عرب وعجم

عرب وعجم
TT

عرب وعجم

عرب وعجم

> نايف بن بندر السديري، سفير خادم الحرمين الشريفين لدى المملكة الأردنية الهاشمية، التقى أول من أمس، في مكتبه بالسفارة، سفير النرويج لدى الأردن إبسبين ليندباك، وجرى خلال اللقاء استعراض التعاون الثنائي بين البلدين وسبل تعزيزه وتطويره، إضافة إلى مناقشة القضايا ذات الاهتمام المشترك.
> فهد بن عبد الله العيسي، سفير خادم الحرمين الشريفين لدى جمهورية موزمبيق، قدم أول من أمس، نسخة من أوراق اعتماده لوزيرة الخارجية والتعاون بجمهورية موزمبيق فيرونيكا ماكامو، ورحبت الوزيرة بالسفير العيسى، متمنية له التوفيق في مهامه الجديدة.
> الدكتور محمد ولد أعمر، المدير العام للمنظمة العربية للتربية والثقافة والعلوم (ألكسو)، استقبله الدكتور ياسين مرابي، وزير التكوين والتعليم المهنيين بالجمهورية الجزائرية، بمقر الوزارة، وتبادل الطرفان المحادثات حول واقع القطاع والتحديات المستقبلية التي تواجهه، وأكد «مرابي» على أهمية تعزيز التعاون والتنسيق مع المنظمة. فيما قدم المدير العام لمنظمة «ألسكو»، عرضاً عن واقع التعليم والتدريب التقني والمهني، في الوطن العربي، وأهم تحدياته، وأهمية التعاون في المجالات ذات الصلة لتطوير القطاع بالوطن العربي.
> دونالد بلوم، سفير الولايات المتحدة الأميركية بتونس، استقبلته وزيرة العدل التونسية ليلى جفال، وتمّ استعراض مختلف برامج التعاون الجارية بين البلدين في المجالين القانوني والقضائي خصوصاً ما يتصل بالمنظومة الجزائية والمنظومة السجنية والإصلاحية، كما تم التأكيد على مواصلة تعزيزها ودعم كل ما من شأنه أن يحقق نتائج تنعكس إيجاباً على أداء منظومة العدالة.
> مريم خليفة الكعبي، سفيرة دولة الإمارات لدى جمهورية مصر العربية، التقت أول من أمس، بقائد عام شرطة عجمان الشيخ سلطان بن عبد الله النعيمي، لبحث عدد من الموضوعات ذات الاهتمام المشترك، ورحب قائد عام شرطة عجمان، بالسفيرة، مثنياً على الدور الريادي الذي تقوم به سفارة الدولة، وحرصها على تعميق أواصر التعاون بين البلدين الشقيقين في مختلف المجالات، متمنياً لها التوفيق والنجاح في مهام عملها الجديد كسفيرة لدولة الإمارات في جمهورية مصر العربية.
> حسام عيسى، سفير جمهورية مصر العربية بالخرطوم، التقى أول من أمس، بالدكتور عبد الباقي عبد القادر عضو مجلس السيادة الانتقالي، حيث عرض السفير المصري أوجه التعاون القائم والممتد على مدار السنوات الماضية بين مصر والسودان، خصوصاً في قطاعي الصحة والتعليم اللذين يشرف عليهما د. عبد الباقي، مؤكداً استمرار ذلك التعاون وتعزيزه خلال الفترة المقبلة لا سيما من خلال المنح الدراسية والتدريب، وكذلك تقديم الدعم المطلوب لطلاب الدولتين الذين يدرسون في مراحل التعليم المختلفة في الدولة الأخرى.
> الدكتورة الشيخة رنا بنت عيسى بن دعيج آل خليفة، الأمين العام لمجلس التعليم العالي نائب رئيس مجلس أمناء مجلس التعليم العالي بالبحرين، استقبلت بمكتبها أول من أمس، الدكتورة زينب راشد سوار، التي أهدتها نسخة من رسالة الدكتوراه والماجستير الحاصلة عليها من جامعة حلوان، وأعربت الأمين العام عن خالص شكرها لها على هذا الإهداء المتميز، وتقديرها للجهد الكبير في إعداد هذه الأطروحة القيمة، التي تعكس اهتمام صاحبتها بالارتقاء بالعملية التعليمية وتوفير المناخ الأمثل للتفوق والتميز.
> حازم فهمي، سفير مصر لدى كوريا الجنوبية، استقبل أول من أمس، برئيسة معهد اللغة المصرية القديمة الهيروغليفية في سيول وخبيرة علم المصريات جو هيو كانج، وأوضح السفير أن الخبيرة الكورية انتهت من إعداد تصور متكامل لنشر الثقافة الفرعونية بين الطلبة الكوريين، حيث يشمل هذا التصور تقديم كتاب حول تعليم اللغة الهيروغليفية لطلبة المدارس، بالإضافة إلى تطبيقات تفاعلية لنقل مختلف جوانب الحضارة الفرعونية لطلاب المدارس والشباب، فضلاً عن تصميم ألعاب إلكترونية مستعينة بأساطير وقصص فرعونية.
> رودريغو إسبينوسا أغيري، سفير جمهورية تشيلي بالأردن، استقبله أول من أمس، رئيس مجلس الأعيان الأردني فيصل الفايز، في مكتبه، لبحث العلاقات الثنائية بين البلدين الصديقين وسبل تعزيزها، وتناول اللقاء سبل التعاون في المجالات الاستثمارية والاقتصادية وزيادة حجم الاستثمارات المشتركة، بالإضافة إلى الأوضاع الراهنة في المنطقة، وأشار رئيس مجلس الأعيان إلى أن موقع الأردن الاستراتيجي وعلاقاته التجارية مع مختلف التكتلات الاقتصادية العالمية، وتوفر بيئة أعمال محفزة يوفر فرصة كبيرة لتعزيز العلاقات الاقتصادية بين البلدين.



100 عامٍ من عاصي الرحباني

عاصي الرحباني وفيروز (تويتر)
عاصي الرحباني وفيروز (تويتر)
TT

100 عامٍ من عاصي الرحباني

عاصي الرحباني وفيروز (تويتر)
عاصي الرحباني وفيروز (تويتر)

في الرابع من شهر الخِصب وبراعم اللوز والورد، وُلد عاصي الرحباني. كانت البلادُ فكرةً فَتيّة لم تبلغ بعد عامها الثالث. وكانت أنطلياس، مسقط الرأس، قريةً لبنانيةً ساحليّة تتعطّر بزهر الليمون، وتَطربُ لارتطام الموج بصخور شاطئها.
لو قُدّر له أن يبلغ عامه المائة اليوم، لأَبصر عاصي التحوّلات التي أصابت البلاد وقُراها. تلاشت الأحلام، لكنّ «الرحباني الكبير» ثابتٌ كحقيقةٍ مُطلَقة وعَصي على الغياب؛ مقيمٌ في الأمس، متجذّر في الحاضر وممتدّةٌ جذوره إلى كل الآتي من الزمان.


عاصي الرحباني خلال جلسة تمرين ويبدو شقيقه الياس على البيانو (أرشيف Rahbani Productions)

«مهما قلنا عن عاصي قليل، ومهما فعلت الدولة لتكريمه قليل، وهذا يشمل كذلك منصور وفيروز»، يقول المؤلّف والمنتج الموسيقي أسامة الرحباني لـ«الشرق الأوسط» بمناسبة مئويّة عمّه. أما الصحافي والباحث محمود الزيباوي، الذي تعمّق كثيراً في إرث الرحابنة، فيرى أن التكريم الحقيقي يكون بتأليف لجنة تصنّف ما لم يُنشر من لوحاته الغنائية الموجودة في إذاعتَي دمشق ولبنان، وتعمل على نشره.
يقرّ أسامة الرحباني بتقصير العائلة تجاه «الريبرتوار الرحباني الضخم الذي يحتاج إلى تضافر جهود من أجل جَمعه»، متأسفاً على «الأعمال الكثيرة التي راحت في إذاعة الشرق الأدنى». غير أنّ ما انتشر من أغانٍ ومسرحيات وأفلام، على مدى أربعة عقود من عمل الثلاثي الرحباني عاصي ومنصور وفيروز، أصبح ذخيرةً للقرون المقبلة، وليس للقرن الرحباني الأول فحسب.

«فوتي احفظي، قومي سجّلي»
«كان بركاناً يغلي بالعمل... يكتب بسرعة ولا يتوقف عند هاجس صناعة ما هو أجمل، بل يترك السرد يمشي كي لا ينقطع الدفق»، هكذا يتذكّر أسامة عمّه عاصي. وفي بال الزيباوي كذلك، «عاصي هو تجسيدٌ للشغف وللإنسان المهووس بعمله». لم يكن مستغرباً أن يرنّ الهاتف عند أحد أصدقائه الساعة الثالثة فجراً، ليخرج صوت عاصي من السمّاعة قارئاً له ما كتب أو آخذاً رأيه في لحنٍ أنهاه للتوّ.
ووفق ما سمعه الزيباوي، فإن «بعض تمارين السيدة فيروز وتسجيلاتها كان من الممكن أن يمتدّ لـ40 ساعة متواصلة. يعيد التسجيل إذا لم يعجبه تفصيل، وهذا كان يرهقها»، رغم أنه الزوج وأب الأولاد الأربعة، إلا أن «عاصي بقي الأستاذ الذي تزوّج تلميذته»، على حدّ وصف الزيباوي. ومن أكثر الجمل التي تتذكّرها التلميذة عن أستاذها: «فوتي احفظي، قومي سَجّلي». أضنى الأمر فيروز وغالباً ما اعترفت به في الحوارات معها قبل أن تُطلقَ تنهيدةً صامتة: «كان ديكتاتوراً ومتطلّباً وقاسياً ومش سهل الرِضا أبداً... كان صعب كتير بالفن. لمّا يقرر شي يمشي فيه، ما يهمّه مواقفي».


عاصي وفيروز (تويتر)
نعم، كان عاصي الرحباني ديكتاتوراً في الفن وفق كل مَن عاصروه وعملوا معه. «كل العباقرة ديكتاتوريين، وهذا ضروري في الفن»، يقول أسامة الرحباني. ثم إن تلك القسوة لم تأتِ من عدم، فعاصي ومنصور ابنا الوَعر والحرمان.
أثقلت كتفَي عاصي منذ الصغر همومٌ أكبر من سنّه، فتحمّلَ وأخوه مسؤولية العائلة بعد وفاة الوالد. كان السند المعنوي والمادّي لأهل بيته. كمعطفٍ ردّ البردَ عنهم، كما في تلك الليلة العاصفة التي استقل فيها دراجة هوائية وقادها تحت حبال المطر من أنطلياس إلى الدورة، بحثاً عن منصور الذي تأخّر بالعودة من الوظيفة في بيروت. يروي أسامة الرحباني أنها «كانت لحظة مؤثرة جداً بين الأخوين، أبصرا خلالها وضعهما المادي المُذري... لم ينسيا ذلك المشهد أبداً، ومن مواقفَ كتلك استمدّا قوّتهما».
وكما في الصِبا كذلك في الطفولة، عندما كانت تمطر فتدخل المياه إلى المدرسة، كان يظنّ منصور أن الطوفان المذكور في الكتاب المقدّس قد بدأ. يُصاب بالهلَع ويصرخ مطالباً المدرّسين بالذهاب إلى أخيه، فيلاقيه عاصي ويحتضنه مهدّئاً من رَوعه.

«سهرة حبّ»... بالدَين
تعاقبت مواسم العزّ على سنوات عاصي الرحباني. فبعد بدايةٍ متعثّرة وحربٍ شرسة ضد أسلوبه الموسيقي الثائر على القديم، سلك دروب المجد. متسلّحاً بخياله المطرّز بحكايا جدّته غيتا و«عنتريّات» الوالد حنّا عاصي، اخترع قصصاً خفتت بفعلِ سحرِها الأصواتُ المُعترضة. أما لحناً، فابتدعَ نغمات غير مطابقة للنظريات السائدة، و«أوجد تركيبة جديدة لتوزيع الموسيقى العربية»، على ما يشرح أسامة الرحباني.


صورة تجمع عاصي ومنصور الرحباني وفيروز بالموسيقار محمد عبد الوهاب وفريد الأطرش، بحضور بديعة مصابني وفيلمون وهبي ونجيب حنكش (أرشيف Rahbani Productions)
كان عاصي مستعداً للخسارة المادية من أجل الربح الفني. يحكي محمود الزيباوي أنه، ولشدّة مثاليته، «سجّل مسرحية (سهرة حب) مرتَين ولم تعجبه النتيجة، فاقترض مبلغاً من المال ليسجّلها مرة ثالثة». ويضيف أن «أساطير كثيرة نُسجت حول الرحابنة، لكن الأسطورة الحقيقية الوحيدة هي جمال عملهم».
ما كانت لتكتمل أسطورة عاصي، لولا صوت تلك الصبية التي دخلت قفصَه الذهبي نهاد حدّاد، وطارت منه «فيروز».
«أدهشته»، يؤكّد الزيباوي؛ ويستطرد: «لكنّ أحداً منهما لم يعرف كيف يميّز بين نهاد حداد وفيروز»... «هي طبعاً المُلهِمة»، يقول أسامة الرحباني؛ «لمح فيها الشخصية التي لطالما أراد رسمَها، ورأى امرأةً تتجاوب مع تلك الشخصية»، ويضيف أن «عاصي دفع بصوت فيروز إلى الأعلى، فهو في الفن كان عنيفاً ويؤمن بالعصَب. كان يكره الارتخاء الموسيقي ويربط النجاح بالطبع الفني القوي، وهذا موجود عند فيروز».


زفاف عاصي الرحباني ونهاد حداد (فيروز) عام 1955 (تويتر)

دماغٌ بحجم وطن
من عزّ المجد، سرقت جلطة دماغيّة عاصي الرحباني عام 1972. «أكثر ما يثير الحزن أن عاصي مرض وهو في ذروة عطائه وإبداعه، وقد زادت الحرب اللبنانية من مرضه وصعّبت العمل كثيراً»، وفق الزيباوي. لم يكن القلق من الغد الغامض غريباً عليه. فهو ومنذ أودى انفجارٌ في إحدى الكسّارات بحياة زوج خالته يوسف الزيناتي، الذي كان يعتبره صياداً خارقاً واستوحى منه شخصيات لمسرحه، سكنته الأسئلة الحائرة حول الموت وما بعدَه.
الدماغ الذي وصفه الطبيب الفرنسي المعالج بأنه من أكبر ما رأى، عاد ليضيء كقمرٍ ليالي الحصّادين والعاشقين والوطن المشلّع. نهض عاصي ورجع إلى البزُق الذي ورثه عن والده، وإلى نُبله وكرمه الذي يسرد أسامة الرحباني عنهما الكثير.
بعد المرض، لانت قسوة عاصي في العمل وتَضاعفَ كرَمُه المعهود. يقول أسامة الرحباني إن «أقصى لحظات فرحه كانت لحظة العطاء». أعطى من ماله ومن فِكرِه، وعُرف بيدِه الموضوعة دائماً في جيبِه استعداداً لتوزيع النقود على المحتاجين في الشارع. أما داخل البيت، فتجسّد الكرَم عاداتٍ لطيفة وطريفة، كأن يشتري 20 كنزة متشابهة ويوزّعها على رجال العائلة وشبّانها.
خلال سنواته الأخيرة ومع احتدام الحرب، زاد قلق عاصي الرحباني على أفراد العائلة. ما كان يوفّر مزحة أو حكاية ليهدّئ بها خوف الأطفال، كما في ذلك اليوم من صيف 1975 الذي استُهدفت فيه بلدة بكفيا، مصيَف العائلة. يذكر أسامة الرحباني كيف دخل عاصي إلى الغرفة التي تجمّع فيها أولاد العائلة مرتعدين، فبدأ يقلّد الممثلين الأميركيين وهم يُطلقون النار في الأفلام الإيطالية، ليُنسيَهم ما في الخارج من أزيز رصاص حقيقي. وسط الدمار، بنى لهم وطناً من خيالٍ جميل، تماماً كما فعل وما زال يفعل في عامِه المائة، مع اللبنانيين.


عاصي الرحباني (غيتي)