انفراج في ملف العسكريين المختطفين لدى «النصرة» وترجيحات بالإفراج عنهم خلال أيام

انسحاب قادة «داعش» من عرسال وجرودها إلى الرقة.. وانحسار التنظيم إلى 200 عنصر

انفراج في ملف العسكريين المختطفين لدى «النصرة» وترجيحات بالإفراج عنهم خلال أيام
TT

انفراج في ملف العسكريين المختطفين لدى «النصرة» وترجيحات بالإفراج عنهم خلال أيام

انفراج في ملف العسكريين المختطفين لدى «النصرة» وترجيحات بالإفراج عنهم خلال أيام

تسارعت التطورات على جبهة عرسال - القلمون بعد تقاطع المعلومات حول قرب الإفراج عن العسكريين اللبنانيين الـ16 الذين تختطفهم «جبهة النصرة» منذ أغسطس (آب) الماضي، ما انعكس انفراجا داخل البلدة الحدودية الواقعة شرقي البلاد، خاصة مع سحب تنظيم «داعش» معظم قادته إلى الرقة وحصر وجوده في عرسال وجرودها في 200 عنصر وقائد واحد هو القاضي الشرعي أبو بلقيس.
وقالت مصادر مطلعة على تطورات الوضع على الحدود الشرقية لـ«الشرق الأوسط» إن تنظيم «داعش» سحب نحو 8 من قادته مع مجموعاتهم من عرسال والقلمون إلى الرقة علما بأن كل مجموعة تضم نحو 200 عنصر، من دون تحديد السبب الرئيسي وراء هذه الخطوة. وقد سلك هؤلاء طريق وادي ميرا - المريج باتجاه الرقة وهي طريق صعبة جدا وطويلة. وأشارت المصادر إلى أن التنظيم أصبح ضعيفا جدا في المنطقة المذكورة بخلاف «جبهة النصرة»، لافتة إلى أن الاستعدادات لمعركة مفتوحة بين المجموعات المسلحة والجيش اللبناني لا تزال على قدم وساق خاصة أن الأخير استحدث 4 مراكز له في منطقتي رأس بعلبك وسير الفاكهة، وتمكن من بسط سيطرته على معظم الطرقات المؤدية إلى الجرد.
وفي هذا السياق، أكّد نائب الأمين العام لـ«حزب الله» الشيخ نعيم قاسم في مقابلة مع وكالة «أسوشيتد برس» أن «مقاتلي الحزب يستعدون لمواجهة المجموعات الإرهابية في جبال القلمون»، مضيفا: «أرى أن المعركة في القلمون حتمية، ولكن إذا كان الفريق الآخر يتصور أنه سيحقق نتائج إيجابية فهو واهم، وعلى كل حال ستثبت الأيام أن ما سيحصل في القلمون سيضيف إنجازا إضافيا لمصلحة سوريا والمقاومة». وفي مقابل التحضير للمواجهة المسلحة، انعكست الانفراجات التي يشهدها ملف العسكريين المختطفين لدى «النصرة» إيجابيا داخل بلدة عرسال، إذ أفادت مصادر ميدانية لـ«الشرق الأوسط» عن رفع الأعلام اللبنانية على مخيمات اللاجئين السوريين في البلدة التي يُعتبر قسم كبير منها مأوى لعائلات عناصر «داعش» و«النصرة»، بالتزامن مع توزيع مساعدات غذائية أميركية ومصرية على اللاجئين. وبينما رجّحت مصادر أمنية لـ«الشرق الأوسط» أن يتم الإفراج عن العسكريين الـ16 المحتجزين لدى «النصرة» خلال أيام، نقل النائب عن حزب الله علي فياض عن رئيس المجلس النيابي نبيه بري حديثه عن «حلحلة سريعة جدا» يشهدها ملفهم.
ويعبّر أهالي العسكريين المختطفين عن أسفهم لعدم إطلاعهم من قبل المسؤولين على تطورات الملف وانصرافهم لمحاولة معرفة المستجدات من وسائل الإعلام ومن النواب عبر شاشات التلفزة.
وفي هذا الإطار، أكّد حسين يوسف، والد الجندي المختطف محمد يوسف، أن أحدا من المعنيين بالملف لم يطلعهم على التطورات الأخيرة، معربا عن أسفه لفصل ملف المختطفين لدى «النصرة» عن ملف المختطفين لدى «داعش». وقال يوسف لـ«الشرق الأوسط»: «الانفراجات بالملف الأول نتيجة مباشرة للمفاوضات التي يجريها مدير عام الأمن العام اللواء عباس إبراهيم مع قطر وتركيا، فقطر تلعب دورا كبيرا وأساسيا بالموضوع، كما أن جزءا كبيرا من المفاوضات يجري على الأراضي التركية».
وتحدث يوسف عن «دور مؤثر» يقوم به رئيس تيار «المستقبل» سعد الحريري في هذا الملف، وأضاف: «لكن يبدو أن مطالب داعش أصعب وأكثر تعقيدا من مطالب النصرة، لذلك نشهد حلحلة أكبر في الملف الأول».
ومن المتوقع أن يتم الإفراج عن عدد من السجناء من سجن رومية (شرقي بيروت) مقابل تحرير العسكريين، باعتبار أن «النصرة» كانت قد سلّمت الوسطاء بالملف في وقت سابق لوائح بأسماء مسجونين في رومية تشترط إطلاق سراحهم لحل أزمة العسكريين اللبنانيين.
ونفى يوسف أن تكون المفاوضات مع «داعش» متوقفة أو مجمّدة، مؤكدا أن قنوات التواصل مع التنظيم لا تزال مفتوحة والمسار العام إيجابي. وأضاف: لكننا للأسف أُصبنا أكثر من مرة بخيبة أمل، لذلك «لن نقول فول إلا عندما يصبح في المكيول»، في إشارة إلى أن الأهالي لن يصدقوا ما يتم التداول به عن انفراجات قبل أن يروا أبناءهم بين أحضانهم.
وقد نفت مصادر معنية بالملف ما أشيع عن نقل «داعش» العسكريين الـ9 المحتجزين لديه من القلمون إلى الرقة، مؤكدة أنهم لا يزالون محتجزين في إحدى القرى السورية القريبة من عرسال.



اللاجئون الفلسطينيون يعودون إلى مخيم «اليرموك» في سوريا

اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
TT

اللاجئون الفلسطينيون يعودون إلى مخيم «اليرموك» في سوريا

اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)

كان مخيم اليرموك للاجئين في سوريا، الذي يقع خارج دمشق، يُعدّ عاصمة الشتات الفلسطيني قبل أن تؤدي الحرب إلى تقليصه لمجموعة من المباني المدمرة.

سيطر على المخيم، وفقاً لوكالة «أسوشييتد برس»، مجموعة من الجماعات المسلحة ثم تعرض للقصف من الجو، وأصبح خالياً تقريباً منذ عام 2018، والمباني التي لم تدمرها القنابل هدمت أو نهبها اللصوص.

رويداً رويداً، بدأ سكان المخيم في العودة إليه، وبعد سقوط الرئيس السوري السابق بشار الأسد في 8 ديسمبر (كانون الأول)، يأمل الكثيرون في أن يتمكنوا من العودة.

في الوقت نفسه، لا يزال اللاجئون الفلسطينيون في سوريا، الذين يبلغ عددهم نحو 450 ألف شخص، غير متأكدين من وضعهم في النظام الجديد.

أطفال يلعبون أمام منازل مدمرة بمخيم اليرموك للاجئين في سوريا (أ.ف.ب)

وتساءل السفير الفلسطيني لدى سوريا، سمير الرفاعي: «كيف ستتعامل القيادة السورية الجديدة مع القضية الفلسطينية؟»، وتابع: «ليس لدينا أي فكرة لأننا لم نتواصل مع بعضنا بعضاً حتى الآن».

بعد أيام من انهيار حكومة الأسد، مشت النساء في مجموعات عبر شوارع اليرموك، بينما كان الأطفال يلعبون بين الأنقاض. مرت الدراجات النارية والدراجات الهوائية والسيارات أحياناً بين المباني المدمرة. في إحدى المناطق الأقل تضرراً، كان سوق الفواكه والخضراوات يعمل بكثافة.

عاد بعض الأشخاص لأول مرة منذ سنوات للتحقق من منازلهم. آخرون كانوا قد عادوا سابقاً ولكنهم يفكرون الآن فقط في إعادة البناء والعودة بشكل دائم.

غادر أحمد الحسين المخيم في عام 2011، بعد فترة وجيزة من بداية الانتفاضة ضد الحكومة التي تحولت إلى حرب أهلية، وقبل بضعة أشهر، عاد للإقامة مع أقاربه في جزء غير مدمر من المخيم بسبب ارتفاع الإيجارات في أماكن أخرى، والآن يأمل في إعادة بناء منزله.

هيكل إحدى ألعاب الملاهي في مخيم اليرموك بسوريا (أ.ف.ب)

قال الحسين: «تحت حكم الأسد، لم يكن من السهل الحصول على إذن من الأجهزة الأمنية لدخول المخيم. كان عليك الجلوس على طاولة والإجابة عن أسئلة مثل: مَن هي والدتك؟ مَن هو والدك؟ مَن في عائلتك تم اعتقاله؟ عشرون ألف سؤال للحصول على الموافقة».

وأشار إلى إن الناس الذين كانوا مترددين يرغبون في العودة الآن، ومن بينهم ابنه الذي هرب إلى ألمانيا.

جاءت تغريد حلاوي مع امرأتين أخريين، يوم الخميس، للتحقق من منازلهن. وتحدثن بحسرة عن الأيام التي كانت فيها شوارع المخيم تعج بالحياة حتى الساعة الثالثة أو الرابعة صباحاً.

قالت تغريد: «أشعر بأن فلسطين هنا، حتى لو كنت بعيدة عنها»، مضيفة: «حتى مع كل هذا الدمار، أشعر وكأنها الجنة. آمل أن يعود الجميع، جميع الذين غادروا البلاد أو يعيشون في مناطق أخرى».

بني مخيم اليرموك في عام 1957 للاجئين الفلسطينيين، لكنه تطور ليصبح ضاحية نابضة بالحياة حيث استقر العديد من السوريين من الطبقة العاملة به. قبل الحرب، كان يعيش فيه نحو 1.2 مليون شخص، بما في ذلك 160 ألف فلسطيني، وفقاً لوكالة الأمم المتحدة للاجئين الفلسطينيين (الأونروا). اليوم، يضم المخيم نحو 8 آلاف لاجئ فلسطيني ممن بقوا أو عادوا.

لا يحصل اللاجئون الفلسطينيون في سوريا على الجنسية، للحفاظ على حقهم في العودة إلى مدنهم وقراهم التي أُجبروا على مغادرتها في فلسطين عام 1948.

لكن، على عكس لبنان المجاورة، حيث يُمنع الفلسطينيون من التملك أو العمل في العديد من المهن، كان للفلسطينيين في سوريا تاريخياً جميع حقوق المواطنين باستثناء حق التصويت والترشح للمناصب.

في الوقت نفسه، كانت للفصائل الفلسطينية علاقة معقدة مع السلطات السورية. كان الرئيس السوري الأسبق حافظ الأسد وزعيم «منظمة التحرير الفلسطينية»، ياسر عرفات، خصمين. وسُجن العديد من الفلسطينيين بسبب انتمائهم لحركة «فتح» التابعة لعرفات.

قال محمود دخنوس، معلم متقاعد عاد إلى «اليرموك» للتحقق من منزله، إنه كان يُستدعى كثيراً للاستجواب من قبل أجهزة الاستخبارات السورية.

وأضاف متحدثاً عن عائلة الأسد: «على الرغم من ادعاءاتهم بأنهم مع (المقاومة) الفلسطينية، في الإعلام كانوا كذلك، لكن على الأرض كانت الحقيقة شيئاً آخر».

وبالنسبة لحكام البلاد الجدد، قال: «نحتاج إلى مزيد من الوقت للحكم على موقفهم تجاه الفلسطينيين في سوريا. لكن العلامات حتى الآن خلال هذا الأسبوع، المواقف والمقترحات التي يتم طرحها من قبل الحكومة الجديدة جيدة للشعب والمواطنين».

حاولت الفصائل الفلسطينية في اليرموك البقاء محايدة عندما اندلع الصراع في سوريا، ولكن بحلول أواخر 2012، انجر المخيم إلى الصراع ووقفت فصائل مختلفة على جوانب متعارضة.

عرفات في حديث مع حافظ الأسد خلال احتفالات ذكرى الثورة الليبية في طرابلس عام 1989 (أ.ف.ب)

منذ سقوط الأسد، كانت الفصائل تسعى لتوطيد علاقتها مع الحكومة الجديدة. قالت مجموعة من الفصائل الفلسطينية، في بيان يوم الأربعاء، إنها شكلت هيئة برئاسة السفير الفلسطيني لإدارة العلاقات مع السلطات الجديدة في سوريا.

ولم تعلق القيادة الجديدة، التي ترأسها «هيئة تحرير الشام»، رسمياً على وضع اللاجئين الفلسطينيين.

قدمت الحكومة السورية المؤقتة، الجمعة، شكوى إلى مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة تدين دخول القوات الإسرائيلية للأراضي السورية في مرتفعات الجولان وقصفها لعدة مناطق في سوريا.

لكن زعيم «هيئة تحرير الشام»، أحمد الشرع، المعروف سابقاً باسم «أبو محمد الجولاني»، قال إن الإدارة الجديدة لا تسعى إلى صراع مع إسرائيل.

وقال الرفاعي إن قوات الأمن الحكومية الجديدة دخلت مكاتب ثلاث فصائل فلسطينية وأزالت الأسلحة الموجودة هناك، لكن لم يتضح ما إذا كان هناك قرار رسمي لنزع سلاح الجماعات الفلسطينية.