لولوة الحمود: «ما يبقى في الأعماق» يقدم ذكريات للمستقبل

معرض فني معاصر في العلا من مجموعة مقتنية الفنون بسمة السليمان

TT

لولوة الحمود: «ما يبقى في الأعماق» يقدم ذكريات للمستقبل

موجة من الفن والإبداع تغمر السعودية حالياً، في كل مكان هناك فعاليات وسينما وغناء وموسيقى وفن. انتعشت المدن وتألق المبدعون وتلقفهم الجمهور بقلوب عطشى للفن وتجلياته. مع كل موسم هناك الكثير من الفن عبر العروض المختلفة تنتقل عبر مناطق المملكة ناثرة الضياء حولها. ستحط قافلة الضوء في العلا، تلك المدينة الحافلة بتاريخ يمتد لآلاف السنين، تستعد لاستقبال الشتاء بفعاليات متجددة ومتميزة، هناك فعاليات شتاء طنطورة و«ديزرت إكس» العلا. المنافسة في الفن صحية جداً، فكلما زاد المشاركون استمتع الجمهور وتثقف وسبح في سماء الإبداع.
في قاعة المرايا، تلك الأعجوبة البصرية البديعة في العلا هناك تحضيرات وتجهيزات لعرض مميز يحمل عنوان «ما يبقى في الأعماق» ويقدم مجموعة من الأعمال من مجموعة مقتنية الفنون بسمة السليمان. يجمع المعرض أسماء لامعة في عالم الفن المعاصر في السعودية، وقطع تصفها لولوة الحمود منسقة المعرض بـ«المتحفية». المعرض يعد الأول في سلسلة من المعارض في العلا والتي ستحتفل بأهم المقتنين ورعاة الفنون في السعودية، ومن بينهم بسمة السليمان التي جمعت على مدار سنوات طويلة مجموعة من الأعمال الهامة لفنانين من السعودية ومن خارجها. يسلط المعرض الضوء على جهود السليمان في قطاع الثقافة المعاصرة المحلية والعالمية وارتباطها بهما، كما يعتبر تكريماً لعملها الذي لا يقدر بثمن في دعم الإنتاج الفني السعودي.
تشير منسقة العرض الفنانة لولوة خلال حديث خاص لـ«الشرق الأوسط»، أن المعرض يحمل طبقات من المعاني والقصص المتشابكة مؤكدة على أن «بسمة السليمان جزء من الأعمال المعروضة، فهي التي جمعتها». كمنسقة معارض ترى لولوة الحمود الفرق بين اختيار الأعمال الفنية المختلفة عبر المقابلات مع الفنانين، وبين إعداد عرض مستمدة أعماله من مجموعة مقتن واحد، فهو جزء هام من المجموعة وأي عرض سيعكس ذلك.
أسألها «لماذا (ما يبقى في الأعماق)؟ ما الذي يريد العنوان أن ينقله للزائر؟ تجيبني: «الأعمال المختارة تحمل موضوعات مختلفة منها المحافظة على الذكريات ومنها الروحانية، ما يهم هنا هو التأثير الذي ستتركه كل قطعة على المشاهد. بالنسبة لبسمة السليمان هي تلقت تأثيراً معيناً من كل قطعة اقتنتها وبقي هذا التأثير في نفسها. ومن جانب آخر كل فنان يعبر عن أشياء تركت آثارها داخله. أرى المجموعة وكأنها دفتر مذكرات لبسمة السليمان فهي لها ذكريات مع كل قطعه انتقتها».
الأثر الذي يبقى في الأعماق من أي عمل فني يبدأ من الفنان الذي يعبر من خلاله عن أشياء حفرت مكانا لها في أعماقه. يمتد الخيط من الفنان ليربطه بمقتنية العمل ثم يعود للمشاهد مرة أخرى عبر المعرض. تبدو العلاقة متشابكة ولكنها تلقي بالضوء على نقاط ثابتة وبسيطة في التعبير الفني وتأثيره على المشاهد، «في النهاية وبصفة عامة في الحياة ما يتبقى في النفس والذاكرة هو ما يحركك ويؤثر عليك»، تعلق لولوة الحمود تاركة تلك الفكرة تسبح في فضاء حديثنا لتربط بين عنوان المعرض وبين دوائر من العلاقات بين الفنانين وأعمالهم والمتلقين لها.
اختيار الفنانين لأي عرض يعكس تفكير المنسق الفني، بالنسبة للحمود الاختيار تأثر بطبيعة الأعمال في مجموعة السليمان، تقول: «معظم القطع التي اختارتها بسمة السليمان هي قطع متحفية الطابع فهي ليست مجرد لوحات تعلق في البيت».
يحمل العرض طبقات متتالية ومتشابكة من المعاني بحسب تعبير الحمود، تقول: «المعرض يعبر عن موضوع الروحانية، الكعبة حاضرة في أعمال كثيرة بدءاً من عمل (مغناطيسية) للفنان أحمد ماطر إلى عمل الفنانة شادية عالم (القوس الأسود) وعمل الفنان ناصر السالم». تشير أيضاً إلى أن هناك موضوعاً آخر وهو التمسك بالذكريات يبرز عبر أعمال الفنانات زهرة الغامدي ومنال الضويان ومها الملوح وتضيف أنها «أعمال تعبر عن ذكريات المرأة». تلفت لولوة الحمود إلى نقطة هامة وهي أن التعبير عن الذكريات في الأعمال المعروضة ليس فقط من سبيل الحنين للماضي «النوستالجيا»، بل يمثل العودة للجذور التي تصاحبها النظرة للمستقبل «هم يمدون بصرهم للأمام، لا يعودون للماضي من باب الحنين فقط، لكنهم يقدمون تعليقات فنية جديدة من خلال تلك الذكريات... الفكرة هي ما ذا فعل الفنانون بهذه الأشياء التي هي باقية فينا». تضرب المثال بقاعة المرايا التي سيقام فيها المعرض «العلا أيضاً مكان تاريخي فيه آثار من آلاف السنين، وجود هذا المعرض في قاعة المرايا له نفس الفكرة، نحن مرتبطون بالماضي ولكننا لسنا (مغروزين) فيه، فنحن نفكر بالمستقبل وأنا أعتقد أن ما قدمه الفنانون في أعمالهم لم يكن فقط حفظاً لذكريات الماضي فقط بل هم قدموا ذكريات للمستقبل».
القطعة الرئيسية في العرض هي «القوس الأسود» للفنانة شادية عالم، وهي قطعة تحمل الكثير من الثقل الفني و(التاريخي) فهي مثلت السعودية للمرة الأولى في بينالي فينيسيا الدولي، وعلى الأرض هي قطعة ضخمة الحجم تتسيد أي مكان توجد به. العمل عند عرضه في فينيسيا ركز على العلاقة بين البندقية ومكة، هناك عبر «القوس الأسود» عن تمازج جنسيات وألوان وحضارات ما بين مشاهد من معمار البندقية ومشاهد من مكة.
أسأل الحمود إن كان العمل سيقدم كما عرض في البندقية، تشير إلى أن العمل سيكون له شكل مختلف في معرض العلا: «عندما قدمت شادية العمل في فينيسيا كانت تعبر عن علاقة البندقية بالمملكة وطرق التجارة ولكن في العلا سيكون عن العلاقة بين مكة وبين العلا».
داخل الموضوع الرئيسي للعرض هناك مواضيع وطبقات، نحو أربع تيمات، تشير محدثتي وتضيف: «هناك طبقات متعددة للمعرض مثل الروحانية في عمل شادية، وموضوع الأشياء المهملة وصهرها في أعمال فنية مثل عمل الفنان صديق واصل هناك حفظ ذاكرة المرأة في أعمال منال الضويان ومها الملوح وزهرة الغامدي أو الأشكال الهندسية الإسلامية في عمل الفنانة دانه عورتاني. كل الأعمال مرتبطة سوياً سواء من الجانب الروحاني أو الاجتماعي... أرى المعرض كحالة خاصة مكتملة».
تشارك الحمود في المعرض بعمل لها وإن كانت تفضل عدم التركيز في الحديث عنه، ولكنه بحسب سياق المعرض يشارك في التعبير عن التيمات الأساسية وأيضاً يعبر عن تطور الأجيال الفنية في السعودية باعتبارها من جيل الفنانين المعاصرين الذين حققوا الكثير.
المعرض ينطلق في قاعة المرايا بالعلا يوم 11 فبراير (شباط) المقبل، وسيستمر لستة أسابيع هناك، ما هي المحطة القادمة له؟ تقول بأمل: «نتمنى أن يذهب للرياض، عظيم ما يجري في الرياض الآن! فالمشهد الثقافي هناك يجمع فناني المملكة والمهتمين من جميع أنحائها».



هشام خرما لـ«الشرق الأوسط»: أستلهمُ مؤلفاتي الموسيقية من التفاصيل

من حفل افتتاح بطولة العالم للجمباز
من حفل افتتاح بطولة العالم للجمباز
TT

هشام خرما لـ«الشرق الأوسط»: أستلهمُ مؤلفاتي الموسيقية من التفاصيل

من حفل افتتاح بطولة العالم للجمباز
من حفل افتتاح بطولة العالم للجمباز

يعتمد الموسيقار المصري هشام خرما طريقة موحّدة لتأليف موسيقاه، تقتضي البحث في تفاصيل الموضوعات للخروج بـ«ثيمات» موسيقية مميزة. وهو يعتزّ بكونه أول موسيقار عربي يضع موسيقى خاصة لبطولة العالم للجمباز، حيث عُزفت مقطوعاته في حفل الافتتاح في القاهرة أخيراً.
يكشف خرما تفاصيل تأليف مقطوعاته الموسيقية التي عُزفت في البطولة، إلى جانب الموسيقى التصويرية لفيلم «يوم 13» المعروض حالياً في الصالات المصرية، فيعبّر عن فخره لاختياره تمثيل مصر بتقديم موسيقى حفلِ بطولة تشارك فيها 40 دولة من العالم، ويوضح: «أمر ممتع أن تقدّم موسيقى بشكل إبداعي في مجالات أخرى غير المتعارف عليها، وشعور جديد حين تجد متلقين جدداً يستمعون لموسيقاك».
ويشير الموسيقار المصري إلى أنه وضع «ثيمة» خاصة تتماشى مع روح لعبة الجمباز: «أردتها ممزوجة بموسيقى حماسية تُظهر بصمتنا المصرية. عُزفت هذه الموسيقى في بداية العرض ونهايته، مع تغييرات في توزيعها».
ويؤكد أنّ «العمل على تأليف موسيقى خاصة للعبة الجمباز كان مثيراً، إذ تعرّفتُ على تفاصيل اللعبة لأستلهم المقطوعات المناسبة، على غرار ما يحدث في الدراما، حيث أشاهد مشهداً درامياً لتأليف موسيقاه».
ويتابع أنّ هناك فارقاً بين وضع موسيقى تصويرية لعمل درامي وموسيقى للعبة رياضية، إذ لا بدّ أن تتضمن الأخيرة، «مقطوعات موسيقية حماسية، وهنا أيضاً تجب مشاهدة الألعاب وتأليف الموسيقى في أثناء مشاهدتها».
وفي إطار الدراما، يعرب عن اعتزازه بالمشاركة في وضع موسيقى أول فيلم رعب مجسم في السينما المصرية، فيقول: «خلال العمل على الفيلم، أيقنتُ أنّ الموسيقى لا بد أن تكون مجسمة مثل الصورة، لذلك قدّمناها بتقنية (Dolby Atmos) لمنح المُشاهد تجربة محيطية مجسمة داخل الصالات تجعله يشعر بأنه يعيش مع الأبطال داخل القصر، حيث جرى التصوير. استعنتُ بالآلات الوترية، خصوصاً الكمان والتشيللو، وأضفتُ البيانو، مع مؤثرات صوتية لجعل الموسيقى تواكب الأحداث وتخلق التوتر المطلوب في كل مشهد».
يشرح خرما طريقته في التأليف الموسيقي الخاص بالأعمال الدرامية: «أعقدُ جلسة مبدئية مع المخرج قبل بدء العمل على أي مشروع درامي؛ لأفهم رؤيته الإخراجية والخطوط العريضة لاتجاهات الموسيقى داخل عمله، فأوازن بين الأشكال التي سيمر بها العمل من أكشن ورومانسي وكوميدي. عقب ذلك أضع استراتيجية خاصة بي من خلال اختيار الأصوات والآلات الموسيقية والتوزيعات. مع الانتهاء المبدئي من (الثيمة) الموسيقية، أعقد جلسة عمل أخرى مع المخرج نناقش فيها ما توصلت إليه».
ويرى أنّ الجمهور المصري والعربي أصبح متعطشاً للاستمتاع وحضور حفلات موسيقية: «قبل بدء تقديمي الحفلات الموسيقية، كنت أخشى ضعف الحضور الجماهيري، لكنني لمستُ التعطّش لها، خصوصاً أن هناك فئة عريضة من الجمهور تحب الموسيقى الحية وتعيشها. وبما أننا في عصر سريع ومزدحم، باتت الساعات التي يقضيها الجمهور في حفلات الموسيقى بمثابة راحة يبتعد فيها عن الصخب».
وأبدى خرما إعجابه بالموسيقى التصويرية لمسلسلَي «الهرشة السابعة» لخالد الكمار، و«جعفر العمدة» لخالد حماد، اللذين عُرضا أخيراً في رمضان.