إيران تتراجع عن لهجتها التصعيدية في اليمن وتدعو لحوار

مراقبون: موقفها متأخر وتدخلها في كل الأحوال غير مقبول

إيران تتراجع عن لهجتها التصعيدية في اليمن وتدعو لحوار
TT

إيران تتراجع عن لهجتها التصعيدية في اليمن وتدعو لحوار

إيران تتراجع عن لهجتها التصعيدية في اليمن وتدعو لحوار

بعد تصريحاتها العدائية تجاه السعودية، وتهديداتها، واستخدامها لغة التحدي، تراجعت إيران عن تلك التصريحات خلال اليومين الماضيين، في محاولة منها لتخفيف تلك اللهجة. موقف الرياض ثابت، فقد رفض وزير الخارجية الأمير سعود الفيصل أي تدخل لإيران حتى بدعواتها للأطراف المتنازعة للحوار، في الوقت الذي قال فيه السفير السعودي لدى واشنطن، عادل الجبير، إن مسألة اليمن عربية بحتة ولا دخل لطهران.
ويأتي ذلك التراجع واضحًا من خلال محاولات مسؤولين إيرانيين الدعوة للحوار بين الأطراف المتنازعة في اليمن، في الوقت الذي تتهم فيه دول عربية طهران بتسليح المتمردين الحوثيين رغبة منها في توسيع رقعة نفوذها الإقليمي.
وفي نيويورك كان الأمين العام للأمم المتحدة، بان كي مون، قد دعا، أمس، إلى وقف فوري لإطلاق النار، حيث تدور معارك بين القبائل والمقاومة الشعبية مدعومة عسكريا من قوات التحالف العربي الإسلامي في عملية «عاصفة الحزم»، وبين ميليشيا الحوثي وقوات الرئيس المخلوع علي عبد الله صالح. ويرى مراقبون أن دعوات إيران للحوار ومحاولات التدخل السلمي متأخرة، خصوصا أن مجلس الأمن أقر، الثلاثاء الماضي، مشروع قرار اقترحته دول مجلس التعاون الخليجي، وتم إقراره تحت الفصل السابع.
وذكرت الوكالة الإيرانية اليوم، أن «ظريف أشار إلى الخطط الإيرانية من 4 نقاط لوضع حد للأزمة، مع التشديد على أهمية الحوار الفوري بين اليمنيين، وعلى أن إيران مستعدة للمساعدة في تسوية هذه الأزمة».
وهزت اليوم، انفجارات عنيفة مدينة تعز (جنوب غرب)، ثالث مدن البلاد، حيث نفذت طائرات التحالف غارات ضد الحوثيين وفقا لسكان، لكن شهود عيان أكدوا انتفاضة شعبية ضد قوات علي عبد الله صالح وميليشيا الحوثي في تعز.
وأفاد مراسل وكالة الصحافة الفرنسي، أن سكان تعز المحرومين من التيار الكهربائي والمياه منذ أيام عدة، يخرجون إلى الشارع لجمع مياه من الآبار النادرة الموجودة في المدينة رغم المعارك والغارات.
واليوم وجهت الأمم المتحدة وشركاؤها في المجال الإنساني في اليمن، نداء عاجلا للحصول على مساعدة إنسانية بقيمة 274 مليون دولار لتلبية حاجات 7.5 مليون نسمة تأثروا جراء الأحداث.
وفي جنيف، أعرب مسؤول اللجنة الدولية للصليب الأحمر في اليمن، سيدريك شوايزر، عن أسفه للتدهور السريع للوضع الإنساني في اليمن، وأوضح أن إحدى المشكلات الرئيسية، هي نقص الوقود والمواد الغذائية والأدوية، خصوصا للمرضى المصابين بأمراض مزمنة.
وقال في مؤتمر، عبر الفيديو اليوم: «لم يعد هناك واردات في اليمن، نتحدث عن الغذاء والوقود والأدوية»، مضيفا: «إننا نحتاج بشكل عاجل لإيجاد سبيل من أجل إدخال مواد غذائية إلى اليمن» وإلاّ فإن الوضع سيطرح «مشكلة كبيرة في الأسابيع المقبلة».
وفي محافظة شبوة قتل عنصران من القاعدة في هجوم جديد لطائرة أميركية من دون طيار، وفقا لمصدر قبلي؛ إذ إن الولايات المتحدة مصممة على الاستمرار في محاربة التنظيم المتطرف في اليمن رغم النزاع الدائر فيه.



الحوثيون يكثفون انتهاكاتهم بحق الأكاديميين في الجامعات

فعالية حوثية داخل جامعة صنعاء تضامناً مع «حزب الله» (إعلام حوثي)
فعالية حوثية داخل جامعة صنعاء تضامناً مع «حزب الله» (إعلام حوثي)
TT

الحوثيون يكثفون انتهاكاتهم بحق الأكاديميين في الجامعات

فعالية حوثية داخل جامعة صنعاء تضامناً مع «حزب الله» (إعلام حوثي)
فعالية حوثية داخل جامعة صنعاء تضامناً مع «حزب الله» (إعلام حوثي)

كثّفت الجماعة الحوثية استهدافها مدرسي الجامعات والأكاديميين المقيمين في مناطق سيطرتها بحملات جديدة، وألزمتهم بحضور دورات تعبوية وزيارات أضرحة القتلى من قادتها، والمشاركة في وقفات تنظمها ضد الغرب وإسرائيل، بالتزامن مع الكشف عن انتهاكات خطيرة طالتهم خلال فترة الانقلاب والحرب، ومساعٍ حثيثة لكثير منهم إلى الهجرة.

وذكرت مصادر أكاديمية في العاصمة اليمنية المختطفة صنعاء لـ«الشرق الأوسط» أن مدرسي الجامعات العامة والخاصة والموظفين في تلك الجامعات يخضعون خلال الأسابيع الماضية لممارسات متنوعة؛ يُجبرون خلالها على المشاركة في أنشطة خاصة بالجماعة على حساب مهامهم الأكاديمية والتدريس، وتحت مبرر مواجهة ما تسميه «العدوان الغربي والإسرائيلي»، ومناصرة فلسطينيي غزة.

وتُلوّح الجماعة بمعاقبة مَن يتهرّب أو يتخلّف من الأكاديميين في الجامعات العمومية، عن المشاركة في تلك الفعاليات بالفصل من وظائفهم، وإيقاف مستحقاتهم المالية، في حين يتم تهديد الجامعات الخاصة بإجراءات عقابية مختلفة، منها الغرامات والإغلاق، في حال عدم مشاركة مدرسيها وموظفيها في تلك الفعاليات.

أكاديميون في جامعة صنعاء يشاركون في تدريبات عسكرية أخضعهم لها الحوثيون (إعلام حوثي)

وتأتي هذه الإجراءات متزامنة مع إجراءات شبيهة يتعرّض لها الطلاب الذين يجبرون على حضور دورات تدريبية قتالية، والمشاركة في عروض عسكرية ضمن مساعي الجماعة لاستغلال الحرب الإسرائيلية على غزة لتجنيد مقاتلين تابعين لها.

انتهاكات مروّعة

وكان تقرير حقوقي قد كشف عن «انتهاكات خطيرة» طالت عشرات الأكاديميين والمعلمين اليمنيين خلال الأعوام العشرة الماضية.

وأوضح التقرير الذي أصدرته «بوابة التقاضي الاستراتيجي»، التابعة للمجلس العربي، بالتعاون مع الهيئة الوطنية للأسرى والمختطفين، قبل أسبوع تقريباً، وغطّي الفترة من مايو (أيار) 2015، وحتى أغسطس (آب) الماضي، أن 1304 وقائع انتهاك طالت الأكاديميين والمعلمين في مناطق سيطرة الجماعة الحوثية التي اتهمها باختطافهم وتعقبهم، ضمن ما سمّاها بـ«سياسة تستهدف القضاء على الفئات المؤثرة في المجتمع اليمني وتعطيل العملية التعليمية».

أنشطة الجماعة الحوثية في الجامعات طغت على الأنشطة الأكاديمية والعلمية (إكس)

ووثّق التقرير حالتي وفاة تحت التعذيب في سجون الجماعة، وأكثر من 20 حالة إخفاء قسري، منوهاً بأن من بين المستهدفين وزراء ومستشارين حكوميين ونقابيين ورؤساء جامعات، ومرجعيات علمية وثقافية ذات تأثير كبير في المجتمع اليمني.

وتضمن التقرير تحليلاً قانونياً لمجموعة من الوثائق، بما في ذلك تفاصيل جلسات التحقيق ووقائع التعذيب.

ووفق تصنيف التقرير للانتهاكات، فإن الجماعة الحوثية نفّذت 1046 حالة اختطاف بحق مؤثرين، وعرضت 124 منهم للتعذيب، وأخضعت اثنين من الأكاديميين و26 من المعلمين لمحاكمات سياسية.

وتشمل الانتهاكات التي رصدها التقرير، الاعتقال التعسفي والإخفاء القسري والتعذيب الجسدي والنفسي والمحاكمات الصورية وأحكام الإعدام.

عشرات الأكاديميين لجأوا إلى طلب الهجرة بسبب سياسات الإقصاء الحوثية وقطع الرواتب (إكس)

وسبق أن كشف تقرير تحليلي لأوضاع الأكاديميين اليمنيين عن زيادة في طلبات العلماء والباحثين الجامعيين للهجرة خارج البلاد، بعد تدهور الظروف المعيشية، واستمرار توقف رواتبهم، والانتهاكات التي تطال الحرية الأكاديمية.

وطبقاً للتقرير الصادر عن معهد التعليم الدولي، ارتفعت أعداد الطلبات المقدمة من باحثين وأكاديميين يمنيين لصندوق إنقاذ العلماء، في حين تجري محاولات لاستكشاف الطرق التي يمكن لقطاع التعليم الدولي من خلالها مساعدة وتغيير حياة من تبقى منهم في البلاد إلى الأفضل.

إقبال على الهجرة

يؤكد المعهد الدولي أن اليمن كان مصدر غالبية الطلبات التي تلقّاها صندوق إنقاذ العلماء في السنوات الخمس الماضية، وتم دعم أكثر من ثلثي العلماء اليمنيين داخل المنطقة العربية وفي الدول المجاورة، بمنحة قدرها 25 ألف دولار لتسهيل وظائف مؤقتة.

قادة حوثيون يتجولون في جامعة صنعاء (إعلام حوثي)

لكن تحديات التنقل المتعلقة بالتأشيرات وتكلفة المعيشة والاختلافات اللغوية الأكاديمية والثقافية تحد من منح الفرص للأكاديميين اليمنيين في أميركا الشمالية وأوروبا، مقابل توفر هذه الفرص في مصر والأردن وشمال العراق، وهو ما يفضله كثير منهم؛ لأن ذلك يسمح لهم بالبقاء قريباً من عائلاتهم وأقاربهم.

وخلص التقرير إلى أن العمل الأكاديمي والبحثي داخل البلاد «يواجه عراقيل سياسية وتقييداً للحريات ونقصاً في الوصول إلى الإنترنت، ما يجعلهم يعيشون فيما يُشبه العزلة».

وأبدى أكاديمي في جامعة صنعاء رغبته في البحث عن منافذ أخرى قائمة ومستمرة، خصوصاً مع انقطاع الرواتب وضآلة ما يتلقاه الأستاذ الجامعي من مبالغ، منها أجور ساعات تدريس محاضرات لا تفي بالاحتياجات الأساسية، فضلاً عن ارتفاع الإيجارات.

إجبار الأكاديميين اليمنيين على المشاركة في الأنشطة الحوثية تسبب في تراجع العملية التعليمية (إكس)

وقال الأكاديمي الذي طلب من «الشرق الأوسط» التحفظ على بياناته خوفاً على سلامته، إن الهجرة ليست غاية بقدر ما هي بحث عن وظيفة أكاديمية بديلة للوضع المأساوي المعاش.

ويقدر الأكاديمي أن تأثير هذه الأوضاع أدّى إلى تدهور العملية التعليمية في الجامعات اليمنية بنسبة تتجاوز نصف الأداء في بعض الأقسام العلمية، وثلثه في أقسام أخرى، ما أتاح المجال لإحلال كوادر غير مؤهلة تأهيلاً عالياً، وتتبع الجماعة الحوثية التي لم تتوقف مساعيها الحثيثة للهيمنة على الجامعات ومصادرة قرارها، وصياغة محتوى مناهجها وفقاً لرؤية أحادية، خصوصاً في العلوم الاجتماعية والإنسانية.

وفي حين فقدت جامعة صنعاء -على سبيل المثال- دورها التنويري في المجتمع، ومكانتها بصفتها مؤسسة تعليمية، تُشجع على النقد والتفكير العقلاني، تحسّر الأكاديمي اليمني لغياب مساعي المنظمات الدولية في تبني حلول لأعضاء هيئة التدريس، سواء في استيعابهم في مجالات أو مشروعات علمية، متمنياً ألا يكون تخصيص المساعدات لمواجهة المتطلبات الحياتية للأكاديميين غير مشروط أو مجاني، وبما لا يمس كرامتهم.