«الكاهن»... مباراة تمثيلية بين جيلي الكبار والشباب

«الكاهن»... مباراة تمثيلية بين جيلي الكبار والشباب
TT

«الكاهن»... مباراة تمثيلية بين جيلي الكبار والشباب

«الكاهن»... مباراة تمثيلية بين جيلي الكبار والشباب

يثير فيلم «الكاهن» قضية جديدة لم تتطرق إليها السينما العربية من قبل، رغم أنها باتت ملحة في عصرنا الحالي، إذ يطرح فكرة سيطرة شركات عالمية كبرى على مصائر البشر بعد أن نجحت في اختراق أسرارهم من خلال وسائل الاتصال الحديثة، ويعرض الفيلم تساؤلات عدة حول مدى وجود مجلس سري يحكم العالم الآن، في ربط بين الحاضر والمستقبل، باحثا عن جذور الحكاية في التاريخ البعيد.
في إطار من التشويق والإثارة والأكشن، تدور أحداث الفيلم الذي كتبه محمد ناير، وأخرجه عثمان أبو لبن، إذ يعرض «تتر» المقدمة لقطات وثائقية لخبراء في التكنولوجيا يحذرون من اختراق الهواتف الذكية لحياة خمسة مليارات مستخدم حول العالم باتت كل تفاصيل حياتهم مخترقة ومتاحة لشركات عملاقة، تعمل على تخزينها، كما يعرض لقطات أرشيفية للرئيس الأميركي الأسبق باراك أوباما ممسكا بهاتفه الخلوي الذي لا يتاح الاتصال منه وتحول - حسب قوله - إلى لعبة أطفال بين يديه.
تبدأ أحداث الفيلم من خلال د. مصطفى عبد الجليل (يجسد دوره الفنان محسن محيي الدين) الذي يجوب أنحاء مصر ليلقي محاضرات يحذر فيها من وجود شركات تقوم بالاستحواذ على بيانات مستخدمي المحمول الذي صار يكشف كل أسرار مستخدميه، يحدد أماكن وجودهم، ويطالع صورهم، متسائلاً عمن بإمكانه تخزين أسرار خمسة مليارات شخص حول العالم، وتخزينها على «سيرفرات» خاصة، مؤكداً وجود منظمات سرية تقوم بذلك، ومحذراً من مجهول ينتظر العالم وفق هذه الاختراقات، ويربط بين التاريخ والحاضر، فيما يتتبع محاضراته ملايين الناس ومسؤولو المنظمات السرية الذين تقوم عناصرهم باغتياله. يتفجر صراع معلن بين أطراف عديدة، الطرف الأول صلاح صاروفيم (حسين فهمي) الذي تثار الشكوك حوله، ومعه محاميه (يجسد دوره محمود حميدة) الذي يتعاون معه المحامي فتحي عبد الوهاب، وبين الطرف الثاني ويمثله كمال (جمال سليمان)، وإياد نصار (الصحافي حسن) وزوجته الصحافية فيروز الشهاوي (درة) اللذان تتعرض طفلتهما للاغتيال بجرعة سم، مما يدفع فيروز لتتبع الشركة ومن يمثلونها في مصر، في الوقت نفسه يخوض صلاح معركة لتولي مسؤولية الشركة بعد وفاة مالكها «سام بوشارد»، لكن طريقه لذلك يأتي مفروشا بالدماء، ويشهد الفيلم منافسة قوية في الأداء بين النجوم الكبار: حسين فهمي، محمود حميدة، جمال سليمان، أحمد فؤاد سليم، والشباب: إياد نصار، درة، فتحي عبد الوهاب، وجاءت نهاية الأحداث لتعكس استمرار الصراع بين الأبيض والأسود، والخير والشر، مع دعوة لأهمية أن نكون مستعدين جميعا.
فيلم «الكاهن» إنتاج مصري - سعودي، عبر شركتي «أد دايمنشن» و«بنش مارك» للمنتج السعودي زكي حسانين، بينما الجانب المصري تمثله شركة «سيني برو» والمنتج ياسر صلاح.
وبحسب الناقد أندرو محسن، فإن فكرة الفيلم تعد براقة، غير أن السيناريو جاء أضعف منها، مؤكداً لـ«الشرق الأوسط»: «بين وقت وآخر تثار في الإعلام الأميركي قضية استغلال بعض الشركات لبيانات المستخدمين، ورغم أهميتها، لكن هناك قصور كبير في السيناريو الذي اعتمد على الحكي بما لا يتناسب مع طبيعة الفكرة القائمة على الصراع والتشويق، كما اعتمدت أحداث الجزء الأخير من الفيلم على مفاجآت لا تتناسب مع منطقية الدراما، مثل شخصية الفنان جمال سليمان».



ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
TT

ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)

ستيف بركات عازف بيانو كندي من أصل لبناني، ينتج ويغنّي ويلحّن. لفحه حنين للجذور جرّه إلى إصدار مقطوعة «أرض الأجداد» (Motherland) أخيراً. فهو اكتشف لبنان في وقت لاحق من حياته، وينسب حبّه له إلى «خيارات مدروسة وواعية» متجذرة في رحلته. من اكتسابه فهماً متيناً لهويته وتعبيره عن الامتنان لما منحه إياه الإرث من عمق يتردّد صداه كل يوم، تحاوره «الشرق الأوسط» في أصله الإنساني المنساب على النوتة، وما أضفاه إحساسه الدفين بالصلة مع أسلافه من فرادة فنية.
غرست عائلته في داخله مجموعة قيم غنية استقتها من جذورها، رغم أنه مولود في كندا: «شكلت هذه القيم جزءاً من حياتي منذ الطفولة، ولو لم أدركها بوعي في سنّ مبكرة. خلال زيارتي الأولى إلى لبنان في عام 2008. شعرتُ بلهفة الانتماء وبمدى ارتباطي بجذوري. عندها أدركتُ تماماً أنّ جوانب عدة من شخصيتي تأثرت بأصولي اللبنانية».
بين كوبنهاغن وسيول وبلغراد، وصولاً إلى قاعة «كارنيغي» الشهيرة في نيويورك التي قدّم فيها حفلاً للمرة الأولى، يخوض ستيف بركات جولة عالمية طوال العام الحالي، تشمل أيضاً إسبانيا والصين والبرتغال وكوريا الجنوبية واليابان... يتحدث عن «طبيعة الأداء الفردي (Solo) التي تتيح حرية التكيّف مع كل حفل موسيقي وتشكيله بخصوصية. فالجولات تفسح المجال للتواصل مع أشخاص من ثقافات متنوعة والغوص في حضارة البلدان المضيفة وتعلّم إدراك جوهرها، مما يؤثر في المقاربة الموسيقية والفلسفية لكل أمسية».
يتوقف عند ما يمثله العزف على آلات البيانو المختلفة في قاعات العالم من تحدٍ مثير: «أكرّس اهتماماً كبيراً لأن تلائم طريقة عزفي ضمانَ أفضل تجربة فنية ممكنة للجمهور. للقدرة على التكيّف والاستجابة ضمن البيئات المتنوّعة دور حيوي في إنشاء تجربة موسيقية خاصة لا تُنسى. إنني ممتنّ لخيار الجمهور حضور حفلاتي، وهذا امتياز حقيقي لكل فنان. فهم يمنحونني بعضاً من وقتهم الثمين رغم تعدّد ملاهي الحياة».
كيف يستعد ستيف بركات لحفلاته؟ هل يقسو عليه القلق ويصيبه التوتر بإرباك؟ يجيب: «أولويتي هي أن يشعر الحاضر باحتضان دافئ ضمن العالم الموسيقي الذي أقدّمه. أسعى إلى خلق جو تفاعلي بحيث لا يكون مجرد متفرج بل ضيف عزيز. بالإضافة إلى الجانب الموسيقي، أعمل بحرص على تنمية الشعور بالصداقة الحميمة بين الفنان والمتلقي. يستحق الناس أن يلمسوا إحساساً حقيقياً بالضيافة والاستقبال». ويعلّق أهمية على إدارة مستويات التوتّر لديه وضمان الحصول على قسط كافٍ من الراحة: «أراعي ضرورة أن أكون مستعداً تماماً ولائقاً بدنياً من أجل المسرح. في النهاية، الحفلات الموسيقية هي تجارب تتطلب مجهوداً جسدياً وعاطفياً لا تكتمل من دونه».
عزف أناشيد نالت مكانة، منها نشيد «اليونيسف» الذي أُطلق من محطة الفضاء الدولية عام 2009 ونال جائزة. ولأنه ملحّن، يتمسّك بالقوة الهائلة للموسيقى لغة عالمية تنقل الرسائل والقيم. لذا حظيت مسيرته بفرص إنشاء مشروعات موسيقية لعلامات تجارية ومؤسسات ومدن؛ ومعاينة تأثير الموسيقى في محاكاة الجمهور على مستوى عاطفي عميق. يصف تأليف نشيد «اليونيسف» بـ«النقطة البارزة في رحلتي»، ويتابع: «التجربة عزّزت رغبتي في التفاني والاستفادة من الموسيقى وسيلة للتواصل ومتابعة الطريق».
تبلغ شراكته مع «يونيفرسال ميوزيك مينا» أوجها بنجاحات وأرقام مشاهدة عالية. هل يؤمن بركات بأن النجاح وليد تربة صالحة مكوّنة من جميع عناصرها، وأنّ الفنان لا يحلّق وحده؟ برأيه: «يمتد جوهر الموسيقى إلى ما وراء الألحان والتناغم، ليكمن في القدرة على تكوين روابط. فالنغمات تمتلك طاقة مذهلة تقرّب الثقافات وتوحّد البشر». ويدرك أيضاً أنّ تنفيذ المشاريع والمشاركة فيها قد يكونان بمثابة وسيلة قوية لتعزيز الروابط السلمية بين الأفراد والدول: «فالثقة والاهتمام الحقيقي بمصالح الآخرين يشكلان أسس العلاقات الدائمة، كما يوفر الانخراط في مشاريع تعاونية خطوات نحو عالم أفضل يسود فيه الانسجام والتفاهم».
بحماسة أطفال عشية الأعياد، يكشف عن حضوره إلى المنطقة العربية خلال نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل: «يسعدني الوجود في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا كجزء من جولة (Néoréalité) العالمية. إنني في مرحلة وضع اللمسات الأخيرة على التفاصيل والتواريخ لنعلن عنها قريباً. تملؤني غبطة تقديم موسيقاي في هذا الحيّز النابض بالحياة والغني ثقافياً، وأتحرّق شوقاً لمشاركة شغفي وفني مع ناسه وإقامة روابط قوامها لغة الموسيقى العالمية».
منذ إطلاق ألبومه «أرض الأجداد»، وهو يراقب جمهوراً متنوعاً من الشرق الأوسط يتفاعل مع فنه. ومن ملاحظته تزايُد الاهتمام العربي بالبيانو وتعلّق المواهب به في رحلاتهم الموسيقية، يُراكم بركات إلهاماً يقوده نحو الامتنان لـ«إتاحة الفرصة لي للمساهمة في المشهد الموسيقي المزدهر في الشرق الأوسط وخارجه».
تشغله هالة الثقافات والتجارب، وهو يجلس أمام 88 مفتاحاً بالأبيض والأسود على المسارح: «إنها تولّد إحساساً بالعودة إلى الوطن، مما يوفر ألفة مريحة تسمح لي بتكثيف مشاعري والتواصل بعمق مع الموسيقى التي أهديها إلى العالم».