وزير الخارجية القطري لـ («الشرق الأوسط»): المشكلة ليست مع الحوثيين بل مع من غرّر بهم

خالد العطية: لا أحد أحرص منا على اليمن ورفاهية شعبه.. ومتمسكون بالدعوة للحوار في الرياض

وزير خارجية قطر خالد العطية ({الشرق الأوسط})
وزير خارجية قطر خالد العطية ({الشرق الأوسط})
TT

وزير الخارجية القطري لـ («الشرق الأوسط»): المشكلة ليست مع الحوثيين بل مع من غرّر بهم

وزير خارجية قطر خالد العطية ({الشرق الأوسط})
وزير خارجية قطر خالد العطية ({الشرق الأوسط})

قال وزير خارجية قطر إن مجلس الأمن الدولي سيقر إجراءات أكثر تشددا في الملف اليمني في حال لم يمتثل الحوثيون و«الأطراف المخربة» لمنطوق القرار الدولي خلال المهلة التي حددها. وأشار الوزير خالد العطية في حديث مطول خص به «الشرق الأوسط» بمناسبة وجوده في العاصمة الفرنسية باريس في زيارة رسمية، إلى أن «المشكلة ليست مع الحوثيين، وإنما مع الذين غرر بهم الرئيس اليمني السابق علي عبد الله صالح»، وفي إشارة إلى إيران. ووفق الوزير القطري، فإن القرار الدولي «يتضمن خطوات واضحة يتعين السير بها وآلية عمل» وأولى الخطوات التي يطالب بها هي انسحاب الحوثيين من المناطق التي احتلوها ووضعوا اليد عليها بقوة السلاح فيما الهدف السياسي، كما قال، لـ«عاصفة الحزم» هو العودة إلى طاولة الحوار واستكمال الخطوات المتبقية من مخرجات الحوار والمبادرة الخليجية ومنها التصديق على الدستور وانتخاب رئيس جديد لليمن. وفي رأيه أن القرار الدولي ثبت شرعية الرئيس هادي وشرعية طلب المساعدة الذي تقدم به. أما بشأن المبادرة التركية، فقد أعلن العطية تمسك دول مجلس التعاون بدعوة الرئيس هادي لمؤتمر حواري في الرياض، معتبرا في أي حال أن مبادرة تركيا تنبع من حرصها على أمن الخليج وسلامة اليمن.
وفي موضوع العلاقات مع إيران في مرحلة ما بعد الاتفاق النووي (في حال إتمامه)، فقد دعا الوزير القطري «دول مجلس التعاون مجتمعة للحوار مع إيران على مبادئ ثابتة وواضحة» وبحث «هواجسنا» الخاصة بتدخل إيران في شؤون جيرانها والشؤون العربية على أن يكون أول بند على الأجندة مع إيران مسألة الأمن في الخليج والمنطقة. وفي الملف السوري، أعلن العطية أن النظام السوري «لن يقوى على البقاء» وأن الشعب السوري لن يقبل بأي حال بالأسد لا في المرحلة الانتقالية ولا بعدها، واعدا بأن «أصدقاء الشعب السوري لن يتخلوا عنه»، مضيفا: «أنا واثق مما أقول». لكن الوزير القطري رفض الخوض في التفاصيل.
وأبدى الوزير القطري حزما في حديثه عن العلاقات الخليجية - الخليجية التي وصفها بأنها «اليوم أفضل من السابق» وهي بأي حال «لم تعرف الخلافات؛ بل الاختلافات» في وجهات النظر، «ولم تكن لأسباب تتعلق بدولنا نحن». كذلك شدد على أن الدوحة «لم تتخل عن واجباتها إزاء مصر والشعب المصري». وبدا العطية متفائلا لجهة المفاوضات الحالية لإخلاء سبيل الجنود اللبنانيين الأسرى لدى «داعش» و«النصرة». وفي ما يلي نص الحوار:

* بعد صدور القرار الدولي الأخير عن مجلس الأمن الدولي بخصوص اليمن، ما الذي سيغيره عمليا، وكيف سيؤثر القرار الجديد على مسار الأزمة؟
- يتعين أن نتحدث أولا عن بداية العملية التي نعتبرها شرعية ولا تحتاج أصلا لقرار من مجلس الأمن وذلك بموجب ميثاق الأمم المتحدة، لأنها تمت بطلب من الرئيس الشرعي (الرئيس هادي) وذلك بعد أن قامت الجماعات المسلحة (الحوثية) باحتلال العاصمة صنعاء واعتقلوا الرئيس ووضعوه قيد الإقامة الجبرية وكذلك رئيس الحكومة ومسؤولين آخرين. ونجح الرئيس هادي في الإفلات والوصول إلى عدن لإدارة الأزمة، ولاحقته الجماعات المسلحة إليها.
كان قرار الرئيس هادي (في طلب المساعدة) مبنيا على ميثاق الأمم المتحدة والمادة 51 منه، وبالتالي (الغرض) كان مساعدة الرئيس واليمن في إعادة الشرعية والاستقرار والأمن. إذن الطلب في الأصل مبني على قرار شرعي. ولو أخذنا في الاعتبار القرارات الأخرى، واتفاقية الدفاع المشترك، وجامعة الدول العربية.. وخلافه، فكلها تضفي الشرعية على العملية (عاصفة الحزم). أما قرار مجلس الأمن تحديدا، فهو لمزيد من الضغط على الانقلابيين ومنع حصولهم على أسلحة من أي طرف آخر، بالإضافة إلى معاقبة والتضييق على من هو مسؤول عما حصل في اليمن. إدراج الأسماء (التي وردت في القرار) مقصود منه معاقبة الأشخاص الذين تسببوا مباشرة في هذه الفوضى في اليمن. القرار مهم، وهو نوع من الانتصار والتأكيد على شرعية الرئيس هادي، وتأكيد على أن المجتمع الدولي يعي ويفهم أن ما حصل في اليمن هو تعد على الشرعية، والدليل أن 14 دولة (من أصل 15) صوتت لصالح القرار، وروسيا التي كان كثيرون يتخوفون من لجوئها لاستخدام حق النقض (الفيتو) لم تستطع أمام هذا الوضوح في المسألة استخدام الفيتو، ولجأت إلى الامتناع عن التصويت.
* أود أن أعود إلى السؤال لمعرفة ما الذي سيغيره القرار عمليا؟
- سيغير الكثير من الأمور؛ أولها أن مجرد التضييق على الانقلابيين ومن خلفهم (الرئيس السابق) علي عبد الله صالح ومن معه، يعني وضع حد لوسائل التمويل غير الشرعية التي كانت تمكنهم من إبقاء اليمن في هذه الحالة من الفوضى. ومن ناحية ثانية، فإن القرار يحظر دخول السلاح إلى اليمن إلا إلى الحكومة الشرعية. ثم إن القرار رسم ملامح الحل السياسي بإجراءات عملية؛ منها خروج الحوثيين من عدن وصنعاء، والعودة، تقريبا، إلى ما قبل 2013، أي إلى مرحلة ما قبل التمدد الحوثي. هنا بدا الملمح الأول (للحل السياسي) أن أول ما يتعين القيام به هو الانسحاب.
* لكن القرار الدولي لا يقول بتراتبية معينة.. أليس كذلك؟
- بالنسبة لنا، الأمور واضحة: القرار واضح، إلزامهم بالخروج وإلزامهم بالالتزام بالشرعية. هذا أول أسس الحل، بالإضافة إلى المبادرة الخليجية ومخرجات الحوار الوطني وقرارات مجلس الأمن ذات الصلة. لو أخذنا هذه الأمور كلها معا، لوجدنا أن المطلب الأول هو انسحاب الحوثيين، وثانيا تسليم الأسلحة التي غنموها من الجيش والقوات المسلحة، وثالثا تطبيق المبادرة الخليجية ومخرجات الحوار وقرارات مجلس الأمن. لكن اليوم، ثمة من يحاول خلط الأوراق.
* بمعنى؟
- يقولون مثلا بوقف إطلاق النار وفتح المجال للعمليات الإنسانية وخلافها، وهنا أريد أن أقول إنه لا أحد سيكون أكثر حرصا منا على أشقائنا في اليمن في موضوع العمليات الإنسانية. أنا أتحدث باسم مجلس التعاون الخليجي وأشدد على أننا شديدو التمسك باستقرار اليمن ورفاهية شعبه.
* أود أن استوضحكم عن فقرة في قرار مجلس الأمن تدعو الأطراف إلى الإسراع في التواصل من أجل وقف الأعمال العدائية.. كيف سيتم العمل بموجبها، ثم ما هي آلية التنفيذ الفعلية للقرار؟
- القرار يجب أن يقرأ بالكامل ومن غير اجتزاء. واضح بالنسبة لنا لمن هو موجه وما هو مطلوب. وثمة مهلة من عشرة أيام (لأمين عام الأمم المتحدة) لتقديم تقرير «جديد». وبما أن القرار موضوع تحت الفصل السابع، فهناك بالتالي إجراءات ستكون أشد «قساوة» إذا لم يحصل تطور، وخضوع الأطراف المخربة لمنطوق القرار الدولي خلال المهلة التي أعطاها مجلس الأمن. إذن، آلية القرار التنفيذية بالنسبة إلينا واضحة. نحن (مجلس التعاون الخليجي) من كتب هذا القرار، وقد بني على واقع الحال.
* لقطر علاقات جيدة مع تركيا، واليوم (أمس) رئيس البرلمان التركي الموجود في موسكو أعلن أن بلاده مستعدة لاستضافة مؤتمر دولي من أجل السلام في اليمن. هل تشاورت تركيا معكم بشأن المقترح التركي؟ وفي الحالتين (مع التشاور أو من دونه) ما موقفكم من المقترح التركي؟
- أنظر إلى هذه الدعوة من زاوية حرص تركيا على أمن الخليج واستقرار اليمن. لكن في الوقت نفسه، نحن لدينا دعوة للحوار في الرياض دعا إليها الرئيس الشرعي..
* لكن لا تاريخ محددا لها؟
- التاريخ مفتوح إذا الأطراف استجابت لها. وإذا تم ذلك، فالحوار يمكن أن ينطلق غدا.
* لكن كثيرين يستبعدون أن يذهب الحوثيون إلى الرياض..
- المملكة السعودية والبلدان الخليجية الأخرى لا مشكلة لديها مع الحوثيين.. هم مكون من مكونات الشعب اليمني.
* لكن هم لديهم مشكلة معكم..
- لا.. المشكلة في جزء من الحوثيين الذين غرر بهم علي عبد الله صالح ودفعهم تهورهم إلى دفع اليمن في هذا المنحدر. أما بالنسبة لباقي الحوثيين فهم، كما أشرت، مكون من مكونات الشعب اليمني. وأنا كنت في 12 مارس (آذار) الماضي في الرياض وعقدت مؤتمرا صحافيا سئلت فيه عن الحوثيين وعما إذا كانوا مدعوين للحوار في الرياض، وردي كان أنهم مدعون ومرحب بهم من أجل الحوار والوصول إلى حل سياسي. لكن التمدد من غير داع وبدفع من علي عبد الله صالح هو ما جعل المعادلة تختل لديهم.
* لو عدنا لحظة للمبادرة التركية، ماذا يمكن أن نقول عن موقف الدوحة؟
- أعتقد أن الدعوة جاءت بحسن نية ومن باب الحرص على الحل السياسي. ونحن نعتبر أن أنقرة تعي الوضع على حقيقته، وهم يعرفون أن أي حوار له مقدمات (الانسحاب وتتماته..). وحتى يكون مثمرا، فلا بد أن تسبقه المقدمات. بالمقابل، أريد أن أؤكد أننا في مجلس التعاون الخليجي، ما زلنا متمسكين بدعوة الرئيس اليمني لإجراء الحوار في الرياض. وإذا اتفقت السعودية وتركيا وباقي بلدان مجلس التعاون على إجراء الحوار في مكان آخر للوصول إلى الأهداف نفسها، فلن تكون هناك مشكلة. ولكن حتى الآن، نحن نعتبر أن دعوة هادي ما زالت قائمة.
* للعمل العسكري أهداف سياسية.. ما الأهداف السياسية لـ«عاصفة الحزم»؟ ومتى ستعتبرون أن العمليات العسكرية قد حققت أهدافها؟
- الهدف السياسي واضح: إعادة الشرعية، والانسحاب من المناطق التي احتلت، والجلوس «للحوار» من أجل الانتهاء من الخطوات المتبقية من مخرجات الحوار الوطني والمبادرة الخليجية. هذه توقفت في شهر سبتمبر (أيلول) من العام الماضي، وكان متبقيا من الخطوات التصويت على الدستور، وبعده انتخاب الرئيس. ثم حصل الاجتياح واحتلال العاصمة، وتوقف كل شيء.
* مؤخرا تم التوقيع على الاتفاق الإطاري بين إيران ومجموعة الست حول برنامج طهران النووي. السؤال المطروح اليوم هو عن تداعيات الاتفاق النهائي (في حال تم التوصل إليه قبل نهاية يونيو/ حزيران المقبل) على أداء السياسة الإيرانية تجاه منطقة الخليج والبؤر المشتعلة في المنطقة.. هل ستكون أكثر استعدادا للتعاون أم إنها ستستخدم وضعها الجديد للاستمرار في سياساتها السابقة؟
- نحن في مجلس التعاون رحبنا بالاتفاق – الإطار، ونحن نتمنى التوصل إلى اتفاقية نهائية واضحة ودقيقة لجهة التأكد من الغرض السلمي للبرنامج النووي الإيراني. نحن نتمنى أن تكون منطقة الشرق الأوسط كلها خالية من أسلحة الدمار الشامل، ولكن نحن نحتاج إلى اتفاقية تعطي لإيران الحق بالاستخدام السلمي، وفي الوقت نفسه تمنع الاستخدامات العسكرية.
الآن، العلاقات بين قطر وإيران جيدة، لكن هناك اختلاف في عدد من المسائل؛ وأولها المسألة السورية، والآن استجد الملف اليمني. خلافنا جذري مع طهران بشأن سوريا.
كيف ننظر للعلاقات مع إيران بعد الاتفاقية؟ أعتقد أنه يتعين على دول مجلس التعاون مجتمعة الحوار مع إيران على مبادئ ثابتة وواضحة، وأن نتحدث عن هواجسنا، على أن يكون أول بند على الأجندة مع إيران مسألة الأمن في الخليج والمنطقة. وإذا أردنا بناء علاقة على أسس متينة وجيدة، فيجب أن يقوم حوار جاد مبني على المصارحة والمكاشفة؛ وعلى رأس الأجندة الملف الأمني. لدينا جغرافيا، ومن الصعب تغييرها، وإذا صفت النيات، فسنكون قادرين على الارتقاء بالعلاقة (مع إيران).
* السؤال المطروح يتناول الهواجس الخليجية من أن إيران يمكن أن تستخدم الاتفاق النووي وما سيوفره لها (150 مليار دولار مجمدة) وتطبيع العلاقات معها، للاستمرار في سياساتها الحالية، فيما يرى آخرون أن إعادتها إلى الدورة العالمية يمكن أن تدفعها إلى تغيير نهجها.. ما رؤيتكم في قطر؟
- لا أستطيع الحديث عن نيات إيران. ما أقوله إننا نحتاج لبناء علاقات متينة (مع إيران) وفتح حوار جاد بخصوص أمن المنطقة، والملفات الأولى التي ستطرح هي الملفات الأمنية التي هي بالضرورة تتحدث عن هواجسنا في مسائل التدخل الإيراني في الشؤون العربية الداخلية. هذه هي الصراحة والشفافية اللتان يجب أن نعمل بهما لبناء علاقة متينة. كل دول مجلس التعاون رحبت بالاتفاق. هناك كثير من الدول هددت إيران بـ«إجراءات أحادية الجانب» في حال فشل المفاوضات. بالمقابل، نحن قلنا دائما إن المسألة يجب أن تحل سلميا، وبالتالي، فإن الدول الخليجية أعلنت عن نياتها بأنها محبة للسلام، وهي تنتظر من الطرف الآخر أن يكون هو أيضا محبا للسلام، وأن نجلس إلى طاولة ونتحدث في كل القضايا التي تقلقنا ونتوصل إلى حلول تمنع كل طرف من التدخل في شؤون الطرف الآخر.
* لماذا لا تأخذ قطر المبادرة وتدعو لاجتماع كهذا؟
- قطر عضو في مجلس التعاون، وهذه الأمور تطرح على الطاولة، ونحن وزراء الخارجية نتناول كل هذه الأمور، وكلنا في الخليج مقتنعون بالحاجة إلى الحوار، ولكن كلنا مقتنعون أيضا أنه في حال حصول الحوار، فيجب أن يكون مبينا على أساس سليم، وأن تكون الأجندة واضحة، والنقاط محددة، وأن تكون النيات للحديث عنها بكل صراحة وشفافية.
* من سيأخذ المبادرة؟
- بحسب علمي، المملكة السعودية حاولت أكثر من مرة، ولكن الطرف الإيراني سعى إلى تجنب أن يوضع على الأجندة الملف الأمني. هذا ما فهمته. لكن إذا صفت النيات، فيمكن أن نصل إلى نتيجة.
* كيف تنظر قطر اليوم للملف السوري في ظل الفراغ السياسي والدبلوماسي، وفشل المبادرة الروسية، وتعثر مهمة المبعوث الدولي ستيفان دي ميستورا، بينما ميدانيا هناك عمليات كر وفر؟
- لنتفق على أمر أول، هو أن الحل في سوريا لا بد أن يكون سياسيا، ومقوماته بيان «جنيف1» والانتقال السياسي للسلطة.
أعتقد أن الشعب السوري قد حسم قراره، بمعنى أنه لن يقبل ببشار الأسد حاكما لسوريا، وحتى لفترة انتقالية، ولو استمرت الثورة إلى ما لا نهاية. فلذلك، أفضل حل هو تطبيق «جنيف1» بمساعدة الدول الصديقة. لكن اسمح لي أن أقول إن هناك أمورا لا نستطيع الحديث عنها من خطوات وإجراءات يمكن أن تتخذ. ما أستطيع تأكيده هو أن معنويات الشعب السوري رغم عشرات آلاف القتلى والجرحى ما زالت مرتفعة، والسوريون مستمرون في ثورتهم.
* لكن سوريا مقسمة بين «داعش» وخلافتها، و«النصرة» والإمارة التي تسعى إليها، ومنطقة النظام، وحضور ضعيف للجيش السوري الحر في الجنوب.
- نكون قد ظلمنا الشعب السوري لو تكلمنا بهذا المنطق.
* أين المخرج؟
- إن شاء الله، المخرج آت. أصدقاء سوريا لن يتخلوا عن الشعب السوري. أقول هذا وأنا واثق مما أقول.
* لقد التقيت خالد خوجة، رئيس الائتلاف الوطني السوري، ووجدته مصدوما من ضعف الدعم الذي يحظى به الائتلاف.
- ربما الائتلاف السوري ظلم وقد تأخرت التفاهمات «الضرورية» بين السياسيين الذين ينضوون تحت راية الائتلاف السوري. لكن بالنسبة إلينا، كنا ننظر دائما إلى أنهم عاشوا خمسين سنة بلا ديمقراطية، وبالتالي يحتاجون للوقت. هناك دعم )يصل إلى المعارضة).
* لكن هل هذا الدعم كاف ليقلب موازين القوى بحيث يصبح النظام مستعدا حقيقة للحوار والتسوية؟
- لن يستطيع النظام أن يستمر.
* حتى وإن بقيت إيران وروسيا وراءه وحزب الله والميليشيات من العراق وإيران وأفغانستان؟
- خمس سنوات أمضتها هذه القوى داعمة للنظام، ولكنه بقي عاجزا عن استعادة حكم سوريا. كل ما فعله النظام أنه أصبح مغناطيسا يجذب الحركات الإرهابية، وهو يتعاون معها ويتبادل تجارة النفط والقمح.. هل يمكن اليوم أن نأتي ونقول إن هذا النظام يمكن أن يكون شريكا في محاربة الإرهاب؟ هل هذا معقول؟ هل خيار الشعب السوري يجب أن يكون بين المنظمات الإرهابية أو النظام الديكتاتوري؟ هل هذا جزاء الشعب السوري؟
* لكن لكم أصدقاء كبار في هذا العالم لا يترددون في القول إنه يتعين الحديث إلى النظام؟
- نحن نوضح لهم أن هذا القول ليس سليما. ولا نخجل من ذلك، أو أن نقول إنه من الخطأ اعتبار النظام السوري حليفا في محاربة الإرهاب.. النظام هو سبب الإرهاب.
* ما حقيقة الموقف الأميركي من الأزمة والنظام السوري؟
- الأميركيون موقفهم ثابت. التوجه العام هو اعتبار النظام السوري فاقدا للشرعية وبشار الأسد كذلك.
* ولكن ماذا عن تصريحات كيري بالحاجة للحديث إلى الأسد؟
- ربما المقصود أن الوضع أصبح غير محتمل وبالتالي عليه أن يرحل.
الجفاء بين قطر وجيرانها في الخليج
* هل انتهت مرحلة الجفاء بينكم وبين عدد من دول مجلس التعاون؟
- ردي أن الإخوة يختلفون داخل البيت الواحد، وكنا نقول منذ بداية الأزمة إن ما هو حاصل ليس خلافا؛ بل اختلافا في وجهات النظر. وأريد أن أطمئن الجميع بأن العلاقات مع إخواننا في مجلس التعاون الخليجي هي علاقة وثيقة، ولا يمكن أن يدخل بيننا ما يؤدي إلى شقاق. ما نعرفه في النهاية هو شيء واحد: مصيرنا واحد.
* هل الأسباب التي أوصلت إلى ذاك الجفاء قد زالت؟
- لم تكن هناك أسباب تتعلق بدولنا نحن. كانت اختلافات في وجهات النظر، وكانت بعض الأطراف تعتقد أنه بما أن لنا موقف مخالف فإن ذلك سبب أزمة. لكن اتضح لاحقا أن الاختلاف في وجهات النظر من حق أي دولة. ولكن الأهم من ذلك كله هو أن علاقتنا اليوم أفضل من السابق بمراحل.
* قبل وفاة الملك عبد الله، سعى لإصلاح ذات البين بينكم وبين مصر.. كيف يمكن اليوم توصيف العلاقات بين قطر ومصر؟
- بالنسبة لنا في قطر، علاقتنا مع مصر لم تختلف. مصر دولة مهمة في الوطن العربي، ومن ثوابتنا أن مصر يجب أن تكون قوية، وأن يكون اقتصادها متينا، لأن أي أمر يحصل في مصر يؤثر على مجمل الدول العربية، وبالتالي تعاملنا مع مصر منذ ما بعد الثورة وحتى الرئيس السيسي اليوم، بمعنى أننا لم نتخل عن واجباتنا تجاه مصر والشعب المصري.
* اللبنانيون يعولون على قطر كثيرا لإيجاد مخرج لأفراد الجيش اللبناني المحتجزين منذ شهور لدى «النصرة» و«داعش».. إلى أين آلت هذه المسألة؟
- الصحف اللبنانية تضج بكلام كثير عن فدية ومبالغ مالية وخلافها تدفعها قطر. هذا كلام غير صحيح إطلاقا.
* ما هو الصحيح إذن؟
- الصحيح أن للطرفين طلبات متبادلة، والتفاوض جار، وفي اعتقادي أن المفاوضات وصلت إلى مراحل جد متقدمة، وقطر لن تتأخر أبدا في إنقاذ أي إنسان تستطيع إنقاذه. قمنا بذلك في السابق خدمة لدول غير شقيقة، فما بالك بالدول الشقيقة، ولن يغير من ثوابتنا أحد.
* ليبيا؟
- نتمنى على كل العرب الوقوف وراء المبعوث الأممي (برناردينو ليون) وصولا لحل سياسي. رحبنا بما أنجز في الجزائر، وكان من المفترض حصول اجتماع في الجزائر اليوم (أمس) لكن حفتر (اللواء خليفة حفتر) وجماعته قاموا بغارات جوية على طرابلس، وكأن حفتر لا يرغب بحل سياسي. ليبيا لن تنجو إلا بحل سياسي، وكل الأطراف الليبية مستعدة للحوار، ولكن بقي طرف واحد، الذي هو حفتر، الذي لا يريد الحل السياسي. على جميع العرب دعم الحل السياسي ودعم المبعوث الأممي للوصول إلى حكومة وحدة وطنية تنقذ البلد. الآن، يجب علينا، إذا كنا صادقين مع أنفسنا، البحث حقيقة عن هوية الطرف الذي يحارب الإرهاب في ليبيا. قبل ثلاثة أيام صرح حفتر أنه لن يقاتل «داعش» في سرت، بينما من يحارب الإرهاب الآن؟ إن كنا صادقين، ولو نظرنا في المجهر، لوجدنا أن من يحارب الإرهاب هم «فجر ليبيا».
* لكن لحفتر اليوم صفة رسمية ويقوم بزيارات رسمية للخارج؟
- بغض النظر عن الصفة الرسمية، نتمنى أن تكون لديه الصفة الوطنية، وأن تغلب وطنيته على صفته الرسمية، وأن يكون حريصا على نجاح الحوار الوطني والوصول إلى حل سياسي، خصوصا أن كل الأطراف مستعدة لحل من هذا النوع ينقذ ليبيا.



مسؤول إيراني لـ«الشرق الأوسط»: عازمون مع الرياض على إرساء السلام في المنطقة

نائب وزير الخارجية الإيراني مجيد تخت روانجي (رويترز)
نائب وزير الخارجية الإيراني مجيد تخت روانجي (رويترز)
TT

مسؤول إيراني لـ«الشرق الأوسط»: عازمون مع الرياض على إرساء السلام في المنطقة

نائب وزير الخارجية الإيراني مجيد تخت روانجي (رويترز)
نائب وزير الخارجية الإيراني مجيد تخت روانجي (رويترز)

أكد نائب وزير الخارجية الإيراني مجيد تخت روانجي، أن إيران والسعودية تعتزمان إرساء السلام وديمومة الهدوء في منطقة متنامية ومستقرّة، مضيفاً أن ذلك يتطلب «استمرار التعاون الثنائي والإقليمي وتعزيزه، مستهدفين تذليل التهديدات الحالية».

وفي تصريحات لـ«الشرق الأوسط» على هامش زيارته إلى السعودية التي تخلّلها بحث العلاقات الثنائية وسبل تعزيزها وتطويرها في شتى المجالات، بالإضافة إلى مناقشة المستجدات على الساحتين الإقليمية والدولية، خلال لقاء، الاثنين، مع وليد الخريجي، نائب وزير الخارجية السعودي، قال روانجي: «الإجراءات الإيرانية - السعودية تتوّج نموذجاً ناجحاً للتعاون الثنائي ومتعدد الأطراف دوليّاً في إطار التنمية والسلام والأمن الإقليمي والدولي»، مشدّداً على استمرار البلدين في تنمية التعاون في مختلف المجالات السياسية والأمنية والاقتصادية والتجارية والقنصلية؛ بناءً على الأواصر التاريخية والثقافية ومبدأ حسن الجوار، على حد وصفه.

الجولة الثانية من المشاورات الثلاثية عُقدت في الرياض الثلاثاء (واس)

والثلاثاء، رحبت السعودية وإيران «بالدور الإيجابي المستمر لجمهورية الصين الشعبية وأهمية دعمها ومتابعتها لتنفيذ (اتفاق بكين)»، وفقاً لبيان صادر عن الخارجية السعودية، أعقب الاجتماع الثاني للجنة الثلاثية السعودية - الصينية - الإيرانية المشتركة لمتابعة «اتفاق بكين» في العاصمة السعودية الرياض.

وأشار نائب وزير الخارجية الإيراني إلى أن الطرفين «تبادلا آراءً مختلفة لانطلاقة جادة وعملية للتعاون المشترك»، ووصف اجتماع اللجنة الثلاثية في الرياض، بأنه «وفَّر فرصة قيّمة» علاقات متواصلة وإيجابية بين إيران والسعودية والصين.

روانجي الذي شغل سابقاً منصب سفير إيران لدى الأمم المتحدة، وعضو فريق التفاوض النووي الإيراني مع مجموعة «5+1»، اعتبر أن أجواء الاجتماعات كانت «ودّية وشفافة»، وزاد أن الدول الثلاث تبادلت الآراء والموضوعات ذات الاهتمام المشترك وأكّدت على استمرار هذه المسيرة «الإيجابية والاستشرافية» وكشف عن لقاءات «بنّاءة وودية» أجراها الوفد الإيراني مع مضيفه السعودي ومع الجانب الصيني، استُعرضت خلالها مواضيع تعزيز التعاون الثنائي، والثلاثي إلى جانب النظر في العلاقات طوال العام الماضي.

الجولة الأولى من الاجتماعات التي عُقدت في بكين العام الماضي (واس)

وجدّد الجانبان، السعودي والإيراني، بُعيد انعقاد الاجتماع الثاني للجنة الثلاثية السعودية - الصينية - الإيرانية المشتركة لمتابعة «اتفاق بكين» في الرياض، الخميس، برئاسة نائب وزير الخارجية السعودي وليد الخريجي، ومشاركة الوفد الصيني برئاسة نائب وزير الخارجية الصيني دنغ لي، والوفد الإيراني برئاسة نائب وزير خارجية إيران للشؤون السياسية مجيد تخت روانجي؛ التزامهما بتنفيذ «اتفاق بكين» ببنوده كافة، واستمرار سعيهما لتعزيز علاقات حسن الجوار بين بلديهما من خلال الالتزام بميثاق الأمم المتحدة وميثاق منظمة التعاون الإسلامي والقانون الدولي، بما في ذلك احترام سيادة الدول واستقلالها وأمنها.

من جانبها، أعلنت الصين استعدادها للاستمرار في دعم وتشجيع الخطوات التي اتخذتها السعودية وإيران، نحو تطوير علاقتهما في مختلف المجالات.

ولي العهد السعودي والنائب الأول للرئيس الإيراني خلال لقاء في الرياض الشهر الحالي (واس)

ورحّبت الدول الثلاث بالتقدم المستمر في العلاقات السعودية - الإيرانية وما يوفره من فرص للتواصل المباشر بين البلدين على المستويات والقطاعات كافة، مشيرةً إلى الأهمية الكبرى لهذه الاتصالات والاجتماعات والزيارات المتبادلة بين كبار المسؤولين في البلدين، خصوصاً في ظل التوترات والتصعيد الحالي في المنطقة؛ ما يهدد أمن المنطقة والعالم.

كما رحّب المشاركون بالتقدم الذي شهدته الخدمات القنصلية بين البلدين، التي مكّنت أكثر من 87 ألف حاج إيراني من أداء فريضة الحج، وأكثر من 52 ألف إيراني من أداء مناسك العمرة بكل يسر وأمن خلال الأشهر العشرة الأولى من العام الحالي.

ورحّبت الدول الثلاث بعقد الاجتماع الأول للجنة الإعلامية السعودية - الإيرانية المشتركة، وتوقيع مذكرة تفاهم بين معهد الأمير سعود الفيصل للدراسات الدبلوماسية ومعهد الدراسات السياسية والدولية، التابع لوزارة الخارجية الإيرانية.

كما أعرب البلدان عن استعدادهما لتوقيع اتفاقية تجنب الازدواج الضريبي (DTAA)، وتتطلع الدول الثلاث إلى توسيع التعاون فيما بينهما في مختلف المجالات، بما في ذلك الاقتصادية والسياسية.

ودعت الدول الثلاث إلى وقف فوري للعدوان الإسرائيلي في كلٍ من فلسطين ولبنان، وتدين الهجوم الإسرائيلي وانتهاكه سيادة الأراضي الإيرانية وسلامتها، كما دعت إلى استمرار تدفق المساعدات الإنسانية والإغاثية إلى فلسطين ولبنان، محذرة من أن استمرار دائرة العنف والتصعيد يشكل تهديداً خطيراً لأمن المنطقة والعالم، بالإضافة إلى الأمن البحري.

وفي الملف اليمني، أكدت الدول الثلاث من جديد دعمها الحل السياسي الشامل في اليمن بما يتوافق مع المبادئ المعترف بها دولياً تحت رعاية الأمم المتحدة.

وكانت أعمال «الاجتماع الأول للجنة الثلاثية المشتركة السعودية - الصينية - الإيرانية»، اختتمت أعمالها في العاصمة الصينية بكّين، ديسمبر (كانون الأول) من العام الماضي، وأكد خلاله المجتمعون على استمرار عقد اجتماعات اللجنة الثلاثية المشتركة، وعلى مدى الأشهر الماضية، خطت السعودية وإيران خطوات نحو تطوير العلاقات وتنفيذ «اتفاق بكين»، بإعادة فتح سفارتيهما في كلا البلدين، والاتفاق على تعزيز التعاون في كل المجالات، لا سيما الأمنية والاقتصادية.

وأعادت إيران في 6 يونيو (حزيران) الماضي، فتح أبواب سفارتها في الرياض بعد 7 أعوام على توقف نشاطها، وقال علي رضا بيغدلي، نائب وزير الخارجية للشؤون القنصلية (حينها): «نعدّ هذا اليوم مهماً في تاريخ العلاقات السعودية - الإيرانية، ونثق بأن التعاون سيعود إلى ذروته»، مضيفاً: «بعودة العلاقات بين إيران والسعودية، سنشهد صفحة جديدة في العلاقات الثنائية والإقليمية نحو مزيد من التعاون والتقارب من أجل الوصول إلى الاستقرار والازدهار والتنمية».