دانت دول غربية أمس انتخابات مجلس تشريعي (برلمان) مخصص «للوطنيين» في هونغ كونغ، وقالت إن القوانين الجديدة التي فرضتها بكين وقلصت عدد الأعضاء المنتخبين بالاقتراع المباشر وجعلت الترشح مقتصراً على موالين لها، «ألغت» المعارضة.
وتشرف الصين على حملة قمع واسعة النطاق في هونغ كونغ رداً على احتجاجات حاشدة نظمت قبل عامين تخللتها مراراً أعمال عنف. وفرضت الصين قانوناً للأمن القومي مثيراً للجدل، وجرم غالبية الأنشطة المعارضة، وأدخل قواعد سياسية لاختبار ولاء المرشحين لمناصب رسمية.
والأحد، أجريت أول عملية انتخابية وفق القوانين الجديدة لاختيار أعضاء في المجلس التشريعي اتسمت بنسبة إقبال هي الأدنى في تاريخ المنطقة بعدما قلص عدد الأعضاء الذين يتم انتخابهم بالاقتراع المباشر من النصف إلى 22 في المائة.
ودانت بريطانيا والولايات المتحدة وكندا وأستراليا ونيوزيلندا في بيان مشترك النظام الجديد. واعتبرت الدول الحليفة أن «هذه التعديلات ألغت أي معارضة فعلية». وأعربت عن «قلقها البالغ» إزاء تداعيات قانون الأمن القومي و«القيود المتزايدة المفروضة على حرية التعبير والتجمع».
ودعت الصين أبناء هونغ كونغ إلى التمسك بالقواعد الجديدة، مصرة على أنها ستعيد الاستقرار إلى المنطقة وستقضي تماماً على عناصر «مناهضين للصين». لكن 30 في المائة فقط من الناخبين أدلوا بأصواتهم لاختيار ممثليهم في المجلس التشريعي للمدينة حيث يتم انتخاب عدد قليل منهم بالاقتراع العام بموجب قواعد جديدة فرضتها بكين ولا يمكن أن يترشح لها سوى «الوطنيين» الموالين للصين. وتعد نسبة الإقبال هذه أدنى معدل مشاركة على الإطلاق منذ إعادة المملكة المتحدة هونغ كونغ إلى كنف الصين عام 1997، وحتى منذ أول انتخابات بالاقتراع المباشر لأعضاء المجلس التشريعي عام 1991.
لكن الرئيسة التنفيذية كاري لام دافعت أمس عن النظام الانتخابي الجديد وقللت من أهمية الامتناع الكبير عن التصويت. وقالت في مؤتمر صحافي: «عادت هونغ كونغ إلى المسار الصحيح، المتمثل في دولة واحدة ونظامين»، في إشارة إلى النموذج الذي من المفترض أن يمنح الحكم الذاتي للإقليم. وأضافت «لا يمكننا نسخ ولصق النظام أو ما يسمى بالقواعد الديمقراطية للدول الغربية» مضيفة أنه تم الآن القضاء على العناصر «المعادية للصين» وبسط الاستقرار السياسي. وقال المتحدث باسم الخارجية الصينية تشاو ليجيان إن الإقبال الضعيف سببه الجائحة «والعناصر المناهضة للصين والمصممون على تدمير هونغ كونغ وتدخل القوى الخارجية».
وزارت لام بكين أمس للقاء قادة صينيين، وحالياً بات التركيز منصباً على تلقيها الدعم لولاية ثانية من عدمه. ففي مارس (آذار) ستختار لجنة مؤلفة من 1500 عضو موالين بغالبيتهم لبكين الرئيس التنفيذي الجديد للمنطقة. وتراجع التأييد للام إلى نحو 36 في المائة، وهي لم تعلن ما إذا كانت تنوي الترشح لولاية جديدة.
ولم يشهد الإقليم، تحت السيادة البريطانية أو الصينية، ديمقراطية كاملة، ما أدى في عدة مناسبات إلى احتجاجات واسعة.
في الأسابيع التي سبقت الانتخابات، نشرت الحكومة صفحات إعلانية في الصحف ووزعت منشورات في صناديق بريد وأرسلت رسائل نصية ضخمة لتذكير سكان هونغ كونغ بالتصويت. وظلت خدمة وسائل النقل العامة مجانية طوال يوم الانتخابات.
واعتبر كينيث تشان، أستاذ العلوم السياسية في جامعة هونغ كونغ، أن الإقبال المنخفض «محرج للغاية» للحكومة. وقال إن «معظم الناخبين المدافعين عن الديمقراطية قرروا الامتناع عن التصويت للتعبير عن رفضهم». والمجلس التشريعي (ليغكو)، المكون من تسعين مقعداً تم انتخاب عشرين منهم في الاقتراع العام، هو الهيئة المسؤولة عن التصويت على القوانين في المستعمرة البريطانية السابقة، البالغ عدد سكانها 7.5 مليون نسمة وما زال نظامها القانوني مختلفاً عن نظام الصين القارية.
وكانت الشخصيات الموالية للصين مُنحت دائماً غالبية المقاعد في المجلس، لكن كان يسمح لأقلية من المعارضين بشغل عدد من المقاعد فيه، ما جعله ساحة لمناقشات حيوية جداً في أغلب الأحيان. ووضعت القواعد الجديدة التي فرضتها بكين حداً لهذا التقليد. وأقصي عشرات المعارضين ممن يؤيدون تعزيز الديمقراطية من الانتخابات. ويقبع أكثر من عشرة من أعضاء المجلس الذين انتخبوا في اقتراع 2016 في السجن حالياً بموجب قانون «الأمن القومي» الصارم الذي فرضته بكين العام الماضي بينما فر ثلاثة آخرون إلى الخارج.
وكتب ناثان لو، العضو السابق في المجلس التشريعي الذي يعيش في المنفى بلندن، في تغريدة الأحد: «لا يريد الناس التصويت لمجلس صوري، والتظاهر بأن الأمر على ما يرام».
إدانات غربية لانتخاب برلمان «موالٍ لبكين» في هونغ كونغ
اختياره جاء وفقاً لقواعد مثيرة للجدل ووسط مشاركة متدنية
إدانات غربية لانتخاب برلمان «موالٍ لبكين» في هونغ كونغ
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة