نبيه بري: ذاهبون للأسوأ إذا لم نتحرك سريعاً لمعالجة الأزمات

قال لـ«الشرق الأوسط» إن من الضروري الإصرار على إجراء الانتخابات النيابية

الرئيس نبيه بري مترئساً جلسة لمجلس النواب اللبناني (رويترز)
الرئيس نبيه بري مترئساً جلسة لمجلس النواب اللبناني (رويترز)
TT

نبيه بري: ذاهبون للأسوأ إذا لم نتحرك سريعاً لمعالجة الأزمات

الرئيس نبيه بري مترئساً جلسة لمجلس النواب اللبناني (رويترز)
الرئيس نبيه بري مترئساً جلسة لمجلس النواب اللبناني (رويترز)

حذر رئيس البرلمان اللبناني نبيه بري، من مخاطر عدم معالجة الأزمات المتراكمة في لبنان، منبهاً إلى أن عدم التحرك سريعاً يعني أننا ذاهبون إلى الأسوأ، وقال بري لـ«الشرق الأوسط»، إن الأسبوع الحالي حاسم في تحديد مسار الأمور.
وفيما تتجه الأنظار إلى ما سيكون عليه قرار المجلس الدستوري بشأن الطعن المقدم من قبل «التيار الوطني الحر» حول قانون الانتخابات، ترتفع الأصوات المحذرة من تأجيل الاستحقاق أو تطييره، كما بدأ حزب «القوات اللبنانية» التلويح بالنزول إلى الشارع احتجاجاً في حال تقرر هذا الأمر.
ولاحظ الرئيس بري «الاهتمام الدولي الكبير بإجراء الانتخابات النيابية»، معتبراً أنه «أمر طبيعي، كما من الطبيعي والضروري إصرارنا على إجراء هذه الانتخابات»، موضحاً أن الأسبوع المقبل «يحمل مواعيد مهمة من شأنها أن تحرك المياه الراكدة»، متوقعاً أن يصدر قرار المجلس الدستوري غداً الاثنين، أو بعده على أبعد تقدير، وهذا من شأنه أن يفرض ديناميات جديدة أياً يكون القرار (الذي سيصدر في ملف الطعن المقدم من التيار الوطني الحر في التعديلات التي أجريت على قانون الانتخاب).
وأشار الرئيس بري إلى أن «ثمة حراكاً جدياً لإيجاد مخارج»، لكنه أشار إلى أن ملف الأزمة الحكومية «يراوح مكانه»، داعياً في المقابل إلى العمل بجدية من أجل معالجة الأوضاع التي يمر بها اللبنانيون «وإلا فإننا ذاهبون نحو الأسوأ حكماً».
وأمس دعا النائب في «حزب القوات» جورج عقيص، المواطنين، إلى «البقاء جاهزين للنزول إلى الشوارع في حال ثبتت النيات لتطيير الانتخابات»، مؤكداً أن هذا الاستحقاق «محطة أساسية وشرط أساسي للتغيير لأنه لن يحصل تغيير مع السلطة الحالية الحاكمة، فالممهد لكل تغيير هو الانتخابات».
وقال في حديث أمس، «المطلوب اليوم ضمان إجراء الانتخابات النيابية، وأن نمنع السلطة الفاسدة من مصادرة رأي اللبنانيين»، مشيراً إلى أنه «يجب التحضير لمعرفة العناوين العريضة للاتفاق وفي المقابل ربما هناك نية أمنية لتطيير الانتخابات النيابية والرئاسية بعدها لممارسة ضغط أكبر وإعطاء إيران ورقة لتفعل ما تشاء»، جازماً أن «(القوات) ضد التمديد (لرئيس الجمهورية) وستسعى لعدم حصول الفراغ إذا تحققت الانتخابات النيابية».
وفي الإطار نفسه تحدث النائب في «تيار المستقبل» محمد الحجار، عمن يعمل لتعطيل الانتخابات النيابية. وقال إن «(تيار المستقبل) مصر على إجراء الانتخابات النيابية في الوقت الذي ستحدد فيه لكن إذا لم تجر الانتخابات لأي سبب من الأسباب فنحن سنستقيل من المجلس النيابي، وهذا قرار أعلنا عنه سابقاً».
ولفت الحجار إلى أن «المجتمع الدولي يدفع بكل الوسائل لإجراء الانتخابات لأنه يريد تغيير الطبقة السياسية»، مشيراً إلى أن «الجهات الأخرى تقول إنها تريد الانتخابات، لكن بعد التحليلات نرى أن هناك من سيعمل بكل الوسائل لعدم إجرائها».
في المقابل، أمل «التيار الوطني الحر» أن يبت «المجلس الدستوري» بالطعن بالقانون الذي تشوبه عيوب قانونية، حسب ما قال في بيان له، أمس، بعد اجتماعه الأسبوعي الدوري.
وجدد التيار «ثقته وأمله بأن المجلس الدستوري سيبت بالطعن الذي قدمه تكتل لبنان القوي بالتعديلات التي أدخلتها الأكثرية النيابية على قانون الانتخاب، والتي تشوبها عُيوب قانونية ودستورية وميثاقية وكيانية فاضحة»، كما شدد التيار «على أهمية أن يصحح المجلس الدستوري الممارسة التشريعية التي ألغت الدائرة الانتخابية للمغتربين، وحرمتهم من الحق في أن يتمثلوا بـ6 نواب من بينهم، يحملون همومهم ويحصلون على حقوقهم التي تعيد ربطهم بالوطن الأم، ويؤكد التيار رفضه أي مقايضة على هذه الحقوق، وأي تعطيل لمؤسسات الدولة بالابتزاز».
كان «التيار» قدم الطعن بعد توصية البرلمان بتقديم موعد الانتخابات من شهر مايو (أيار) 2022 إلى شهر مارس (آذار)، إضافة إلى إقرار مساواة المغتربين مع المقيمين بالاقتراع لـ128 نائباً، وهو ما اعتبره «الوطني الحر» يتعارض مع القانون الذي كان قد خصهم بستة نواب يمثلون كل الطوائف، ويشكلون دائرة جديدة تضاف إلى الدوائر الانتخابية المخصصة للمقيمين.
كما اعترض نواب «التيار الوطني الحر» على احتساب نصاب الجلسة التشريعية، حيث اعتبر رئيس المجلس نبيه بري، أن الأكثرية المطلقة تأخذ بعين الاعتبار عدد الأحياء من النواب فقط، أي أنه يتم حسم النواب المستقيلين والمتوفين من العدد الإجمالي (128 نائباً)، فيكون بذلك النصاب 59 نائباً، فيما ينطلق طعن «التيار» على ضرورة الاعتماد على مجموع الأعضاء الذين يؤلفون المجلس قانوناً، أي العدد الذي حدده قانون الانتخاب وهو 128 نائباً.
وأمس، قال وزير الخارجية والمغتربين عبد الله بو حبيب، إن «الوزارة تنتظر قرار المجلس الدستوري بشأن قانون الانتخابات لمعرفة ما إذا كانت ستتم على أساس اقتراع اللبنانيين المغتربين لستة مقاعد مخصصة لهم أو للنواب الـ128».
وقال في حديث تلفزيوني، «إن عدد اللبنانيين غير المقيمين المسجلين للاقتراع بلغ 225 ألف شخص تقريباً»، مؤكداً أن هذا العدد كبير ومهم للبنان و«إذا صوتوا فسيؤثرون بنتائج الانتخابات».
وفي معرض حديثه عن تحضيرات الوزارة للانتخابات في الخارج، قال: «سنقوم بتأمين مركز انتخاب لكل 200 شخص على الأقل، والسفارات والقنصليات اللبنانية بدأت البحث عن أمكنة يمكن أن تكون مناسبة لاعتمادها كمراكز اقتراع، وهذا الأمر لا يختلف إذا كان الانتخاب لـستة نواب أو لـ128 نائباً».
وفيما كشف أن موازنة وزارة الخارجية ستكون بالدولار الأميركي بالاتفاق مع وزارة المالية، قال إن «الوزارة ستتأكد قريباً من تكلفة الانتخابات في الخارج، وستقوم بتبليغ وزارة الداخلية لنرى كيف سيتم تأمين الأموال»، معتبراً أن هناك وقتاً كافياً لذلك.



ماذا ينتظر اليمن في عهد ترمب؟

من المنتظر أن تتغير السياسات الأميركية تجاه اليمن في ولاية ترمب المقبلة (أ.ف.ب)
من المنتظر أن تتغير السياسات الأميركية تجاه اليمن في ولاية ترمب المقبلة (أ.ف.ب)
TT

ماذا ينتظر اليمن في عهد ترمب؟

من المنتظر أن تتغير السياسات الأميركية تجاه اليمن في ولاية ترمب المقبلة (أ.ف.ب)
من المنتظر أن تتغير السياسات الأميركية تجاه اليمن في ولاية ترمب المقبلة (أ.ف.ب)

يترقَّب اليمنيون عودة الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب إلى البيت الأبيض، وما ستؤول إليه السياسات الأميركية في ولايته المقبلة تجاه اليمن، وكيفية التعاطي مع أزمته وحربه المستمرتَّين منذ عقد من الزمن، ضمن تغيرات تلك السياسات نحو قضايا وأزمات الشرق الأوسط، بأمل حدوث تطورات تؤدي إلى تلافي أخطاء الإدارات السابقة.

وواجهت إدارة جو بايدن الحالية انتقادات كبيرة داخل وخارج الولايات المتحدة الأميركية؛ بسبب تعاطيها غير الحاسم مع الملف اليمني، خصوصاً بعد إقدام الجماعة الحوثية على تحويل البحر الأحمر والممرات المائية المحيطة باليمن إلى ساحة صراع، مُعرِّضةً طرقَ الملاحةِ، والتجارةَ الدوليَّتين للخطر، ومتسببةً بخسائر كبيرة للاقتصاد العالمي، ويتوقع أن تكون سياسة ترمب مغايرة.

وأعلن بايدن في مشروعه الانتخابي، ولاحقاً بعد توليه الرئاسة، أن إنهاء الحرب في اليمن إحدى أهم أولويات السياسات الأميركية في عهده، وعيّن مبعوثاً خاصاً إلى اليمن، هو السياسي تيموثي ليندركينغ، إلا أن العام الأول من ولايته شهد تصعيداً عسكرياً كبيراً من قبل الجماعة الحوثية التي حاولت الاستيلاء على مدينة مأرب، أهم معاقل الحكومة الشرعية شمال البلاد.

الجماعة الحوثية استقبلت انتخاب ترمب بوعيد باستمرار الهجمات في البحر الأحمر وضد إسرائيل (غيتي)

ومن المنتظر أن تأتي إدارة ترمب الجديدة بتحولٍ كبيرٍ في السياسة الأميركية تجاه الشرق الأوسط، كما يرى بشير عبد الفتاح، الباحث في «مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية»، وهذا التحول سيحدث بناء على واقع فرضته إسرائيل خلال الأشهر الأخيرة، بعد توجيهها ضربات موجعة لأذرع إيران، بمشاركة من الولايات المتحدة نفسها، وشملت تلك الضربات مواقع الحوثيين في اليمن.

ويتوقع عبد الفتاح في حديث مع «الشرق الأوسط» أن يسعى ترمب إلى وقف العمليات العسكرية في المنطقة، لكن ليس بشروط إيران وأذرعها، بل بشروط إسرائيل، ليتم تخيير هذه الأذرع بين وقف إطلاق النار والتزامها بقواعد جديدة للتهدئة تضعها الولايات المتحدة وإسرائيل، أو أن يتم إطلاق يد الجيش الإسرائيلي للإجهاز عليها عسكرياً.

وأعلنت الجماعة الحوثية أن نتائج الانتخابات الأميركية لن تؤثر في موقفها، واتهم زعيمها عبد الملك الحوثي، ترمب بالحرص على دعم إسرائيل والتباهي بأنه فعل لها ما لم يفعله الرؤساء الأميركيون من قبله، وبإعطائها مزيداً من الأراضي العربية.

تشديد الحصار الاقتصادي

لن تكون إيران مستعدة للتضحية بأذرعها العسكرية في المنطقة إلا في حال توفر بدائل لها وفقاً لعبد الفتاح، وهو أيضاً رئيس تحرير «مجلة الديمقراطية»، وأن تتمثل هذه البدائل في إبرام صفقات مع الولايات المتحدة تُمكِّنها من التخلص من العقوبات، أو أن تتمكَّن من تطوير قدراتها النووية.

الهجمات الحوثية في البحر الأحمر عطَّلت مباحثات السلام التي ترعاها الولايات المتحدة والغرب (أ.ف.ب)

ويشير إلى أن وضع الجماعة الحوثية يختلف قليلاً عن باقي الأذرع العسكرية لإيران، وذلك لبعدها الجغرافي عن إسرائيل من جهة، ولسيطرتها على مؤسسات الدولة اليمنية، وهو ما يصعب من استهدافها المباشر وتوجيه ضربات كافية لإنهاكها من قبل إسرائيل، إلا أن السياسات الأميركية نحوها لن تختلف عن بقية الفصائل.

وتذهب الأوساط السياسية الأميركية إلى أن إدارة ترمب ستتخذ موقفاً أكثر حزماً ضد الجماعة الحوثية من سلفه بايدن، ضمن سياسة الضغط على إيران لأقصى حد، مع احتمالية استهداف قادة حوثيين من المستويات العليا.

غير أن ترمب سيركز على تشديد الحصار الاقتصادي على الجماعة الحوثية وفقاً للباحث الاقتصادي عادل السامعي، وهو الحصار الذي فرضه ترمب نفسه في ولايته السابقة، عندما وجهت إدارته بوقف مصادر التمويل التي تصل إلى مناطق سيطرة الجماعة، وحرمانها من الكثير من الإيرادات الموجهة عبر الأعمال الإنسانية.

ترجيحات أميركية ويمنية بتقليص ترمب الهجمات ضد الحوثيين والاكتفاء باغتيال قادتهم (رويترز)

ويمكن لترمب تعزيز الإجراءات الخاصة بتضييق الخناق اقتصادياً ومالياً على الجماعة الحوثية، كما يوضح السامعي لـ«الشرق الأوسط»، وما يشمل ذلك من مضاعفة العقوبات التي تبنتها إدارة بايدن؛ بسبب الهجمات العدائية الحوثية في البحر الأحمر، وبينما كانت إدارة الأخير تتحجج بالأوضاع الإنسانية الصعبة في مناطق سيطرة الحوثيين لتبرير محدودية عقوباتها؛ فإن إدارة ترمب لن تبالي بذلك.

ونظراً لكون ترمب غير مستعد لخوض حروب على حساب دخل المواطن الأميركي، وفق رؤيته الدائمة؛ ويتخذ من الإجراءات الاقتصادية والعقوبات سلاحاً أكثر فاعلية في تحقيق أهدافه الاستراتيجية، فمن المنتظر أن تتضاعف هذه النوعية من العقوبات، ما سيدفع إلى تعقيد الواقع السياسي، وربما العسكري أيضاً، إذ سيؤدي ذلك إلى رفض الجماعة الحوثية تقديم أي تنازلات، إلا أنه، في المقابل سيضعفها عسكرياً.

تراجع فرص السلام

على نهج سلفه بايدن، يدّعي ترمب أنه سينهي الحروب، وإن كانت أدواته تختلف كثيراً عن أدوات الرئيس الحالي الذي فشل في تنفيذ وعوده، غير أن ما سيواجه عهده الجديد ينذر بتعقيدات كثيرة، وفي اليمن قد تكون هذه التعقيدات أكثر مما يتوقع هو أو غيره.

مخاوف يمنية من تأثير المواجهة بين ترمب والحوثيين على الأوضاع الإنسانية في البلاد (رويترز)

ويميل ترمب إلى المبالغة، وربما الادعاء، في رفع مستوى التهديدات التي تحيط ببلده ومصالحها، ومن بين تلك التهديدات، الممارسات الحوثية في البحر الأحمر. وعلى الرغم من عدم نزوعه إلى خوض الحروب والتصعيد العسكري؛ فإنه قد يركز أهداف ضربات الجيش الأميركي على القيادات الحوثية العليا فقط.

ويبدو أن الإدارة الأميركية المقبلة بقيادة ترمب، وبالاستناد إلى تجربتها في فترة حكمه السابقة، ستتبع سياسة أكثر صرامة تجاه التهديدات التي تمثلها جماعة الحوثي المسلحة في البحر الأحمر، طبقاً لرأي الكاتب والباحث السياسي محمد عبد المغني، فقياساً على مبدأ «أميركا أولاً» الذي يتبناه دائماً؛ يمكن القول إن إدارته ستعمل على تعزيز التصدي للتهديدات الاقتصادية المباشرة على المصالح الأميركية.

ومن المحتمل، برأي عبد المغني الذي أدلى به لـ«الشرق الأوسط»، أن يؤدي هذا إلى إعادة تصنيف الحوثيين «جماعةً إرهابيةً أجنبيةً»، وهو ما يخالف تصنيف إدارة بايدن لهم «جماعةً إرهابيةً عالميةً»، ليصبح التفاوض مع هذه الجماعة المسلحة أمراً غير وارد، وقد ينتج عنه تقليص دور المبعوث الأميركي إلى اليمن، أو ربما إلغاء هذه المهمة.

مقاتلون جدد جندتهم الجماعة الحوثية خلال الأسابيع الأخيرة تحت مزاعم نصرة غزة (إعلام حوثي)

وأبدى سياسيون وباحثون يمنيون، استطلعت «الشرق الأوسط» آراءهم، مخاوف شديدة من أن تؤدي سياسات ترمب المتوقعة نحو اليمن إلى مزيد من انفلات المواجهة بين الجماعة الحوثية من جهة، وإسرائيل والغرب من جهة أخرى، وما سيتبع ذلك من مفاقمة الأوضاع الإنسانية المعقدة، وإلحاق أضرار كبيرة بالبنية التحتية المنهكة؛ بسبب الانقلاب الحوثي والحرب.

وبعد إعلان فوز ترمب برئاسة الولايات المتحدة، توعدت الجماعة الحوثية باستمرارها في استهداف السفن التجارية في البحر الأحمر، بحجة ارتباطها بإسرائيل، كما أكدت مواصلة عملياتها باتجاه إسرائيل، ولوَّحت بأنها ستهاجم أي سفينة تشتبه أنها تستخدم التمويه لإخفاء ملكيتها الإسرائيلية، حسب زعمها.