«يونيسكو» تسجل الفروسية التقليدية المغربية تراثاً ثقافياً

فنون الفروسية التقليدية المغربية... عنوان تميز حضاري
فنون الفروسية التقليدية المغربية... عنوان تميز حضاري
TT

«يونيسكو» تسجل الفروسية التقليدية المغربية تراثاً ثقافياً

فنون الفروسية التقليدية المغربية... عنوان تميز حضاري
فنون الفروسية التقليدية المغربية... عنوان تميز حضاري

أعلنت وزارة الشباب والثقافة والتواصل (قطاع الثقافة)، أول من أمس، أنّ «يونيسكو» سجلت «التبوريدة» (الفروسية التقليدية المغربية) تراثاً إنسانياً ضمن اللائحة التمثيلية للتراث الثقافي غير المادي، خلال اجتماعات الدورة السادسة عشر للجنة الحكومية الدولية لاتفاقية صون التراث الثقافي غير المادي، التي تختتم اجتماعها السبت في العاصمة الفرنسية باريس.
وأوضح بيان للوزارة المغربية أنّ تسجيل هذه الممارسة التراثية العريقة يندرج ضمن التراث العالمي في إطار ملف وطني متكامل بمبادرة من «الشركة الملكية لتشجيع الفرس». وأشار البيان إلى أنّ الملف مكن من إبراز الممارسات الثقافية والمهارات والمعارف المرتبطة بهذا المكون الثقافي، وتتبع وظائفه الاجتماعية، وملامسة أبعاده الرمزية.
وزاد البيان أن الدورة عرفت كذلك تسجيل الخط العربي على اللائحة نفسها في إطار ملف مشترك تقدمت به السعودية إلى جانب مجموعة كبيرة من البلدان العربية، من ضمنها المغرب. كما تمت إعادة تسجيل «فن الصقارة» على اللائحة التمثيلية بعدما وافقت المجموعة الحاملة لهذا المكون الثقافي على انضمام دولة قطر إليها. وبهذا التتويج، يرتفع رصيد المغرب إلى 12 عنصراً تراثياً مسجلاً على لوائح «يونيسكو».
ورأى بيان الوزارة المغربية أنّ هذا العدد مهم على الصعيدين الإقليمي والأفريقي، ويعكس المجهود الذي يبذله المغرب للعناية بموروثه الثقافي اللامادي على مستويات الإحصاء المنهجي، والبحث العلمي والتوعية والتثمين، وذلك بتعاون وثيق بين القطاعات الحكومية المعنية والمجالس المنتخبة وفعاليات المجتمع المدني.
وتُرجع بعض الكتابات التاريخية فنون الفروسية التقليدية المغربية إلى القرن الخامس عشر الميلادي، فيما تَرجع تسمية «التبوريدة» إلى «البارود» الذي تطلقه بنادق الفرسان في نهاية كل جولة من جولات الاستعراض الذي يقومون به، حيث يعمل كل «عَلّام» (بفتح العين وتشديد اللام، أي القائد) خلال كل جولة استعراضية على التحكم في لحظة الانطلاق وضبط إيقاع الركض، وحين يصيح بعبارة «الحفيظ الله»، يكون ذلك إشارة إلى فرسانه لكي يطلقوا البارود من بنادقهم، التي يوجهونها إلى السماء في تناسق بديع، تزيده جمالية.
وتقوم الفروسية التقليدية المغربية، التي تعرف بــ«التبوريدة» و«الفنتازيا»، على حب الخيل والفرجة والطبيعة والاحتفال، وارتبطت، في الذاكرة الجماعية، بمواسم احتفالية انعكست في الأغاني والمواويل الشعبية والزغاريد النسائية، كتعبير عن النصر ودعماً للأولاد والأزواج والفرسان، ليحفظهم الله من العين ومن كل سوء. كما ارتبطت بالمغاربة الذين يكسبون الخيول المدربة على «التبوريدة» مزايا النخوة والرفعة والهيبة، تماماً كالخيول التي يركبونها.
ويحظى الفرس عند المغاربة بمكانة خاصة، حيث تتلخص فيه معاني النخوة والشهامة والكبرياء. وتتعدد احتفالات المغاربة بفن «التبوريدة»، في المناسبات الخاصة والعامة، وترتبط، أساساً، بالأعراس والأعياد ومواسم الحصاد، كما صارت تخصص له مواسم، في مختلف مناطق وجهات البلاد.
ولوحظ، في السنوات الأخيرة، اهتمام متزايد بفن الفروسية التقليدية، سواء على المستوى الشعبي أو الرسمي، حيث صارت تبرمج مسابقات يحصل خلالها الفائزون على جوائز مهمة، تزيد صاحبها فخراً يضاف إلى الفخر الذي يشعر به وهو يمتلك فرسا بين أفراد القبيلة، كما لوحظ حرص متزايد من طرف الجنس اللطيف على تعلم «التبوريدة» وركوب الخيل، حتى صارت تخصص مسابقات للفارسات، أسوة بمسابقات الفرسان.


مقالات ذات صلة

حلب «الشاهدة على التاريخ والمعارك» تستعد لنفض ركام الحرب عن تراثها (صور)

المشرق العربي لقطة جوية تُظهر قلعة حلب (أ.ف.ب)

حلب «الشاهدة على التاريخ والمعارك» تستعد لنفض ركام الحرب عن تراثها (صور)

أتت المعارك في شوارع حلب والقصف الجويّ والصاروخي على كثير من معالم هذه المدينة المُدرجة على قائمة اليونيسكو، لا سيما بين عامي 2012 و2016.

«الشرق الأوسط» (دمشق)
يوميات الشرق آلة السمسمية (وزارة الثقافة المصرية)

مصر لتسجيل «الكشري» بقوائم التراث غير المادي باليونيسكو

بعد أن أعلنت مصر إدراج الحناء والسمسمية ضمن قائمة الصون العاجل بمنظمة اليونيسكو، تتجه لتسجيل الكشري أيضاً.

محمد الكفراوي (القاهرة )
يوميات الشرق تسجيل «الورد الطائفي» لدى اليونيسكو يعكس قيمته بعدّه أحد عناصر الثقافة السعودية (الشرق الأوسط)

«الورد الطائفي» في قوائم «اليونيسكو»

أعلن الأمير بدر بن عبد الله بن فرحان، وزير الثقافة رئيس مجلس إدارة هيئة التراث رئيس اللجنة الوطنية السعودية للتربية والثقافة والعلوم، نجاح السعودية في تسجيل.

عمر البدوي (الرياض) «الشرق الأوسط» (القاهرة)
يوميات الشرق الحنة ترمز إلى دورة حياة الفرد منذ ولادته وحتى وفاته (الفنان العماني سالم سلطان عامر الحجري)

الحناء تراث عربي مشترك بقوائم «اليونيسكو» 

في إنجاز عربي جديد يطمح إلى صون التراث وحفظ الهوية، أعلنت منظمة «اليونيسكو»، الأربعاء، عن تسجيل عنصر «الحناء» تراثاً ثقافياً لا مادياً.

يوميات الشرق صابون الغار الحلبي الشهير من الأقدم في العالم (أ.ف.ب)

الحنّة والصابون الحلبي والنابلسي... «تكريم» مُستَحق

أدرجت منظمة الأمم المتحدة للتربية والثقافة والعلوم، الحنّة والتقاليد المرتبطة بها، والصابون النابلسي، وصابون الغار الحلبي، في قائمة التراث الثقافي غير المادي.

«الشرق الأوسط» (لندن)

بارود «النار بالنار» موهبة صاعدة لفتت المشاهد

عابد فهد وتيم عزيز في مشهد من «النار بالنار» (خاص تيم)
عابد فهد وتيم عزيز في مشهد من «النار بالنار» (خاص تيم)
TT

بارود «النار بالنار» موهبة صاعدة لفتت المشاهد

عابد فهد وتيم عزيز في مشهد من «النار بالنار» (خاص تيم)
عابد فهد وتيم عزيز في مشهد من «النار بالنار» (خاص تيم)

منذ الحلقة الأولى لمسلسل «النار بالنار» لفت تيم عزيز المشاهد في دور (بارود). فهو عرف كيف يتقمص شخصية بائع اليانصيب (اللوتو) بكل أبعادها. فألّف لها قالباً خاصاً، بدأ مع قَصة شعره ولغة جسده وصولاً إلى أدائه المرفق بمصطلحات حفظها متابع العمل تلقائياً.
البعض قال إن دخول تيم عزيز معترك التمثيل هو نتيجة واسطة قوية تلقاها من مخرج العمل والده محمد عبد العزيز، إلا أن هذا الأخير رفض بداية مشاركة ابنه في العمل وحتى دخوله هذا المجال. ولكن المخرج المساعد له حسام النصر سلامة هو من يقف وراء ذلك بالفعل. ويقول تيم عزيز لـ«الشرق الأوسط»: «حتى أنا لم أحبذ الفكرة بداية. لم يخطر ببالي يوماً أن أصبح ممثلاً. توترت كثيراً في البداية وكان همي أن أثبت موهبتي. وفي اليوم الخامس من التصوير بدأت ألمس تطوري».
يحدثك باختصار ابن الـ15 سنة ويرد على السؤال بجواب أقصر منه. فهو يشعر أن الإبحار في الكلام قد يربكه ويدخله في مواقف هو بغنى عنها. على بروفايل حسابه الإلكتروني «واتساب» دوّن عبارة «اخسر الجميع واربح نفسك»، ويؤكد أن على كل شخص الاهتمام بما عنده، فلا يضيع وقته بما قد لا يعود ربحاً عليه معنوياً وفي علاقاته بالناس. لا ينكر أنه بداية، شعر بضعف في أدائه ولكن «مو مهم، لأني عرفت كيف أطور نفسي».
مما دفعه للقيام بهذه التجربة كما يذكر لـ«الشرق الأوسط» هو مشاركة نجوم في الدراما أمثال عابد فهد وكاريس بشار وجورج خباز. «كنت أعرفهم فقط عبر أعمالهم المعروضة على الشاشات. فغرّني الالتقاء بهم والتعاون معهم، وبقيت أفكر في الموضوع نحو أسبوع، وبعدها قلت نعم لأن الدور لم يكن سهلاً».
بنى تيم عزيز خطوط شخصيته (بارود) التي لعبها في «النار بالنار» بدقة، فتعرف إلى باعة اليناصيب بالشارع وراقب تصرفاتهم وطريقة لبسهم وأسلوب كلامهم الشوارعي. «بنيت الشخصية طبعاً وفق النص المكتوب ولونتها بمصطلحات كـ(خالو) و(حظي لوتو). حتى اخترت قصة الشعر، التي تناسب شخصيتي، ورسمتها على الورق وقلت للحلاق هكذا أريدها».
واثق من نفسه يقول تيم عزيز إنه يتمنى يوماً ما أن يصبح ممثلاً ونجماً بمستوى تيم حسن. ولكنه في الوقت نفسه لا يخفي إعجابه الكبير بالممثل المصري محمد رمضان. «لا أفوت مشاهدة أي عمل له فعنده أسلوبه الخاص بالتمثيل وبدأ في عمر صغير مثلي. لم أتابع عمله الرمضاني (جعفر العمدة)، ولكني من دون شك سأشاهد فيلمه السينمائي (هارلي)».
لم يتوقع تيم عزيز أن يحقق كل هذه الشهرة منذ إطلالته التمثيلية الأولى. «توقعت أن أطبع عين المشاهد في مكان ما، ولكن ليس إلى هذا الحد. فالناس باتت تناديني باسم بارود وتردد المصطلحات التي اخترعتها للمسلسل».
بالنسبة له التجربة كانت رائعة، ودفعته لاختيار تخصصه الجامعي المستقبلي في التمثيل والإخراج. «لقد غيرت حياتي وطبيعة تفكيري، صرت أعرف ماذا أريد وأركّز على هدف أضعه نصب عيني. هذه التجربة أغنتني ونظمت حياتي، كنت محتاراً وضائعاً أي اختصاص سأدرسه مستقبلاً».
يرى تيم في مشهد الولادة، الذي قام به مع شريكته في العمل فيكتوريا عون (رؤى) وكأنه يحصل في الواقع. «لقد نسيت كل ما يدور من حولي وعشت اللحظة كأنها حقيقية. تأثرت وبكيت فكانت من أصعب المشاهد التي أديتها. وقد قمنا به على مدى يومين فبعد نحو 14 مشهداً سابقاً مثلناه في الرابعة صباحاً صورنا المشهد هذا، في التاسعة من صباح اليوم التالي».
أما في المشهد الذي يقتل فيه عمران (عابد فهد) فترك أيضاً أثره عنده، ولكن هذه المرة من ناحية الملاحظات التي زوده بها فهد نفسه. «لقد ساعدني كثيراً في كيفية تلقف المشهد وتقديمه على أفضل ما يرام. وكذلك الأمر بالنسبة لكاريس بشار فهي طبعتني بحرفيتها. كانت تسهّل علي الموضوع وتقول لي (انظر إلى عيني). وفي المشهد الذي يلي مقتلها عندما أرمي الأوراق النقدية في الشارع كي يأخذها المارة تأثرت كثيراً، وكنت أشعر كأنها في مقام والدتي لاهتمامها بي لآخر حد»
ورغم الشهرة التي حصدها، فإن تيم يؤكد أن شيئاً لم يتبدل في حياته «ما زلت كما أنا وكما يعرفني الجميع، بعض أصدقائي اعتقد أني سأتغير في علاقتي بهم، لا أعرف لماذا؟ فالإنسان ومهما بلغ من نجاحات لن يتغير، إذا كان معدنه صلباً، ويملك الثبات الداخلي. فحالات الغرور قد تصيب الممثل هذا صحيح، ولكنها لن تحصل إلا في حال رغب فيها».
يشكر تيم والده المخرج محمد عبد العزيز لأنه وضع كل ثقته به، رغم أنه لم يكن راغباً في دخوله هذه التجربة. ويعلق: «استفدت كثيراً من ملاحظاته حتى أني لم ألجأ إلا نادراً لإعادة مشهد ما. لقد أحببت هذه المهنة ولم أجدها صعبة في حال عرفنا كيف نعيش الدور. والمطلوب أن نعطيها الجهد الكبير والبحث الجدّي، كي نحوّل ما كتب على الورق إلى حقيقة».
ويشير صاحب شخصية بارود إلى أنه لم ينتقد نفسه إلا في مشاهد قليلة شعر أنه بالغ في إبراز مشاعره. «كان ذلك في بداية المسلسل، ولكن الناس أثنت عليها وأعجبت بها. وبعدما عشت الدور حقيقة في سيارة (فولسفاكن) قديمة أبيع اليانصيب في الشارع، استمتعت بالدور أكثر فأكثر، وصار جزءاً مني».
تيم عزيز، الذي يمثل نبض الشباب في الدراما اليوم، يقول إن ما ينقصها هو تناول موضوعات تحاكي المراهقين بعمره. «قد نجدها في أفلام أجنبية، ولكنها تغيب تماماً عن أعمالنا الدرامية العربية».