«بريطانيا كوفيد»... سلامة اللاعبين والمشجعين في المرتبة الثانية

هناك قناعة بأن النشاط الكروي يجب أن يستمر بأي ثمن... والفريق الذي يملك 13 لاعباً فقط سيلعب أو يواجه إجراءً تأديبياً

رابطة الدوري أوقفت النشاط  في مارس الماضي  بعد ظهور حالتي إصابة فقط بـ«كورونا» (غيتي)
رابطة الدوري أوقفت النشاط في مارس الماضي بعد ظهور حالتي إصابة فقط بـ«كورونا» (غيتي)
TT

«بريطانيا كوفيد»... سلامة اللاعبين والمشجعين في المرتبة الثانية

رابطة الدوري أوقفت النشاط  في مارس الماضي  بعد ظهور حالتي إصابة فقط بـ«كورونا» (غيتي)
رابطة الدوري أوقفت النشاط في مارس الماضي بعد ظهور حالتي إصابة فقط بـ«كورونا» (غيتي)

في مارس (آذار) 2020 تم إيقاف جميع أنشطة كرة القدم في إنجلترا واسكوتلندا، بعد اكتشاف حالتين فقط بالإصابة بفيروس «كورونا»: الأولى للمدير الفني لآرسنال ميكيل أرتيتا، والثانية للاعب تشيلسي كالوم هودسون أودوي. نعم، تطلب إصابة حالتين فقط لإيقاف المباريات! وبمرور الوقت، وكما هو الحال معنا جميعاً، واصلت كرة القدم أنشطتها، وبدأ مفهومنا عن المعاناة والخسارة يتغير وينتشر، ولم نعد ننظر إلى الأمور من منظور جماعي، ولكن من منظور فردي.
لقد ولت الأيام التي كنا نركز فيها جميعاً على معدلات الوفيات الإجمالية في البلاد ونشاهد التقارير الإخبارية الخطيرة من وحدات العناية المركزة. ولم تعد الأعداد الكبيرة للإصابات والوفيات تمثل أي شيء بالنسبة لنا.
لقد أصبح الموت عبارة عن ضوضاء، وأصبح المرض سياسة، وأصبحت الخطوط الموجودة على الرسوم والخطوط البيانية التي تبين أعداد الإصابات مجرد لعبة يومية. لم يختف فيروس «كورونا»، لكننا أصبحنا نتعامل مع الأمر بحالة من اللامبالاة.
وهكذا وصلنا إلى أواخر عام 2021 وأندية الدوري الإنجليزي الممتاز تتعرض لحالات جديدة من الإصابات وتفشي جديد للوباء، ومع ذلك تظل هناك قناعة بأن النشاط الكروي يجب أن يستمر بأي ثمن تقريباً. وأصبح من المتوقع أن يلعب أي فريق يضم 14 لاعباً لائقاً، بمن في ذلك حارس المرمى، وإلا فسيواجه إجراءً تأديبياً.
وتُترك التأجيلات حتى اللحظات الأخيرة، مع مراعاة الحد الأدنى من الاهتمام للجمهور الذي يدفع الأموال لحضور ومشاهدة المباريات. ولا تزال الملاعب ممتلئة إلى حد كبير بالجماهير. لقد قيل لنا إن سلامة اللاعبين والمشجعين أمر بالغ الأهمية وإن النزاهة الرياضية للمنافسة لم تصب بأي أذى، لكن اتضح أن كلاهما غير صحيح!
لقد كشف المدير الفني لتشيلسي، توماس توخيل، الأسبوع الماضي أن فريقه تلقى أوامر باللعب ضد وولفرهامبتون رغم وجود سبعة لاعبين في العزل، ورغم أن الفريق كان قد قطع للتو رحلة بالحافلة مدتها ثلاث ساعات في ظل وجود حالة إصابة إيجابية مؤكدة بين اللاعبين. كما لعب نوريتش سيتي ضد أستون فيلا يوم الثلاثاء الماضي رغم وجود لاعبين ظهرت عليهم أعراض الإصابة بالفيروس، وفقاً للمدير الفني لنوريتش سيتي دين سميث. وطالب المدير الفني لبرنتفورد، توماس فرانك، بإيقاف المباريات بشكل مؤقت من أجل السماح للأندية بالتقاط أنفاسها لكن طلبه قوبل بالرفض.
يوم الاثنين الماضي، اجتمع مسؤولو الأندية الـ20 للدوري الإنجليزي الممتاز لمناقشة نهجها تجاه الأزمة الأخيرة. ربما لم يكن من المستغرب أن تكون الرسالة التي خرج بها الاجتماع «تجارية» كالمعتاد! ويجب أن تكون مواعيد إقامة المباريات شيئاً مقدساً، حتى لو كان ذلك يعني أنه بنهاية فترة الاحتفال بأعياد الميلاد ستكون بعض الأندية متأخرة بأربع أو خمس مباريات عن بعض منافسيها!
ولان المدربين واللاعبين لم يشاركوا برأيهم عادت الرابطة لتدعو لاجتماع آخر يوم الخميس، لكن النتائج كما وصفها الإيطالي أنطونيو كونتي مدرب توتنهام جاءت مضيعة للوقت، ومؤكداً: «بصراحة حاولنا التحدث خلال الاجتماع. حاول بعض المدربين التحدث من أجل البحث عن حل لكني أعتقد أن كل شيء كان محدداً سلفاً. كان هناك جدار (أمامنا) ولهذا السبب فإنني لن أدخل في المناقشة».
وأضاف المدرب الإيطالي: «نعم أعتقد أن الاجتماع (كان مضيعة للوقت)... فعندما تجد جداراً أمامك وتستطيع الكلام وطلب ما تشاء لكن جميع القرارات اتخذت قبل ذلك».
وعانى توتنهام من تفشي العدوى بـ«كورونا» في صفوفه ولهذا السبب تأجلت له ثلاث مباريات له في جميع المنافسات.
وبالنسبة للأندية، الممزقة بين واجب الحفاظ على لاعبيها وموظفيها وبين العائدات المالية التي تجعلها ترغب في المضي قدماً بغض النظر عن أي شيء، فإن ظهور متحور أوميكرون والموجة الأخيرة من الحالات الإيجابية قد وضع تلك الأندية في موقف سيئ للغاية، خصوصاً أنها تضع في حساباتها المتاهة المذهلة للمصالح والمخاوف التي يتعين عليهم التفكير فيها. فمتى يتم اختبار اللاعبين للكشف عن الإصابات بفيروس «كورونا»، وكم مرة يحدث ذلك؟ وكيف يتم ترتيب التدريبات وإجراءات السفر لتقليل مخاطر الاتصال؟ ومتى يتم إعادة دمج اللاعبين المتعافين في الفريق؟ وكيف يتم التعامل مع اللاعبين الذين لا يرغبون في التطعيم أو يترددون في ذلك؟ وكيف تحافظ الأندية على أمان مرافقها وملاعبها وسط القواعد واللوائح المتغيرة باستمرار؟
ومن المعروف دائماً أن المخاطر تكون أكبر عندما يحدث تفشي للمرض. فكم عدد اللاعبين الذين يحتاجون إلى عزل؟ ومع من كانوا؟ ومن من اللاعبين لا يزال متاحاً؟ وهل هم لائقون للمشاركة في المباريات؟ وهل هم على ما يرام؟ وهل أي من اللاعبين المتاحين قادر على اللعب بقدمه اليسرى؟ وهل يتطلب الأمر أن يتم التقدم بطلب لتأجيل المباراة الآن، مع العلم بأنه من المحتمل أن يتم رفض الطلب، أو الاعتماد على موجة جديدة من الاختبارات الإيجابية في الصباح، وهو الوقت الذي سيكون فيه عدد لا بأس به من المشجعين في سياراتهم بالفعل متجهين إلى الملعب لمشاهدة المباراة؟
هذه قرارات صعبة ومهمة للغاية، بل وقرارات سخيفة في كثير من الحالات، لكنها رغم ذلك تظل بشكل عام في اختصاص الأندية نفسها بدلاً من الهيئات الحاكمة أو الحكومة الفعلية. يمكننا أن نختلف حول مدى اتباع الأندية والدوري الإنجليزي الممتاز للبروتوكولات، أو إلى أي مدى كانت مدفوعة بالمصالح الذاتية. لكن بالتأكيد يمكننا أن نتفق جميعاً على سخافة تفويض أندية كرة القدم لاتخاذ هذه القرارات - في كثير من الحالات، الأمور الملحة المتعلقة بالصحة العامة.
وإذا كان هناك شعور في بعض الأحيان بأن الدوري الإنجليزي الممتاز يعمل في فراغ، ويعلن على الملأ مراعاته لمخاوف الصحة العامة بينما في الحقيقة يبذل الحد الأدنى من الجهود لمعالجتها، فإنه لا يفعل ذلك إلا بإشارة من الحكومة المركزية، التي غاب عنها القيادة منذ زمن طويل. وحتى الآن، ومع تحول متحور أوميكرون إلى السلالة السائدة في بريطانيا، فقد رفضت إدارة بوريس جونسون فرض قيود على التجمعات العامة، ورفضت تقييد الامتيازات الممنوحة لغير الملقحين.
نحن نعلم لماذا يحدث هذا بالطبع، إذ لا تزال الحكومة تتأرجح من حجم تمرد حزب المحافظين الأسبوع الماضي، وبالتالي فإنها تحث الناس على توخي الحذر دون تحريك أي تشريع واحد في هذا الاتجاه. فما الذي ننتظره من كرة القدم؟ هل ننتظر أن توقف كرة القدم أنشطتها من جانب واحد؟ وهل تقيد هي بنفسها سعة الملاعب الخاصة بها؟ بالطبع لا يمكن أن يحدث ذلك. وبدلاً من ذلك، ينتهي بنا الأمر بتأجيل بعض المباريات والإعلان عن ذلك قبل موعد إقامتها بساعات قليلة، بينما تقام مباريات أخرى أمام حشود كبيرة. وفي نفس الوقت، تختلف معدلات التطعيم بين اللاعبين من نادٍ إلى آخر بشكل كبير، ولا أحد يعرف حقاً ما يجب فعله حيال ذلك. وبينما يصر الجميع على أن سلامة اللاعبين هي الأولوية القصوى، هناك إصرار على إقامة المباريات في الأوقات المحددة لها، بدون استثناءات. وفي النهاية، يمكننا القول إن هذه هي «بريطانيا الكوفيد» التي يكون فيها كل شيء مباحاً.



مصر: قرارات «ضبط أداء الإعلام الرياضي» تثير تبايناً «سوشيالياً»

أحد تدريبات منتخب مصر لكرة القدم (الصفحة الرسمية للاتحاد المصري لكرة القدم)
أحد تدريبات منتخب مصر لكرة القدم (الصفحة الرسمية للاتحاد المصري لكرة القدم)
TT

مصر: قرارات «ضبط أداء الإعلام الرياضي» تثير تبايناً «سوشيالياً»

أحد تدريبات منتخب مصر لكرة القدم (الصفحة الرسمية للاتحاد المصري لكرة القدم)
أحد تدريبات منتخب مصر لكرة القدم (الصفحة الرسمية للاتحاد المصري لكرة القدم)

أثارت قرارات المجلس الأعلى لتنظيم الإعلام في مصر لـ«ضبط أداء الإعلام الرياضي» تبايناً على «السوشيال ميديا»، الجمعة.

واعتمد «الأعلى لتنظيم الإعلام»، برئاسة خالد عبد العزيز، الخميس، توصيات «لجنة ضبط أداء الإعلام الرياضي»، التي تضمّنت «تحديد مدة البرنامج الرياضي الحواري بما لا يزيد على 90 دقيقة، وقصر مدة الاستوديو التحليلي للمباريات، محلية أو دولية، بما لا يزيد على ساعة، تتوزع قبل وبعد المباراة».

كما أوصت «اللجنة» بإلغاء فقرة تحليل الأداء التحكيمي بجميع أسمائها، سواء داخل البرامج الحوارية أو التحليلية أو أي برامج أخرى، التي تُعرض على جميع الوسائل الإعلامية المرئية والمسموعة والمواقع الإلكترونية والتطبيقات والمنصات الإلكترونية. فضلاً عن «عدم جواز البث المباشر للبرامج الرياضية بعد الساعة الثانية عشرة ليلًا (منتصف الليل) وحتى السادسة من صباح اليوم التالي، ولا يُبث بعد هذا التوقيت إلا البرامج المعادة». (ويستثنى من ذلك المباريات الخارجية مع مراعاة فروق التوقيت).

وهي القرارات التي تفاعل معها جمهور الكرة بشكل خاص، وروّاد «السوشيال ميديا» بشكل عام، وتبعاً لها تصدرت «هاشتاغات» عدة قائمة «التريند» خلال الساعات الماضية، الجمعة، أبرزها «#البرامج_الرياضية»، «#المجلس_الأعلى»، «#إلغاء_الفقرة_التحكيمية»، «#لتنظيم_الإعلام».

مدرجات استاد القاهرة الدولي (الصفحة الرسمية للاتحاد المصري لكرة القدم)

وتنوعت التفاعلات على تلك «الهاشتاغات» ما بين مؤيد ومعارض للقرارات، وعكست عشرات التغريدات المتفاعلة هذا التباين. وبينما أيّد مغرّدون القرارات كونها «تضبط الخطاب الإعلامي الرياضي، وتضمن الالتزام بالمعايير المهنية»، قال البعض إن القرارات «كانت أُمنية لهم بسبب إثارة بعض البرامج للتعصب».

عبّر روّاد آخرون عن عدم ترحيبهم بما صدر عن «الأعلى لتنظيم الإعلام»، واصفين القرارات بـ«الخاطئة»، لافتين إلى أنها «حجر على الإعلام». كما انتقد البعض اهتمام القرارات بالمسألة الشكلية والزمنية للبرامج، ولم يتطرق إلى المحتوى الذي تقدمه.

وعن حالة التباين على مواقع التواصل الاجتماعي، قال الناقد الرياضي المصري محمد البرمي، لـ«الشرق الأوسط»، إنها «تعكس الاختلاف حول جدوى القرارات المتخذة في (ضبط المحتوى) للبرامج الرياضية، فالفريق المؤيد للقرارات يأتي موقفه رد فعل لما يلقونه من تجاوزات لبعض هذه البرامج، التي تكون أحياناً مفتعلة، بحثاً عن (التريند)، ولما يترتب عليها من إذكاء حالة التعصب الكروي بين الأندية».

وأضاف البرمي أن الفريق الآخر المعارض ينظر للقرارات نظرة إعلامية؛ حيث يرى أن تنظيم الإعلام الرياضي في مصر «يتطلب رؤية شاملة تتجاوز مجرد تحديد الشكل والقوالب»، ويرى أن «(الضبط) يكمن في التمييز بين المحتوى الجيد والسيئ».

مباراة مصر وبوتسوانا في تصفيات كأس الأمم الأفريقية 2025 (الصفحة الرسمية للاتحاد المصري لكرة القدم)

وكان «الأعلى لتنظيم الإعلام» قد أشار، في بيانه أيضاً، إلى أن هذه القرارات جاءت عقب اجتماع «المجلس» لتنظيم الشأن الإعلامي في ضوء الظروف الحالية، وما يجب أن يكون عليه الخطاب الإعلامي، الذي يتعين أن يُظهر المبادئ والقيم الوطنية والأخلاقية، وترسيخ وحدة النسيج الوطني، وإعلاء شأن المواطنة مع ضمان حرية الرأي والتعبير، بما يتوافق مع المبادئ الوطنية والاجتماعية، والتذكير بحرص المجلس على متابعة الشأن الإعلامي، مع رصد ما قد يجري من تجاوزات بشكل يومي.

بعيداً عن الترحيب والرفض، لفت طرف ثالث من المغردين نظر المجلس الأعلى لتنظيم الإعلام إلى بعض الأمور، منها أن «مواقع الإنترنت وقنوات (اليوتيوب) و(التيك توك) مؤثرة بشكل أكبر الآن».

وحسب رأي البرمي، فإن «الأداء الإعلامي لا ينضبط بمجرد تحديد مدة وموعد وشكل الظهور»، لافتاً إلى أن «ضبط المحتوى الإعلامي يكمن في اختيار الضيوف والمتحدثين بعناية، وضمان كفاءتهم وموضوعيتهم، ووضع كود مهني واضح يمكن من خلاله محاسبة الإعلاميين على ما يقدمونه، بما يمنع التعصب».