«إنها الحرب المفتوحة». بهذه العبارات وصف العالم الوبائي السويسري فرنسوا بلانشار، المعركة الدائرة حالياً ضد متحور أوميكرون الذي يتسبب يومياً بما يزيد عن مليون إصابة في العالم، لكن تقديرات الخبراء تشير أن العدد الفعلي يتجاوز ذلك بكثير، بسبب من عدم توفر القدرات الكافية لإجراء الاختبارات، ولأن نسبة عالية من الحالات لا تظهر عليها أعراض خارجية.
ودعا بلانشار في حديث مع «الشرق الأوسط»، صباح أمس الخميس، إلى استخدام كل الوسائل المتاحة لاحتواء الموجة الوبائية التي تهدد بإنهاك المنظومات الصحية التي بدأت تترنح حتى في البلدان المتقدمة، وشل قطاعات اقتصادية عديدة (لأن مفاعيل سرعة انتشار هذا المتحور، تتجاوز بكثير عدم خطورة الإصابة الناجمة عنه كما توحي المؤشرات الأولى).
ينبه بلانشار من (أن أوميكرون ما يزال لغزاً من حيث مواصفاته البيولوجية، والشيء الوحيد المؤكد عنه حتى الآن، هو سرعة سريانه التي تفوق سرعة جميع الفيروسات المعروفة)، وبالتالي، لا بد من تسخير كل الإمكانات لمواجهته واحتوائه قبل أن تظهر مفاجآت جديدة.
في غضون ذلك، تلجأ الدول الغنية إلى السلاح الوحيد الذي يبدو فاعلاً ضد المتحور الجديد، وتكثف حملات التطعيم بين جميع الفئات العمرية، فيما تضيق الحصار على جيوب المتمردين ضد اللقاحات، رغم أنهم الذين يدفعون الثمن الأغلى لهذه الموجة، في المستشفيات ووحدات العناية الفائقة وعدد الوفيات.
ومن بروكسل، غردت مفوضة الشؤون الصحية ستيلا كيرياكيديس، أمس، بأن (أفضل هدية يمكن تقديمها لمن نحبهم بمناسبة هذه الأعياد، هي اللقاح واحترام التدابير الصحية، وتحاشي الأماكن المزدحمة والحفاظ على مسافد التباعد وارتداء الكمامات الواقية). وقالت كيرياكيديس، إن التلقيح حيوي اليوم أكثر من أي وقت مضى، وحضت على تناول الجرعة المعززة كلما أتيح ذلك. وكشفت عن أن إعطاء جرعة رابعة هو الآن قيد الدرس في الهيئات الصحية الأوروبية، (لكن ما زال الوقت مبكراً لمثل هذه الخطوة)، التي أقدمت عليها إسرائيل مؤخراً وتبعتها تشيلي مطلع هذا الأسبوع.
وإلى جانب التهافت على اللقاحات ومضاعفة الجهود لتوزيعها على أوسع نطاق ممكن، بدأت الدول الأوروبية تبرم عقوداً لشراء الأدوية العلاجية التي تطورها شركتا ميرك وفايزر ضد كوفيد، والتي أعطت الوكالة الأوروبية للأدوية، مؤخراً، الضوء الأخضر لاستخدامها بعد أن ثبتت سلامتها وفاعليتها. ويذكر أن هذه الأدوية تعطى على شكل أقراص قبل انقضاء خمسة أيام على الإصابة بالفيروس كحد أقصى. ومن غير المتوقع أن تلجأ المفوضية الأوروبية إلى توحيد المشتريات للدول الأعضاء كما حصل بالنسبة للقاحات.
يذكر أن المدير العام لمنظمة الصحة العالمية تادروس ادحانوم غيبريسوس، الذي حذر من تسونامي وبائي يتسبب فيه دلتا وأوميكرون، اتهم البلدان الغنية بأن اندفاعها إلى إعطاء الجرعة الثالثة (سيطيل في عمر الجائحة ويهدد بظهور متحورات جديدة قد تكون أسرع أو أشد خطورة)، وكرر مناشدته توفير اللقاحات الكافية للدول الفقيرة والنامية ومساعدتها على توزيعها. وكان تادروس قد أعلن، الأربعاء، فشل الجهود الدولية لتلقيح 40 في المائة من سكان العالم بحلول نهاية هذا العام، وقال إن 92 دولة لن تتمكن من تحقيق هذا الهدف، ودعا إلى تضافر الجهود لبلوغ تغطية لقاحية عالمية بنسبة 70 في المائة قبل نهاية العام المقبل.
ويقول خبراء منظمة الصحة، بأن التركيز الإعلامي على المشهد الوبائي في أوروبا والولايات المتحدة، له أسباب عديدة، أبرزها أن هذه البلدان تعلن يومياً عن أعداد كبيرة من الإصابات لأنها تملك قدرات اختبارية عالية، لكن هذا لا يعني أن الأقاليم الأخرى لا تشهد انتشاراً واسعاً للوباء، وخصوصاً بعد ظهور المتحور الجديد.
وفيما عادت أرقام الإصابات إلى الارتفاع في ألمانيا بعد شهر من التراجع، انضمت أمس بلدان أوروبية جديدة، مثل إسبانيا واليونان والبرتغال والدنمارك، إلى قافلة الأرقام القياسية في عدد الإصابات اليومية منذ بداية الجائحة. كما سجلت بولندا رقماً قياسياً جديدا في عدد الوفيات اليومية بلغ 794 حالة، ثلاثة أرباعها بين غير الملقحين.
إلى جانب ذلك، نبهت المفوضية الأوروبية من أن قطاع النقل العام، الجوي والحديدي، قد يشهد المزيد من إلغاء الرحلات في الفترة المقبلة، بسبب من ارتفاع عدد الإصابات بين العاملين في هذا القطاع، والتزامهم الحجر الصحي الذي قررت دول عديدة خفض مدته لتحاشي شلل مثل هذه الخدمات الأساسية.
وعلى الصعيد العالمي ألغيت يوم الأربعاء أكثر من ثلاثة آلاف رحلة جوية، معظمها في الولايات المتحدة والصين. وفي إيطاليا، ألغيت، أمس، عشرات الرحلات بالقطار في المقاطعات الشمالية التي سجلت وحدها ثلث الإصابات اليومية الجديدة.
وقبل خمسة وأربعين يوماً من افتتاح الألعاب الأولمبية الشتوية في بكين، أعلنت الصين، أمس، عن 207 إصابات جديدة، منها 156 إصابة محلية معظمها في مدينة شيان التي يبلغ عدد سكانها 13 مليوناً وضعوا تحت الإقفال التام حتى منتصف الشهر المقبل.
عالم سويسري: «أوميكرون» لغز يجب احتواؤه قبل «المفاجآت»
جرعة رابعة قيد الدرس في الهيئات الصحية الأوروبية
عالم سويسري: «أوميكرون» لغز يجب احتواؤه قبل «المفاجآت»
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة