اتفاق إسلامي على إنشاء صندوق إغاثة إنساني لأفغانستان... وتثمين لمبادرة السعودية

دعوات للمجتمع الدولي لمساعدة الأفغان وتضافر الجهود لمكافحة الإرهاب والعنف

رئيس الوزراء الباكستاني خلال استقباله وزير الخارجية السعودي في إسلام آباد أمس (واس)
رئيس الوزراء الباكستاني خلال استقباله وزير الخارجية السعودي في إسلام آباد أمس (واس)
TT
20

اتفاق إسلامي على إنشاء صندوق إغاثة إنساني لأفغانستان... وتثمين لمبادرة السعودية

رئيس الوزراء الباكستاني خلال استقباله وزير الخارجية السعودي في إسلام آباد أمس (واس)
رئيس الوزراء الباكستاني خلال استقباله وزير الخارجية السعودي في إسلام آباد أمس (واس)

سعت الدول الإسلامية للتصدي للأزمة الاقتصادية والإنسانية المتفاقمة في أفغانستان في بداية اجتماع استثنائي لمجلس وزراء خارجية الدول الأعضاء في منظمة التعاون الإسلامي لمناقشة الوضع الإنساني في أفغانستان في العاصمة الباكستانية إسلام آباد أمس، حيث تم الاتفاق على إنشاء صندوق إغاثة إنساني لأفغانستان.
وطالب عمران خان رئيس الوزراء الباكستاني خلال الجلسة الافتتاحية بدعم الشعب الأفغاني، والتفريق بين حكومة طالبان و40 مليون مواطن أفغاني، مشيراً إلى أن عدم القيام بـ«عمل فوري» سيؤدي بأفغانستان إلى حالة من الفوضى لا تناسب أحداً في العالم.
فيما شدد الأمير فيصل بن فرحان وزير الخارجية السعودي في الكلمة التي ألقاها بالجلسة الافتتاحية للاجتماع على ضرورة ضمان عدم استخدام أفغانستان لإيواء الجماعات الإرهابية والمتطرفة، في إشارة إلى أن محاربة الإرهاب في أفغانستان تشكل أولوية قصوى، وأن على سلطة الأمر الواقع هناك مسؤولية مكافحته.
وأكد وزير الخارجية السعودي أن تدهور الأوضاع الإنسانية في أفغانستان سيؤثر على الاستقرار الإقليمي، مستنكراً الهجمات الإرهابية لــ«داعش» في أفغانستان، معتبراً أن انهيار الوضع الحالي في أفغانستان سيقود لفوضى تؤثر إقليمياً وعالمياً.
ودعا وزير الخارجية السعودي، المجتمع الدولي، للمساعدة في وقف تدهور الأوضاع في أفغانستان، مشدداً على ضرورة أن يسهم الأفغان أنفسهم في إنهاء المأساة التي تعيشها بلادهم.
وأعلن الأمير فيصل بن فرحان، تسيير جسر جوي وبري سعودي لنقل المساعدات الإنسانية لأفغانستان، معرباً عن أمله في خلق آليات لتقديم المساعدات الإنسانية إلى الشعب الأفغاني.
فيما دعا حسين إبراهيم طه الأمين العام لمنظمة التعاون الإسلامي، جميع الأطراف الأفغانية، إلى العمل من أجل إعلاء مصلحة الشعب الأفغاني وحماية الأرواح ونبذ العنف، وإحلال السلام الدائم من أجل تحقيق تطلعات الشعب الأفغاني وآماله في الاستقرار والعيش الكريم والرفاهية.
وأكد في هذا الصدد دعم منظمة التعاون الإسلامي لعملية السلام في أفغانستان، معرباً أيضاً عن استعداد المنظمة التام للتعاون مع الجهود الإقليمية والدولية الرامية إلى تحقيق السلام للشعب الأفغاني، وتسخير جميع إمكاناتها لتحقيق السلام والأمن والاستقرار في أفغانستان، وإجراء الاتصالات اللازمة في هذا الصدد.
وتقدم الأمين العام بخالص الشكر للسعودية، رئيسة الدورة الرابعة عشرة للقمة الإسلامية، لمبادرتها بالدعوة لعقد هذا الاجتماع المهم والذي يأتي في إطار التزامها الراسخ في دعم التضامن والعمل الإسلامي المشترك. كما تقدم بخالص الشكر لحكومة باكستان وشعبها على استضافة المؤتمر وكرم الضيافة وحسن الوفادة للمشاركين، مؤكدة مجدداً التزامها التام بنصرة قضايا الأمة الإسلامية وحرصها على تعزيز الأمن والسلم في الإقليم.
إلى ذلك، أكد الدكتور نايف الحجرف، الأمين العام لمجلس التعاون لدول الخليج العربية، على ضرورة الاستجابة الدولية لتقديم المساعدات الإنسانية للشعب الأفغاني، مثمناً جهود منظمة التعاون الإسلامي في هذا الصدد، مشيداً بمبادرة السعودية، دولة الرئاسة الحالية لمنظمة التعاون الإسلامي، للدعوة بعقد الدورة الاستثنائية السابعة عشرة لمجلس وزراء خارجية الدول الأعضاء في المنظمة لمناقشة الوضع الإنساني في أفغانستان والذي ينعقد في إسلام آباد.
فيما دعا مارتن غريفيثس وكيل الأمين العام للأمم المتحدة للشؤون الإنسانية ومنسق الإغاثة في حالات الطوارئ، إلى تمويل مرن من المانحين لدعم الخدمات الأساسية، مثل: الصحة والتعليم والكهرباء وسبل العيش، واستخدام التمويل لضمان تلقي العاملين في القطاع العام رواتبهم. وقال: «لا تملك العائلات «ببساطة» المال اللازم للمعاملات اليومية، بينما تستمر أسعار السلع الأساسية في الارتفاع، وارتفعت تكلفة القمح والوقود بنحو 40 في المائة، ويشكل الغذاء الآن أكثر من 80 في المائة من متوسط إنفاق الأسرة.
ويعد اجتماع دول منظمة التعاون الإسلامي والذي عقد بحضور ممثلي 57 دولة إسلامية، أول مؤتمر كبير بشأن أفغانستان منذ سيطرة «طالبان» على البلاد في أغسطس (آب) الفائت. وسيكون مركز إسلام آباد الإداري مغلقاً تماماً أمام العامة ويحضر الاجتماع ممثلو للأمم المتحدة ومؤسسات مالية دولية وكذلك للقوى الكبرى ومن بينها الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي واليابان.
يذكر أنه بعد عودة «طالبان» إلى السلطة، جمد المجتمع الدولي مليارات الدولارات من المساعدات والأصول، ما أدى إلى خطر حدوث أزمة إنسانية كبيرة.
من جهة أخرى، أكد عمران خان رئيس الوزراء الباكستاني والأمير فيصل بن فرحان بن عبد الله وزير الخارجية السعودي على أهمية وقوف المجتمع الدولي إلى جانب أفغانستان عبر مكافحة الإرهاب والتطرف في أفغانستان، ودعم الاقتصاد الأفغاني لضمان عدم انهياره ما قد يؤثر على المنطقة والعالم وذلك خلال لقاء ثنائي أمس.



اعتماد الخطة التنفيذية لـ«وثيقة بناء الجسور» بين المذاهب الإسلامية

مفتو الأمة الإسلامية وعلماؤها ثمَّنوا جهود إعادة صياغة العلاقات المذهبية في «وثيقة بناء الجسور» (الشرق الأوسط)
مفتو الأمة الإسلامية وعلماؤها ثمَّنوا جهود إعادة صياغة العلاقات المذهبية في «وثيقة بناء الجسور» (الشرق الأوسط)
TT
20

اعتماد الخطة التنفيذية لـ«وثيقة بناء الجسور» بين المذاهب الإسلامية

مفتو الأمة الإسلامية وعلماؤها ثمَّنوا جهود إعادة صياغة العلاقات المذهبية في «وثيقة بناء الجسور» (الشرق الأوسط)
مفتو الأمة الإسلامية وعلماؤها ثمَّنوا جهود إعادة صياغة العلاقات المذهبية في «وثيقة بناء الجسور» (الشرق الأوسط)

تبنَّى كبار مفتي الأمة الإسلامية وعلمائها ومفكريها من كل المذاهب والمدارس الإسلامية، السبت، «موسوعة المؤتلف الفكري الإسلامي»، واعتمدوا الخطة الاستراتيجية والتنفيذية لوثيقة «بناء الجسور بين المذاهب الإسلامية».

جاء ذلك في ختام النسخة الثانية من المؤتمر الدولي الذي انعقد يومي 6 و7 مارس (آذار) الحالي في مكة المكرمة (غرب السعودية)، تحت عنوان «نحو مؤتلفٍ إسلاميٍّ فاعِل»، تحت رعاية من خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز، وبمشاركة واسعة من ممثلي المذاهب والمدارس الإسلامية من نحو 90 دولة.

المؤتمر عزز التآخي والتضامن الإسلامي بين المذاهب كافة (رابطة العالم الإسلامي)
المؤتمر عزز التآخي والتضامن الإسلامي بين المذاهب كافة (رابطة العالم الإسلامي)

وأكّد كبار مفتي الأمة الإسلامية وعلمائها ومفكريها، في البيان الختامي، على موقفهم الداعم لصمود الشعب الفلسطيني على أرضِه، ورفْض مشاريع التهجير والتدمير، ومطالبة المجتمع الدولي بالاعتراف بحقوق الشعب الفلسطيني المشروعة في إقامة دولته المستقلة، وعاصمتها القدس الشريف، وتشكيل وفودٍ من علماء الوثيقة؛ لحشد الجهود العالمية من الشخصيات الدينية والمجتمعية المؤثرة لنصرة قضيته، واستعادة حقوقه.

وشهد المؤتمرونَ تدشين «موسوعة المؤتلف الفكري الإسلامي» التي أشرف على إعدادها مركز الحماية الفكرية بوزارة الدفاع بالسعودية، وقام بإعدادها 60 عالماً، في نحو 1800 صفحة، وتم تحكيمها من قِبَل الأمانة العامة لهيئة كبار العلماء بالسعودية، وعدد من أعضاء الهيئة، ومجمع الفقه الإسلامي، والمجلس الأعلى لرابطة العالم الإسلامي لتكون خريطة طريق للعلاقات بين المذاهب الإسلامية وفق مفهوم المشترك الإسلامي الجامع.

الدكتور محمد العيسى لدى تدشينه «موسوعة المؤتلف الفكري الإسلامي» (رابطة العالم الإسلامي)
الدكتور محمد العيسى لدى تدشينه «موسوعة المؤتلف الفكري الإسلامي» (رابطة العالم الإسلامي)

«الوثيقة» أساس مسار العمل المشترك

وقرَّرَ المؤتمرون اعتبارَ «وثيقة بناء الجسور بين المذاهب الإسلامية» ببنودها 28 الأساس والمنطلَق في مسار العمل الإسلامي المشترك «علميّاً» و«فكريّاً»، في أفق تعزيز التآخي والتضامن بين شعوب الأمّة المسلمة.

وأعلنوا تبنّي «موسوعة المؤتلف الفكري الإسلامي» التي أعدّها مركز الحماية الفكرية بالسعودية، والعمل على التعريف بها، ونشرها في مختلف الأوساط العلمية والمناسبات الدولية؛ لتكون خريطة طريق للعلاقات بين المذاهب الإسلامية، وفق مفهوم المشترك الإسلامي الجامع. كما أعلنوا اعتماد «الخطة الاستراتيجية والتنفيذية» لـ«وثيقة بناء الجسور بين المذاهب الإسلامية».

وقرر المؤتمرون تعديل مسمى «اللجنة التنسيقية»، في الوثيقة إلى «المجلس التنسيقي بين المذاهب الإسلامية»، واعتماد نظام المجلس، ومقترح تسمية رئيسه وأعضائه وأمينه، على أن يتولى المجلس العمل على مسارات تفعيل بنود الوثيقة في المجتمعات المسلمة، والإشراف على تنفيذ «الخطة الاستراتيجية والتنفيذية لوثيقة بناء الجسور بين المذاهب الإسلامية»، ومتابعة البرامج والمبادرات المنبثقة عنها.

جانب من تلاوة البيان الختامي للمؤتمر الدولي الثاني في مكة المكرمة (رابطة العالم الإسلامي)
جانب من تلاوة البيان الختامي للمؤتمر الدولي الثاني في مكة المكرمة (رابطة العالم الإسلامي)

جائزة سنوية

وأعلنوا إطلاق جائزة سنوية تُقدَّم للروّاد من المؤسسات والأفراد الذين يُسهمون في تحقيق أهداف الوثيقة، وشدَّد المؤتمرون على اعتزازهم بالهوية الجامعة، وتمسُّكهم بأصول الإسلام ومحكماته، ودعوا إلى أهمية احترام وجود التنوع الإسلامي، والتعامل في مسائل الخلاف ضمن الأُطر الإسلامية المؤسَّسة على أدب الخلاف، وعدم الانجرار إلى مزالق التكفير ومخاطر التناحر والتنابز.

وحذَّر المشاركون من تبعاتِ ما تشهدُهُ بعضُ الوسائط الإعلامية من سِجالاتٍ حادة تُوغر الصدور وتثير النزاع والفرقة بذرائع تجلب من المفاسد أعظم مما تتوهَّمه من المصالح، مثمِّنين الجهود النوعية للرابطة في إعادة صياغة العلاقات المذهبية في «وثيقة بناء الجسور»، على أُسُسٍ متينة من حكمة الشرع وسعته، وحرصها ألا يكون هذا المسلك مبادرةً آنيةً فحسب، بل برامج عملية، وشراكاتٍ استراتيجية تستثمر المُشتَرك الواسع، نحو مستقبل أكثر تكاملاً وتلاحماً بين أبناء الأمة الإسلامية.

أكد المؤتمر على منجزات وثيقة «بناء الجسور بين المذاهب» الصادرة العام الماضي (رابطة العالم الإسلامي)
أكد المؤتمر على منجزات وثيقة «بناء الجسور بين المذاهب» الصادرة العام الماضي (رابطة العالم الإسلامي)

التأكيد على المسار الوحدوي

وأكَّد المؤتمرون من علماء ومفتين ومفكرين عزمهم على المُضيِّ قدماً نحو الطموح الكبير لوثيقة مؤتمرهم التأسيسي، التي وضعت أسس مسار أخوّتهم وتضامنهم على أصول الإسلام ومشتركاته الكلية، واتخاذ خطوات أبعد في هذا المسار الوحدوي، بوصفها وثيقة عملية تجاوزت مُعادَ الحِوَارات ومُكرَّرها التي استوت على سوقها من سنين، مشددين على أنه لم يبقَ سوى التفعيلِ والعملِ وهو بناء الجسور في مسيرة التضامُن الإسلامي «نحو مؤتلف إسلاميٍّ فاعِل» وفق عملٍ منهجيٍّ تتبلور فيه الوثيقة في مبادراتٍ ومشروعاتٍ تُعزِّز الوعي الإسلامي مرسخةً منهج اعتداله، وداحضةً خطاب الطائفية ومُمارساتِها.

وتقدَّم المشاركون في المؤتمر بالشكر الجزيل لخادم الحرمين الشريفين، والأمير محمد بن سلمان ولي العهد رئيس مجلس الوزراء، على ما يضطلعان به من خدمات جليلة للإسلام والمسلمين، في إطار ما تقدمه السعودية من الجهود الدؤوبة والحثيثة لائتلافهم، وتآخي مكوّناتهم، وتعزيز تضامنهم، في سياق دورها الريادي.

المؤتمر شهد التأكيد على أهمية تجاوز الخلافات والانطلاق نحو آفاق أرحب من التعاون والتضامن (رابطة العالم الإسلامي)
المؤتمر شهد التأكيد على أهمية تجاوز الخلافات والانطلاق نحو آفاق أرحب من التعاون والتضامن (رابطة العالم الإسلامي)

وشارك في الجلسة العلمائية الرفيعة المخصصة لتلاوة البيان الختامي، كُلٌّ من الشيخ الدكتور محمد العيسى الأمين العام للرابطة رئيس هيئة علماء المسلمين، والشيخ الدكتور صالح بن حميد المستشار في الديوان الملكي السعودي إمام وخطيب المسجد الحرام، والشيخ الدكتور عبد الرحمن السديس رئيس الشؤون الدينية بالحرمين إمام وخطيب المسجد الحرام، والشيخ أحمد مبلغي عضو مجلس خبراء القيادة في إيران، والدكتور مصطفى قطب سانو الأمين العام لمجمع الفقه الإسلامي الدولي بمنظمة التعاون الإسلامي، والدكتور يوسف بن سعيد عضو هيئة كبار العلماء بالمملكة، والشيخ محمد عسيران مفتي صيدا اللبنانية.