إسرائيل تراجعت مرتين عن صفقة أسرى مع «حماس»

مسؤولون عسكريون اتهموا نتنياهو وبنيت بإهدار الفرص

دمى لجنود إسرائيليين معتقلين عند «حماس» في غزة عرضت في أكتوبر الماضي (غيتي)
دمى لجنود إسرائيليين معتقلين عند «حماس» في غزة عرضت في أكتوبر الماضي (غيتي)
TT

إسرائيل تراجعت مرتين عن صفقة أسرى مع «حماس»

دمى لجنود إسرائيليين معتقلين عند «حماس» في غزة عرضت في أكتوبر الماضي (غيتي)
دمى لجنود إسرائيليين معتقلين عند «حماس» في غزة عرضت في أكتوبر الماضي (غيتي)

إثر الإعلان عن استقالة مسؤول ملف الأسرى والمفقودين في مكتب رئيس الوزراء، موشيه طال، احتجاجاً على تقاعس الحكومة عن عقد صفقة تبادل أسرى مع «حماس»، كشف العميد رونين منليس، الناطق السابق بلسان الجيش الإسرائيلي، أمس، أن الحكومة رفضت إبرام صفقة تم وضع بنودها عام 2018.
وقال منليس إن «جميع رؤساء الجيش والموساد والشاباك، كانوا على قناعة في تلك السنة بأن هناك فرصة حقيقية لإجراء صفقة تبادل للأسرى مع (حماس)، وتم التوصل إلى اتفاق بشأن عدد الأسرى الفلسطينيين الذين يمكن الإفراج عنهم بالصفقة، لا بل كانت هناك ورقة مكتوبة بالأسماء، لكن الحكومة برئاسة بنيامين نتنياهو، تراجعت ولم تنجح الصفقة».
أقوال منليس جاءت لتؤكد ما قاله موشيه طال، المستقيل من قيادة الطاقم الإسرائيلي، من أن «إسرائيل رفضت في مناسبتين مختلفتين في السنوات الأخيرة، التقدم نحو إبرام صفقة تبادل أسرى جاهزة مع حركة حماس».
وكانت مصادر سياسية، قد كشفت، مساء الثلاثاء، أن طال، قدّم استقالته قبل ثلاثة أشهر، احتجاجاً، بعد أن رأى أن حكومة نفتالي بنيت مثل حكومة نتنياهو، لا تعمل بشكل كافٍ للإفراج عن الجنود الأسرى لدى «حماس». وقال، وفق هذه المصادر، إن الأمر بات محرجاً له بشكل خاص، فقد شارك في اتصالات حساسة وسرية مع مصر، الوسيط لدى «حماس»، للتوصل لصفقة التبادل، وإلى حلول وسط معقولة، لكنه اصطدم بموقف حكومة إسرائيل «التي كانت تتصرف بلا حول ولا قوة في هذه القضية».
ونقلت إذاعة الجيش الإسرائيلي «غالي تساهل»، عن طال، قوله: «كانت هناك فرصة سانحة لإبرام صفقة أسرى، ولدي صعوبة في شرح سبب رفض إسرائيل لها، وسيقول البعض إن الواقع السياسي من يقرر، والبعض يقول إننا مصدومون من صفقة شاليط، أنا لا أفهم ما حدث. إنه لأمر صادم، أن ترى أنه لا توجد لدى الحكومة قرارات مناسبة لانتهاز فرصة والإفراج عن الجنود الأسرى لدى حماس». وقد سُئل عن تفسيره لموقف نتنياهو الرافض، فأجاب: «لا أدرى. لأسباب خاصة به، ولكن ما أعرفه، هو أنه ما كان يجب أن يقول لا».
يذكر أن طال، هو برتبة عقيد في جيش الاحتياط. وقد عيّنه نتنياهو ليتولى مسؤولية المفاوضات حول الأسرى والمفقودين الإسرائيليين منذ سنوات في شعبة الاستخبارات العسكرية في الجيش، ثم تم تعيينه في عام 2019 كممثل لرئيس الأركان في فريق الأسرى والمفقودين، تحت قيادة اللواء يارون بلوم، منسق شؤون الأسرى والمفقودين الإسرائيليين، الذي كشف عن استقالة طال من دون تحديد موعد دقيق لتركه المنصب. وقد أكد طال في كتاب الاستقالة، أنها تأتي في سياق الاحتجاج على تقاعس الحكومة. وقال: «الحكومة تمتلك الأدوات للتعامل مع هذه القضية، لكنها لا تفعل ذلك».
مصادر سياسية، قالت، أمس (الأربعاء)، إن هذه المعلومات تتوافق مع التصريحات الصادرة خلال الأشهر الماضية عن مسؤولين في حركة «حماس»، التي قالوا فيها إن «إسرائيل تتهرب من الصفقة، وتحاول ربط رفع الحصار الإسرائيلي عن قطاع غزة أو إعادة الإعمار، بصفقة تبادل الأسرى، لأنها غير جادة في مسار التفاوض لإتمام الصفقة».
وحسب موقع «واللا»، في تل أبيب، فإن عدداً من كبار ضباط الجيش الإسرائيلي وجهاز الأمن، دعوا، قبل أسبوعين، إلى «استغلال هذه الفترة والهدوء النسبي في قطاع غزة»، من أجل التوصل إلى صفقة تبادل أسرى مع حركة حماس. وأشار المسؤولون، في محادثات مغلقة بحسب الموقع، إلى أن «المفاوضات حول تبادل أسرى، عالقة، بالرغم عن المحفزات المصرية، وأن سبب هذا الجمود هو أن كلا الجانبين (إسرائيل وحماس) غير مستعديْن للتنازل عن الثمن».
المعروف أن «حماس» تحتجز الجنديين هدار غولدين وأورون شاؤول، منذ حرب سنة 2014، وتدعي إسرائيل أنهما ميتان، كما تحتجز «حماس» المواطنين الإسرائيليين، أفرا منغيستو (وهو من أصل إثيوبي) وهشام السيد (عربي من بدو النقب)، اللذين كانا قد دخلا إلى قطاع غزة طواعية. وقد رفضت إسرائيل في البداية إطلاق سراح مئات الأسرى لقاء إطلاق الأربعة، لكنها تراجعت ووافقت على عدد من مطالب «حماس»، ثم تراجعت من جديد. وقد احتجت عائلتا غولدين وشاؤول على تردد الحكومة وتلعثمها في قضية ابنيهما.



دعوات حكومية ودولية لتكثيف الاستجابة الإنسانية في اليمن

زيادة كبيرة في حجم احتياجات الاستجابة الإنسانية في اليمن يقابلها نقص في التمويل (الأمم المتحدة)
زيادة كبيرة في حجم احتياجات الاستجابة الإنسانية في اليمن يقابلها نقص في التمويل (الأمم المتحدة)
TT

دعوات حكومية ودولية لتكثيف الاستجابة الإنسانية في اليمن

زيادة كبيرة في حجم احتياجات الاستجابة الإنسانية في اليمن يقابلها نقص في التمويل (الأمم المتحدة)
زيادة كبيرة في حجم احتياجات الاستجابة الإنسانية في اليمن يقابلها نقص في التمويل (الأمم المتحدة)

مع توجّه الحكومة اليمنية بطلب إلى الأمم المتحدة لعقد مؤتمر للمانحين لجهة دعم خطة الاستجابة الإنسانية في البلاد، بعد تزايد الاحتياجات الإنسانية الملحَّة، جددت منظمات دولية وأممية الدعوة إلى زيادة التمويل والتعاون الأكبر بين الجهات الفاعلة الوطنية والدولية لتقديم المساعدات الأساسية.

وفي حين تواصل الجماعة الحوثية إعاقة جهود الإغاثة في البلاد، ذكر الإعلام الرسمي أن سفير اليمن لدى الأمم المتحدة، عبد الله السعدي، أكد على ضرورة أن تظل الأزمة الإنسانية في اليمن على رأس أولويات الأمم المتحدة والمجتمع الدولي للحد من المعاناة المتزايدة، داعياً إلى تكثيف الجهود للإفراج الفوري وغير المشروط عن جميع المختطَفين والمعتقَلين، ومحاسبة المسؤولين عن مختلف الانتهاكات، في إشارة إلى الجماعة الحوثية.

وفي بيان اليمن أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة، خلال الجلسة الخاصة بتعزيز تنسيق المساعدات الإنسانية والإغاثية، حذَّر السعدي المجتمع الدولي من خطورة تجاهل الانتهاكات التي ترتكبها الجماعة الحوثية لخدمة أجندتها السياسية، بما في ذلك استخدام المساعدات الإنسانية لخدمة أهدافها العسكرية وتحويل المناطق الخاضعة لسيطرتها إلى سجون لمن يعارضونها.

أكثر من 19 مليون يمني بحاجة إلى المساعدات خلال العام المقبل حسب تقديرات أممية (الأمم المتحدة)

وأعاد البيان اليمني التذكير بأهمية نقل مقرات الوكالات الأممية والمنظمات الدولية إلى العاصمة المؤقتة عدن لضمان سلامة العاملين في المجال الإنساني، وتوفير بيئة آمنة للعمل بعيداً عن التدخلات؛ ما يساهم في تحسين القدرة على إيصال المساعدات إلى الفئات المحتاجة في مختلف المناطق. وتتهم الحكومة اليمنية وأوساط إغاثية وحقوقية محلية وأممية ودولية الجماعة الحوثية بالاستمرار في اختطاف العاملين بالمجال الإغاثي، وتبني حملات إعلامية مسيئة للعمل الإنساني، ورفض الاستجابة لطلبات عائلات المختطفين بالسماح بزيارتهم والاطمئنان على صحتهم الجسدية والنفسية، وتقديم الرعاية لهم.

سوء التنظيم والتخطيط

وجدَّدت الحكومة اليمنية التذكير بالأضرار الكبيرة التي تسببت بها الفيضانات والسيول التي ضربت عدة مناطق يمنية هذا العام، إلى جانب مختلف التطرفات المناخية التي ضاعفت من الآثار الناجمة عن الحرب في مفاقمة الأوضاع الإنسانية والاقتصادية؛ ما زاد من أهمية وضرورة تكثيف دعم المجتمع الدولي لليمن في مواجهة هذه التحديات.

جهات دولية تتهم الجماعة الحوثية بإعاقة أعمال الإغاثة بعد اختطاف موظفي المنظمات (رويترز)

ولا يتوقع جمال بلفقيه رئيس اللجنة العليا للإغاثة في الحكومة اليمنية أن يكون الدعم كبيراً أو كافياً لمواجهة مختلف المتطلبات والاحتياجات، مشيراً إلى أن عملية حشد الأموال لا بد أن تقترن بكيفية تنظيم إدارة العمل الإنساني والإغاثي، وخلق شراكة حقيقية بين الحكومة اليمنية والقطاع الخاص، والمنظمات المحلية والجهات الإغاثية الحالية، لإيصال المساعدات.

وفي حديثه لـ«الشرق الأوسط»، يصف بلفقيه الأزمة الإنسانية في بلاده بالأشد قسوة؛ ما يجعل من غير الممكن على اليمنيين الصمود أمام متطلبات معيشتهم، في ظل استمرارها وتصاعدها، منوهاً بأن حجم الأموال التي يمكن الحصول عليها ليس مهماً إذا لم يتم تنظيم عمليات الإغاثة للوصول بكفاءة إلى كل المستحقين.

وانتقد بلفقيه، وهو أيضاً مستشار وزير الإدارة المحلية، التوجهات الأممية الموسمية لزيادة التمويل، عند نهاية عام وبداية عام جديد، مع غياب التخطيط والتنظيم الفاعلين، وعدم مراعاة الاحتياجات المحلية للمتضررين من الأزمة الإنسانية في كل محافظة.

فيضانات الصيف الماضي في اليمن فاقمت من الأزمة الإنسانية وزادت من احتياجات الإغاثة (الأمم المتحدة)

من جهتها، أكدت منظمة «هيومن رايتس ووتش» أن اليمن أصبح يعيش «واحدة من أكبر الأزمات الإنسانية في العالم»، وفقاً لبيانات الأمم المتحدة؛ ما يزيد من احتياجات التمويل والتعاون الأكبر بين الجهات الفاعلة الوطنية والدولية لتقديم المساعدات الأساسية، بما فيها الغذاء والمياه والإمدادات الطبية.

واتهمت المنظمة، في بيان حديث لها، الجماعة الحوثية، باحتجاز وإخفاء 17 شخصاً على الأقل من موظفي الأمم المتحدة، بالإضافة إلى عشرات الموظفين من المنظمات غير الحكومية ومنظمات المجتمع المدني والشركات الخاصة، ومواصلة احتجازهم دون تهم.

إيقاف التمويل

نقلت «هيومن رايتس ووتش» عن الأمم المتحدة، أن 24.1 مليون يمني، أي ما يساوي 80 في المائة من السكان، بحاجة إلى المساعدات الإنسانية والحماية».

ونبهت المنظمة الدولية إلى أن الحكومة السويدية أقرَّت، أواخر الشهر الماضي، «الإنهاء التدريجي» لمساعداتها الإنمائية لليمن، على خلفية الإجراءات التدميرية المتزايدة للجماعة الحوثية في الأجزاء الشمالية من اليمن، ومنها اختطاف موظفي الأمم المتحدة.

كما دعت الأمم المتحدة والمجتمع الدولي تصعيد مطالبة الحوثيين بالإفراج عن المعتقلين، وتنسيق جهودهما بشكل أفضل في هذا الهدف المشترك. وقالت: «يجب أن تضاعف وكالات الأمم المتحدة الجهود لحماية ودعم موظفيها المتبقين في اليمن».

رغم تراجع تمويل الإغاثة في اليمن لا تزال وكالات أممية تقدم مساعدات للنازحين والمحتاجين (الأمم المتحدة)

ويتفق الباحث الاقتصادي، عادل السامعي، مع مسؤول الإغاثة اليمني، بلفقيه، حول سوء إدارة أموال الإغاثة في اليمن، وتسبب ذلك في حلول جزئية ومؤقتة للأزمة الإنسانية في البلاد. ويوضح السامعي لـ«الشرق الأوسط» أن هناك تراجعاً ملحوظاً في تمويل خطة الاستجابة الإنسانية في اليمن بسبب «الفساد» الذي أضر بالعملية الإغاثية وتجيير كثير من أوجه الدعم والمساعدات لصالح الجماعة الحوثية.

ويلفت إلى أن هناك تراكماً للفجوات بين الاحتياجات التي تفرضها الأزمة الإنسانية في اليمن والتمويل الموجَّه لها؛ فبعد أن كانت متطلبات الاستجابة الإنسانية خلال الـ12 عاماً الماضية تزيد على 33 مليار دولار، جرى تحصيل أقل من 20 مليار دولار فقط.

وخلال الأسبوع الماضي، كشفت الأمم المتحدة عن حاجتها إلى 2.5 مليار دولار لدعم خطة الاستجابة الإنسانية في اليمن خلال العام المقبل (2025).

بسبب اختطاف الجماعة الحوثية موظفي الإغاثة في اليمن تراجعت عدد من الدول عن تمويل الاستجابة الإنسانية (أ.ف.ب)

وحذَّر «مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية (أوتشا)»، في بيان له، من أن الظروف المعيشية لمعظم اليمنيين ستظل مزرية في عام 2025. ومن المتوقَّع أن تؤدي فرص كسب العيش المحدودة وانخفاض القدرة الشرائية إلى تعميق عدم الاستقرار الاجتماعي والاقتصادي.

ووفقاً للمكتب الأممي، فإن 19.54 مليون شخص في اليمن بحاجة إلى المساعدة خلال العام المقبل، من بينهم 17 مليون شخص (49 في المائة من السكان) سيواجهون انعدام الأمن الغذائي الشديد، مع معاناة 5 ملايين شخص من ظروف «الطوارئ». بينما يؤثر سوء التغذية الحاد على نحو 3.5 مليون شخص، بمن في ذلك أكثر من 500 ألف شخص يعانون من سوء التغذية الحاد الشديد.