«المدن القصية» تحاكي أعمال فنانة عراقية تسعى للم شتات العراقيين

سهى الجميلي: أسعى لوحدة بلدي عبر أعمالي الفنية

الفنانة سهى الجميلي على يسار الصورة
الفنانة سهى الجميلي على يسار الصورة
TT

«المدن القصية» تحاكي أعمال فنانة عراقية تسعى للم شتات العراقيين

الفنانة سهى الجميلي على يسار الصورة
الفنانة سهى الجميلي على يسار الصورة

حرصت الفنانة التشكيلية العراقية سهى الجميلي في معرضها الشخصي الرابع على تقديم لوحة تكاملية لوجه بلادها من شماله حتى جنوبه، بشواخص حضارية وتراثية مهمة، في سعي منها للملمة شمل العراقيين وتوحيد صفوفهم، بعد المحن الكبيرة التي مرت عليهم، في أعمال جديدة تمكنت عبرها من جذب جمهورها وشد انتباه الفنانين الكبار لما تملكه من موهبة فنية عالية.
«المدن القصية» هو عنوان معرض سهى، اختارت لأجله إحدى كبريات قاعات العرض الفني في العاصمة بغداد، وهي قاعة حوار للفنون، التي شهدت حضورا مميزًا في مغامرة شجاعة ومحسوبة مسبقًا لمدى تفاعل الجمهور مع لوحاتها التي اتسمت بالجرأة والإمكانية معًا، وهي تعيد صور الأهوار والشناشيل والجبال والنواعير.
حامد الراوي المستشار الثقافي لوزارة الثقافة العراقية أبدى إعجابه الكبير باللوحات خلال افتتاحه المعرض، وقال: «المعرض يمثل علامة مضيئة في ساحة الفن التشكيلي العراقي، وهناك آلاف الأفكار التي يثيرها فينا لما يحمله من إمكانية عالية للفنانة على مستوى اللون والشكل والتكوين». وأضاف: «المعرض نقلني إلى مستوى عال من الدهشة والانبهار، فهو مغامرة كبرى عاشتها الفنانة سهى الجميلي واستطاعت أن تنقلنا أيضا معها إلى هذه المغامرة، وهذا المعرض من المعارض التي ينبغي الوقوف عندها طويلاً». وأكد: «إن التشكيلي العراقي دائمًا له القدرة على التطور والتأثير من خلال رسومه، ويستطيع مواجهة القبح بالجمال وإرسال القيم النبيلة للمجتمع العراقي».
بدوره أكد الفنان معراج فارس على الإمكانية الفنية التي تمتلكها الجميلي، والتي بدت واضحة في أعمالها التي تحمل رؤية فنية وإحساسا عاليا بالألوان وتوظيفها لصالح العمل الفني.
وأشار: «قدمت الفنانة التشكيلية لوحاتها بطريقة نقلتنا إلى منطقة السطوح البارزة أو ذات الملمس، وبهذا تستمر لتأكيد ذاتها في تجربتها، وهي تفاصيل منتقاة مدمجة في روح اللوحة».
الفنانة سهى الجميلي عبرت عن سعادتها بردود فعل زوار معرضها وتفاعلهم مع اللوحات، وقالت: «سعدت بهذا التفاعل، وهو غاية ما يريده الفنان، وكل ما أردت قوله من خلال أعمالي أن الفنان قادر على أداء واجبه تجاه بلده بمستوى ما يقدمه من فن وإبداع».
وأضافت: «أتمنى أن يعود العراق موحدًا لا تفرقه النزاعات والصراعات؛ لأننا بغير ذلك لا نكون أقوياء ولا نقدر أن نعبر عن الجمال في لوحاتنا وأعمالنا».
وعن معرضها وأعمالها الفنية يقول الناقد الفني مؤيد البصام: «لا شك أن معرض الفنانة سهى الجميلي الأخير يمثل قفزة في معمارية لوحتها وتطور رائع في رؤيتها للقيم الجمالية للون وفهم واضح لحركة الكتلة والفراغ، وإدراك واع لكيفية التعامل مع النص، وهي تحمل الكثير من الجرأة والإقدام».
وأضاف: «وضح المعرض قدرتها في التعامل مع الكتلة، وكيف توازن الشكل العام، وكذلك إمكانياتها في فهم دلائل اللون وإعطاء مساحة للنص ليبقى له وجود في المحصلة العامة».
أما الفنان فهمي القيسي، فقال: «المعرض يستحق المشاهدة لأكثر من مرة، وخصوصا في هذا الظرف الصعب الذي فيه الإنتاج لم يتوقف، ومن الممكن أن تتوقف الحكومات ويذهب الساسة، لكن الفن يبقى ليغسل عيون المتلقي بغبار المدينة، وأنا أشد على أيدي الفنانات لأنني أتابع أعمالهن، وإنهن يتقدمن نحو الأحسن».
والفنانة سهى حاصلة على شهادتي البكالوريوس في علوم الكيمياء والفنون الجميلة من جامعة بغداد، وهي عضو جمعية الفنانين التشكيليين العراقيين، وعضو نقابة الفنانين العراقيين، ولها مشاركات كثيرة على المستوى الشخصي المحلي والدولي.



ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
TT

ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)

ستيف بركات عازف بيانو كندي من أصل لبناني، ينتج ويغنّي ويلحّن. لفحه حنين للجذور جرّه إلى إصدار مقطوعة «أرض الأجداد» (Motherland) أخيراً. فهو اكتشف لبنان في وقت لاحق من حياته، وينسب حبّه له إلى «خيارات مدروسة وواعية» متجذرة في رحلته. من اكتسابه فهماً متيناً لهويته وتعبيره عن الامتنان لما منحه إياه الإرث من عمق يتردّد صداه كل يوم، تحاوره «الشرق الأوسط» في أصله الإنساني المنساب على النوتة، وما أضفاه إحساسه الدفين بالصلة مع أسلافه من فرادة فنية.
غرست عائلته في داخله مجموعة قيم غنية استقتها من جذورها، رغم أنه مولود في كندا: «شكلت هذه القيم جزءاً من حياتي منذ الطفولة، ولو لم أدركها بوعي في سنّ مبكرة. خلال زيارتي الأولى إلى لبنان في عام 2008. شعرتُ بلهفة الانتماء وبمدى ارتباطي بجذوري. عندها أدركتُ تماماً أنّ جوانب عدة من شخصيتي تأثرت بأصولي اللبنانية».
بين كوبنهاغن وسيول وبلغراد، وصولاً إلى قاعة «كارنيغي» الشهيرة في نيويورك التي قدّم فيها حفلاً للمرة الأولى، يخوض ستيف بركات جولة عالمية طوال العام الحالي، تشمل أيضاً إسبانيا والصين والبرتغال وكوريا الجنوبية واليابان... يتحدث عن «طبيعة الأداء الفردي (Solo) التي تتيح حرية التكيّف مع كل حفل موسيقي وتشكيله بخصوصية. فالجولات تفسح المجال للتواصل مع أشخاص من ثقافات متنوعة والغوص في حضارة البلدان المضيفة وتعلّم إدراك جوهرها، مما يؤثر في المقاربة الموسيقية والفلسفية لكل أمسية».
يتوقف عند ما يمثله العزف على آلات البيانو المختلفة في قاعات العالم من تحدٍ مثير: «أكرّس اهتماماً كبيراً لأن تلائم طريقة عزفي ضمانَ أفضل تجربة فنية ممكنة للجمهور. للقدرة على التكيّف والاستجابة ضمن البيئات المتنوّعة دور حيوي في إنشاء تجربة موسيقية خاصة لا تُنسى. إنني ممتنّ لخيار الجمهور حضور حفلاتي، وهذا امتياز حقيقي لكل فنان. فهم يمنحونني بعضاً من وقتهم الثمين رغم تعدّد ملاهي الحياة».
كيف يستعد ستيف بركات لحفلاته؟ هل يقسو عليه القلق ويصيبه التوتر بإرباك؟ يجيب: «أولويتي هي أن يشعر الحاضر باحتضان دافئ ضمن العالم الموسيقي الذي أقدّمه. أسعى إلى خلق جو تفاعلي بحيث لا يكون مجرد متفرج بل ضيف عزيز. بالإضافة إلى الجانب الموسيقي، أعمل بحرص على تنمية الشعور بالصداقة الحميمة بين الفنان والمتلقي. يستحق الناس أن يلمسوا إحساساً حقيقياً بالضيافة والاستقبال». ويعلّق أهمية على إدارة مستويات التوتّر لديه وضمان الحصول على قسط كافٍ من الراحة: «أراعي ضرورة أن أكون مستعداً تماماً ولائقاً بدنياً من أجل المسرح. في النهاية، الحفلات الموسيقية هي تجارب تتطلب مجهوداً جسدياً وعاطفياً لا تكتمل من دونه».
عزف أناشيد نالت مكانة، منها نشيد «اليونيسف» الذي أُطلق من محطة الفضاء الدولية عام 2009 ونال جائزة. ولأنه ملحّن، يتمسّك بالقوة الهائلة للموسيقى لغة عالمية تنقل الرسائل والقيم. لذا حظيت مسيرته بفرص إنشاء مشروعات موسيقية لعلامات تجارية ومؤسسات ومدن؛ ومعاينة تأثير الموسيقى في محاكاة الجمهور على مستوى عاطفي عميق. يصف تأليف نشيد «اليونيسف» بـ«النقطة البارزة في رحلتي»، ويتابع: «التجربة عزّزت رغبتي في التفاني والاستفادة من الموسيقى وسيلة للتواصل ومتابعة الطريق».
تبلغ شراكته مع «يونيفرسال ميوزيك مينا» أوجها بنجاحات وأرقام مشاهدة عالية. هل يؤمن بركات بأن النجاح وليد تربة صالحة مكوّنة من جميع عناصرها، وأنّ الفنان لا يحلّق وحده؟ برأيه: «يمتد جوهر الموسيقى إلى ما وراء الألحان والتناغم، ليكمن في القدرة على تكوين روابط. فالنغمات تمتلك طاقة مذهلة تقرّب الثقافات وتوحّد البشر». ويدرك أيضاً أنّ تنفيذ المشاريع والمشاركة فيها قد يكونان بمثابة وسيلة قوية لتعزيز الروابط السلمية بين الأفراد والدول: «فالثقة والاهتمام الحقيقي بمصالح الآخرين يشكلان أسس العلاقات الدائمة، كما يوفر الانخراط في مشاريع تعاونية خطوات نحو عالم أفضل يسود فيه الانسجام والتفاهم».
بحماسة أطفال عشية الأعياد، يكشف عن حضوره إلى المنطقة العربية خلال نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل: «يسعدني الوجود في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا كجزء من جولة (Néoréalité) العالمية. إنني في مرحلة وضع اللمسات الأخيرة على التفاصيل والتواريخ لنعلن عنها قريباً. تملؤني غبطة تقديم موسيقاي في هذا الحيّز النابض بالحياة والغني ثقافياً، وأتحرّق شوقاً لمشاركة شغفي وفني مع ناسه وإقامة روابط قوامها لغة الموسيقى العالمية».
منذ إطلاق ألبومه «أرض الأجداد»، وهو يراقب جمهوراً متنوعاً من الشرق الأوسط يتفاعل مع فنه. ومن ملاحظته تزايُد الاهتمام العربي بالبيانو وتعلّق المواهب به في رحلاتهم الموسيقية، يُراكم بركات إلهاماً يقوده نحو الامتنان لـ«إتاحة الفرصة لي للمساهمة في المشهد الموسيقي المزدهر في الشرق الأوسط وخارجه».
تشغله هالة الثقافات والتجارب، وهو يجلس أمام 88 مفتاحاً بالأبيض والأسود على المسارح: «إنها تولّد إحساساً بالعودة إلى الوطن، مما يوفر ألفة مريحة تسمح لي بتكثيف مشاعري والتواصل بعمق مع الموسيقى التي أهديها إلى العالم».