الراعي يتهم السياسيين بالسعي لتأجيل الانتخابات النيابية والرئاسية

قال إنه طالب غوتيريش بحل دولي يعكس إرادة اللبنانيين

TT

الراعي يتهم السياسيين بالسعي لتأجيل الانتخابات النيابية والرئاسية

طالب البطريرك الماروني بشارة الراعي بـ«استعادة نظامنا الديمقراطي لأننا نعيش منذ سنوات في حالة اللانظام»، معتبراً أن الدولة «تعيش خارج شرعيتها ودستورها وميثاقها، وتخضع لفرض إرادة أحادية عمداً على المؤسسات الدستورية حتى تكبيلها وتعطيلها»، مجدداً تأكيد موقفه الداعي للحياد، و«تنفيذ جميع القرارات الدولية دون استنسابية وتجزئة».
وقال الراعي إنه طالب الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش، خلال زيارته الأخير إلى لبنان، بتحرك لبلورة حل دولي يعكس إرادة اللبنانيين، كما اتهم المسؤولين بـ«التشاطر في كيفية تأجيل الانتخابات النيابية والرئاسية عن موعدها الدستوري، لغايات في نفوسهم ضد مصلحة لبنان وشعبه». وينتقد الراعي، خلال الأسابيع الأخيرة، توقف مجلس الوزراء عن الاجتماع في ظل الخلافات بين مكوناته على إجراءات المحقق العدلي في ملف انفجار مرفأ بيروت القاضي طارق البيطار، واعتراض «حزب الله» و«حركة أمل» بشكل أساسي على أدائه واتهامه بالتسييس والاستنسابية.
وفي رسالة الميلاد التي وجهها الراعي، رأى أن ولادة دولة لبنان، في الأساس، كانت عهداً جديداً في هذا الشرق، بفضل ما لها من ميزات وخصوصيات، مشيراً إلى أن «ولادة لبنان هي الاستثناء الذي كان يجدر باللبنانيين أن يقترحوه قاعدة لشعوب الشرق الأوسط، لكننا لم نعرف قيمة هذا الوطن النعمة، فشككنا به وتعالينا على النعمة».
وقال الراعي: «لسنا الشعب الوحيد الذي اختلف على ماضيه، كل الشعوب اختلفت وتقاتلت»، سائلاً: «أين حروبنا من حروب أوروبا وأميركا وآسيا وسواها لكن تلك الشعوب قبلت تاريخها المختلف وتصالحت وتعلمت من تجاربها وانطلقت نحو مستقبل مشرق». وأضاف: «أما نحن، فلا نزال نجتر خلافاتنا، ونسير إلى الوراء، ونهدم ما بناه رجال الدولة عندنا».
وطالب الراعي بـ«استعادة نظامنا الديمقراطي لأننا نعيش منذ سنوات في حالة اللانظام، وباسترداد دولتنا لأننا نعيش خارج سقفها، وهي تعيش خارج شرعيتها ودستورها وميثاقها، وتخضع لفرض إرادة أحادية عمداً على المؤسسات الدستورية حتى تكبيلها وتعطيلها».
وقال الراعي: «لو كانت المحبة موجودة في حياتنا الوطنية وفي قلب المسؤولين لما بلغنا ما بلغناه، ولما كان الشعب يرزح تحت أكبر مأساة في تاريخه». وأضاف: «حبذا لو يسير المسؤولون بين الناس، ويطوفون في الشوارع، ويزورون أحياء المدن والقرى، ويدخلون إلى البيوت، ويتكلمون مع الآباء والأمهات، ويستمعون إلى أنين الموجوعين، وصراخ الأطفال، وآلام المرضى، ويستطلعون عدد الذين ينامون من دون طعام، وعدد الذين يفتقرون إلى القرش، وعدد الذين لا مأوى لهم، وعدد الفتيات والفتيان الذين لم يسجلوا في المدارس والمعاهد. ولو أنهم نظروا إلى ما عليهم من مستحقات تجاه المستشفيات، والمدارس المجانية، والمياتم، والمؤسسات الإنسانية لذوي الحاجات الخاصة، والمحاكم الروحية المسيحية، لخجلوا من نفوسهم، واستقالوا من مناصبهم».
وقال الراعي: «رغم كل ذلك نرى أهل السلطة غارقين في صراعاتهم ويبحثون عن حيل وتسويات ومساومات للانتقام من بعضهم ولإبعاد أخصامهم وتعيين محاسيبهم، والتشاطر في كيفية تأجيل الانتخابات النيابية والرئاسية عن موعدها الدستوري، لغايات في نفوسهم ضد مصلحة لبنان وشعبه».
ورأى الراعي أن «شعبنا المقهور يتطلع إلينا، ويضع آماله فينا وبحق، لنساعده ونكون بقربه ونعضده في حاجاته، ونشدده». وكرر أن «باب الإنقاذ والخلاص الوحيد هو إعلان حياد لبنان الإيجابي الناشط، تنفيذاً للميثاق الوطني الرافض لتحويل لبنان إلى مقر أو ممر لأي وجود أجنبي، وحماية للشراكة والوحدة، وإفساحاً في المجال لحسن تحقيق دور لبنان».
ولفت إلى أنه سلم الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش في بيروت، مطلع الأسبوع، «مذكرة احتوت مواقفنا المعهودة من الحياد والمؤتمر الدولي الخاص بلبنان ووجوب تنفيذ جميع القرارات الدولية دون استنسابية وتجزئة، لا سيما أن دولة لبنان وافقت عليها تباعاً».
وقال: «أكدنا للأمين العام ضرورة أن تتحرك الأمم المتحدة قبل سواها لبلورة حل دولي يعكس إرادة اللبنانيين».
ولاقت مواقف الراعي تأييداً من قوى مسيحية. وأثنى النائب فريد هيكل الخازن على ما جاء في رسالته، وقال بعد زيارته الراعي: «أكدنا ضرورة عودة انعقاد جلسات مجلس الوزراء من أجل تسيير أمور البلد والناس وإقرار الإصلاحات المطلوبة من صندوق النقد الدولي، كما شددنا على ضرورة عودة اللُحمة بين القوى السياسية وإنهاء الصراعات الناتجة عن مصالح لا علاقة لها بالمصلحة الوطنية».



ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
TT

ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)

احتفل سكان دمشق بسقوط نظام بشار الأسد بعد حرب وحشية استمرت 13 عاماً، لكن أصحاب أماكن السهر في المدينة اعتراهم القلق وهم يعيدون فتح أبواب حاناتهم وملاهيهم.

فقد قادت «هيئة تحرير الشام» فصائل المعارضة التي أطاحت بنظام الأسد، وكانت هناك خشية لدى بعض الناس من أن تمنع الهيئة شرب الكحول.

ظلت حانات دمشق ومحلات بيع الخمور فيها مغلقة لأربعة أيام بعد دخول مقاتلي «هيئة تحرير الشام» المدينة، دون فرضهم أي إجراءات صارمة، والآن أعيد فتح هذه الأماكن مؤقتاً.

ما يريده صافي، صاحب «بابا بار» في أزقة المدينة القديمة، من الجميع أن يهدأوا ويستمتعوا بموسم عيد الميلاد الذي يشهد إقبالاً عادة.

مخاوف بسبب وسائل التواصل

وفي حديث مع «وكالة الصحافة الفرنسية» في حانته، اشتكى صافي، الذي لم يذكر اسم عائلته حتى لا يكشف عن انتمائه الطائفي، من حالة الذعر التي أحدثتها وسائل التواصل الاجتماعي.

فبعدما انتشرت شائعات أن المسلحين المسيطرين على الحي يعتزمون شن حملة على الحانات، توجه إلى مركز الشرطة الذي بات في أيدي الفصائل في ساحة باب توما.

وقال صافي بينما كان يقف وخلفه زجاجات الخمور: «أخبرتهم أنني أملك حانة وأود أن أقيم حفلاً أقدم فيه مشروبات كحولية».

وأضاف أنهم أجابوه: «افتحوا المكان، لا مشكلة. لديكم الحق أن تعملوا وتعيشوا حياتكم الطبيعية كما كانت من قبل»، فيما كانت الموسيقى تصدح في المكان.

ولم تصدر الحكومة، التي تقودها «هيئة تحرير الشام» أي بيان رسمي بشأن الكحول، وقد أغلق العديد من الأشخاص حاناتهم ومطاعمهم بعد سقوط العاصمة.

لكن الحكومة الجديدة أكدت أيضاً أنها إدارة مؤقتة وستكون متسامحة مع كل الفئات الاجتماعية والدينية في سوريا.

وقال مصدر في «هيئة تحرير الشام»، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، طلب عدم كشف هويته، إن «الحديث عن منع الكحول غير صحيح». وبعد الإلحاح عليه بالسؤال شعر بالغضب، مشدداً على أن الحكومة لديها «قضايا أكبر للتعامل معها».

وأعيد فتح «بابا بار» وعدد قليل من الحانات القريبة، لكن العمل محدود ويأمل صافي من الحكومة أن تطمئنهم ببيان يكون أكثر وضوحاً وقوة إلى أنهم آمنون.

في ليلة إعادة الافتتاح، أقام حفلة حتى وقت متأخر حضرها نحو 20 شخصاً، ولكن في الليلة الثانية كانت الأمور أكثر هدوءاً.

وقال إن «الأشخاص الذين حضروا كانوا في حالة من الخوف، كانوا يسهرون لكنهم في الوقت نفسه لم يكونوا سعداء».

وأضاف: «ولكن إذا كانت هناك تطمينات (...) ستجد الجميع قد فتحوا ويقيمون حفلات والناس مسرورون، لأننا الآن في شهر عيد الميلاد، شهر الاحتفالات».

وفي سوريا أقلية مسيحية كبيرة تحتفل بعيد الميلاد، مع تعليق الزينات في دمشق.

في مطعم العلية القريب، كان أحد المغنين يقدم عرضاً بينما يستمتع الحاضرون بأطباق من المقبلات والعرق والبيرة.

لم تكن القاعة ممتلئة، لكن الدكتور محسن أحمد، صاحب الشخصية المرحة والأنيقة، كان مصمماً على قضاء وقت ممتع.

وقال لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «كنا نتوقع فوضى عارمة في الموقف»، فيما كانت الأضواء تنعكس على ديكورات المطعم، مضيفاً: «لكننا عدنا سريعاً إلى حياتنا، حياتنا الليلية، وحقوقنا».

حفلة مع مغنٍ

وقال مدير المطعم يزن شلش إن مقاتلي «هيئة تحرير الشام» حضروا في ليلة إعادة الافتتاح ولم يغلقوا المكان.

وأضاف: «بدأنا العمل أمس. كانت الأمور جيدة جداً. كانت هناك حفلة مع مغنٍ. بدأ الناس بالتوافد، وفي وسط الحفلة حضر عناصر من (هيئة تحرير الشام)»، وأشار إلى أنهم «دخلوا بكل أدب واحترام وتركوا أسلحتهم في الخارج».

وبدلاً من مداهمة المكان، كانت عناصر الهيئة حريصين على طمأنة الجميع أن العمل يمكن أن يستمر.

وتابع: «قالوا للناس: لم نأتِ إلى هنا لنخيف أو نرهب أحداً. جئنا إلى هنا للعيش معاً في سوريا بسلام وحرية كنا ننتظرهما منذ فترة طويلة».

وتابع شلش: «عاملونا بشكل حسن البارحة، نحن حالياً مرتاحون مبدئياً لكنني أخشى أن يكون هذا الأمر آنياً ولا يستمر».

ستمارس الحكومة الانتقالية الجديدة في سوريا بقيادة «هيئة تحرير الشام» عملها حتى الأول من مارس (آذار). بعد ذلك، لا يعرف أصحاب الحانات ماذا يتوقعون.