توقعات بقبول القوى الخاسرة «على مضض» قرارات المحكمة الاتحادية في العراق

عززتها بيانات من العامري والمالكي والحكيم و«العصائب»

TT

توقعات بقبول القوى الخاسرة «على مضض» قرارات المحكمة الاتحادية في العراق

رغم أن قرار المحكمة الاتحادية العراقية، أمس، برد دعوى إلغاء نتائج الانتخابات المقدمة من رئيس تحالف الفتح هادي العامري، أنه عملياً أحدث جدلاً ومساحة اعتراض واسعة واحتجاجات أمام المنطقة الخضراء من جماعات الإطار التنسيقي، فإن احتمال ردة فعل غير مرغوب فيها من تلك الجماعات ما زال قائماً، خاصة أن خيام المعتصمين وأهازيجهم المنددة بقرار المحكمة الاتحادية ما زالت تتعالى عند أبواب المنطقة الخضراء. ومع ذلك، يميل كثير من المراقبين إلى ذهاب جماعات الإطار إلى «التسليم بالأمر الواقع»، والتخطيط لمرحلة المفاوضات العسيرة لتشكيل الحكومة.
وينتظر أن تعقد قوى الإطار التنسيقي، التي تضم الجماعات الخاسرة، اجتماعاً مساء اليوم سيكشف عن بوصلة توجهاتهم المقبلة بشكل أكثر وضوحاً، لكن معطيات على الأرض ربما تكشف عن أن الأمور قد حُسمت لصالح استكمال السياق السياسي بشكل طبيعي وصولاً إلى عقد أول جلسة للبرلمان بعد أسبوعين من قرار المصادقة على نتائج الانتخابات.
ولعل من بين أبرز المعطيات البيان الذي أصدره رئيس تيار الحكمة وعضو «الإطار التنسيقي» عمار الحكيم عقب قرار المحكمة، حيث قال «انطلاقاً من إيماننا العميق بسيادة الدستور والقانون، نعبّر عن التزامنا بقرار المحكمة الاتحادية بخصوص النتائج رغم ملاحظاتنا الجدية على العملية الانتخابية». وأضاف «وفيما نجدد تهانينا للفائزين نحثهم على العمل بما تتطلب مسؤوليتهم الملقاة على عاتقهم في خدمة الشعب والإسراع بتشكيل حكومة كفؤة ومنسجمة تجمع الأطراف الراغبة بالمشاركة فيها والمستعدة لتحمل المسؤولية أمام الشعب العراقي، كما نجدد تأكيد موقفنا بعدم المشاركة في الحكومة القادمة». بيان الحكيم مثّل إشارة مبكرة لقبول قوى الإطار التنسيقي بحكم المحكمة الاتحادية ومصادقتها على نتائج الانتخابات.
وعقب بيان الحكيم، ومصادقة المحكمة على نتائج الانتخابات، اعتبر رئيس ائتلاف «دولة القانون» وعضو «الإطار التنسيقي» نوري المالكي، أن قرار المصادقة كان «متوقعاً»، وذلك ربما يصبّ هو الآخر في مسار التهدئة والقبول بنتائج الانتخابات النهائية. وقال المالكي في تغريدة، إن قرار المحكمة «كان متوقعاً ولأسباب تتعلق بوضع البلد». وتابع «لا يمكن إلغاء الانتخابات وإعادتها، مع أن الخلل الواضح وبالوثائق والأدلة موجود».
وقال أيضاً «لكن كنا نأمل من المحكمة الاتحادية أن تنصف المتضررين من الكتل والقوائم، وما يتعلق بمشكلة الكوتا النسائية».
ورغم انتقاده اللاذع لقرار المحكمة، فإن أقوى مؤشرات قبول جماعات الإطار بقرارها جاء على لسان رئيس تحالف «الفتح» هادي العامري الذي قدم دعوى إلغاء نتائج الانتخابات. وقال العامري في بيان أصدره مساء أمس «نلتزم بقرار المحكمة الاتحادية رغم إيماننا العميق واعتقادنا الراسخ بأن العملية الانتخابية شابها الكثير من التزوير والتلاعب». وأضاف، أن «الطعون التي قدمناها إلى المحكمة الاتحادية كانت مُحكمة ومنطقية ومقبولة، ولو قدمت لأي محكمة دستورية في أي بلد يحترم الديمقراطية لكان كافياً لإلغاء نتائج الانتخابات، ومع كل هذا نؤكد التزامنا بقرار المحكمة الاتحادية التي تعرضت لضغوط خارجية وداخلية كبيرة جداً».
كذلك، كشف تصريح أدلى بها القيادي في حركة «عصائب أهل الحق»، ليث العذاري، عن التوجه ذاته الذي تسير به قوى الإطار، وهو القبول أخيراً بالنتائج. وقال العذاري لـ«الشرق الأوسط»، «نحترم قرارات المحكمة الاتحادية، وسنستمر بمجموعة من الخيارات القانونية والقضائية والشعبية المتاحة أمامنا». أضاف «سنواصل تقديم الطعون بنتائج الانتخابات أمام القضاء، وسنتمر بالتظاهر والاعتصام أيضاً، لكن ذلك لا يمنع من مسار سياسي نقوم به مع بقية الكتل السياسية».
من جانبه، يرى المحلل السياسي رمضان البدران، أن قوى الإطار ستقبل بالأمر الواقع، لكنه لم يستبعد في تصريح لـ«الشرق الأوسط» قيامها بـ«اعتراض إعلامي يصاحبه بعض المظاهر، لكن لا توجد مؤشرات أو مؤهلات لتصعيد أكثر من ذلك». ويعتقد البدران، أن «وجهات النظر داخل قوى الإطار سوف تتفرق بقدر اختلاف طبيعة التشكيل والرؤية السياسية التي تنطلق منها تلك القوى». ويرى، أن «وقوف هادي العامري أمام المحكمة الاتحادية ليطرح قضيته واستمرار استماع المحكمة هو بحد ذاته تطور مهم وخطوة صحيحة تحسب له».
ويضيف البدران، أن «انتقال الخلافات والتزاحمات السياسية وتحولها إلى داخل المؤسسة الدستورية القضائية والتشريعية هو نقله مهمة نحو استعادة الدولة عافيتها».



انتهاكات حوثية تستهدف قطاع التعليم ومنتسبيه

إجبار طلبة المدارس على المشاركة في فعاليات حوثية طائفية (إعلام حوثي)
إجبار طلبة المدارس على المشاركة في فعاليات حوثية طائفية (إعلام حوثي)
TT

انتهاكات حوثية تستهدف قطاع التعليم ومنتسبيه

إجبار طلبة المدارس على المشاركة في فعاليات حوثية طائفية (إعلام حوثي)
إجبار طلبة المدارس على المشاركة في فعاليات حوثية طائفية (إعلام حوثي)

ارتكبت جماعة الحوثيين في اليمن موجةً من الانتهاكات بحق قطاع التعليم ومنتسبيه شملت إطلاق حملات تجنيد إجبارية وإرغام المدارس على تخصيص أوقات لإحياء فعاليات تعبوية، وتنفيذ زيارات لمقابر القتلى، إلى جانب الاستيلاء على أموال صندوق دعم المعلمين.

وبالتوازي مع احتفال الجماعة بما تسميه الذكرى السنوية لقتلاها، أقرَّت قيادات حوثية تتحكم في العملية التعليمية بدء تنفيذ برنامج لإخضاع مئات الطلبة والعاملين التربويين في مدارس صنعاء ومدن أخرى للتعبئة الفكرية والعسكرية، بحسب ما ذكرته مصادر يمنية تربوية لـ«الشرق الأوسط».

طلبة خلال طابور الصباح في مدرسة بصنعاء (إ.ب.أ)

ومن بين الانتهاكات، إلزام المدارس في صنعاء وريفها ومدن أخرى بإحياء ما لا يقل عن 3 فعاليات تعبوية خلال الأسبوعين المقبلين، ضمن احتفالاتها الحالية بما يسمى «أسبوع الشهيد»، وهي مناسبة عادةً ما يحوّلها الحوثيون كل عام موسماً جبائياً لابتزاز وقمع اليمنيين ونهب أموالهم.

وطالبت جماعة الحوثيين المدارس المستهدفة بإلغاء الإذاعة الصباحية والحصة الدراسية الأولى وإقامة أنشطة وفقرات تحتفي بالمناسبة ذاتها.

وللأسبوع الثاني على التوالي استمرت الجماعة في تحشيد الكوادر التعليمية وطلبة المدارس لزيارة مقابر قتلاها، وإرغام الموظفين وطلبة الجامعات والمعاهد وسكان الأحياء على تنفيذ زيارات مماثلة إلى قبر رئيس مجلس حكمها السابق صالح الصماد بميدان السبعين بصنعاء.

وأفادت المصادر التربوية لـ«الشرق الأوسط»، بوجود ضغوط حوثية مُورِست منذ أسابيع بحق مديري المدارس لإرغامهم على تنظيم زيارات جماعية إلى مقابر القتلى.

وليست هذه المرة الأولى التي تحشد فيها الجماعة بالقوة المعلمين وطلبة المدارس وبقية الفئات لتنفيذ زيارات إلى مقابر قتلاها، فقد سبق أن نفَّذت خلال الأعياد الدينية ومناسباتها الطائفية عمليات تحشيد كبيرة إلى مقابر القتلى من قادتها ومسلحيها.

حلول جذرية

دعا المركز الأميركي للعدالة، وهو منظمة حقوقية يمنية، إلى سرعة إيجاد حلول جذرية لمعاناة المعلمين بمناطق سيطرة جماعة الحوثي، وذلك بالتزامن مع دعوات للإضراب.

وأبدى المركز، في بيان حديث، قلقه إزاء التدهور المستمر في أوضاع المعلمين في هذه المناطق، نتيجة توقف صرف رواتبهم منذ سنوات. لافتاً إلى أن الجماعة أوقفت منذ عام 2016 رواتب موظفي الدولة، بمن في ذلك المعلمون.

طفل يمني يزور مقبرة لقتلى الحوثيين في صنعاء (إ.ب.أ)

واستحدث الحوثيون ما يسمى «صندوق دعم المعلم» بزعم تقديم حوافز للمعلمين، بينما تواصل الجماعة - بحسب البيان - جني مزيد من المليارات شهرياً من الرسوم المفروضة على الطلبة تصل إلى 4 آلاف ريال يمني (نحو 7 دولارات)، إلى جانب ما تحصده من عائدات الجمارك، دون أن ينعكس ذلك بشكل إيجابي على المعلم.

واتهم البيان الحقوقي الحوثيين بتجاهل مطالب المعلمين المشروعة، بينما يخصصون تباعاً مبالغ ضخمة للموالين وقادتهم البارزين، وفقاً لتقارير حقوقية وإعلامية.

وأكد المركز الحقوقي أن الإضراب الحالي للمعلمين ليس الأول من نوعه، حيث شهدت العاصمة اليمنية المختطفة صنعاء إضرابات سابقة عدة قوبلت بحملات قمع واتهامات بالخيانة من قِبل الجماعة.

من جهته، أكد نادي المعلمين اليمنيين أن الأموال التي تجبيها جماعة الحوثي من المواطنين والمؤسسات الخدمية باسم صندوق دعم المعلم، لا يستفيد منها المعلمون المنقطعة رواتبهم منذ نحو 8 سنوات.

وطالب النادي خلال بيان له، الجهات المحلية بعدم دفع أي مبالغ تحت مسمى دعم صندوق المعلم؛ كون المستفيد الوحيد منها هم أتباع الجماعة الحوثية.