«الثقافة السعودية» تطلق النسخة الثانية من «برنامج الإقامة الفنية» في جدة التاريخية

تقدم دعماً للفنانين والراغبين في تطوير مشاريعهم البحثية الإبداعية

«الثقافة السعودية» تطلق النسخة الثانية من «برنامج الإقامة الفنية» في جدة التاريخية
TT

«الثقافة السعودية» تطلق النسخة الثانية من «برنامج الإقامة الفنية» في جدة التاريخية

«الثقافة السعودية» تطلق النسخة الثانية من «برنامج الإقامة الفنية» في جدة التاريخية

أطلقت وزارة الثقافة السعودية، أمس، النسخة الثانية من «برنامج الإقامة الفنية... البلد» في جدة التاريخية التي توفر الوقت والمساحة، وفرص التعاون لمحترفي الفن في مجال الفنون البصرية لدعم تطورهم الإبداعي في أجواء تساعد على الإنتاج الفني، ضمن سلسلة من الإقامات الفنية الدورية الممولة بالكامل.
وأتاحت الوزارة فرصة المشاركة في أولى دورات النسخة الثانية من البرنامج، من خلال التقديم على الرابط الإلكتروني للبرنامج خلال فترة تسجيل تمتد من أمس وحتى 10 يناير (كانون الثاني) المقبل.
وسيحتضن مبنى رباط الخنجي التاريخي الواقع في قلب جدة التاريخية، برنامج الإقامة الفنية، ويعد واحداً من المباني التاريخية والأثرية في المملكة، وقد بُني عام 1813، وكان يُستخدم في الماضي كدار ضيافة للأرامل والنساء العازبات تحت مظلة مبادرة خيرية طويلة الأجل، إلا أن المبنى بقي مهجوراً منذ ذلك الوقت إلى أن بدأ مؤخراً باستضافة فعاليات ثقافية مختلفة بعد أن هيأته وزارة الثقافة لذلك.
ومن المقرر أن يتم اختيار المشاركين في البرنامج من بين المتقدمين بعد تقييمهم من لجنة مكونة من خبراء ومتخصصين.
وستنطلق أعمال البرنامج في عام 2022، من خلال أربع دورات تستمر كل واحدة منها 6 أسابيع، الأولى من 3 مارس (آذار) إلى 14 أبريل (نيسان)، والثانية من 15 مايو (أيار) إلى 23 يونيو (حزيران)، والثالثة من 21 يوليو (تموز) إلى 1 سبتمبر (أيلول)، فالدورة الرابعة خلال الفترة من 18 سبتمبر إلى 30 أكتوبر (تشرين الأول). وتشتمل كل دورة على إقامة فنية لستة فنانين مُقيمين من المملكة وثلاثة فنانين مُقيمين دوليين.
وتقدم هذه الإقامة الفنية دعماً للفنانين والمتخصصين في الفن والراغبين في تطوير مشاريعهم البحثية الإبداعية، عبر توفير فرص العمل جنباً إلى جنب مع الزملاء والمهنيين الآخرين والخبراء وأفراد المجتمعات المحلية، مما يُسهم في خلق بيئة ديناميكية للنمو النقدي والتقني والمهني ضمن نموذج التبادل التعاوني.
ويستهدف البرنامج الفنانين والقيمين الفنيين والكتاب (النقاد ومؤرخي الفن) الناشئين، ومن هم في متوسط حياتهم المهنية في مجال الفنون البصرية، من داخل السعودية وجميع أنحاء العالم، ممن لديهم الدافع لاستكشاف الطرق التي يمكن من خلالها تطبيق أعمالهم الإبداعية على السياق المحلي. كما يوفر برنامج الإقامة الفنية استوديو للفنانين، والإقامة في سكن مشترك على مسافة قريبة من استوديوهات العمل، وراتباً لتغطية نفقات المعيشة، وتكاليف السفر، ويُتيح للفنانين فرصة التقديم على الدعم المالي لتمويل إنتاج مشاريعهم الفنية، وسيُحدد المبلغ على أساس كل مشروع على حدة، وذلك اعتماداً على الاحتياجات الفعلية لمشاريع الفنانين.
وعلى المُرشحين تقديم معلومات واضحة عن التجارب المهنية والاهتمامات والممارسات الإبداعية. ويمكن الاطلاع على مزيد من التفاصيل حول متطلبات التقديم ومعايير الأهلية على الموقع الإلكتروني.
يأتي برنامج «برنامج الإقامة الفنية... البلد»، ضمن مبادرات برنامج جودة الحياة «أحد برامج تحقيق رؤية المملكة 2030».
وتأتي نسخة البرنامج الثانية بعد نجاح وزارة الثقافة في تنظيم النسخة الأولى عام 2020، حين استضافت نخبة من المبدعين، ووفرت لهم الإمكانات الداعمة لتطوير شغفهم وممارساتهم الفنية.



ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
TT

ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)

ستيف بركات عازف بيانو كندي من أصل لبناني، ينتج ويغنّي ويلحّن. لفحه حنين للجذور جرّه إلى إصدار مقطوعة «أرض الأجداد» (Motherland) أخيراً. فهو اكتشف لبنان في وقت لاحق من حياته، وينسب حبّه له إلى «خيارات مدروسة وواعية» متجذرة في رحلته. من اكتسابه فهماً متيناً لهويته وتعبيره عن الامتنان لما منحه إياه الإرث من عمق يتردّد صداه كل يوم، تحاوره «الشرق الأوسط» في أصله الإنساني المنساب على النوتة، وما أضفاه إحساسه الدفين بالصلة مع أسلافه من فرادة فنية.
غرست عائلته في داخله مجموعة قيم غنية استقتها من جذورها، رغم أنه مولود في كندا: «شكلت هذه القيم جزءاً من حياتي منذ الطفولة، ولو لم أدركها بوعي في سنّ مبكرة. خلال زيارتي الأولى إلى لبنان في عام 2008. شعرتُ بلهفة الانتماء وبمدى ارتباطي بجذوري. عندها أدركتُ تماماً أنّ جوانب عدة من شخصيتي تأثرت بأصولي اللبنانية».
بين كوبنهاغن وسيول وبلغراد، وصولاً إلى قاعة «كارنيغي» الشهيرة في نيويورك التي قدّم فيها حفلاً للمرة الأولى، يخوض ستيف بركات جولة عالمية طوال العام الحالي، تشمل أيضاً إسبانيا والصين والبرتغال وكوريا الجنوبية واليابان... يتحدث عن «طبيعة الأداء الفردي (Solo) التي تتيح حرية التكيّف مع كل حفل موسيقي وتشكيله بخصوصية. فالجولات تفسح المجال للتواصل مع أشخاص من ثقافات متنوعة والغوص في حضارة البلدان المضيفة وتعلّم إدراك جوهرها، مما يؤثر في المقاربة الموسيقية والفلسفية لكل أمسية».
يتوقف عند ما يمثله العزف على آلات البيانو المختلفة في قاعات العالم من تحدٍ مثير: «أكرّس اهتماماً كبيراً لأن تلائم طريقة عزفي ضمانَ أفضل تجربة فنية ممكنة للجمهور. للقدرة على التكيّف والاستجابة ضمن البيئات المتنوّعة دور حيوي في إنشاء تجربة موسيقية خاصة لا تُنسى. إنني ممتنّ لخيار الجمهور حضور حفلاتي، وهذا امتياز حقيقي لكل فنان. فهم يمنحونني بعضاً من وقتهم الثمين رغم تعدّد ملاهي الحياة».
كيف يستعد ستيف بركات لحفلاته؟ هل يقسو عليه القلق ويصيبه التوتر بإرباك؟ يجيب: «أولويتي هي أن يشعر الحاضر باحتضان دافئ ضمن العالم الموسيقي الذي أقدّمه. أسعى إلى خلق جو تفاعلي بحيث لا يكون مجرد متفرج بل ضيف عزيز. بالإضافة إلى الجانب الموسيقي، أعمل بحرص على تنمية الشعور بالصداقة الحميمة بين الفنان والمتلقي. يستحق الناس أن يلمسوا إحساساً حقيقياً بالضيافة والاستقبال». ويعلّق أهمية على إدارة مستويات التوتّر لديه وضمان الحصول على قسط كافٍ من الراحة: «أراعي ضرورة أن أكون مستعداً تماماً ولائقاً بدنياً من أجل المسرح. في النهاية، الحفلات الموسيقية هي تجارب تتطلب مجهوداً جسدياً وعاطفياً لا تكتمل من دونه».
عزف أناشيد نالت مكانة، منها نشيد «اليونيسف» الذي أُطلق من محطة الفضاء الدولية عام 2009 ونال جائزة. ولأنه ملحّن، يتمسّك بالقوة الهائلة للموسيقى لغة عالمية تنقل الرسائل والقيم. لذا حظيت مسيرته بفرص إنشاء مشروعات موسيقية لعلامات تجارية ومؤسسات ومدن؛ ومعاينة تأثير الموسيقى في محاكاة الجمهور على مستوى عاطفي عميق. يصف تأليف نشيد «اليونيسف» بـ«النقطة البارزة في رحلتي»، ويتابع: «التجربة عزّزت رغبتي في التفاني والاستفادة من الموسيقى وسيلة للتواصل ومتابعة الطريق».
تبلغ شراكته مع «يونيفرسال ميوزيك مينا» أوجها بنجاحات وأرقام مشاهدة عالية. هل يؤمن بركات بأن النجاح وليد تربة صالحة مكوّنة من جميع عناصرها، وأنّ الفنان لا يحلّق وحده؟ برأيه: «يمتد جوهر الموسيقى إلى ما وراء الألحان والتناغم، ليكمن في القدرة على تكوين روابط. فالنغمات تمتلك طاقة مذهلة تقرّب الثقافات وتوحّد البشر». ويدرك أيضاً أنّ تنفيذ المشاريع والمشاركة فيها قد يكونان بمثابة وسيلة قوية لتعزيز الروابط السلمية بين الأفراد والدول: «فالثقة والاهتمام الحقيقي بمصالح الآخرين يشكلان أسس العلاقات الدائمة، كما يوفر الانخراط في مشاريع تعاونية خطوات نحو عالم أفضل يسود فيه الانسجام والتفاهم».
بحماسة أطفال عشية الأعياد، يكشف عن حضوره إلى المنطقة العربية خلال نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل: «يسعدني الوجود في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا كجزء من جولة (Néoréalité) العالمية. إنني في مرحلة وضع اللمسات الأخيرة على التفاصيل والتواريخ لنعلن عنها قريباً. تملؤني غبطة تقديم موسيقاي في هذا الحيّز النابض بالحياة والغني ثقافياً، وأتحرّق شوقاً لمشاركة شغفي وفني مع ناسه وإقامة روابط قوامها لغة الموسيقى العالمية».
منذ إطلاق ألبومه «أرض الأجداد»، وهو يراقب جمهوراً متنوعاً من الشرق الأوسط يتفاعل مع فنه. ومن ملاحظته تزايُد الاهتمام العربي بالبيانو وتعلّق المواهب به في رحلاتهم الموسيقية، يُراكم بركات إلهاماً يقوده نحو الامتنان لـ«إتاحة الفرصة لي للمساهمة في المشهد الموسيقي المزدهر في الشرق الأوسط وخارجه».
تشغله هالة الثقافات والتجارب، وهو يجلس أمام 88 مفتاحاً بالأبيض والأسود على المسارح: «إنها تولّد إحساساً بالعودة إلى الوطن، مما يوفر ألفة مريحة تسمح لي بتكثيف مشاعري والتواصل بعمق مع الموسيقى التي أهديها إلى العالم».