أولويز أبريل لـ«الشرق الأوسط»: «هدفي جذب المستمع الأجنبي إلى موسيقانا»

يمزج في أعماله بين النوتات الشرقية وتلك الإلكترونية

أولويز أبريل لـ«الشرق الأوسط»: «هدفي جذب المستمع الأجنبي إلى موسيقانا»
TT

أولويز أبريل لـ«الشرق الأوسط»: «هدفي جذب المستمع الأجنبي إلى موسيقانا»

أولويز أبريل لـ«الشرق الأوسط»: «هدفي جذب المستمع الأجنبي إلى موسيقانا»

كبيرة أحلام الـ«دي. جي» والموزع الموسيقي اللبناني يوسف ناصر، المشهور باسمه الفني أولويز أبريل (Always April). فهو يرى في الموسيقى جسر عبور فريداً. وبرأيه، كانت ولا تزال أسرع وسيلة انتشار تصل إلى الناس، وتعد لغة عالمية يفهمها الجميع.
بين ليلة وضحاها قرر يوسف ناصر الانتقال بفكره الموسيقي الغربي إلى الشرقي، وحقق نجاحاً منقطع النظير من خلال أغنية «تيرارا» للفنان بشار جواد. ويقول لـ«الشرق الأوسط»، «لم أكن أتخيل يوماً أني سأغوص بالموسيقى الشرقية الحديثة لتصبح ملعبي المفضل. حتى اسمي الفني (أولويز أبريل) اخترته تيمناً بالغرب وكي يكون بمثابة جواز سفري إليه».
بدأ ناصر مشواره الفني منذ كان في عمر السبع سنوات. وبعد زيارة له إلى أحد المراكز التجارية الخاصة بالموسيقى الإلكترونية، أغرم بها وأدرك أنها ستطبع مشواره المهني. «شعرت بأنها الموسيقى التي باستطاعتها أن تأخذني إلى عالم آخر أخرج فيه عن المألوف».
وكان سبق ووقع عقد عمل مع شركة «أرمادا ميوزك» ليشارك في مشروعها الموسيقي «بلاك برينت»، الذي دعمته مجموعة من لاعبي الموسيقى العالميين أمثال دايفيد غيتا ووولفباك وبلاسترجاكس. واختارته مؤخراً شركة «يونيفرسال ميوزك مينا» لينضم إلى عائلتها الكبيرة.
يعلق ناصر: «كنت أنوي التوقف عن ممارسة هذه المهنة، وأنصرف إلى أخرى لأني لم أستطع أن أحقق هدفي بالنجاح كما تخيلت دائماً. ولكن عندما طرأت علي فكرة دخولي مجال الموسيقى الشرقية، شعرت وكأن باب أمل جديد فتح أمامي. فاتصلت بالمغني بشار جواد لأني كنت أرغب في عنصر فني شبابي لأخوض معه هذه التجربة. وبعد أن وافق على التعاون معي ولدت أغنية (تيرارا). نجاح هذه الأغنية ونسبة مشاهدتها التي فاقت الـ70 مليون مشاهدة في فترة قصيرة حفزتني لإكمال مشواري».
أغنية «طير» (teer) هي جديد ناصر، وقد صدرت له مؤخراً، ويغنيها الثنائي أنطوان مسعد ويارا قرقماز. وهي من كلمات علي دغمان وألحان سليم جباعي وإنتاج وتوزيع «يونيفرسال ميوزك مينا». ورغم حداثة إصدارها فقد استطاعت بظرف ثلاثة أيام من تاريخ طرحها، أن تفوق نسبة مشاهدتها الـ3 ملايين شخص عبر قناة «يوتيوب».
ويقول ناصر في سياق حديثه لـ«الشرق الأوسط»، «إننا في منطقة الشرق الأوسط نحتاج هذا النوع من الموسيقى في مكتبتنا الفنية. صحيح أن الغرب قطع شوطاً كبيراً في هذا اللون المرغوب عالمياً، ولكني أود أن يصبح لبنان واحداً من عناوين هذه النتاجات».
وعكس كثير من الموسيقيين الذين يدأبون على دخول مجال الموسيقى والأغنية الشرقية من باب عمالقتها كأم كلثوم ومحمد عبد الوهاب والرحابنة، فإن ناصر اختار غيره ذلك. «ما أبحث عنه هو النبض الشبابي في موسيقانا، ولذلك اتجهت نحو مغنين شباب أمثال أدهم نابلسي وآدم وسعد المجرد وغيرهم. فهؤلاء تنطبع موسيقى أغانيهم بالطاقة الشبابية والحداثة معاً. فهم يؤلفون واحدة من العناصر المهمة للمستقبل الموسيقي المعاصر والحديث. ولذلك أتأثر بموسيقاهم بشكل كبير وأفضلها على غيرها من الموسيقى الكلاسيكية التي لا تدخل في طبيعة عملي».
حدد الموسيقي و«الدي جي» اللبناني الشاب أهدافه في ممارسة عمله منذ اليوم الأول لدخوله هذه المهنة. «كل الجهد الذي أبذله هو أن أحفز الناس غير الميالة إلى الموسيقى الشرقية في التحول إلى سماعها. لدينا آلات موسيقية شرقية مطواعة في إمكانها أن تؤلف نوتات تخترق الأذن بسرعة. لم ألجأ إلى آلات العود والكمان وغيرها من آلات العزف الحادة أو المحصورة بخط موسيقي محدد. لجأت إلى الإيقاعات الشرقية من نوع الديجيتال. فهي تخرج أصواتاً تلائم الحداثة التي أبحث عنها في موسيقانا».
يمارس ناصر عمله «دي جي» في لبنان وخارجه، ويعد من الأسماء المعروفة. «تنتشر اليوم بشكل كبير هذه المهنة، لا سيما عند الشباب اللبناني هاوي الموسيقى المودرن. ولكني لا أنصحهم بها لأنها مهنة صعبة ومتعبة. فهي تتطلب السهر والتمتع بطاقة كبيرة تجعل صاحبها عنواناً يقصده الناس».
يصف ناصر المزج بين الموسيقى الشرقية والغربية، بأنه «تراند» رائج بشكل كبير في العالم. «إنها تلون أغاني وموسيقى نجوم غربيين أمثال شاكيرا وبيونسيه وإليانا ومساري وغيرهم. فمع استخدامهم للإيقاعات الشرقية أحدثوا الفرق وتميزوا عن غيرهم». أما أحلامه فيختصرها كما يلي: «أتمنى أن أصبح عالمياً. ففي منطقتنا عمل الـ(دي جي) يبقى محدوداً ولا يخاطب تطلعاتنا نحن الشباب. أمشي عكس التيار هذا صحيح، ولكني أحاول من خلال ذلك أن أتميز».



رحيل إيلي شويري عاشق لبنان و«أبو الأناشيد الوطنية»

عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
TT

رحيل إيلي شويري عاشق لبنان و«أبو الأناشيد الوطنية»

عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»

إنه «فضلو» في «بياع الخواتم»، و«أبو الأناشيد الوطنية» في مشواره الفني، وأحد عباقرة لبنان الموسيقيين، الذي رحل أول من أمس (الأربعاء) عن عمر ناهز 84 عاماً.
فبعد تعرضه لأزمة صحية نقل على إثرها إلى المستشفى، ودّع الموسيقي إيلي شويري الحياة. وفي حديث لـ«الشرق الأوسط» أكدت ابنته كارول أنها تفاجأت بانتشار الخبر عبر وسائل التواصل الاجتماعي قبل أن تعلم به عائلته. وتتابع: «كنت في المستشفى معه عندما وافاه الأجل. وتوجهت إلى منزلي في ساعة متأخرة لأبدأ بالتدابير اللازمة ومراسم وداعه. وكان الخبر قد ذاع قبل أن أصدر بياناً رسمياً أعلن فيه وفاته».
آخر تكريم رسمي حظي به شويري كان في عام 2017، حين قلده رئيس الجمهورية يومها ميشال عون وسام الأرز الوطني. وكانت له كلمة بالمناسبة أكد فيها أن حياته وعطاءاته ومواهبه الفنية بأجمعها هي كرمى لهذا الوطن.
ولد إيلي شويري عام 1939 في بيروت، وبالتحديد في أحد أحياء منطقة الأشرفية. والده نقولا كان يحضنه وهو يدندن أغنية لمحمد عبد الوهاب. ووالدته تلبسه ثياب المدرسة على صوت الفونوغراف الذي تنساب منه أغاني أم كلثوم مع بزوغ الفجر. أما أقرباؤه وأبناء الجيران والحي الذي يعيش فيه، فكانوا من متذوقي الفن الأصيل، ولذلك اكتمل المشوار، حتى قبل أن تطأ خطواته أول طريق الفن.
- عاشق لبنان
غرق إيلي شويري منذ نعومة أظافره في حبه لوطنه وترجم عشقه لأرضه بأناشيد وطنية نثرها على جبين لبنان، ونبتت في نفوس مواطنيه الذين رددوها في كل زمان ومكان، فصارت لسان حالهم في أيام الحرب والسلم. «بكتب اسمك يا بلادي»، و«صف العسكر» و«تعلا وتتعمر يا دار» و«يا أهل الأرض»... جميعها أغنيات شكلت علامة فارقة في مسيرة شويري الفنية، فميزته عن سواه من أبناء جيله، وذاع صيته في لبنان والعالم العربي وصار مرجعاً معتمداً في قاموس الأغاني الوطنية. اختاره ملك المغرب وأمير قطر ورئيس جمهورية تونس وغيرهم من مختلف أقطار العالم العربي ليضع لهم أجمل معاني الوطن في قالب ملحن لا مثيل له. فإيلي شويري الذي عُرف بـ«أبي الأناشيد الوطنية» كان الفن بالنسبة إليه منذ صغره هَوَساً يعيشه وإحساساً يتلمسه في شكل غير مباشر.
عمل شويري مع الرحابنة لفترة من الزمن حصد منها صداقة وطيدة مع الراحل منصور الرحباني. فكان يسميه «أستاذي» ويستشيره في أي عمل يرغب في القيام به كي يدله على الصح من الخطأ.
حبه للوطن استحوذ على مجمل كتاباته الشعرية حتى لو تناول فيها العشق، «حتى لو رغبت في الكتابة عن أعز الناس عندي، أنطلق من وطني لبنان»، هكذا كان يقول. وإلى هذا الحد كان إيلي شويري عاشقاً للبنان، وهو الذي اعتبر حسه الوطني «قدري وجبلة التراب التي امتزج بها دمي منذ ولادتي».
تعاون مع إيلي شويري أهم نجوم الفن في لبنان، بدءاً بفيروز وسميرة توفيق والراحلين وديع الصافي وصباح، وصولاً إلى ماجدة الرومي. فكان يعدّها من الفنانين اللبنانيين القلائل الملتزمين بالفن الحقيقي. فكتب ولحن لها 9 أغنيات، من بينها «مين إلنا غيرك» و«قوم تحدى» و«كل يغني على ليلاه» و«سقط القناع» و«أنت وأنا» وغيرها. كما غنى له كل من نجوى كرم وراغب علامة وداليدا رحمة.
مشواره مع الأخوين الرحباني بدأ في عام 1962 في مهرجانات بعلبك. وكانت أول أدواره معهم صامتة بحيث يجلس على الدرج ولا ينطق إلا بكلمة واحدة. بعدها انتسب إلى كورس «إذاعة الشرق الأدنى» و«الإذاعة اللبنانية» وتعرّف إلى إلياس الرحباني الذي كان يعمل في الإذاعة، فعرّفه على أخوَيه عاصي ومنصور.

مع أفراد عائلته عند تقلده وسام الأرز الوطني عام 2017

ويروي عن هذه المرحلة: «الدخول على عاصي ومنصور الرحباني يختلف عن كلّ الاختبارات التي يمكن أن تعيشها في حياتك. أذكر أن منصور جلس خلف البيانو وسألني ماذا تحفظ. فغنيت موالاً بيزنطياً. قال لي عاصي حينها؛ من اليوم ممنوع عليك الخروج من هنا. وهكذا كان».
أسندا إليه دور «فضلو» في مسرحية «بياع الخواتم» عام 1964. وفي الشريط السينمائي الذي وقّعه يوسف شاهين في العام التالي. وكرّت السبحة، فعمل في كلّ المسرحيات التي وقعها الرحابنة، من «دواليب الهوا» إلى «أيام فخر الدين»، و«هالة والملك»، و«الشخص»، وصولاً إلى «ميس الريم».
أغنية «بكتب اسمك يا بلادي» التي ألفها ولحنها تعد أنشودة الأناشيد الوطنية. ويقول شويري إنه كتب هذه الأغنية عندما كان في رحلة سفر مع الراحل نصري شمس الدين. «كانت الساعة تقارب الخامسة والنصف بعد الظهر فلفتني منظر الشمس التي بقيت ساطعة في عز وقت الغروب. وعرفت أن الشمس لا تغيب في السماء ولكننا نعتقد ذلك نحن الذين نراها على الأرض. فولدت كلمات الأغنية (بكتب اسمك يا بلادي عالشمس الما بتغيب)».
- مع جوزيف عازار
غنى «بكتب اسمك يا بلادي» المطرب المخضرم جوزيف عازار. ويخبر «الشرق الأوسط» عنها: «ولدت هذه الأغنية في عام 1974 وعند انتهائنا من تسجيلها توجهت وإيلي إلى وزارة الدفاع، وسلمناها كأمانة لمكتب التوجيه والتعاون»، وتابع: «وفوراً اتصلوا بنا من قناة 11 في تلفزيون لبنان، وتولى هذا الاتصال الراحل رياض شرارة، وسلمناه شريط الأغنية فحضروا لها كليباً مصوراً عن الجيش ومعداته، وعرضت في مناسبة عيد الاستقلال من العام نفسه».
يؤكد عازار أنه لا يستطيع اختصار سيرة حياة إيلي شويري ومشواره الفني معه بكلمات قليلة. ويتابع لـ«الشرق الأوسط»: «لقد خسر لبنان برحيله مبدعاً من بلادي كان رفيق درب وعمر بالنسبة لي. أتذكره بشوشاً وطريفاً ومحباً للناس وشفافاً، صادقاً إلى أبعد حدود. آخر مرة التقيته كان في حفل تكريم عبد الحليم كركلا في الجامعة العربية، بعدها انقطعنا عن الاتصال، إذ تدهورت صحته، وأجرى عملية قلب مفتوح. كما فقد نعمة البصر في إحدى عينيه من جراء ضربة تلقاها بالغلط من أحد أحفاده. فضعف نظره وتراجعت صحته، وما عاد يمارس عمله بالشكل الديناميكي المعروف به».
ويتذكر عازار الشهرة الواسعة التي حققتها أغنية «بكتب اسمك يا بلادي»: «كنت أقفل معها أي حفل أنظّمه في لبنان وخارجه. ذاع صيت هذه الأغنية، في بقاع الأرض، وترجمها البرازيليون إلى البرتغالية تحت عنوان (أومينا تيرا)، وأحتفظ بنصّها هذا عندي في المنزل».
- مع غسان صليبا
مع الفنان غسان صليبا أبدع شويري مرة جديدة على الساحة الفنية العربية. وكانت «يا أهل الأرض» واحدة من الأغاني الوطنية التي لا تزال تردد حتى الساعة. ويروي صليبا لـ«الشرق الأوسط»: «كان يعد هذه الأغنية لتصبح شارة لمسلسل فأصررت عليه أن آخذها. وهكذا صار، وحققت نجاحاً منقطع النظير. تعاونت معه في أكثر من عمل. من بينها (كل شيء تغير) و(من يوم ما حبيتك)». ويختم صليبا: «العمالقة كإيلي شويري يغادرونا فقط بالجسد. ولكن بصمتهم الفنية تبقى أبداً ودائماً. لقد كانت تجتمع عنده مواهب مختلفة كملحن وكاتب ومغنٍ وممثل. نادراً ما نشاهدها تحضر عند شخص واحد. مع رحيله خسر لبنان واحداً من عمالقة الفن ومبدعيه. إننا نخسرهم على التوالي، ولكننا واثقون من وجودهم بيننا بأعمالهم الفذة».
لكل أغنية كتبها ولحنها إيلي شويري قصة، إذ كان يستمد موضوعاتها من مواقف ومشاهد حقيقية يعيشها كما كان يردد. لاقت أعماله الانتقادية التي برزت في مسرحية «قاووش الأفراح» و«سهرة شرعية» وغيرهما نجاحاً كبيراً. وفي المقابل، كان يعدها من الأعمال التي ينفذها بقلق. «كنت أخاف أن تخدش الذوق العام بشكل أو بآخر. فكنت ألجأ إلى أستاذي ومعلمي منصور الرحباني كي يرشدني إلى الصح والخطأ فيها».
أما حلم شويري فكان تمنيه أن تحمل له السنوات الباقية من عمره الفرح. فهو كما كان يقول أمضى القسم الأول منها مليئة بالأحزان والدموع. «وبالقليل الذي تبقى لي من سنوات عمري أتمنى أن تحمل لي الابتسامة».