب الحوثيين.

وفي حين لم تشر الجماعة الحوثية إلى آثار هذه الضربات على الفور، فإنها تعدّ الثانية منذ مطلع السنة الجديدة، بعد ضربات كانت استهدفت السبت الماضي موقعاً شرق صعدة حيث المعقل الرئيسي للجماعة.

5 عمليات

كانت الجماعة الحوثية تبنت، مساء الاثنين الماضي، تنفيذ 5 عمليات عسكرية وصفتها بـ«النوعية» تجاه إسرائيل وحاملة طائرات أميركية، باستخدام صواريخ مجنّحة وطائرات مسيّرة، وذلك بعد ساعات من وصول المبعوث الأممي هانس غروندبرغ إلى صنعاء حيث العاصمة اليمنية الخاضعة للجماعة.

وفي حين لم يورد الجيشان الأميركي والإسرائيلي أي تفاصيل بخصوص هذه الهجمات المزعومة، فإن يحيى سريع، المتحدث العسكري باسم الحوثيين، قال إن قوات جماعته نفذت «5 عمليات عسكرية نوعية» استهدفت حاملة الطائرات الأميركية «هاري ترومان» وتل أبيب وعسقلان.

الحوثيون زعموا مهاجمة حاملة الطائرات الأميركية «هاري ترومان» بالصواريخ والمسيّرات (الجيش الأميركي)

وادعى المتحدث الحوثي أن جماعته استهدفت حاملة الطائرات الأميركية «يو إس إس هاري ترومان» بصاروخين مجنّحين و4 طائرات مسيّرة شمال البحرِ الأحمر، زاعماً أن الهجوم استبق تحضير الجيش الأميركي لشن هجوم على مناطق سيطرة الجماعة.

إلى ذلك، زعم القيادي الحوثي سريع أن جماعته قصفت هدفين عسكريين إسرائيليين في تل أبيب؛ في المرة الأولى بطائرتين مسيّرتين وفي المرة الثانية بطائرة واحدة، كما قصفت هدفاً حيوياً في عسقلانَ بطائرة مسيّرة رابعة.

تصعيد متواصل

وكانت الجماعة الحوثية تبنت، الأحد الماضي، إطلاق صاروخ باليستي فرط صوتي، زعمت أنها استهدفت به محطة كهرباء إسرائيلية، الأحد، وذلك بعد ساعات من تلقيها 3 غارات وصفتها بالأميركية والبريطانية على موقع شرق مدينة صعدة؛ حيث معقلها الرئيسي شمال اليمن.

ويشن الحوثيون هجماتهم ضد السفن في البحر الأحمر وخليج عدن وباتجاه إسرائيل، ابتداء من 19 نوفمبر (تشرين الثاني) 2023، تحت مزاعم مناصرة الفلسطينيين في غزة.

مقاتلة أميركية تقلع من على متن حاملة الطائرات «هاري رومان»... (الجيش الأميركي)

وأقر زعيمهم عبد الملك الحوثي في آخِر خُطبه الأسبوعية، الخميس الماضي، باستقبال 931 غارة جوية وقصفاً بحرياً، خلال عام من التدخل الأميركي، وقال إن ذلك أدى إلى مقتل 106 أشخاص، وإصابة 314 آخرين.

كما ردت إسرائيل على مئات الهجمات الحوثية بـ4 موجات من الضربات الانتقامية حتى الآن، وهدد قادتها السياسيون والعسكريون الجماعة بمصير مُشابه لحركة «حماس» و«حزب الله» اللبناني، مع الوعيد باستهداف البنية التحتية في مناطق سيطرة الجماعة.

ومع توقع أن تُواصل الجماعة الحوثية هجماتها، لا يستبعد المراقبون أن تُوسِّع إسرائيل ردها الانتقامي، على الرغم من أن الهجمات ضدها لم يكن لها أي تأثير هجومي ملموس، باستثناء مُسيَّرة قتلت شخصاً بعد انفجارها بشقة في تل أبيب يوم 19 يوليو (تموز) الماضي.