قضى جمهور مسرح محمد عبده أرينا في بوليفارد رياض سيتي، ليلة من الطِراز الرفيع والطرب العراقي البديع، بحضور ثلاثة من ألمع نجوم الغناء العربي من العراق؛ حاتم العراقي وأصيل هميم وسيف نبيل، وقدموا سهرة امتدت لأربع ساعات، تفاعل معها الجمهور العريض الذي ملأ المقاعد، واستمتع بقضاء «ليلة دجلة والفرات».
ليلة غنائية عراقية، جمعت الشجن باللحن، وزينت الأجواء بجميل الأداء، وفتحت نافذة من الرياض، إلى العراق، بفنه المتنوع، وألوانه المتعددة، وتجربة فنانيه الواسعة، التي أسهمت في تشكيل الذائقة العربية، وأطربت مسامع الجمهور على المسرح والحضور عبر الشاشات.
البداية من أصيل هميم، بصوتها الدافئ، رحّب بها مذيع الأمسية، وسط تصفيق حار من الجماهير، وإيقاع أولى وصلاتها الغنائية، «يا تجي كلك على قدر اشتياقي... أو كذا خلك على... آخر ظهور» التي آذنت بانطلاق أمسية طويلة من فنون الغناء وجمال الأداء.
تنتهي الوصلة، تحيي أصيل الجمهور السعودي، وتزجي شكرها لهذه اللحظة السعيدة بالنسبة إليها، وهي تجمعها بجمهور ذواق، ولمن صنع هذه اللحظة الزاخرة بالسرور، هيئة الترفيه وموسم الرياض، صانع الفرحة وأمين سر السعادة.
تنهال الطلبات، بعناوين الأغنيات التي يود الجمهور أن يسمعها مباشرة من الفنانة التي طالما شكلت لحظاتهم السعيدة وذكرياتهم المجيدة.
تبدأ أصيل في الغناء «يشبهك قلبي كأنـك لقلبي مخلوق... وعيوني لا شافتـك وجهي تـضيـا» وتضيء معها الابتسامات على وجوه الحضور، ثم «المفروض» و«شكد حلو»... يعلو التصفيق، ويرتفع الإيقاع، ويضج المسرح بالفرح.
بصوتها الدافئ والمليء بالإحساس، قدمت أصيل مجموعة من فرائد أغنياتها المألوفة، سواء تلك الخاصة بها وارتبطت بمسيرتها الفنية، أو من التراث العراقي الذي أعادت إنعاشه وتقديمه على طريقتها الخاصة وبطابعها الفريد، وكانت في كل الحالات محل الإعجاب والتقدير.
تودع أصيل هميم الجمهور، وتوزع القبلات للحضور، نظير تفاعلهم الكبير، وتقديرهم الواسع لقضاء وقت ماتع وزاخر بالفن والطرب، بانتظار الإطلالة الثانية مع الفنان سيف نبيل.
دخول مختلف، تدق الطبول، عرض بصري وحركي مذهل، تتزامن الإضاءات الملونة مع إيقاع الموسيقى، يدلف الفنان سيف نبيل إلى المسرح، على وقع واحدة من أشهر أغانيه «ممكن... تدخل قلبي»، يحييه الجمهور بحرارة، ويتفاعل مع تفاصيل الأغنية السخية بالمشاعر.
تنتهي الأغنية، ويرد نبيل التحية بالمثل إلى جمهور المسرح، يبث إليهم تقديره وشغفه بتكرار التجربة مع الجمهور السعودي، الذي طالما عرف فيه الوفاء لفنانيه والحماس لأغانيه والشوق لإطلالاته.
يبدأ سيف في الغناء مجدداً، يغلب على وصلاته الغنائية الإيقاع السريع والصاخب، في كل وصلة أعطى مساحة لأعضاء من فرقته الموسيقية المرافقة، للانفراد بتقديم مهاراتهم الفردية في العزف على الآلات؛ القانون والبيانو والجاز، وإذا غنى قطعة أصيلة من موروث العراق الفني العريق، فإن الكلمة تكون للآلة الإيقاعية التي طالما ارتبطت بالأغنية العراقية، الكاسورة أو الدنبك ذات الصوت المميز، التي تحول المسرح إلى لحظة مكثفة من الطرب والتفاعل.
وزيادة في ملح الليلة الماتعة، يستأذن سيف نبيل جمهور الأمسية، لتقديم إهداء خاص، بغنائه واحدة من الأغنيات التي لمس حب الجماهير السعودية لها، (في منتهى الرقة) التي قدمها بمزيج من لمسة إيقاعية عراقية.
يحين الآن موعد الإطلالة الثالثة والأخيرة في ليلة دجلة والفرات، مع الفنان حاتم العراقي، الذي كان مسك الختام، ولبّى للجمهور أغلب طلباته من عناوين الأغنيات التي طالما ارتبطت بالفنان حاتم وتجربته.
وتلمس حاتم الطريق إلى قلب الجمهور السعودي، بالغناء لوطنهم، خصهم بالأغنية التي رافقها عرض فلكلوري محلي، وصدح على خشبة المسرح «المملكة الحرة... والراية الخضرة... والكل ترى غنى... باسم السعودية».
عندليب العراق، وملك المواويل الذي طالما اشتهر بغنائه للشجن والمواويل الحزينة، بصوته الجهير الذي يحتفظ بطابع عراقي أصيل، كان الموال حاضراً بكامل أبهته وجلاله مع حاتم العراقي، استخدمه في مطالع الأغنيات، وزين به مفاصلها، أو ختمها، كان الموال بمثابة قلادة لعقد من الأغنيات.
«يا طير يا مسافر له» بصوت حاتم تعني شلالاً من الذكريات والمشاعر لجمهور مسرح محمد عبده أرينا، ومثلها أغنيات حاتم المألوفة التي غناها في ليلة لا تنسى «شعلومه» و«لو بيدي» و«الله وياك».
تقترب ساعة نهاية الأمسية، ويختم حاتم بأغنية فلكلورية، ترافقها فرقة شعبية من العراق، وصوت الإيقاع يلهب الأجواء، ويلوح الجمهور لتوديع فنانه الأثير، وتطوى ليلة دجلة والفرات، لتبقى خالدة حية في رفوف ذكريات كل من حالفه الحظ لحضورها والاستمتاع بتفاصيلها.
ليلة دجلة والفرات تجمع الشجن باللحن في موسم الرياض
ليلة دجلة والفرات تجمع الشجن باللحن في موسم الرياض
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة