سُحب «عمود العار»، وهو نصب تذكاري يكرم ضحايا المظاهرات التي قمعت في ساحة تيانانمين، الخميس، من حرم جامعة هونغ كونغ حيث أقيم قبل 24 عاما.
وجاء في بيان صادر عن الجامعة المعروفة اختصارا بـ«إتش كاي يو»، أن «هذا القرار الخاص بتمثال قديم اتُخذ بناء على رأي قضائي خارجي وتقييمم للمخاطر من أجل المصلحة العليا للجامعة»، وفق ما نقلت وكالة الصحافة الفرنسية. وقد بات كل ما يخلد ذكرى القمع الذي ووجهت به مظاهرات 4 يونيو (حزيران) 1989 في بكين، في مرصد قانون الأمن القومي الصارم الذي فرضته السلطات الصينية.
ولطالما كانت هونغ كونغ الفسحة الوحيدة في الصين حيث يُسمح بتخليد ذكرى أحداث تيانانمين. وكان طلاب جامعة هونغ كونغ ينظفون التمثال الذي نُصب في حرم المؤسسة سنة 1997 لتكريم ذكرى ضحايا تلك الأحداث.
غير أن بكين رسخت نفوذها في هذه المستعمرة البريطانية السابقة بعد مظاهرات حاشدة وعنيفة أحيانا سنة 2019، وكان المسؤولون في الجامعة قد طلبوا في أكتوبر (تشرين الأول) سحب المنحوتة الممتدة بطول ثمانية أمتار والتي تمثل مجموعة متداخلة من 50 جسدا مشوها بفعل التعذيب، متذرعين بمخاطر قضائية من دون تحديد ماهيتها.
وقد حُجب «عمود العار» الأربعاء عن الأنظار خلف ملاءات وحواجز، قبل إزالته صباح الخميس لوضعه في موقع آخر، بحسب ما أفادت الجامعة. وأشارت المؤسسة في بيانها إلى أن أحدا لم يحصل على إذن رسمي لعرض هذا التمثال، مستشهدة بمرسوم يعود إلى حقبة الاستعمار لتبرير قرارها.
ويحيل هذا النص التشريعي على جريمة الفتنة، وباتت السلطات تستخدمه أكثر فأكثر بموازاة قانون الأمن القومي الجديد، في مساعيها لمنع المعارضة. وفي وقت كان عمال يعدون العدة لإزالة التمثال في المساء، اعتبر صاحب هذا العمل الدنماركي ينس غالشوت أنه من «المستغرب» و«الصادم» أن تمس الجامعة بالمنحوتة التي تبقى، على حد قوله، ملكا خاصا. وصرح «أنه تمثال باهظ جدا. وإذا دمروه بالطبع سنقاضيهم». وأضاف «هذا ليس بعدل». وقال غالشوت إنه عرض استعادة التمثال، وحاول عبر محامين التواصل مع الجامعة بشتى الوسائل. وأكد أن القائمين على الجامعة لم يتصلوا به على الإطلاق، ولم يبلغوه مسبقا بالخطوة التي اتخذوها.
ولقيت هذه الخطوة تنديدا واسعا من المعارضين في المنفى الذين يتابعهم عدد كبير من رواد مواقع التواصل الاجتماعي. وأكد ناثان لو، العضو السابق في المجلس التشريعي الذي يعيش في المنفى بلندن، أن النصب سيبقى حيا في ذاكرة الناس. وغرد: «أزيل عمود العار، لكن ذكراه ستبقى. وينبغي لنا أن نستذكر دوما ما حصل في 4 يونيو 1989».
فيما كتب براين لوينغ، أحد مناصري الديمقراطية المنفي في الولايات المتحدة: «عار على جامعة هونغ كونغ التي تمحو التاريخ والذاكرة الجماعية لمجزرة ساحة تيانانمين. ويجب أن تحاكموا على عمود العار». واستنكر وانغ دان، أحد الوجوه البارزة في تظاهرات تيانانمين الذي يعيش اليوم في الولايات المتحدة، قرار إزالة النصب، منددا عبر «فيسبوك» بـ«عمل مشين لمحو هذا الفصل من فصول التاريخ الملطخ بالدماء».
ومنذ بسطت بكين سيطرتها، خفتت الأصوات المعارضة رويدا رويدا في الجامعات التي كان تشكل واحات للحرية بعيدا من الرقابة المفروضة في المؤسسات الجامعية في الصين القارية. وقد حُظرت المظاهرات، وأدرج الكثير من النقابات الطلابية في القائمة السوداء، وفُرضت حصص دراسية جديدة حول «الأمن القومي».
وطوال ثلاثين سنة، نظمت أمسيات بالشموع في هونغ كونغ في ذكرى أحداث تيانانمين شارك فيها عشرات آلاف الأشخاص، رافعين شعارات مؤيدة للديمقراطية في ملتقى كان رمزا لحرية التعبير السائدة في هذه المستعمرة البريطانية السابقة.
وقد حظرت السلطات آخر أمسيتين، مبررة ذلك بالوباء العالمي ودواعٍ أمنية. وأوقف أبرز القائمين على الحدث بتهمة الإفساد، وأغلق متحف مخصص لأحداث 4 يونيو 1989، وأدت تدابير بسط اليد على هونغ كونغ إلى تنظيم انتخابات الأحد الماضي، اقتصرت على مرشحين «يتمتعون بحس قومي» محسوبين على بكين لاختيار أعضاء المجلس التشريعي المحلي.
جامعة هونغ كونغ تزيل نصباً تكريمياً لضحايا تيانانمين
معارضون في المنفى شجبوا محاولة محو «الذاكرة الجماعية لمجزرة 1989»
جامعة هونغ كونغ تزيل نصباً تكريمياً لضحايا تيانانمين
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة