الرئاسة الفلسطينية: اعتداءات المستوطنين «لعب بالنار» لن نسمح باستمراره

بعد عشرات الإصابات في الضفة الغربية

مواجهات بين فلسطينيين ومستوطنين عادوا إلى نقطة استيطانية قرب برقة في الضفة  (أ.ف.ب)
مواجهات بين فلسطينيين ومستوطنين عادوا إلى نقطة استيطانية قرب برقة في الضفة (أ.ف.ب)
TT

الرئاسة الفلسطينية: اعتداءات المستوطنين «لعب بالنار» لن نسمح باستمراره

مواجهات بين فلسطينيين ومستوطنين عادوا إلى نقطة استيطانية قرب برقة في الضفة  (أ.ف.ب)
مواجهات بين فلسطينيين ومستوطنين عادوا إلى نقطة استيطانية قرب برقة في الضفة (أ.ف.ب)

قالت الرئاسة الفلسطينية، إنها لن تسمح باستمرار اعتداءات الاحتلال ومستوطنيه على الفلسطينيين في الضفة الغربية، محذرة من أن ما يجري يمثل لعبا بالنار واستهانة بقدرات وعزيمة الفلسطينيين الذين من حقهم استخدام كافة الوسائل للدفاع عن حقوقهم.
وأدان الناطق باسم الرئاسة الفلسطينية، نبيل أبو ردينة، الأحد، استمرار اعتداءات المستوطنين الإرهابية، كان آخرها الاعتداءات على قرى: برقة، وسبسطية، وبزاريا، والتي أسفرت عن إصابة أكثر من 250 مواطنا، وتخريب الممتلكات وقطع الطرق.
واعتبر أن الوضع الحالي جراء سياسات إسرائيل في الأراضي الفلسطينية، بمثابة «لعب بالنار»، وهو «غير مقبول»، ولا يُحتمل، ولن يسمح باستمراره، ولا يجوز بأي حال من الأحوال امتحان عزيمة القيادة الفلسطينية وإرادتها السياسية.
وأكد أبو ردينة، أن جلسة المجلس المركزي القادمة، ستضع المنطقة «أمام أبواب مرحلة جديدة»، إذا أصرت الحكومة الإسرائيلية على الاستمرار بسياساتها العدوانية ضد الشعب الفلسطيني، وبقي المجتمع الدولي صامتا إزاء هذه الجرائم المتكررة، وأن خطاب الرئيس في الأمم المتحدة ورسائله إلى قيادات العالم واضحة ومصيرية. وحث الناطق الرئاسي، المجتمع الدولي والولايات المتحدة الأميركية، على ضبط علاقاتها مع الشعب الفلسطيني وفق تعهداتها وحسب القانون الدولي.
وكان مستوطنون شنوا هجمات واسعة في وقت متأخر، السبت، امتدت لساعات وطالت قرى قريبة من نابلس، وسجلت أعنف المواجهات في قرية برقة شمال نابلس. وقال مدير مركز الإسعاف والطوارئ في الهلال الأحمر بنابلس، أحمد جبريل، إن طواقم الإسعاف تعاملت مع 10 إصابات بالرصاص الحي خلال المواجهات في برقة، وجرى نقل عدد منها لمستشفى رفيديا في مدينة نابلس، و48 إصابة بالرصاص المعدني المغلف بالمطاط، إضافة إلى 185 حالة اختناق بالغاز المسيل للدموع، بينها امرأة في حالة ولادة جرى نقلها لمستشفى رفيديا بمدينة نابلس، وأربع حالات سقوط.
كما سجلت مواجهات عنيفة في بلدة سبسطية القريبة، وقال رئيس بلديتها محمد عازم، إن مستوطنين هاجموا المنازل القريبة من مدخل البلدة بالحجارة وأطلقوا الرصاص الحي، صوب الأهالي الذين خرجوا للتصدي لهم. وأكد أن العشرات أصيبوا عقب اندلاع مواجهات مع قوات الاحتلال على مدخل البلدة عقب التصدي لهجوم المستوطنين.
وبعد الهجوم طالب عضو اللجنة المركزية لحركة «فتح»، رئيس الهيئة العامة للشؤون المدنية الوزير، حسين الشيخ، في تغريدة على «تويتر»، المجتمع الدولي، بالحماية الفورية للشعب الفلسطيني، الذي يتعرض للقتل وحرق منازله وحقوله من عصابات عنصرية منظمة.
كما طالبت الخارجية الفلسطينية بتوفير الحماية للفلسطينيين. وقالت في بيان، إنه بعد أحداث برقة «أصبح توفير الحماية لشعبنا واجبا واستحقاقا دوليا قبل فوات الأوان». وأكدت، أن ما تتعرض له بلدات وقرى شمال غربي نابلس من اعتداءات يومية، يمثل واقع الحال في عموم الضفة الغربية المحتلة من شمالها إلى جنوبها بما فيها القدس الشرقية المحتلة، كسياسة إسرائيلية ممنهجة تستهدف محاربة الوجود الفلسطيني في جميع المناطق المصنفة (ج) ومحاولة السيطرة عليها وتخصيصها لصالح التمدد الاستيطاني.
وحملت الخارجية، الحكومة الإسرائيلية برئاسة نفتالي بنيت، المسؤولية الكاملة عن هذه الانتهاكات وتداعياتها على ساحة الصراع، وحذرت من مخاطرها المباشرة في جر ساحة الصراع وإغراقها في دوامة عنف يصعب السيطرة عليها والخروج منها.
وأدانت الخارجية المشهد الدموي العنيف الذي ارتكبته قوات الاحتلال وميليشيات المستوطنين وعناصرها الإرهابية المسلحة ضد الفلسطينيين المدنيين العُزل الآمنين في بلداتهم وقراهم في المنطقة الواقعة بين جنين ونابلس وطولكرم شمال الضفة الغربية، خاصة ضد المواطنين في بلدات برقة، سبسطية، بزاريا، سيلة الظهر، ودير شرف، «حيث سيطرت قوات الاحتلال على جميع الطرق الرئيسية في المنطقة ومغاربها، وحاصرت البلدات والقرى الفلسطينية بآلاف الجنود المدججين بالسلاح، وأغلقت مداخلها بالسواتر الترابية والمكعبات الإسمنتية وحولتها إلى سجون حقيقية».



نزيف بشري للجماعة الحوثية رغم توقف المعارك

مقبرة أنشأتها الجماعة الحوثية لقتلاها في صنعاء (أ.ف.ب)
مقبرة أنشأتها الجماعة الحوثية لقتلاها في صنعاء (أ.ف.ب)
TT

نزيف بشري للجماعة الحوثية رغم توقف المعارك

مقبرة أنشأتها الجماعة الحوثية لقتلاها في صنعاء (أ.ف.ب)
مقبرة أنشأتها الجماعة الحوثية لقتلاها في صنعاء (أ.ف.ب)

شيّعت الجماعة الحوثية خلال الأسبوع الماضي أكثر من 15 قتيلاً من قيادييها العسكريين والأمنيين من دون إعلان ملابسات سقوطهم. ورغم توقف المعارك العسكرية مع القوات الحكومية اليمنية في مختلف الجبهات؛ فإن النزيف البشري المستمر لقياداتها وعناصرها يثير التساؤلات عن أسبابه، بالتزامن مع مقتل العديد من القادة في خلافات شخصية واعتداءات على السكان.

ولقي قيادي بارز في صفوف الجماعة مصرعه، الأحد، في محافظة الجوف شمال شرقي العاصمة صنعاء في كمين نصبه مسلحون محليون انتقاماً لمقتل أحد أقاربهم، وذلك بعد أيام من مقتل قيادي آخر في صنعاء الخاضعة لسيطرة الجماعة، في خلاف قضائي.

وذكرت مصادر قبلية في محافظة الجوف أن القيادي الحوثي البارز المُكنى أبو كمال الجبلي لقي مصرعه على يد أحد المسلحين القبليين، ثأراً لمقتل أحد أقاربه الذي قُتل في عملية مداهمة على أحد أحياء قبيلة آل نوف، التي ينتمي إليها المسلح، نفذها القيادي الحوثي منذ أشهر، بغرض إجبار الأهالي على دفع إتاوات.

من فعالية تشييع أحد قتلى الجماعة الحوثية في محافظة حجة دون الإعلان عن سبب مقتله (إعلام حوثي)

ويتهم سكان الجوف القيادي القتيل بممارسات خطيرة نتج عنها مقتل عدد من أهالي المحافظة والمسافرين وسائقي الشاحنات في طرقاتها الصحراوية واختطاف وتعذيب العديد منهم، حيث يتهمونه بأنه كان «يقود مسلحين تابعين للجماعة لمزاولة أعمال فرض الجبايات على المركبات المقبلة من المحافظات التي تسيطر عليها الحكومة، وتضمنت ممارساته الاختطاف والتعذيب والابتزاز وطلب الفدية من أقارب المختطفين أو جهات أعمالهم».

وتقول المصادر إن الجبلي كان يعدّ مطلوباً من القوات الحكومية اليمنية نتيجة ممارساته، في حين كانت عدة قبائل تتوعد بالانتقام منه لما تسبب فيه من تضييق عليها.

وشهدت محافظة الجوف مطلع هذا الشهر اغتيال قيادي في الجماعة، يُكنى أبو علي، مع أحد مرافقيه، في سوق شعبي بعد هجوم مسلحين قبليين عليه، انتقاماً لأحد أقاربهم الذي قُتِل قبل ذلك في حادثة يُتهم أبو علي بالوقوف خلفها.

في الآونة الأخيرة تتجنب الجماعة الحوثية نشر صور فعاليات تشييع قتلاها في العاصمة صنعاء (إعلام حوثي)

وتلفت مصادر محلية في المحافظة إلى أن المسلحين الذين اغتالوا أبو علي يوالون الجماعة الحوثية التي لم تتخذ إجراءات بحقهم، مرجحة أن تكون عملية الاغتيال جزءاً من أعمال تصفية الحسابات داخلياً.

قتل داخل السجن

وفي العاصمة صنعاء التي تسيطر عليها الجماعة الحوثية منذ أكثر من 10 سنوات، كشفت مصادر محلية مطلعة عن مقتل القيادي الحوثي البارز عبد الله الحسني، داخل أحد السجون التابعة للجماعة على يد أحد السكان المسلحين الذي اقتحم السجن الذي يديره الحسني بعد خلاف معه.

وتشير المصادر إلى أن الحسني استغل نفوذه للإفراج عن سجين كان محتجزاً على ذمة خلاف ينظره قضاة حوثيون، مع المتهم بقتل الحسني بعد مشادة بينهما إثر الإفراج عن السجين.

وكان الحسني يشغل منصب مساعد قائد ما يسمى بـ«الأمن المركزي» التابع للجماعة الحوثية التي ألقت القبض على قاتله، ويرجح أن تجري معاقبته قريباً.

وأعلنت الجماعة، السبت الماضي، تشييع سبعة من قياداتها دفعة واحدة، إلى جانب ثمانية آخرين جرى تشييعهم في أيام متفرقة خلال أسبوع، وقالت إنهم جميعاً قتلوا خلال اشتباكات مسلحة مع القوات الحكومية، دون الإشارة إلى أماكن مقتلهم، وتجنبت نشر صور لفعاليات التشييع الجماعية.

جانب من سور أكبر المستشفيات في العاصمة صنعاء وقد حولته الجماعة الحوثية معرضاً لصور قتلاها (الشرق الأوسط)

ويزيد عدد القادة الذين أعلنت الجماعة الحوثية عن تشييعهم خلال الشهر الجاري عن 25 قيادياً، في الوقت الذي تشهد مختلف جبهات المواجهة بينها وبين القوات الحكومية هدوءاً مستمراً منذ أكثر من عامين ونصف.

ورعت الأمم المتحدة هدنة بين الطرفين في أبريل (نيسان) من العام قبل الماضي، ورغم أنها انتهت بعد ستة أشهر بسبب رفض الجماعة الحوثية تمديدها؛ فإن الهدوء استمر في مختلف مناطق التماس طوال الأشهر الماضية، سوى بعض الاشتباكات المحدودة على فترات متقطعة دون حدوث أي تقدم لطرف على حساب الآخر.

قتلى بلا حرب

وأقدمت الجماعة الحوثية، أخيراً، على تحويل جدران سور مستشفى الثورة العام بصنعاء، وهو أكبر مستشفيات البلاد، إلى معرض لصور قتلاها في الحرب، ومنعت المرور من جوار السور للحفاظ على الصور من الطمس، في إجراء أثار حفيظة وتذمر السكان.

وتسبب المعرض في التضييق على مرور المشاة والسيارات، وحدوث زحام غير معتاد بجوار المستشفى، ويشكو المرضى من صعوبة وصولهم إلى المستشفى منذ افتتاح المعرض.

ويتوقع مراقبون لأحوال الجماعة الحوثية أن يكون هذا العدد الكبير من القيادات التي يجري تشييعها راجعاً إلى عدة عوامل، منها مقتل عدد منهم في أعمال الجباية وفرض النفوذ داخل مناطق سيطرة الجماعة، حيث يضطر العديد من السكان إلى مواجهة تلك الأعمال بالسلاح، ولا يكاد يمرّ أسبوع دون حدوث مثل هذه المواجهات.

ترجيحات سقوط عدد كبير من القادة الحوثيين بغارات الطيران الأميركي والبريطاني (رويترز)

ويرجح أن يكون عدد من هؤلاء القادة سقطوا بقصف الطيران الحربي للولايات المتحدة الأميركية وبريطانيا اللتين شكلتا منذ قرابة عام تحالفاً عسكرياً للرد على استهداف الجماعة الحوثية للسفن التجارية وطرق الملاحة في البحر الأحمر، وتنفذان منذ ذلك الحين غارات جوية متقطعة على مواقع الجماعة.

كما تذهب بعض الترجيحات إلى تصاعد أعمال تصفية الحسابات ضمن صراع وتنافس الأجنحة الحوثية على النفوذ والثروات المنهوبة والفساد، خصوصاً مع توقف المعارك العسكرية، ما يغري عدداً كبيراً من القيادات العسكرية الميدانية بالالتفات إلى ممارسات نظيرتها داخل مناطق السيطرة والمكاسب الشخصية التي تحققها من خلال سيطرتها على أجهزة ومؤسسات الدولة.

وبدأت الجماعة الحوثية خلال الأسابيع الماضية إجراءات دمج وتقليص عدد من مؤسسات وأجهزة الدولة الخاضعة لسيطرتها، في مساعِ لمزيد من النفوذ والسيطرة عليها، والتخفيف من التزاماتها تجاه السكان بحسب المراقبين.