عالم سويسري: «أوميكرون» لغز يجب احتواؤه قبل «المفاجآت»

جرعة رابعة قيد الدرس في الهيئات الصحية الأوروبية

عابر في أحد شوارع باريس يرتدي كمامة بعد أن فرضتها فرنسا مع ارتفاع إصابات كورونا (إ.ب.أ)
عابر في أحد شوارع باريس يرتدي كمامة بعد أن فرضتها فرنسا مع ارتفاع إصابات كورونا (إ.ب.أ)
TT

عالم سويسري: «أوميكرون» لغز يجب احتواؤه قبل «المفاجآت»

عابر في أحد شوارع باريس يرتدي كمامة بعد أن فرضتها فرنسا مع ارتفاع إصابات كورونا (إ.ب.أ)
عابر في أحد شوارع باريس يرتدي كمامة بعد أن فرضتها فرنسا مع ارتفاع إصابات كورونا (إ.ب.أ)

«إنها الحرب المفتوحة». بهذه العبارات وصف العالم الوبائي السويسري فرنسوا بلانشار، المعركة الدائرة حالياً ضد متحور أوميكرون الذي يتسبب يومياً بما يزيد عن مليون إصابة في العالم، لكن تقديرات الخبراء تشير أن العدد الفعلي يتجاوز ذلك بكثير، بسبب من عدم توفر القدرات الكافية لإجراء الاختبارات، ولأن نسبة عالية من الحالات لا تظهر عليها أعراض خارجية.
ودعا بلانشار في حديث مع «الشرق الأوسط»، صباح أمس الخميس، إلى استخدام كل الوسائل المتاحة لاحتواء الموجة الوبائية التي تهدد بإنهاك المنظومات الصحية التي بدأت تترنح حتى في البلدان المتقدمة، وشل قطاعات اقتصادية عديدة (لأن مفاعيل سرعة انتشار هذا المتحور، تتجاوز بكثير عدم خطورة الإصابة الناجمة عنه كما توحي المؤشرات الأولى).
ينبه بلانشار من (أن أوميكرون ما يزال لغزاً من حيث مواصفاته البيولوجية، والشيء الوحيد المؤكد عنه حتى الآن، هو سرعة سريانه التي تفوق سرعة جميع الفيروسات المعروفة)، وبالتالي، لا بد من تسخير كل الإمكانات لمواجهته واحتوائه قبل أن تظهر مفاجآت جديدة.
في غضون ذلك، تلجأ الدول الغنية إلى السلاح الوحيد الذي يبدو فاعلاً ضد المتحور الجديد، وتكثف حملات التطعيم بين جميع الفئات العمرية، فيما تضيق الحصار على جيوب المتمردين ضد اللقاحات، رغم أنهم الذين يدفعون الثمن الأغلى لهذه الموجة، في المستشفيات ووحدات العناية الفائقة وعدد الوفيات.
ومن بروكسل، غردت مفوضة الشؤون الصحية ستيلا كيرياكيديس، أمس، بأن (أفضل هدية يمكن تقديمها لمن نحبهم بمناسبة هذه الأعياد، هي اللقاح واحترام التدابير الصحية، وتحاشي الأماكن المزدحمة والحفاظ على مسافد التباعد وارتداء الكمامات الواقية). وقالت كيرياكيديس، إن التلقيح حيوي اليوم أكثر من أي وقت مضى، وحضت على تناول الجرعة المعززة كلما أتيح ذلك. وكشفت عن أن إعطاء جرعة رابعة هو الآن قيد الدرس في الهيئات الصحية الأوروبية، (لكن ما زال الوقت مبكراً لمثل هذه الخطوة)، التي أقدمت عليها إسرائيل مؤخراً وتبعتها تشيلي مطلع هذا الأسبوع.
وإلى جانب التهافت على اللقاحات ومضاعفة الجهود لتوزيعها على أوسع نطاق ممكن، بدأت الدول الأوروبية تبرم عقوداً لشراء الأدوية العلاجية التي تطورها شركتا ميرك وفايزر ضد كوفيد، والتي أعطت الوكالة الأوروبية للأدوية، مؤخراً، الضوء الأخضر لاستخدامها بعد أن ثبتت سلامتها وفاعليتها. ويذكر أن هذه الأدوية تعطى على شكل أقراص قبل انقضاء خمسة أيام على الإصابة بالفيروس كحد أقصى. ومن غير المتوقع أن تلجأ المفوضية الأوروبية إلى توحيد المشتريات للدول الأعضاء كما حصل بالنسبة للقاحات.
يذكر أن المدير العام لمنظمة الصحة العالمية تادروس ادحانوم غيبريسوس، الذي حذر من تسونامي وبائي يتسبب فيه دلتا وأوميكرون، اتهم البلدان الغنية بأن اندفاعها إلى إعطاء الجرعة الثالثة (سيطيل في عمر الجائحة ويهدد بظهور متحورات جديدة قد تكون أسرع أو أشد خطورة)، وكرر مناشدته توفير اللقاحات الكافية للدول الفقيرة والنامية ومساعدتها على توزيعها. وكان تادروس قد أعلن، الأربعاء، فشل الجهود الدولية لتلقيح 40 في المائة من سكان العالم بحلول نهاية هذا العام، وقال إن 92 دولة لن تتمكن من تحقيق هذا الهدف، ودعا إلى تضافر الجهود لبلوغ تغطية لقاحية عالمية بنسبة 70 في المائة قبل نهاية العام المقبل.
ويقول خبراء منظمة الصحة، بأن التركيز الإعلامي على المشهد الوبائي في أوروبا والولايات المتحدة، له أسباب عديدة، أبرزها أن هذه البلدان تعلن يومياً عن أعداد كبيرة من الإصابات لأنها تملك قدرات اختبارية عالية، لكن هذا لا يعني أن الأقاليم الأخرى لا تشهد انتشاراً واسعاً للوباء، وخصوصاً بعد ظهور المتحور الجديد.
وفيما عادت أرقام الإصابات إلى الارتفاع في ألمانيا بعد شهر من التراجع، انضمت أمس بلدان أوروبية جديدة، مثل إسبانيا واليونان والبرتغال والدنمارك، إلى قافلة الأرقام القياسية في عدد الإصابات اليومية منذ بداية الجائحة. كما سجلت بولندا رقماً قياسياً جديدا في عدد الوفيات اليومية بلغ 794 حالة، ثلاثة أرباعها بين غير الملقحين.
إلى جانب ذلك، نبهت المفوضية الأوروبية من أن قطاع النقل العام، الجوي والحديدي، قد يشهد المزيد من إلغاء الرحلات في الفترة المقبلة، بسبب من ارتفاع عدد الإصابات بين العاملين في هذا القطاع، والتزامهم الحجر الصحي الذي قررت دول عديدة خفض مدته لتحاشي شلل مثل هذه الخدمات الأساسية.
وعلى الصعيد العالمي ألغيت يوم الأربعاء أكثر من ثلاثة آلاف رحلة جوية، معظمها في الولايات المتحدة والصين. وفي إيطاليا، ألغيت، أمس، عشرات الرحلات بالقطار في المقاطعات الشمالية التي سجلت وحدها ثلث الإصابات اليومية الجديدة.
وقبل خمسة وأربعين يوماً من افتتاح الألعاب الأولمبية الشتوية في بكين، أعلنت الصين، أمس، عن 207 إصابات جديدة، منها 156 إصابة محلية معظمها في مدينة شيان التي يبلغ عدد سكانها 13 مليوناً وضعوا تحت الإقفال التام حتى منتصف الشهر المقبل.


مقالات ذات صلة

متحور جديد لـ«كورونا» في مصر؟... نفي رسمي و«تخوف سوشيالي»

شمال افريقيا «الصحة» المصرية تنفي رصد أمراض فيروسية أو متحورات مستحدثة (أرشيفية - مديرية الصحة والسكان بالقليوبية)

متحور جديد لـ«كورونا» في مصر؟... نفي رسمي و«تخوف سوشيالي»

نفت وزارة الصحة المصرية رصد أي أمراض بكتيرية أو فيروسية أو متحورات مستحدثة مجهولة من فيروس «كورونا».

محمد عجم (القاهرة)
الولايات المتحدة​ أظهر المسح الجديد تراجعاً في عدد الأطفال الصغار المسجلين في الدور التعليمية ما قبل سن الالتحاق بالمدارس في أميركا من جراء إغلاق الكثير من المدارس في ذروة جائحة كورونا (متداولة)

مسح جديد يرصد تأثير جائحة «كورونا» على أسلوب حياة الأميركيين

أظهر مسح أميركي تراجع عدد الأجداد الذين يعيشون مع أحفادهم ويعتنون بهم، وانخفاض عدد الأطفال الصغار الذين يذهبون إلى الدور التعليمية في أميركا.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
شمال افريقيا الزحام من أسباب انتشار العدوى (تصوير: عبد الفتاح فرج)

مصر: تطمينات رسمية بشأن انتشار متحور جديد لـ«كورونا»

نفى الدكتور محمد عوض تاج الدين مستشار الرئيس المصري لشؤون الصحة والوقاية وجود أي دليل على انتشار متحور جديد من فيروس «كورونا» في مصر الآن.

أحمد حسن بلح (القاهرة)
العالم رجلان إندونيسيان كانا في السابق ضحايا لعصابات الاتجار بالبشر وأُجبرا على العمل محتالين في كمبوديا (أ.ف.ب)

الاتجار بالبشر يرتفع بشكل حاد عالمياً...وأكثر من ثُلث الضحايا أطفال

ذكر تقرير للأمم المتحدة -نُشر اليوم (الأربعاء)- أن الاتجار بالبشر ارتفع بشكل حاد، بسبب الصراعات والكوارث الناجمة عن المناخ والأزمات العالمية.

«الشرق الأوسط» (فيينا)

هل يمكن رفع عقوبات الأمم المتحدة عن «هيئة تحرير الشام» والجولاني؟

أبو محمد الجولاني يتحدث في الجامع الأموي بدمشق 8 ديسمبر 2024 (أ.ب)
أبو محمد الجولاني يتحدث في الجامع الأموي بدمشق 8 ديسمبر 2024 (أ.ب)
TT

هل يمكن رفع عقوبات الأمم المتحدة عن «هيئة تحرير الشام» والجولاني؟

أبو محمد الجولاني يتحدث في الجامع الأموي بدمشق 8 ديسمبر 2024 (أ.ب)
أبو محمد الجولاني يتحدث في الجامع الأموي بدمشق 8 ديسمبر 2024 (أ.ب)

تخضع «هيئة تحرير الشام»، التي قادت قوات المعارضة للإطاحة بالرئيس السوري بشار الأسد، لعقوبات من الأمم المتحدة منذ فترة طويلة، وهو ما وصفه المبعوث الخاص للمنظمة الدولية إلى سوريا غير بيدرسون، بأنه «عامل تعقيد لنا جميعاً».

كانت «هيئة تحرير الشام» تُعرف في السابق باسم «جبهة النصرة»، الجناح الرسمي لتنظيم «القاعدة» في سوريا، حتى قطعت العلاقات بالتنظيم في عام 2016. ومنذ مايو (أيار) 2014، أُدرجت الجماعة على قائمة مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة لعقوبات تنظيمي «القاعدة» و«داعش»، كما فُرض عليها تجميد عالمي للأصول وحظر أسلحة.

ويخضع عدد من أعضاء «هيئة تحرير الشام» أيضاً لعقوبات الأمم المتحدة مثل حظر السفر، وتجميد الأصول، وحظر الأسلحة، ومنهم زعيمها وقائد إدارة العمليات العسكرية أحمد الشرع، المكنى «أبو محمد الجولاني»، المدرج على القائمة منذ يوليو (تموز) 2013.

وقال دبلوماسيون إنه لا يوجد حالياً أي مناقشات عن رفع العقوبات التي فرضتها الأمم المتحدة على الجماعة. ولا تمنع العقوبات التواصل مع «هيئة تحرير الشام».

لماذا تفرض الأمم المتحدة عقوبات على «هيئة تحرير الشام» والجولاني؟ (رويترز)

لماذا تفرض الأمم المتحدة عقوبات على «هيئة تحرير الشام» والجولاني؟

فرضت الأمم المتحدة عقوبات على «جبهة النصرة»، لأن الجماعة مرتبطة بتنظيم «القاعدة»، ولأنها كانت «تشارك في تمويل أو تخطيط أو تسهيل أو إعداد أو ارتكاب أعمال أو أنشطة» مع «القاعدة» أو دعماً لها وتستقطب أفراداً وتدعم أنشطة «القاعدة».

وجاء في قائمة العقوبات التي فرضتها الأمم المتحدة: «في يناير (كانون الثاني) 2017، أنشأت جبهة النصرة (هيئة تحرير الشام)، وسيلة لتعزيز موقعها في التمرد السوري وتعزيز أهدافها باعتبارها فرعاً لتنظيم (القاعدة) في سوريا»... ورغم وصف ظهور «هيئة تحرير الشام» بطرق مختلفة (على سبيل المثال كاندماج أو تغيير في الاسم)، فإن جبهة «النصرة» استمرت في الهيمنة والعمل من خلال «هيئة تحرير الشام» في السعي لتحقيق أهدافها.

وفُرضت عقوبات على الجولاني بسبب ارتباطه بتنظيم «القاعدة» وعمله معه.

كيف يمكن رفع عقوبات الأمم المتحدة؟

تستطيع أي دولة عضو في الأمم المتحدة في أي وقت تقديم طلب لرفع العقوبات عن كيان أو شخص إلى لجنة عقوبات تنظيمي «داعش» و«القاعدة» التابعة لمجلس الأمن الدولي المؤلف من 15 دولة.

وإذا جاء الطلب من دولة لم تقترح في البداية فرض عقوبات الأمم المتحدة، فإن اللجنة تتخذ القرار بالإجماع.

وإذا تقدمت الدولة التي اقترحت في البداية فرض العقوبات بطلب الشطب من القائمة، فسيمحى الاسم من القائمة بعد 60 يوماً، ما لم توافق اللجنة بالإجماع على بقاء التدابير.

لكن إذا لم يتم التوصل إلى إجماع، يستطيع أحد الأعضاء أن يطلب إحالة الطلب إلى مجلس الأمن للتصويت عليه في غضون 60 يوماً.

ولم تتضح بعد الدول التي اقترحت فرض عقوبات على جبهة «النصرة» والجولاني.

ويستطيع أيضاً الشخص أو الكيان الخاضع للعقوبات أن يطلب إزالة التدابير عن طريق الاتصال بأمين عام المظالم، وهو منصب أنشأه المجلس في عام 2009، ليقوم بمراجعة الطلب.

وإذا أوصى أمين عام المظالم بإبقاء اسم ما على القائمة، فسيظل مدرجاً على القائمة. وإذا أوصى أمين عام المظالم بإزالة اسم ما، فسترفع العقوبات بعد عملية قد تستغرق ما يصل إلى 9 أشهر، ما لم توافق اللجنة في وقت أسبق بالإجماع على اتخاذ إجراء أو الإحالة إلى المجلس لتصويت محتمل.

هل هناك استثناءات من العقوبات؟

يستطيع الأشخاص الخاضعون لعقوبات الأمم المتحدة التقدم بطلب للحصول على إعفاءات فيما يتعلق بالسفر، وهو ما تقرره اللجنة بالإجماع.

ويقول المجلس إن عقوباته «لا تستهدف إحداث عواقب إنسانية تضر بالسكان المدنيين».

وهناك استثناء إنساني للأمم المتحدة ومنظمات الإغاثة يسمح «بتوفير أو معالجة أو دفع الأموال أو الأصول المالية الأخرى أو الموارد الاقتصادية، أو توفير السلع والخدمات اللازمة لضمان تقديم المساعدات الإنسانية في الوقت المناسب، أو لمساندة الأنشطة الأخرى التي تدعم الاحتياجات الإنسانية الأساسية».