تركيا تعيّن مبعوثاً للتطبيع مع أرمينيا وسط ترحيب أميركي ـ روسي

نددت بالحكم على موظف بقنصليتها في رودس بتهمة التجسس

الرئيس التركي يتحدث في مؤتمر صحافي بأنقرة أمس (رويترز)
الرئيس التركي يتحدث في مؤتمر صحافي بأنقرة أمس (رويترز)
TT

تركيا تعيّن مبعوثاً للتطبيع مع أرمينيا وسط ترحيب أميركي ـ روسي

الرئيس التركي يتحدث في مؤتمر صحافي بأنقرة أمس (رويترز)
الرئيس التركي يتحدث في مؤتمر صحافي بأنقرة أمس (رويترز)

عيّنت تركيا سفيرها السابق في واشنطن ممثلا خاصا لتطبيع العلاقات مع أرمينيا، وسط ترحيب أميركي واستعداد روسي للمساهمة في عملية التطبيع.
وقال وزير الخارجية التركي مولود جاويش أوغلو إن بلاده ستعين سفيرها السابق لدى واشنطن سيردار كيليتش، ممثلا خاصا لتطبيع العلاقات مع أرمينيا، وتسيير رحلات للطيران العارض (شارتر) إلى يريفان. وقال جاويش أوغلو، في تصريحات أمس (الخميس)، إن أنقرة تدرس طلبات شركات الطيران التركية والأرمينية للقيام برحلات جوية بين إسطنبول ويريفان ذهابا وإيابا، ويتم النظر في طلبات شركات الطيران من قبل وزارة النقل والمديرية العامة للطيران المدني في تركيا، مشيرا إلى أنه من حيث المبدأ، موقف الجانب التركي من الأمر إيجابي، وفي الأيام المقبلة، سيتم تحديد أي الشركات قادرة على الطيران على هذا الخط.
بدورها، أعلنت الخارجية الأرمينية تعيين ممثل خاص من أجل تطبيع العلاقات مع تركيا. ولا ترتبط أنقرة ويريفان بعلاقات دبلوماسية، إلى جانب انعدام أي حوار سياسي وإغلاق الحدود بينهما منذ العام 1993. وتعود أسباب التوتر بين الدولتين إلى عوامل عدة، في مقدمتها دعم تركيا لأذربيجان في النزاع على إقليم ناغورني قره باغ، فضلا عن تقديم أنقرة الدعم العسكري المباشر خلال الجولة الأخيرة من هذا النزاع في أكتوبر (تشرين الأول) ونوفمبر (تشرين الثاني) 2020، وإصرار أنقرة على نفي الإبادة الجماعية للأرمن في زمن الدولة العثمانية وردود تركيا الحادة على عملية الاعتراف الدولي بوقوع الإبادة، وهي عملية تشجعها أرمينيا والجاليات الأرمنية عبر العالم.
وأبرمت تركيا وأرمينيا عام 2009 اتفاق سلام تاريخيا حول إحياء الاتصالات الثنائية وفتح الحدود بعد عقود من إغلاقها، لكن الوثيقة لم تدخل حيز التنفيذ حتى الآن، وظلت العلاقات بين الدولتين متوترة. وأعلن جاويش أوغلو، الاثنين الماضي، أن تركيا وأرمينيا ستعينان قريبا مبعوثين خاصين للعمل على تطبيع العلاقات بين البلدين.
ورحبت الخارجية الأميركية بالخطوة، وأكدت دعمها لتعيين مبعوثين خاصين لبحث عملية التطبيع بين البلدين. وقال وزير الخارجية، أنتوني بلينكن، في تغريدة على «تويتر»: «نرحب وندعم بقوة بياني وزير الخارجية التركي مولود جاويش أوغلو ووزارة الخارجية الأرمينية، بشأن تعيين مبعوثين خاصين لبحث عملية التطبيع».
بدورها، أكدت المتحدثة باسم وزارة الخارجية الروسية، ماريا زاخاروفا، استعداد موسكو للمساهمة في إعادة العلاقات بين تركيا وأرمينيا إلى طبيعتها. وقالت خلال موجز صحافي، أول من أمس، إن «تطبيع العلاقات الأرمنية-التركية سيسهم في تحسين الأوضاع العامة في المنطقة وخلق الأجواء السليمة من الثقة وحسن الجوار في المنطقة وكذلك بين البلدين والشعبين». وأضافت: «من هذا المنطلق، فنحن نرحب بما تظهره أنقرة ويريفان في الفترة الأخيرة من التوجه نحو إطلاق الحوار الثنائي حول تطبيع علاقاتهما. ويمثل تعيين الطرفين مبعوثين خاصين عنهما لهذا الغرض خطوة منطقية ورشيدة في تطوير هذا التوجه. ونحن من جهتنا مستعدون لتقديم كل أشكال المساعدة لتسيير هذه العملية».
وأثارت الخطوة التي أقدمت عليها تركيا وأرمينيا التساؤلات حول اتجاه أنقرة ويريفان نحو صلح كامل بعد 3 عقود تقريبا من انقطاع العلاقات وغلق الحدود بينهما. وسبق التقارب الأخير اتصالات غير معلنة، نجحت قبل أشهر، في دفع أرمينيا للإعلان عن موافقتها على فتح أجوائها أمام رحلات الطائرات التركية المتوجهة إلى أذربيجان.
ويرى مراقبون أن حظوظ التوصل إلى اتفاق بين أنقرة ويريفان باتت أكبر من أي وقت مضى، بعد انتهاء الاحتلال الأرميني للأراضي الآذرية، وهي الأسباب التي من أجلها قطعت تركيا علاقاتها مع أرمينيا عام 1993، وأغلقت حدودها البرية معها، دعما لحليفها الأذري، الذي لم يعد معترضا على هذا التقارب كما كان عليه الحال في عام 2009.
وفي سبتمبر (أيلول) الماضي، قال الرئيس رجب طيب إردوغان إن بلاده مستعدة لبدء حوار مع أرمينيا، ولكن يتعين على يريفان السماح بعبور سلس بين أذربيجان وناخيتشيفان (الجيب الأذربيجاني في جنوب غرب أرمينيا)، الأمر الذي اعتبرته يريفان شروطا مسبقة.
من جانبه، قال وزير الخارجية الأرمني، آرارات ميرزويان، إن بلاده ترفض شروط أنقرة لإقامة علاقات طبيعية بين البلدين، بما فيها شق ممر عبر أراضي أرمينيا ليربط أذربيجان بتركيا.
وتفاقم التوتر على الحدود بين أرمينيا وأذربيجان في مقاطعة سونيك الأرمنية في 13 نوفمبر الماضي، عندما أعلن رئيس وزراء أرمينيا نيكول باشينيان أن قوات أذربيجانية توغلت في عمق أراضي بلاده من الجهة الشرقية من الحدود، فيما قالت النيابة العامة الأرمنية إن العسكريين الآذريين عبروا الحدود باتجاه مدينة سيسيان في مقاطعة سونيك. وفي 16 نوفمبر، أعلن عن توصل الطرفين إلى وقف إطلاق النار في المنطقة بوساطة روسية.
وسعت أذربيجان، مرارا، إلى أن تجعل تركيا أكثر انخراطا في العملية الدبلوماسية بينها وبين أرمينيا، بما في ذلك دفع تركيا لترأس «مجموعة مينسك»، إلى جانب فرنسا وروسيا والولايات المتحدة، لكن تركيا استبعدت تماما من اتفاق ما بعد الحرب، وحازت روسيا موقعا أقوى في المنطقة.
وتشعر أنقرة بتهميشها من جانب روسيا بعد الحرب الأخيرة، لا سيما بعد أن استبعدت من مهمة حفظ السلام الروسية، وغابت عن مجموعة العمل التي تضم أرمينيا وأذربيجان وروسيا بشأن إعادة فتح طرق النقل، ومن ثمّ فإن التطبيع هو طريقة تركيا للرد والضغط على روسيا وحجز مقعدها على الطاولة.
على صعيد آخر، ندّدت وزارة الخارجية التركية بحكم قضائي صدر في اليونان بسجن أحد الموظفين المحليين في قنصليتها العامة في جزيرة رودس، بتهمة التجسس.
وقالت الوزارة، في بيان أمس (الخميس): «ندين الحكم الصادر بالسجن 5 أعوام ضد موظف متعاقد لدى قنصليتنا العامة في جزيرة رودس»، مضيفة أنه في جلسة الاستماع التي استمرت 3 أيام في رودس، انتهكت جميع المبادئ الأساسية للقانون، فضلاً عن حق الدفاع. وأكد البيان أن تركيا ستواصل اتخاذ جميع الإجراءات اللازمة في القانون اليوناني المحلي والدولي لحماية حقوق موظفيها.
وأصدرت محكمة في جزيرة رودس اليونانية، حكما بسجن موظف متعاقد مع القنصلية التركية في رودس، وهو يوناني الجنسية، بتهمة التجسس على خلفية التقاط صور لسفن.



هل يمكن رفع عقوبات الأمم المتحدة عن «هيئة تحرير الشام» والجولاني؟

أبو محمد الجولاني يتحدث في الجامع الأموي بدمشق 8 ديسمبر 2024 (أ.ب)
أبو محمد الجولاني يتحدث في الجامع الأموي بدمشق 8 ديسمبر 2024 (أ.ب)
TT

هل يمكن رفع عقوبات الأمم المتحدة عن «هيئة تحرير الشام» والجولاني؟

أبو محمد الجولاني يتحدث في الجامع الأموي بدمشق 8 ديسمبر 2024 (أ.ب)
أبو محمد الجولاني يتحدث في الجامع الأموي بدمشق 8 ديسمبر 2024 (أ.ب)

تخضع «هيئة تحرير الشام»، التي قادت قوات المعارضة للإطاحة بالرئيس السوري بشار الأسد، لعقوبات من الأمم المتحدة منذ فترة طويلة، وهو ما وصفه المبعوث الخاص للمنظمة الدولية إلى سوريا غير بيدرسون، بأنه «عامل تعقيد لنا جميعاً».

كانت «هيئة تحرير الشام» تُعرف في السابق باسم «جبهة النصرة»، الجناح الرسمي لتنظيم «القاعدة» في سوريا، حتى قطعت العلاقات بالتنظيم في عام 2016. ومنذ مايو (أيار) 2014، أُدرجت الجماعة على قائمة مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة لعقوبات تنظيمي «القاعدة» و«داعش»، كما فُرض عليها تجميد عالمي للأصول وحظر أسلحة.

ويخضع عدد من أعضاء «هيئة تحرير الشام» أيضاً لعقوبات الأمم المتحدة مثل حظر السفر، وتجميد الأصول، وحظر الأسلحة، ومنهم زعيمها وقائد إدارة العمليات العسكرية أحمد الشرع، المكنى «أبو محمد الجولاني»، المدرج على القائمة منذ يوليو (تموز) 2013.

وقال دبلوماسيون إنه لا يوجد حالياً أي مناقشات عن رفع العقوبات التي فرضتها الأمم المتحدة على الجماعة. ولا تمنع العقوبات التواصل مع «هيئة تحرير الشام».

لماذا تفرض الأمم المتحدة عقوبات على «هيئة تحرير الشام» والجولاني؟ (رويترز)

لماذا تفرض الأمم المتحدة عقوبات على «هيئة تحرير الشام» والجولاني؟

فرضت الأمم المتحدة عقوبات على «جبهة النصرة»، لأن الجماعة مرتبطة بتنظيم «القاعدة»، ولأنها كانت «تشارك في تمويل أو تخطيط أو تسهيل أو إعداد أو ارتكاب أعمال أو أنشطة» مع «القاعدة» أو دعماً لها وتستقطب أفراداً وتدعم أنشطة «القاعدة».

وجاء في قائمة العقوبات التي فرضتها الأمم المتحدة: «في يناير (كانون الثاني) 2017، أنشأت جبهة النصرة (هيئة تحرير الشام)، وسيلة لتعزيز موقعها في التمرد السوري وتعزيز أهدافها باعتبارها فرعاً لتنظيم (القاعدة) في سوريا»... ورغم وصف ظهور «هيئة تحرير الشام» بطرق مختلفة (على سبيل المثال كاندماج أو تغيير في الاسم)، فإن جبهة «النصرة» استمرت في الهيمنة والعمل من خلال «هيئة تحرير الشام» في السعي لتحقيق أهدافها.

وفُرضت عقوبات على الجولاني بسبب ارتباطه بتنظيم «القاعدة» وعمله معه.

كيف يمكن رفع عقوبات الأمم المتحدة؟

تستطيع أي دولة عضو في الأمم المتحدة في أي وقت تقديم طلب لرفع العقوبات عن كيان أو شخص إلى لجنة عقوبات تنظيمي «داعش» و«القاعدة» التابعة لمجلس الأمن الدولي المؤلف من 15 دولة.

وإذا جاء الطلب من دولة لم تقترح في البداية فرض عقوبات الأمم المتحدة، فإن اللجنة تتخذ القرار بالإجماع.

وإذا تقدمت الدولة التي اقترحت في البداية فرض العقوبات بطلب الشطب من القائمة، فسيمحى الاسم من القائمة بعد 60 يوماً، ما لم توافق اللجنة بالإجماع على بقاء التدابير.

لكن إذا لم يتم التوصل إلى إجماع، يستطيع أحد الأعضاء أن يطلب إحالة الطلب إلى مجلس الأمن للتصويت عليه في غضون 60 يوماً.

ولم تتضح بعد الدول التي اقترحت فرض عقوبات على جبهة «النصرة» والجولاني.

ويستطيع أيضاً الشخص أو الكيان الخاضع للعقوبات أن يطلب إزالة التدابير عن طريق الاتصال بأمين عام المظالم، وهو منصب أنشأه المجلس في عام 2009، ليقوم بمراجعة الطلب.

وإذا أوصى أمين عام المظالم بإبقاء اسم ما على القائمة، فسيظل مدرجاً على القائمة. وإذا أوصى أمين عام المظالم بإزالة اسم ما، فسترفع العقوبات بعد عملية قد تستغرق ما يصل إلى 9 أشهر، ما لم توافق اللجنة في وقت أسبق بالإجماع على اتخاذ إجراء أو الإحالة إلى المجلس لتصويت محتمل.

هل هناك استثناءات من العقوبات؟

يستطيع الأشخاص الخاضعون لعقوبات الأمم المتحدة التقدم بطلب للحصول على إعفاءات فيما يتعلق بالسفر، وهو ما تقرره اللجنة بالإجماع.

ويقول المجلس إن عقوباته «لا تستهدف إحداث عواقب إنسانية تضر بالسكان المدنيين».

وهناك استثناء إنساني للأمم المتحدة ومنظمات الإغاثة يسمح «بتوفير أو معالجة أو دفع الأموال أو الأصول المالية الأخرى أو الموارد الاقتصادية، أو توفير السلع والخدمات اللازمة لضمان تقديم المساعدات الإنسانية في الوقت المناسب، أو لمساندة الأنشطة الأخرى التي تدعم الاحتياجات الإنسانية الأساسية».