بايدن يحذّر غير الملقّحين من شتاء حافل بـ«المرض والموت»

بايدن يحذّر غير الملقّحين من شتاء حافل بـ«المرض والموت»
TT

بايدن يحذّر غير الملقّحين من شتاء حافل بـ«المرض والموت»

بايدن يحذّر غير الملقّحين من شتاء حافل بـ«المرض والموت»

حذر الرئيس الأميركي جو بايدن من أن المتحورة أوميكرون لفيروس «كورونا» «ستبدأ بالتفشي بشكل أسرع بكثير في الولايات المتحدة»، داعياً مواطنيه لتلقي اللقاحات المضادة للفيروس، بما في ذلك الجرعة المعززة، لأن الشتاء سيحمل لغير الملقحين «المرض الشديد والموت». وقال بايدن إن «الحماية الحقيقية الوحيدة هي بأن تتلقوا اللقاح»، محذراً من أن فصل الشتاء سيحمل «المرض الشديد والموت» لغير الملقحين. وأدلى الرئيس الأميركي بتصريحه هذا في نهاية اجتماع خصص للبحث في جائحة (كوفيد - 19) واستدعى في أعقابه الصحافيين المعتمدين في البيت الأبيض من أجل «إيصال رسالة مباشرة إلى الأميركيين».
وقال بايدن إنه «من الأهمية بمكان» أن يتلقى من جرى تطعيمهم ضد (كوفيد - 19) الجرعة المعززة عندما يحين أوانها وأن «يتلقى الجرعة الأولى» أولئك الذين لم يفعلوا ذلك بعد.
وأتى تصريح الرئيس الأميركي بعيد تأكيد نائبة المتحدثة باسم البيت الأبيض كارين جان - بيار أن الإدارة لا تنوي في الوقت الحالي اتخاذ إجراءات تقييدية محددة وتفضل بدلاً من ذلك تركيز جهودها على إقناع أكبر شريحة من السكان بأن يتلقحوا ضد الفيروس. وقالت جان - بيار إن «الأدوات التي لدينا تعمل وسنواصل العمل لكي يتلقى الأميركيون اللقاح والجرعة المعززة». وتسجل الولايات المتحدة حالياً ما معدله 1150 حالة وفاة يومياً ناجمة عن كوفيد، وفقاً للأرقام الصادرة عن مراكز الوقاية من الأمراض والوقاية منها «سي دي سي». والغالبية العظمى ممن يحصد الفيروس أرواحهم في الولايات المتحدة حالياً هم أشخاص غير محصنين.
وحتى اليوم تلقى نحو 72 في المائة من سكان الولايات المتحدة جرعة واحدة على الأقل من أحد اللقاحات المضادة لـ(كوفيد - 19)، وهي نسبة تقل عن تلك المسجلة في دول عديدة أخرى. والولايات المتحدة هي وفق الأرقام الرسمية الدولة الأكثر تضرراً من الجائحة على صعيد الوفيات (أكثر من 800 ألف وفاة)، متقدمة في ذلك على البرازيل والهند والمكسيك وروسيا.
من جهة أخرى، أوصت المراكز الأميركية للسيطرة على الأمراض والوقاية منها بتلقي لقاحات الحمض النووي الريبوزي مرسال من إنتاج موديرنا وفايزر المضادة لـ(كوفيد - 19) بدلاً من لقاح «جونسون أند جونسون» من جرعة واحدة بسبب اضطراب نادر يسبب جلطات الدم. وصادقت مراكز السيطرة على الأمراض يوم الخميس على التوصيات المحدثة التي قدمتها اللجنة الاستشارية لممارسات التحصين للوقاية من (كوفيد - 19)، معربة عن التفضيل الطبي للقاحات فايزر - بيونتك وموديرنا على الحصول على لقاح «جونسون أند جونسون». والتوصية المحدثة لمراكز السيطرة على الأمراض تأتي بعد توصيات مماثلة من دول أخرى، من بينها كندا وبريطانيا.
وأكدت اللجنة الاستشارية لممارسات التحصين أن الحصول على أي لقاح أفضل من عدم التطعيم. وقالت مراكز السيطرة على الأمراض في بيان إن الأفراد غير القادرين أو غير الراغبين في تلقي لقاح الحمض النووي الريبوزي مرسال سيستمرون في الحصول على لقاح جونسون أند جونسون المضاد لـ«كورونا».
يشار إلى أن النساء اللائي تتراوح أعمارهن بين 18 و48 عاماً هم الأكثر عرضة لمشكلة تجلط الدم.
وأفاد مسؤول كبير في البيت الأبيض الصحافة الفرنسية الجمعة بأن واشنطن سلمت حتى الآن 110 دول أكثر من 335 مليون جرعة لقاح مضاد لكوفيد. وأوضح المسؤول طالباً عدم كشف هويته أنه تلبية لطلب الرئيس جو بايدن تسريع وتيرة إعطاء الجرعات، وزعت الحكومة الأميركية خمسين مليون جرعة في الأسبوعين الأخيرين. وكان الرئيس الأميركي قد وعد في سبتمبر (أيلول)، على هامش الجمعية العام للأمم المتحدة، بأن تمنح بلاده أكثر من مليار جرعة للدول الفقيرة، واعداً بأن تكون «ترسانة» العالم على صعيد مكافحة الوباء. وكررت واشنطن في مناسبات عدة أنها توزع لقاحاتها من دون انتظار «مقابل»، في تلميح إلى أن منافستها الصين لا تنتهج هذه السياسة.
لكن الرئيس الصيني شي جينبينغ الذي يؤكد أن بلاده تتبنى «دبلوماسية اللقاح»، وعد أخيراً بمليار جرعة من اللقاحات لأفريقيا سواء على شكل منح أو دعم للإنتاج المحلي. وقبل بضعة أيام، تلقت نيكاراغوا مائتي ألف جرعة أنتجها مختبر سينوفارم الصيني بعدما قطعت علاقاتها مع تايوان.
من جانبها، سجلت المملكة المتحدة أمس (الجمعة) لليوم الثالث على التوالي عدداً قياسياً جديداً بإصابات (كوفيد - 19) وأحصت 93 ألفاً و45 إصابة خلال 24 ساعة. والمملكة المتحدة من أكثر الدول تضرراً بالوباء، وقد بلغ مجموع الوفيات على أراضيها 147 ألفاً و48 وفاة سجلت 111 منها الجمعة.
وفي إنكلترا، اكتفت الحكومة البريطانية بإعادة فرض الكمامة في غالبية الأماكن العامة وتشجيع العمل من المنزل وتطبيق نظام الشهادة الصحية في التجمعات الكبرى، لكن الحكومتين المحليتين في اسكوتلندا وويلز قررتا المضي أبعد من ذلك. ففي اسكوتلندا حيث أكدت رئيسة الوزراء نيكولا ستورجن أن المتحورة أوميكرون باتت مهيمنة، طلب من السكان ملازمة منازلهم مع اقتراب عيد الميلاد. وقالت ستورجن الجمعة: «التسونامي الذي حذرت منه قبل أسبوع بدأ يضربنا الآن».
كذلك، طلب من الشركات أن تتخذ اعتباراً من الجمعة «إجراءات منطقية» للحد من تفشي الفيروس. وتم تشجيع الحانات على معاودة استقبال الزبائن حول الطاولات فقط. وفي ويلز، أمر رئيس الوزراء مارك درايكفورد بإغلاق الملاهي الليلية بدءاً من 27 ديسمبر (كانون الأول). وفي السياق نفسه، سرعت المملكة المتحدة من وتيرة حملة التلقيح وستتيح الجرعة الثالثة المعززة من اللقاح لجميع البالغين اعتباراً من نهاية ديسمبر.


مقالات ذات صلة

صحتك فيروس رئوي قد يتسبب بجائحة عالمية play-circle 01:29

فيروس رئوي قد يتسبب بجائحة عالمية

فيروس تنفسي معروف ازداد انتشاراً

د. هاني رمزي عوض (القاهرة)
الولايات المتحدة​ أحد الأرانب البرية (أرشيفية- أ.ف.ب)

الولايات المتحدة تسجل ارتفاعاً في حالات «حُمَّى الأرانب» خلال العقد الماضي

ارتفعت أعداد حالات الإصابة بـ«حُمَّى الأرانب»، في الولايات المتحدة على مدار العقد الماضي.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
صحتك تعلمت البشرية من جائحة «كورونا» أن لا شيء يفوق أهميةً الصحتَين الجسدية والنفسية (رويترز)

بعد ظهوره بـ5 سنوات.. معلومات لا تعرفها عن «كوفيد 19»

قبل خمس سنوات، أصيبت مجموعة من الناس في مدينة ووهان الصينية، بفيروس لم يعرفه العالم من قبل.

آسيا رجل يرتدي كمامة ويركب دراجة في مقاطعة هوبي بوسط الصين (أ.ف.ب)

الصين ترفض ادعاءات «الصحة العالمية» بعدم التعاون لتوضيح أصل «كورونا»

رفضت الصين ادعاءات منظمة الصحة العالمية التي اتهمتها بعدم التعاون الكامل لتوضيح أصل فيروس «كورونا» بعد 5 سنوات من تفشي الوباء.

«الشرق الأوسط» (بكين)

2025... عام ملء الفراغات؟

الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب (أرشيفية - رويترز)
الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب (أرشيفية - رويترز)
TT

2025... عام ملء الفراغات؟

الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب (أرشيفية - رويترز)
الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب (أرشيفية - رويترز)

لا يوجد فراغ مسموح به في الطبيعة. فالطبيعة لا تغيّر طبيعتها، لأنها تكره الفراغ. في الفراغ لا حياة، لا صراع ولا تاريخ. فالتاريخ يتنقّل بين الفوضى والنظام. يُفرض النظام بالإكراه، فتوضع القوانين لتُفرض بالقوّة والإكراه أيضاً. هكذا كتب ألبير كامو، الفيلسوف الفرنسي في كتابه «الإنسان المتمرّد»، (The Rebel): «في النظام، كما في الفوضى، هناك شيء من العبوديّة». تستهدف الثورة النظام القائم، فتخلق الفوضى. لكنها مُلزمة بإعادة تكوين نظام جديد. وبين الفوضى والنظام، يدفع الإنسان العاديّ الأثمان.

يقول السياسيّ الراحل هنري كيسنجر ما معناه: إن الفراغ يجلب الحرب والهجوم. فهل سيكون عام 2025 عام ملء الفراغات، أو خلق بعضها؟

دخان يتصاعد من شمال قطاع غزة خلال قصف الجيش الإسرائيلي (أرشيفية - أ.ف.ب)

بعد عملية 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023، تغيّرت موازين القوى في المنطقة. سقطت «حماس». سقط «حزب الله». سقط النظام في سوريا... وبذلك انهارت وحدة الساحات، أو ما يُسمّى محور المقاومة. وبسبب ذلك، سقطت منظومات كانت قائمة. وتظهّرت الفراغات القاتلة. ها هي إسرائيل تدمّر قطاع غزّة، لتخلق فراغاً لا توجد فيه حركة «حماس»، ولتؤسّس لحالة معيّنة قد يُطلَق عليها «الاحتلال التغييريّ»، (Transformative). بكلام آخر، فُرض الاحتلال أمراً واقعاً خارج القانون الدوليّ، لكنه طويل، ومُكلف للمُحتلّ، الأمر الذي قد يخلق ثقافة جديدة، ومختلفة عما كانت قبلها، حتى ولو تطلّب الأمر جيلاً من الزمن.

دخلت إسرائيل لبنان خلال الحرب الأخيرة، فخلقت منطقة عازلة. وها هي اليوم تُحصّنها استباقاً للسيناريو السيّئ. خلقت إسرائيل هذا الفراغ على الحدود اللبنانيّة، كما في داخل قطاع غزّة بالقوّة العسكريّة المُفرطة. لكن البقاء في لبنان واحتلال المنطقة العازلة، هو أمر مختلف تماماً عن احتلال قطاع غزّة.

بعد سقوط النظام في سوريا، سارعت إسرائيل إلى احتلال مزيد من الأراضي السوريّة وتوسيع المنطقة العازلة. لكنه احتلال من دون استعمال للقوّة، حتى ولو دمّر الطيران الإسرائيليّ قدرات الجيش السوريّ المستقبليّ. إنه احتلال مؤقّت-طويل. لكن المفارقة هي إعلان إسرائيل أن الجولان لن يعود إلى سوريا، وهو احتلال كأمر واقع (De Facto). ولتحرير الجولان، لا بد من حرب أو تفاوض، وهذان أمران متعذّرَان حالياً لأسباب كثيرة. وعليه قد يمكن حالياً إعلان وفاة مقولة كسينجر: «لا حرب في الشرق الأوسط من دون مصر، ولا سلام من دون سوريا».

صورة نشرها الجيش الإسرائيلي وقال إنها لجولة رئيس الأركان هرتسي هاليفي الميدانية في جنوب لبنان (أرشيفية)

حال العالم

في أوكرانيا يستعين الرئيس بوتين في حربه بالتكنولوجيا الغربيّة لتصميم صواريخه، آخرها الصاروخ الفرط صوتيّ «أوريشنيك». كما يستعين بالمُسيّرات الإيرانيّة، والعسكر الكوري الشمالي لتحرير الأرض الروسية في كورسك. يريد بوتين الاحتلال التغييري للشرق الأوكرانيّ.

في منطقة نفوذ الصين، يسعى التنين إلى استرداد جزيرة تايوان على أنها جزء تاريخيّ من الصين الكبرى. فهي تحضّر البحريّة الصينيّة، كون الحرب، وفي حال حصولها، سيكون أغلبها في البحر. ورداً على ذلك، بدأ تشكُّل كثير من التحالفات ردّاً على السلوك الصينيّ.

وفي مكان آخر من العالم، يُحضّر الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب مأسسة الصراع مع التنين الصينيّ. فهو يريد استعادة السيطرة على قناة بنما، نظراً إلى أهمية هذه القناة على الأمن القومي الأميركيّ. فهي الشريان الحيويّ الذي يربط الشرق الأميركي بالغرب. وهي التي أوصى بها المفكّر الاستراتيجيّ الأميركي البحريّ ألفريد ماهان. وهي التي أشرفت على بنائها الولايات المتحدة الأميركيّة، وذلك بعد انفصال بنما عن كولومبيا وبمساعدة البحريّة الأميركيّة آنذاك، خلال فترة حكم الرئيس الأميركي الراحل تيودور روزفلت. وبذلك، تكون القناة قد مرّت بثلاث مراحل هي: 1906 البناء مع الرئيس روزفلت، و1977 مع الرئيس جيمي كارتر الذي أعادها إلى بنما، واليوم مع الرئيس ترمب الذي يريد استردادها.

صور الرئيس الأسبق حافظ الأسد ممزقة للمرة الأولى في تاريخ سوريا (الشرق الأوسط)

يرى البعض أن تصريحات الرئيس ترمب مجرّد كلام عاديّ بسبب شخصيّته الفريدة. لكن الأكيد أن تصريحاته تنمّ عن عمق جيوسياسيّ بعيد المدى. فما معنى طرحه موضوع شراء جزيرة غرينلاند من الدنمارك؟ ما أهميّة هذه الجزيرة؟

إن ثقافة دبلوماسيّة الدولار (Dollar Diplomacy) في التاريخ الأميركي ليست جديدة. فهي قد اشترت لويزيانا من فرنسا عام 1803 بـ15 مليون دولار. كما اشترت من روسيا ولاية ألاسكا الحاليّة بـ7.2 مليون دولار.

شكّلت لويزيانا الربط بين الشرق والغرب الأميركيّ، كما سيطرت على أهمّ مرفأ أميركيّ يطلّ على خليج المكسيك. وبالحدّ الأدنى أخرجت دولة أوروبيّة من الأرض الأميركيّة. أما شراء ألاسكا، فقد أعطى أميركا إطلالة على مضيق بيرينغ الذي يطلّ بدوره على الأرض الروسيّة.

التحّولات الجيوسياسيّة الحاليّ

مع صعود الصين، تبدّلت موازين القوى العالميّة عمَّا كانت عليه خلال الحرب الباردة. فللصين قدرات كونيّة وفي كل الأبعاد، خصوصاً الاقتصاديّة والعسكريّة، وهذه أبعاد افتقر إليها الاتحاد السوفياتيّ. تسعى الصين إلى التموضع في القارة الأميركيّة. يُضاف إلى هذا التحوّل، الكارثة البيئيّة والاحتباس الحراري، الأمر الذي قد يفتح طرقاً بحريّة جديدة، حول الشمال الأميركيّ. خصوصاً أن ذوبان المحيط المتجّمد الشمالي سوف يُغيّر جغرافيّة الصراع الجيوسياسيّ بالكامل. ونتيجة لذلك، ستصبح الولايات المتحدة الأميركيّة تطلّ على ثلاثة محيطات بعد أن كانت تطلّ على محيطين.

وحدة مدفعية أوكرانية في منطقة زابوريجيا تطلق النار باتجاه القوات الروسية على خط المواجهة (أرشيفية - رويترز)

تتميّز غرينلاند بمساحتها الكبيرة، نحو مليوني كيلومتر مربع، مع عديد لا يتجاوز 56 ألف نسمة، وثروات مهمّة قد تجعل أميركا تستغني عن استيراد كثير من الثروات الطبيعيّة من الصين. خلال الحرب الباردة حاول الرئيس هاري ترومان شراء الجزيرة، وهي لا تزال تضمّ قاعدة عسكريّة جويّة أميركيّة.

في الختام، إذا استطاع الرئيس ترمب استعادة السيطرة على قناة بنما، وسيطر بشكل ما على غرينلاند، سيتكوّن مثلثّ جيوسياسيّ دفاعيّ حول الولايات المتحدة الأميركيّة يرتكز على: غرينلاند، وألاسكا، وقناة بنما. كل ذلك، بانتظار الرئيس ترمب في البيت الأبيض، وكيف سيتعامل مع العالم خصوصاً الصين. فهل سيكون انعزاليّاً أم انخراطيّاً أم مزيجاً من المقاربتين؟