المتحوّرة «أوميكرون» تنشر الفوضى في السفر الجوي وتثير القلق في العالم

أشخاص يقفون خارج مطعم في لندن (أ.ب)
أشخاص يقفون خارج مطعم في لندن (أ.ب)
TT

المتحوّرة «أوميكرون» تنشر الفوضى في السفر الجوي وتثير القلق في العالم

أشخاص يقفون خارج مطعم في لندن (أ.ب)
أشخاص يقفون خارج مطعم في لندن (أ.ب)

تواصل المتحورة «أوميكرون» من فيروس كورونا إحداث فوضى في الأجواء مع إلغاء آلاف الرحلات الجوية منذ عطلة الميلاد نهاية الأسبوع، في حين يُتوقع أن يدفع تقدمها السريع فرنسا إلى فرض قيود صحية جديدة في مواجهة «كوفيد»، اليوم (الاثنين).
وتسجل منطقة أوروبا أكبر عدد من الإصابات بـ«كوفيد» في العالم مع 2.901.073 حالة في الأيام السبعة الماضية (55 في المائة من الإجمالي العالمي)، بالإضافة إلى أكبر عدد من الوفيات التي بلغت 24287 وفاة الأسبوع الماضي (53 في المائة من المجموع العالمي)، تليها منطقة الولايات المتحدة الأميركية وكندا مع 10269 وفاة أو 22 في المائة، بحسب ما نقلته وكالة الصحافة الفرنسية.
يُنتظر أن يشارك الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون من طريق الفيديو في اجتماع مجلس الدفاع الصحي قبل ساعة من اجتماع مجلس الوزراء الذي يجب أن يتبنى مشروع قانون إنشاء شهادة تلقيح لتحل محل الشهادة الصحية.
السبت، وللمرة الأولى منذ بداية الوباء، تجاوزت الإصابات في فرنسا عتبة 100 ألف إصابة يومية جديدة.
وفي الولايات المتحدة، حيث سُجل ما يقرب من 190 ألف إصابة جديدة يومياً خلال الأيام السبعة الماضية، وفقاً لأرقام جامعة جونز هوبكنز، دقّت السلطات الصحية في نيويورك ناقوس الخطر بشأن «زيادة عدد المرضى الأطفال في المستشفيات المتصلة بـ(كوفيد – 19)».
وأضافت، أن «أكبر زيادة تتعلق بمدينة نيويورك، حيث تضاعف أربع مرات عدد من أدخلوا إلى المستشفى» بين أسبوع الخامس من ديسمبر (كانون الأول) وأسبوع التاسع عشر منه. ونصف حالات الإدخال إلى المستشفى هي لأطفال دون الخامسة لم يبلغوا بعد سن التلقيح.
وأعلنت الأميركية ميكايلا شيفرين، بطلة كأس العالم للتزلج على جبال الألب للسيدات، الاثنين، على شبكات التواصل الاجتماعي، أن إصابتها بـ«كوفيد» ثبتت، ما يعني تغيبها عن سباقات «لينز» في النمسا يومي الثلاثاء والأربعاء.
كما أعلن كايتانو فيلوسو، أسطورة الموسيقى البرازيلية البالغ 79 عاماً، على مواقع التواصل الاجتماعي إصابته بـ«كوفيد»، موضحاً أنه «بخير» بفضل التلقيح.
إضافة إلى 8300 رحلة جوية دولية أو محلية تم إلغاؤها نهاية الأسبوع الماضي، سَجلت عشرات الآلاف من الرحلات تأخيرات بين الجمعة والأحد؛ مما أثار استياء أولئك الذين أرادوا استئناف السفر لقضاء العطلات هذا العام، بعد أن أعاق «كوفيد» إجازات الميلاد ورأس السنة عام 2020.
استمرت الاضطرابات الاثنين مع إلغاء أكثر من 2100 رحلة، أما بالنسبة للثلاثاء، فقد أعلن إلغاء أكثر من 700 رحلة حتى تاريخه، وفقاً لموقع «فلايت أوير».
كما كان للطقس دور في الاضطرابات في الولايات المتحدة: ففي الغرب أُعلن عن عواصف ثلجية وانخفاضات حادة في درجات الحرارة ليزيد ذلك تعقيد الوضع الذي تعتريه الفوضى.
خلال عطلة نهاية الأسبوع الطويلة هذه، ألغت شركات الطيران الصينية، ولا سيما «تشاينا إيسترن» و«إير تشاينا»، وحدها أكثر من 2000 رحلة طيران، كثير منها يربط مدينة شيآن التي يبلغ عدد سكانها 13 مليون نسمة يخضعون للحجر الصحي.
ففي الصين التي تطبق «استراتيجية صفر كوفيد» منذ العام الماضي، حذرت مدينة شيآن الاثنين من أنها ستفرض إجراءات «أشد صرامة» لوضع حد لتفشي الوباء بعد اكتشاف مئات عدة من حالات «كوفيد» في المدينة الخاضعة للإغلاق.
وفرض على سكان المدينة البقاء في منازلهم منذ الخميس مع السماح بالخروج مرة واحدة فقط كل ثلاثة أيام للتزود بالمؤن. واعتباراً من الاثنين، يحق فقط لسائقي السيارات المشاركين في مكافحة الوباء الجلوس خلف عجلة القيادة.
في البحر أيضاً، أصاب «كوفيد» ركاباً في إجازة. وذكرت صحيفة «واشنطن بوست»، أنه تم رفض طلبات سفن عدة التوقف في العديد من موانئ البحر الكاريبي.
وقالت للصحيفة أشلي بيترسون، وهي راكبة تبلغ 34 عاماً، على متن سفينة «كرنفال فريدوم» التي لم يُسمح لها بالرسو في جزيرة بونير الهولندية «نبحر على متن طبق بتري»، في إشارة إلى طبق زراعة البكتيريا في المختبر.
وفي بيان لوكالة الصحافة الفرنسية، أكدت شركة «كارنفال كروزس»، أن «عدداً محدوداً من ركاب السفينة وضعوا في العزل بسبب اختبار لـ(كوفيد) نتيجته إيجابية».
وأفاد المركز الأميركي للسيطرة على الأمراض والوقاية منها، بأن السلطات الصحية الأميركية تفحص حالات أكثر من 60 سفينة سياحية بعد ظهور حالات «كوفيد» على متنها.
في إسرائيل، بدأ مستشفى الاثنين إعطاء جرعة رابعة من لقاح مضاد لـ«كوفيد» لمقدمي الرعاية في تجربة إكلينيكية من المتوقع أن تسبق حملة وطنية لإعطاء جرعة رابعة على نطاق واسع.
وتسببت جائحة «كوفيد - 19» في وفاة نحو 5.4 مليون شخص في جميع أنحاء العالم منذ أن أبلغ مكتب منظمة الصحة العالمية في الصين عن ظهور المرض في نهاية 2019 في الصين، وفقاً لتقرير أعدته وكالة الصحافة الفرنسية الاثنين استناداً إلى مصادر رسمية. وتقدر منظمة الصحة أن الحصيلة الحقيقية قد تكون أعلى بمرتين إلى ثلاث مرات.


مقالات ذات صلة

«الصحة العالمية»: انتشار أمراض الجهاز التنفسي في الصين وأماكن أخرى متوقع

آسيا أحد أفراد الطاقم الطبي يعتني بمريض مصاب بفيروس كورونا المستجد في قسم كوفيد-19 في مستشفى في بيرغامو في 3 أبريل 2020 (أ.ف.ب)

«الصحة العالمية»: انتشار أمراض الجهاز التنفسي في الصين وأماكن أخرى متوقع

قالت منظمة الصحة العالمية إن زيادة حالات الإصابة بأمراض الجهاز التنفسي الشائعة في الصين وأماكن أخرى متوقعة

«الشرق الأوسط» (لندن )
صحتك جائحة «كورونا» لن تكون الأخيرة (رويترز)

بعد «كوفيد»... هل العالم مستعد لجائحة أخرى؟

تساءلت صحيفة «غارديان» البريطانية عن جاهزية دول العالم للتصدي لجائحة جديدة بعد التعرض لجائحة «كوفيد» منذ سنوات.

«الشرق الأوسط» (لندن)
صحتك ما نعرفه عن «الميتانيوفيروس البشري» المنتشر في الصين

ما نعرفه عن «الميتانيوفيروس البشري» المنتشر في الصين

فيروس مدروس جيداً لا يثير تهديدات عالمية إلا إذا حدثت طفرات فيه

«الشرق الأوسط» (نيويورك)
صحتك فيروس رئوي قد يتسبب بجائحة عالمية play-circle 01:29

فيروس رئوي قد يتسبب بجائحة عالمية

فيروس تنفسي معروف ازداد انتشاراً

د. هاني رمزي عوض (القاهرة)
الولايات المتحدة​ أحد الأرانب البرية (أرشيفية- أ.ف.ب)

الولايات المتحدة تسجل ارتفاعاً في حالات «حُمَّى الأرانب» خلال العقد الماضي

ارتفعت أعداد حالات الإصابة بـ«حُمَّى الأرانب»، في الولايات المتحدة على مدار العقد الماضي.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)

2025... عام ملء الفراغات؟

الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب (أرشيفية - رويترز)
الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب (أرشيفية - رويترز)
TT

2025... عام ملء الفراغات؟

الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب (أرشيفية - رويترز)
الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب (أرشيفية - رويترز)

لا يوجد فراغ مسموح به في الطبيعة. فالطبيعة لا تغيّر طبيعتها، لأنها تكره الفراغ. في الفراغ لا حياة، لا صراع ولا تاريخ. فالتاريخ يتنقّل بين الفوضى والنظام. يُفرض النظام بالإكراه، فتوضع القوانين لتُفرض بالقوّة والإكراه أيضاً. هكذا كتب ألبير كامو، الفيلسوف الفرنسي في كتابه «الإنسان المتمرّد»، (The Rebel): «في النظام، كما في الفوضى، هناك شيء من العبوديّة». تستهدف الثورة النظام القائم، فتخلق الفوضى. لكنها مُلزمة بإعادة تكوين نظام جديد. وبين الفوضى والنظام، يدفع الإنسان العاديّ الأثمان.

يقول السياسيّ الراحل هنري كيسنجر ما معناه: إن الفراغ يجلب الحرب والهجوم. فهل سيكون عام 2025 عام ملء الفراغات، أو خلق بعضها؟

دخان يتصاعد من شمال قطاع غزة خلال قصف الجيش الإسرائيلي (أرشيفية - أ.ف.ب)

بعد عملية 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023، تغيّرت موازين القوى في المنطقة. سقطت «حماس». سقط «حزب الله». سقط النظام في سوريا... وبذلك انهارت وحدة الساحات، أو ما يُسمّى محور المقاومة. وبسبب ذلك، سقطت منظومات كانت قائمة. وتظهّرت الفراغات القاتلة. ها هي إسرائيل تدمّر قطاع غزّة، لتخلق فراغاً لا توجد فيه حركة «حماس»، ولتؤسّس لحالة معيّنة قد يُطلَق عليها «الاحتلال التغييريّ»، (Transformative). بكلام آخر، فُرض الاحتلال أمراً واقعاً خارج القانون الدوليّ، لكنه طويل، ومُكلف للمُحتلّ، الأمر الذي قد يخلق ثقافة جديدة، ومختلفة عما كانت قبلها، حتى ولو تطلّب الأمر جيلاً من الزمن.

دخلت إسرائيل لبنان خلال الحرب الأخيرة، فخلقت منطقة عازلة. وها هي اليوم تُحصّنها استباقاً للسيناريو السيّئ. خلقت إسرائيل هذا الفراغ على الحدود اللبنانيّة، كما في داخل قطاع غزّة بالقوّة العسكريّة المُفرطة. لكن البقاء في لبنان واحتلال المنطقة العازلة، هو أمر مختلف تماماً عن احتلال قطاع غزّة.

بعد سقوط النظام في سوريا، سارعت إسرائيل إلى احتلال مزيد من الأراضي السوريّة وتوسيع المنطقة العازلة. لكنه احتلال من دون استعمال للقوّة، حتى ولو دمّر الطيران الإسرائيليّ قدرات الجيش السوريّ المستقبليّ. إنه احتلال مؤقّت-طويل. لكن المفارقة هي إعلان إسرائيل أن الجولان لن يعود إلى سوريا، وهو احتلال كأمر واقع (De Facto). ولتحرير الجولان، لا بد من حرب أو تفاوض، وهذان أمران متعذّرَان حالياً لأسباب كثيرة. وعليه قد يمكن حالياً إعلان وفاة مقولة كسينجر: «لا حرب في الشرق الأوسط من دون مصر، ولا سلام من دون سوريا».

صورة نشرها الجيش الإسرائيلي وقال إنها لجولة رئيس الأركان هرتسي هاليفي الميدانية في جنوب لبنان (أرشيفية)

حال العالم

في أوكرانيا يستعين الرئيس بوتين في حربه بالتكنولوجيا الغربيّة لتصميم صواريخه، آخرها الصاروخ الفرط صوتيّ «أوريشنيك». كما يستعين بالمُسيّرات الإيرانيّة، والعسكر الكوري الشمالي لتحرير الأرض الروسية في كورسك. يريد بوتين الاحتلال التغييري للشرق الأوكرانيّ.

في منطقة نفوذ الصين، يسعى التنين إلى استرداد جزيرة تايوان على أنها جزء تاريخيّ من الصين الكبرى. فهي تحضّر البحريّة الصينيّة، كون الحرب، وفي حال حصولها، سيكون أغلبها في البحر. ورداً على ذلك، بدأ تشكُّل كثير من التحالفات ردّاً على السلوك الصينيّ.

وفي مكان آخر من العالم، يُحضّر الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب مأسسة الصراع مع التنين الصينيّ. فهو يريد استعادة السيطرة على قناة بنما، نظراً إلى أهمية هذه القناة على الأمن القومي الأميركيّ. فهي الشريان الحيويّ الذي يربط الشرق الأميركي بالغرب. وهي التي أوصى بها المفكّر الاستراتيجيّ الأميركي البحريّ ألفريد ماهان. وهي التي أشرفت على بنائها الولايات المتحدة الأميركيّة، وذلك بعد انفصال بنما عن كولومبيا وبمساعدة البحريّة الأميركيّة آنذاك، خلال فترة حكم الرئيس الأميركي الراحل تيودور روزفلت. وبذلك، تكون القناة قد مرّت بثلاث مراحل هي: 1906 البناء مع الرئيس روزفلت، و1977 مع الرئيس جيمي كارتر الذي أعادها إلى بنما، واليوم مع الرئيس ترمب الذي يريد استردادها.

صور الرئيس الأسبق حافظ الأسد ممزقة للمرة الأولى في تاريخ سوريا (الشرق الأوسط)

يرى البعض أن تصريحات الرئيس ترمب مجرّد كلام عاديّ بسبب شخصيّته الفريدة. لكن الأكيد أن تصريحاته تنمّ عن عمق جيوسياسيّ بعيد المدى. فما معنى طرحه موضوع شراء جزيرة غرينلاند من الدنمارك؟ ما أهميّة هذه الجزيرة؟

إن ثقافة دبلوماسيّة الدولار (Dollar Diplomacy) في التاريخ الأميركي ليست جديدة. فهي قد اشترت لويزيانا من فرنسا عام 1803 بـ15 مليون دولار. كما اشترت من روسيا ولاية ألاسكا الحاليّة بـ7.2 مليون دولار.

شكّلت لويزيانا الربط بين الشرق والغرب الأميركيّ، كما سيطرت على أهمّ مرفأ أميركيّ يطلّ على خليج المكسيك. وبالحدّ الأدنى أخرجت دولة أوروبيّة من الأرض الأميركيّة. أما شراء ألاسكا، فقد أعطى أميركا إطلالة على مضيق بيرينغ الذي يطلّ بدوره على الأرض الروسيّة.

التحّولات الجيوسياسيّة الحاليّ

مع صعود الصين، تبدّلت موازين القوى العالميّة عمَّا كانت عليه خلال الحرب الباردة. فللصين قدرات كونيّة وفي كل الأبعاد، خصوصاً الاقتصاديّة والعسكريّة، وهذه أبعاد افتقر إليها الاتحاد السوفياتيّ. تسعى الصين إلى التموضع في القارة الأميركيّة. يُضاف إلى هذا التحوّل، الكارثة البيئيّة والاحتباس الحراري، الأمر الذي قد يفتح طرقاً بحريّة جديدة، حول الشمال الأميركيّ. خصوصاً أن ذوبان المحيط المتجّمد الشمالي سوف يُغيّر جغرافيّة الصراع الجيوسياسيّ بالكامل. ونتيجة لذلك، ستصبح الولايات المتحدة الأميركيّة تطلّ على ثلاثة محيطات بعد أن كانت تطلّ على محيطين.

وحدة مدفعية أوكرانية في منطقة زابوريجيا تطلق النار باتجاه القوات الروسية على خط المواجهة (أرشيفية - رويترز)

تتميّز غرينلاند بمساحتها الكبيرة، نحو مليوني كيلومتر مربع، مع عديد لا يتجاوز 56 ألف نسمة، وثروات مهمّة قد تجعل أميركا تستغني عن استيراد كثير من الثروات الطبيعيّة من الصين. خلال الحرب الباردة حاول الرئيس هاري ترومان شراء الجزيرة، وهي لا تزال تضمّ قاعدة عسكريّة جويّة أميركيّة.

في الختام، إذا استطاع الرئيس ترمب استعادة السيطرة على قناة بنما، وسيطر بشكل ما على غرينلاند، سيتكوّن مثلثّ جيوسياسيّ دفاعيّ حول الولايات المتحدة الأميركيّة يرتكز على: غرينلاند، وألاسكا، وقناة بنما. كل ذلك، بانتظار الرئيس ترمب في البيت الأبيض، وكيف سيتعامل مع العالم خصوصاً الصين. فهل سيكون انعزاليّاً أم انخراطيّاً أم مزيجاً من المقاربتين؟