قيادية كردية: اللقاء مع حكومة دمشق لا يعني إضفاء الشرعية

قالت في اجتماع «مسد» إن العالم فقد اهتمامه بالملف السوري

إلهام أحمد في مؤتمر «مسد» بمدينة الرقة (الشرق الأوسط)
إلهام أحمد في مؤتمر «مسد» بمدينة الرقة (الشرق الأوسط)
TT

قيادية كردية: اللقاء مع حكومة دمشق لا يعني إضفاء الشرعية

إلهام أحمد في مؤتمر «مسد» بمدينة الرقة (الشرق الأوسط)
إلهام أحمد في مؤتمر «مسد» بمدينة الرقة (الشرق الأوسط)

قالت الرئيسة التنفيذية لـ«مجلس سوريا الديمقراطية - مسد» إلهام أحمد، إن الحوار واللقاء مع حكومة دمشق، لا يعني تعويمها وإضفاء الشرعية عليها، وكشفت عن تعثر الجهود الروسية ومساعيها لإعادة المفاوضات بين دمشق والقامشلي، في وقت نفت «قوات سوريا الديمقراطية» صحة الأخبار التي تداولتها الوكالة السورية للأنباء (سانا)، حول عمليات القوات بريف دير الزور الشرقي، واتهمتها بممارسة التضليل الإعلامي بهدف الانتقام من سكان المنطقة الذين رفضوا المصالحات.
وعقدَ مجلس «مسد»، اجتماعه السنوي، السبت الماضي، لتقييم نتائج ومخرجات مؤتمر محلي أطلق عليه «أبناء الجزيرة والفرات»، في مدينة الرقة شمال سوريا، بمشاركة سياسيين وشخصيات ثقافية وناشطين مدنيين وقيادات من الإدارة الذاتية. وذكرت القيادية الكردية إلهام أحمد، أن تحالف «مـسـد» ملتزم بالقرارات الدولية، في مقدمتها القرار الأممي 2254، وشددت على أن التفاوض مع حكومة دمشق: «مسار لا يعني تعويم وإضفاء الشرعية على حكومة دمشق، وإنما تقديم دور في سبيل سعينا للوصول لحل في سوريا». وأقرت بتعثر الجهود الروسية ومساعيها لإعادة المفاوضات بين دمشق والقامشلي، لافتة إلى أن مناطق شمال شرقي البلاد الخاضعة لنفوذها، تمتلك مقومات الحل وبإمكانها قيادة عملية حقيقية لإنجاح العملية السياسية.
في سياق متصل، أكد مظلوم عبدي القائد العام لقوات «قسد»، في اجتماعه الخميس الفائت مع قادة المجلس المدني والعسكري لمناطق ريف دير الزور الشرقي، أن عملية التفاوض مع النظام الحاكم متوقفة، ولا توجد جولات جديدة للحوار. وعن الشائعات حول تسليم مناطق ودخول القوات الحكومية، شدد على أن «دخول النظام إلى المنطقة محاولة فاشلة لزيادة نفوذه فيها، بهدف زعزعة أمنها واستقرارها، ما يصب في خانة المصالحات المحلية التي تدعي حكومة دمشق إجراءها في المناطق الخاضعة لسيطرتها.
هذا وكانت إلهام أحمد قد عقدت لقاءات مع وزراء خارجية السويد وفنلندا في 10 و11 من الشهر الحالي. ولفتت في الاجتماع السنوي لمجلس «مسد»، إلى تراجع الاهتمام الدولي بالملف السوري: «لاحظنا خلال لقاءاتنا بالدول الفاعلة، أن الملف السوري تنحى عن الصدارة في الاهتمام الدولي، وتحول الملف من سياسي إلى إنساني». وعن نقاط التوافق الدولية في الملف السوري، خلال لقاءاتها الخارجية الأخيرة، التي شملت بالإضافة إلى ستوكهولم وهلسنكي، كلاً من واشنطن وموسكو، قالت إنها تمحورت على تجميد الصراع في كافة المناطق، «حتى مسار اللجنة الدستورية غير متوافق مع الوضع الحالي، فمن غير الممكن حل الأزمة بمعزل عن المحيط الإقليمي».
ونوهت أحمد بأن تمرير المساعدات الإنسانية يتم عبر موافقة حكومة دمشق، وتدخل من معبر باب الهوى لمناطق تخضع لسيطرة فصائل سورية مسلحة معارضة، في الوقت الذي أغلق فيه معبر تل كوجر – اليعربية، وهو ما يعد ازدواجية في المعايير، وخضوعاً لمزاجية السلطات في دمشق «ولا يعتبر هذا عدلاً».
واعتبرت أن مسار تطوير وتحديث الإدارة الذاتية وقواتها الأمنية، أولوية مركزية لخطة العام المقبل، وقالت إن الحوارات مع كافة المكونات وشرائح المجتمع في المنطقة «من أجل المضي قدماً في تطوير نموذج الإدارة، وتوسيع قاعدة التشاركية المجتمعية».
إلى ذلك أصدر المركز الإعلامي لقوات «قسد»، بياناً نشر على موقعه الرسمي، حول الأخبار والتقارير التي نشرتها وكالة «سانا» التابعة للحكومة السورية، عن تصاعد الوضع الأمني في ريف دير الزور، قالت فيه: «نشرت (سانا) أخباراً كاذبة بخصوص عمليات قواتنا ضد خلايا (داعش)، وأن قواتنا لم تقم بأي عملية في بلدة أبو النيتل خلال الأيام الماضية». وأشار البيان إلى تعمد الوكالة إظهار خلايا نشطة موالية لتنظيم «داعش» اعتقلهم القوات بعد تورطهم بتنفيذ عمليات انتقامية، «كأنهم مدنيون». و«هذا تأكيد على محاولات تضليل الرأي العام، وعدم قدرة (النظام) على تحمل نجاحات قواتنا في حماية الأهالي والمنطقة، من خطر (داعش) والخلايا المشابهة له»، حسب البيان.
كانت وكالة «سانا» نشرت خبراً يفيد بمقتل 3 من مسلحي «قسد»، بهجوم شنته «فصائل المقاومة الشعبية» استهدف سيارة تقلهم على طريق حقل العمر النفطي شرق دير الزور. وقالت في خبر ثان، إن القوات داهمت عدة منازل في بلدة أبو النيتل بريف دير الزور الشمالي بمساندة حوامات تابعة للقوات الأميركية وخطفت عدداً من أهالي البلدة.
من جانبه، قال مدير المركز الإعلامي للقوات، فرهاد شامي، «نؤكد أن هذا الخبر كاذب ولم يتعرض مقاتلونا لأي هجوم في المنطقة المذكورة»، وشدد على أن تبني «سانا» للعمليات الإرهابية التي تستهدف المنطقة والترويج لها «إنما يؤكد مساعي القائمين عليها في الانتقام من أهالي المنطقة، الذين رفضوا وبشدة ما يسمى بعمليات المصالحة والتسويات، التي كانت سلطة دمشق تروج لها خلال الفترة الماضية في منطقة دير الزور المحررة».



نصف سكان اليمن يواجهون تهديدات زائدة بسبب تغير المناخ

الأمطار في اليمن تترك مخيمات النازحين بأوضاع سيئة (المجلس النرويجي للاجئين)
الأمطار في اليمن تترك مخيمات النازحين بأوضاع سيئة (المجلس النرويجي للاجئين)
TT

نصف سكان اليمن يواجهون تهديدات زائدة بسبب تغير المناخ

الأمطار في اليمن تترك مخيمات النازحين بأوضاع سيئة (المجلس النرويجي للاجئين)
الأمطار في اليمن تترك مخيمات النازحين بأوضاع سيئة (المجلس النرويجي للاجئين)

نبّه البنك الدولي إلى المخاطر الزائدة التي يواجهها اليمن نتيجة لتغير المناخ، في وقت يعاني فيه من نزاع طويل الأمد نتيجة انقلاب الحوثيين على السلطة الشرعية. وأكد أن سكاناً كثيرين يواجهون تهديدات نتيجة تغير المناخ، مثل الحرارة الشديدة، والجفاف، والفيضانات.

وذكر ستيفان غيمبيرت، المدير القطري للبنك الدولي في مصر واليمن وجيبوتي، أن «اليمن يواجه تقاطعاً غير مسبوق للأزمات: النزاع، وتغير المناخ، والفقر». وطالب باتخاذ إجراءات فورية وحاسمة «لتعزيز المرونة المناخية لأن ذلك مرتبط بحياة الملايين من اليمنيين». وقال إنه من خلال الاستثمار في الأمن المائي، والزراعة الذكية مناخياً، والطاقة المتجددة، يمكن لليمن أن يحمي رأس المال البشري، ويعزز المرونة، ويضع الأسس «لمسار نحو التعافي المستدام».

الجفاف والفيضانات والحرارة الشديدة تهدد ملايين اليمنيين (الأمم المتحدة)

وفي تقرير لمجموعة البنك الدولي الذي حمل عنوان «المناخ والتنمية لليمن»، أكد أن البلاد تواجه تهديدات بيئية حادة، مثل ارتفاع درجات الحرارة، والتغيرات المفاجئة في أنماط الأمطار، والزيادة في الأحداث الجوية المتطرفة، والتي تؤثر بشكل كبير على أمن المياه والغذاء، بالإضافة إلى التدهور الاقتصادي.

ووفق ما جاء في التقرير الحديث، فإن نصف اليمنيين يواجهون بالفعل تهديدات من تغير المناخ مثل الحرارة الشديدة، والجفاف، والفيضانات. ‏وتوقع أن ينخفض الناتج المحلي الإجمالي السنوي لليمن بنسبة 3.9 في المائة بحلول عام 2040 إذا استمرت السيناريوهات المناخية السلبية، مما يفاقم أزمة الفقر وانعدام الأمن الغذائي.

تحديات متنوعة

في حال تم تطبيق سيناريوهات مناخية متفائلة في اليمن، تحدث تقرير البنك الدولي عن «فرص استراتيجية» يمكن أن تسهم في تعزيز المرونة، وتحسين الأمن الغذائي والمائي. وقال إن التوقعات أظهرت أن الاستثمارات في تخزين المياه وإدارة المياه الجوفية، مع استخدام تقنيات الزراعة التكيفية، قد تزيد الإنتاجية الزراعية بنسبة تصل إلى 13.5 في المائة بين عامي 2041 و2050.

وامتدت تحذيرات البنك الدولي إلى قطاع الصيد، الذي يُعد أحد المصادر الأساسية للعيش في اليمن، وتوقع أن تتسبب زيادة درجات حرارة البحر في خسائر تصل إلى 23 في المائة في قطاع الصيد بحلول منتصف القرن، مما يعمق الأزمة الاقتصادية، ويسهم في زيادة معاناة المجتمعات الساحلية.

التغيرات المناخية ستسهم في زيادة الفقر وانعدام الأمن الغذائي (إعلام محلي)

واستعرض البنك في تقريره التحديات الصحية الناجمة عن تغير المناخ، وقال إنه من المتوقع أن يكلف ذلك اليمن أكثر من 5 مليارات دولار بحلول عام 2050، وتتضمن هذه التكاليف الرعاية الصحية الزائدة نتيجة للأمراض المرتبطة بالطقس مثل الملاريا والكوليرا، وهو ما يضع ضغطاً إضافياً على النظام الصحي الذي يعاني بالفعل من ضعف شديد.

ولهذا، نبّه التقرير إلى أهمية دمج المرونة المناخية في تخطيط الصحة العامة، مع التركيز على الفئات الضعيفة، مثل النساء والأطفال. وفيما يتعلق بالبنية التحتية، أشار التقرير إلى أن المناطق الحضرية ستكون الأكثر تأثراً بازدياد الفيضانات المفاجئة، مع تحذير من أن التدابير غير الكافية لمواجهة هذه المخاطر ستؤدي إلى صدمات اقتصادية كبيرة تؤثر على المجتمعات الهشة.

وفيما يخص القطاع الخاص، أكد التقرير على أن دوره في معالجة التحديات التنموية العاجلة لا غنى عنه. وقال خواجة أفتاب أحمد، المدير الإقليمي للبنك الدولي لـ«الشرق الأوسط»، إن «القطاع الخاص له دور حيوي في مواجهة التحديات التنموية العاجلة في اليمن. من خلال آليات التمويل المبتكرة، يمكن تحفيز الاستثمارات اللازمة لبناء مستقبل أكثر خضرة ومرونة».

وتناول التقرير إمكانات اليمن «الكبيرة» في مجال الطاقة المتجددة، وقال إنها يمكن أن تكون ركيزة أساسية لاستجابته لتغير المناخ، لأن الاستثمار في الطاقة الشمسية وطاقة الرياح سيسهم في تقليل الاعتماد على الوقود الأحفوري، وتوفير بنية تحتية مرنة لدعم الخدمات الحيوية، مثل الصحة والمياه.

تنسيق دولي

أكد البنك الدولي على «أهمية التنسيق الدولي» لدعم اليمن في بناء مرونة مناخية مستدامة، مع ضرورة ضمان السلام المستدام كون ذلك شرطاً أساسياً لتوفير التمويل اللازم لتنفيذ هذه الاستراتيجيات.

ورأى أن اتخاذ قرارات مرنة، وتكييف الإجراءات المناخية مع الواقع السياسي في اليمن، من العوامل الحاسمة في مواجهة التحديات، وقال إن التركيز على «السلام والازدهار» يمكن أن يحقق فوائد اقتصادية واجتماعية أكبر في المستقبل.

وزير المياه والبيئة اليمني مشاركاً في فعاليات تغير المناخ (إعلام حكومي)

من جهته، أكد وزير المياه والبيئة توفيق الشرجبي في الجلسة الخاصة بمناقشة هذا التقرير، التي نظمها البنك الدولي على هامش مؤتمر الأطراف في اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن تغير المناخ، أهمية دمج العمل المناخي في استراتيجية التنمية، والتكيف مع تقلبات المناخ، ومناقشة العلاقة بين المناخ والنزاع والتنمية.

وأشار وزير المياه والبيئة اليمني إلى أن تقرير المناخ والتنمية يشكل مساهمة جيدة لليمن في مواجهة تغير المناخ، وسيعمل على تسهيل الوصول لعدد من التمويلات المناخية في ظل الهشاشة الهيكلية والتقنية التي تعيشها المؤسسات جراء الحرب.

وقال الشرجبي إن التقرير يتماشى بشكل كبير مع الأولويات العاجلة لليمن، خصوصاً في مجال الأمن المائي والغذائي، وتعزيز سبل العيش، وتشجيع نهج التكيف المناخي القائم على المناطق، لافتاً إلى أهمية دور الشركاء التنمويين لليمن في تقديم المساعدة التكنولوجية والتقنية، وبناء القدرات.