أول عمليتين انتحاريتين ضد «داعش» ينفذها مقاتلو عشائر الأنبار

قائد «عمليات الجزيرة والبادية» لـ {الشرق الأوسط}: الأيام المقبلة ستشهد تحولاً كبيرًا لصالحنا

أول عمليتين انتحاريتين ضد «داعش» ينفذها مقاتلو عشائر الأنبار
TT

أول عمليتين انتحاريتين ضد «داعش» ينفذها مقاتلو عشائر الأنبار

أول عمليتين انتحاريتين ضد «داعش» ينفذها مقاتلو عشائر الأنبار

أعلن قائد «عمليات الجزيرة والبادية» اللواء الركن ناصر الغنام، أنه أشرف بنفسه على العملية التي أدت إلى مقتل 11 عنصرًا من تنظيم داعش في منطقة الخسفة بالقرب من حديثة «في إطار سلسلة من العمليات التي ستقلب موازين القوى لصالح القوات العسكرية العراقية في وقت قريب».
وقال الغنام في حديث لـ«الشرق الأوسط» إن «الميزة الأهم لعملية الخسفة هي أنه تم نصب كمين أعددنا له بعناية لعدد من أخطر المطلوبين من عتاة إرهابيي (داعش)، وقد تمكنا عبر هذا الكمين المحكم من قتل 11 إرهابيا منهم، وذلك بالتعاون مع عشائر البونمر في المنطقة؛ حيث إن هؤلاء الإرهابيين أوغلوا في دماء أبناء المنطقة وعشيرة البونمر بالذات». وردا على سؤال بشأن المعارك الحالية هناك التي تتولاها «قوات الجزيرة والبادية» قال الغنام إن «المعارك تدور منذ أيام في تلك المنطقة المهمة، وقد تمت السيطرة على أجزاء واسعة من منطقة الخسفة لا سيما بعد وصول مزيد من التعزيزات التي سوف تمكننا من مواصلة التقدم وفك الحصار عن حديثة وتأمين الحدود وقطع الإمدادات التي تصل إلى تنظيم داعش؛ حيث إن (قوات الجزيرة والبادية) هي الخط الثاني للحدود بعد قوات الحدود المعنية بالدرجة الأولى بذلك».
وحول مدى تأثير معارك «الجزيرة والبادية» على الحرب الدائرة الآن في أطراف مدينة الرمادي، قال اللواء الغنام إن «التأثير سيكون مباشرا على كل المستويات؛ فمن قطع الإمدادات، إلى فتح طريق نحو (عمليات الأنبار) حيث تلتقي (قوات الجزيرة والبادية) مع (عمليات الأنبار)، لكننا لا نستطيع تحديد الوقت الذي نحتاجه لذلك، لكن ما نستطيع قوله هنا إن الأوضاع تحت السيطرة ولا ومخاوف حقيقية مما يشاع، لأن هناك أساليب تضليل يتبعها الدواعش، والفترة المقبلة سوف تشهد تحولات كبيرة لصالحنا».
إلى ذلك، كشف فارس الدليمي عضو «حلف الفضول»، وهو المجلس العشائري الذي تم تأسيسه لمحاربة تنظيم داعش في الأنبار، في تصريح لـ«الشرق الأوسط» أن «شابين من أبناء العشائر المنتفضة ضد تنظيم داعش نفذا، ولأول مرة، عمليتين (استشهاديتين) ضد عناصر التنظيم؛ الأولى تمت عن طريق حزام ناسف كان قد تم العثور عليه في أحد مخابئ التنظيم، حيث ارتداه أحد الشبان ودخل على تجمع لهم دون أن يكون في بالهم أنه مفخخ، وفجر نفسه وسطهم، وهو ما أدى إلى مقتل العشرات منهم، والثانية تمت عن طريق سيارة مفخخة استقلها أحد الشباب المنتفضين واقتحم بها تجمعا لـ(داعش)، وقتل العشرات منهم»، مشيرا إلى أن «مثل هذه العمليات تأتي في وقت لم تصل فيه التعزيزات العسكرية الكافية من قبل الحكومة، وهو أمر اضطر أبناء الأنبار إلى استخدام مثل هذه الأساليب القتالية في مواجهة (داعش)». وأشار إلى أن «وفدا من أبناء العشائر المنتفضة و(حلف الفضول) زار محافظة كربلاء مساء أول من أمس والتقى ممثلا عن المرجعية الدينية، حيث تم الاتفاق معه على آلية لدخول قوات الحشد الشعبي إلى الرمادي في إطار تنسيق مشترك بين القوات الأمنية من جهة، وأبناء العشائر من جهة أخرى، من أجل تحرير المناطق التي تمدد فيها (داعش) مؤخرا، لا سيما منطقة البوفراج وجزيرة البوغانم».
وفي العاصمة العراقية، حيث بدأ تدفق نازحي الرمادي إلى بغداد بأعداد كبيرة وسط ظروف في غاية الصعوبة بسبب قطع الطرق الموصلة بين بغداد والرمادي، طالب رئيس البرلمان سليم الجبوري لجنة الأمن والدفاع النيابية بتوضيح الأوضاع الأمنية في محافظة الأنبار. وفي هذا السياق، أكد عضو البرلمان العراقي عن محافظة الأنبار محمد الكربولي، وهو عضو في لجنة الأمن والدفاع، في تصريح لـ«الشرق الأوسط» أن «المشكلة التي وقعت في الرمادي تتحملها قوات الشرطة والحشد الشعبي اللذان انسحبا دون تنسيق، الأمر الذي أدى بتنظيم داعش إلى استغلال هذه الفجوة الخطيرة وبدأ بالتقدم، بحيث باتت مدينة الرمادي شبه ساقطة بيده».
وأضاف الكربولي أن «لجنة الأمن والدفاع عقدت اجتماعا بهذا الخصوص لبحث تداعيات الأزمة ومخاطرها المستقبلية، وبالتالي لا بد من تحديد الجهة المقصرة ومحاسبتها، حيث إن الشرطة انسحبت على خلفية أن قوات التحالف الدولي هي من سوف تحسم الأمر، بينما قوات الحشد الشعبي انسحبت بسبب رفضها دخول المعركة طالما أن هناك مشاركة لقوات التحالف على صعيد الطيران»، مؤكدا أن «هذه المواقف المتباينة وعدم التنسيق بين مختلف القيادات هو الذي أدى إلى هذا الخرق الذي ما زلنا ندفع ثمنه».
لكن رئيس لجنة الأمن والدفاع البرلمانية حاكم الزاملي، حمّل الشرطة المحلية مسؤولية تدهور الأوضاع في مدينة الرمادي، مركز محافظة الأنبار، بسبب انسحابهم من قواطعهم واعتمادهم على الضربات الجوية للتحالف الدولي. وقال الزاملي في كلمة له خلال جلسة مجلس النواب أمس إن «عناصر الشرطة المحلية اعتمدوا على الضربات الجوية لطيران التحالف وانسحبوا من قواطعهم في مدينة الرمادي»، مبينا أن «ذلك أدى إلى انهيار الحالة المعنوية لعناصر الجيش وانسحابهم من مواقعهم». وأضاف الزاملي، أن «تنظيم (داعش) استغل الفجوة التي سببها انسحاب القوات الأمنية وهاجم وسيطر على بعض المناطق»، مؤكدا أن «الوضع الأمني في الأنبار لا يزال تحت السيطرة».



الحوثيون يكثّفون حملة الاعتقالات في معقلهم الرئيسي

جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
TT

الحوثيون يكثّفون حملة الاعتقالات في معقلهم الرئيسي

جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)

أطلقت الجماعة الحوثية سراح خمسة من قيادات جناح حزب «المؤتمر الشعبي» في مناطق سيطرتها، بضمانة عدم المشاركة في أي نشاط احتجاجي أو الاحتفال بالمناسبات الوطنية، وفي المقابل كثّفت في معقلها الرئيسي، حيث محافظة صعدة، حملة الاعتقالات التي تنفّذها منذ انهيار النظام السوري؛ إذ تخشى تكرار هذه التجربة في مناطق سيطرتها.

وذكرت مصادر في جناح حزب «المؤتمر الشعبي» لـ«الشرق الأوسط»، أن الوساطة التي قادها عضو مجلس حكم الانقلاب الحوثي سلطان السامعي، ومحافظ محافظة إب عبد الواحد صلاح، أفضت، وبعد أربعة أشهر من الاعتقال، إلى إطلاق سراح خمسة من أعضاء اللجنة المركزية للحزب، بضمانة من الرجلين بعدم ممارستهم أي نشاط معارض لحكم الجماعة.

وعلى الرغم من الشراكة الصورية بين جناح حزب «المؤتمر» والجماعة الحوثية، أكدت المصادر أن كل المساعي التي بذلها زعيم الجناح صادق أبو راس، وهو عضو أيضاً في مجلس حكم الجماعة، فشلت في تأمين إطلاق سراح القادة الخمسة وغيرهم من الأعضاء؛ لأن قرار الاعتقال والإفراج مرتبط بمكتب عبد الملك الحوثي الذي يشرف بشكل مباشر على تلك الحملة التي طالت المئات من قيادات الحزب وكوادره بتهمة الدعوة إلى الاحتفال بالذكرى السنوية للإطاحة بأسلاف الحوثيين في شمال اليمن عام 1962.

قيادات جناح حزب «المؤتمر الشعبي» في صنعاء يتعرّضون لقمع حوثي رغم شراكتهم الصورية مع الجماعة (إكس)

في غضون ذلك، ذكرت وسائل إعلام محلية أن الجماعة الحوثية واصلت حملة الاعتقالات الواسعة التي تنفّذها منذ أسبوعين في محافظة صعدة، المعقل الرئيسي لها (شمال)، وأكدت أنها طالت المئات من المدنيين؛ حيث داهمت عناصر ما يُسمّى «جهاز الأمن والمخابرات»، الذين يقودهم عبد الرب جرفان منازلهم وأماكن عملهم، واقتادتهم إلى معتقلات سرية ومنعتهم من التواصل مع أسرهم أو محامين.

300 معتقل

مع حالة الاستنفار التي أعلنها الحوثيون وسط مخاوف من استهداف قادتهم من قبل إسرائيل، قدّرت المصادر عدد المعتقلين في الحملة الأخيرة بمحافظة صعدة بنحو 300 شخص، من بينهم 50 امرأة.

وذكرت المصادر أن المعتقلين يواجهون تهمة التجسس لصالح الولايات المتحدة وإسرائيل ودول أخرى؛ حيث تخشى الجماعة من تحديد مواقع زعيمها وقادة الجناح العسكري، على غرار ما حصل مع «حزب الله» اللبناني، الذي أشرف على تشكيل جماعة الحوثي وقاد جناحيها العسكري والمخابراتي.

عناصر من الحوثيين خلال حشد للجماعة في صنعاء (إ.ب.أ)

ونفت المصادر صحة التهم الموجهة إلى المعتقلين المدنيين، وقالت إن الجماعة تسعى لبث حالة من الرعب وسط السكان، خصوصاً في محافظة صعدة، التي تستخدم بصفتها مقراً أساسياً لاختباء زعيم الجماعة وقادة الجناح العسكري والأمني.

وحسب المصادر، تتزايد مخاوف قادة الجماعة من قيام تل أبيب بجمع معلومات عن أماكن اختبائهم في المرتفعات الجبلية بالمحافظة التي شهدت ولادة هذه الجماعة وانطلاق حركة التمرد ضد السلطة المركزية منذ منتصف عام 2004، والتي تحولت إلى مركز لتخزين الصواريخ والطائرات المسيّرة ومقر لقيادة العمليات والتدريب وتخزين الأموال.

ومنذ سقوط نظام الرئيس السوري بشار الأسد وانهيار المحور الإيراني، استنفرت الجماعة الحوثية أمنياً وعسكرياً بشكل غير مسبوق، خشية تكرار التجربة السورية في المناطق التي تسيطر عليها؛ حيث نفّذت حملة تجنيد شاملة وألزمت الموظفين العموميين بحمل السلاح، ودفعت بتعزيزات كبيرة إلى مناطق التماس مع القوات الحكومية خشية هجوم مباغت.

خلق حالة رعب

بالتزامن مع ذلك، شنّ الحوثيون حملة اعتقالات شملت كل من يُشتبه بمعارضته لسلطتهم، وبررت منذ أيام تلك الحملة بالقبض على ثلاثة أفراد قالت إنهم كانوا يعملون لصالح المخابرات البريطانية، وإن مهمتهم كانت مراقبة أماكن وجود قادتها ومواقع تخزين الأسلحة في صنعاء.

وشككت مصادر سياسية وحقوقية في صحة الرواية الحوثية، وقالت إنه ومن خلال تجربة عشرة أعوام تبيّن أن الحوثيين يعلنون مثل هذه العمليات فقط لخلق حالة من الرعب بين السكان، ومنع أي محاولة لرصد تحركات قادتهم أو مواقع تخزين الصواريخ والمسيرات.

انقلاب الحوثيين وحربهم على اليمنيين تسببا في معاناة ملايين السكان (أ.ف.ب)

ووفق هذه المصادر، فإن قادة الحوثيين اعتادوا توجيه مثل هذه التهم إلى أشخاص يعارضون سلطتهم وممارساتهم، أو أشخاص لديهم ممتلكات يسعى قادة الجماعة للاستيلاء عليها، ولهذا يعمدون إلى ترويج مثل هذه التهم التي تصل عقوبتها إلى الإعدام لمساومة هؤلاء على السكوت والتنازل عن ممتلكاتهم مقابل إسقاط تلك التهم.

وبيّنت المصادر أن المئات من المعارضين أو الناشطين قد وُجهت إليهم مثل هذه التهم منذ بداية الحرب التي أشعلتها الجماعة الحوثية بانقلابها على السلطة الشرعية في 21 سبتمبر (أيلول) عام 2014، وهي تهم ثبت زيفها، ولم تتمكن مخابرات الجماعة من تقديم أدلة تؤيد تلك الاتهامات.

وكان آخرهم المعتقلون على ذمة الاحتفال بذكرى الإطاحة بنظام حكم أسلافهم في شمال اليمن، وكذلك مالك شركة «برودجي» التي كانت تعمل لصالح الأمم المتحدة، للتأكد من هوية المستفيدين من المساعدات الإغاثية ومتابعة تسلمهم تلك المساعدات؛ حيث حُكم على مدير الشركة بالإعدام بتهمة التخابر؛ لأنه استخدم نظام تحديد المواقع في عملية المسح، التي تمت بموافقة سلطة الحوثيين أنفسهم