في وقت تحرك فيه القطاع الصحي السعودي بالخصخصة مع إعلان الأمر الملكي بتحول مستشفى الملك فيصل التخصصي لمؤسسة مستقلة غير هادفة للربح، قال خبراء في التمويل والتأمين إن حراك الخصخصة الصحية يفتح فرصة لتوسيع سوق التأمين المحلية ودخول الشركات العالمية، للعمل على دفع كفاءة القطاع وأنشطته وتعزيز الجودة والأمان والرقابة، لا سيما مع الحاجة إلى أنشطة تأمينية وتمويلية جديدة.
وقال عضو مجلس الشورى السعودي، فضل بن سعد البوعينين، لـ«الشرق الأوسط»، إن عمليات إصلاح سوق التأمين كإعطاء حق إعادة التأمين للشركات دون الرجوع للبنك المركزي (ساما) سيسهل من عمليات التشغيل ويجعلهم أكثر حرصاً على تحقيق الجودة المعززة للأمان، مضيفاً أن المراقبة اللصيقة أمر غاية في الأهمية، إذ إن منح الحق في اتخاذ قرار إعادة التمويل يجب أن يرتبط برقابة شاملة للحد من المخاطر.
وشدد على أن دور البنك المركزي السعودي، مهم في الرقابة على القطاع وخلق التشريعات ومعالجة التحديات، ومنها تحدي إعادة التأمين الذي يخضع لرقابة مشددة بهدف خفض المخاطر، لا سيما أن برنامج الخصخصة وبخاصة خصخصة القطاع الصحي يحتاج لشركات تأمين عالمية كبرى.
ولفت البوعينين إلى أن وجود الشركات العالمية، سينعكس إيجاباً على السوق السعودية عموماً، وعلى نوعية المنتجات المقدمة، وعلى الكفاءة التأمينية والاستثمارية في آن، كما أنه سيرفع من تنافسية السوق وبما ينعكس إيجاباً على تحسين أداء الشركات القائمة تحت ضغط المنافسة.
وأضاف البوعينين: «رغم النمو الذي يشهده قطاع التأمين، فإن فرص النمو المستقبلية ستكون أكبر من حيث الحجم وتنوع المنتجات التأمينية، وهذا يعزز من كفاءة القطاع وجاذبيته للشركات الأجنبية التي ترى في السوق السعودية فرصة كبيرة لا تتوفر في أسواق المنطقة»، مبيناً أن سوق التأمين تشهد نمواً متسارعاً كنتيجة مباشرة لنمو الاقتصاد والتنوع الذي يشهده، إضافة إلى ارتفاع الطلب على الخدمات التأمينية؛ وبخاصة التأمين الصحي والمركبات والمخاطر الأخرى.
ويعتقد البوعينين أن السوق السعودية، باتت أكثر جاذبية للشركات العالمية، خصوصاً أن حجم التأمين المطلوب يفوق قدرة الشركات الحالية، ما يعني وجود الفرص النوعية للشركات العالمية، مشيراً إلى الدور الكبير لجهود الحكومة التحفيزية لجذب الشركات العالمية، ما يمكن شركات التأمين العالمية ويكون أكثر دعماً وتعزيزاً لوجودها قريباً.
وأوضح أن النمو الكبير في قطاع التأمين، وضخامة الدور المأمول منه؛ يحتاج إلى إنشاء هيئة مختصة لقطاع التأمين، مبيناً أن البنك المركزي السعودي قام بدوره في تأسيس القطاع ومتابعته ورقابته وسن تشريعاته، إلا أن المرحلة المقبلة في حاجة لوجود هيئة مستقلة للتأمين، بحيث يتم تحقيق هدفين رئيسيين؛ الأول تطوير القطاع وسوق التأمين بشكل أكبر من خلال هيئة متخصصة تعنى بالتشريع والرقابة والتطوير، والثاني تفريغ البنك المركزي لمهامه الرئيسية والتخفيف من أعبائه الحالية.
من ناحيته، قال عمرو سرطاوي، الرئيس التنفيذي لشركة «أيون» لحلول إعادة التأمين في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا وتركيا، لـ«الشرق الأوسط»، إن سوق التأمين السعودية تشهد تغيراً هيكلياً من خلال لوائح أكثر تركيزاً وإصلاحات تشغيلية، تتماشى مع توجهات رؤية السعودية 2030، مبيناً أن عملية الخصخصة التي تقودها الرؤية تهدف لتوفير فرص أكبر لقطاع التأمين العالمي، من حيث تحليل المخاطر والتخفيف من حدتها، وكذلك من خلال زيادة استخدام الشركات والمواطنين السعوديين والمقيمين لمجموعة واسعة من الأدوات المالية.
وتابع: «أعلنا في شركة أيون المدرجة في بورصة نيويورك وهي شركة عالمية في مجال الخدمات المهنية، عن بدء أعمال شركتنا في السعودية لوساطة إعادة التأمين، حيث بدأت عملياتها بعد حصولها على ترخيص وساطة إعادة التأمين من البنك المركزي السعودي (ساما)».
ووفق سرطاوي، نمت، وفقاً لتقرير صادر عن البنك المركزي السعودي (ساما)، أقساط التأمين السعودية بنسبة 2.3 في المائة في عام 2020، كما بلغ إجمالي الأقساط المكتتبة 38.78 مليار ريال (10.3 مليار دولار)، ما يعني أن حجم السوق كبير في المملكة، ما يدعو بالضرورة لوجود أنشطة الشركات العالمية المتخصصة في قطاع التأمين.
ولفت سرطاوي إلى أن إعادة التأمين نشاط أصيل يستهدف تقديم خبرة إعادة التأمين والحلول المبتكرة، مضيفاً: «في سوق التأمين المتنامية التي تولد حالياً ما يقرب من 10.3 مليار دولار من أقساط التأمين بالمملكة، لدينا وجود محلي وإمكانية وصول عالمية وإمكانات واسعة تضعنا في موقع يمكننا من تقديم مستوى عالمي من الخدمة».
وزاد سرطاوي: «مع الفرص الجديدة الناشئة في هذا القطاع الرئيسي، دخول شركتنا جاء في الوقت المناسب إلى سوق إعادة التأمين السعودية، حيث سننقل التجربة الاستراتيجية العالمية لحلول إعادة التأمين في المنطقة ونوفر الفرصة لتدريب المواطنين السعوديين الذي سيتخصصون في إعادة التأمين».
وتابع: «في عالم لا يمكن التنبؤ به ومتقلب، هناك تهديدات متنامية كتغير المناخ والأوبئة جنباً إلى جنب مع التحديات الناشئة، مثل أمن البيانات وتعطل سلسلة التوريد وصعود الأصول غير الملموسة واتساع فجوة الثروة الصحية... تعرض هذه الأشكال الجديدة من التقلب، المؤسسات، لمخاطر تؤثر في سمعتها والنهاية في ربحيتها».
ووفق سرطاوي، تحتاج الشركات والحكومات والمجتمعات إلى أن تصبح أكثر مرونة، مبيناً أنه يجب على المؤسسات معالجة التقلبات الناتجة عن التحديات الحالية مع تعزيز استراتيجيات النمو المستقبلي، التي يتم تحقيقها من خلال الإدارة المركزة للتعرض للمخاطر.
فرص الخصخصة تدفع لكفاءة سوق التأمين السعودية
خبراء لـ «الشرق الأوسط»: مؤشرات النمو وإصلاحات القطاع تدعو لإيجاد هيئة مستقلة
فرص الخصخصة تدفع لكفاءة سوق التأمين السعودية
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة